أكد مجدي حسين أمين عام حزب العمل في مداخلته أمام المؤتمر القومي العربي الذي أنهى أعماله الاثنين بالمنامة عاصمة البحرين .. أكد أن تقدير الموقف الاقليمى والدولى بصورة سليمة أمر بالغ الأهمية سواء فى مجال تحديد ملامح المشروع النهضوى العربى أو فى مجال تحليل حالة الأمة لعام 2006 . ويشير تقرير المشروع النهضوى العربى فى ص 4 الى أن الأمة الآن أمام الأوضاع ذاتها التى عاشتها الأمة غداة الاحتلال الاستعمارى لأوطاننا فى القرن التاسع عشر وبعد الحرب العالمية الأولى. والواقع اننا نعيش المرحلة الأخيرة للهجمة الاستعمارية الجديدة التى بدأت بحرب 1967. نحن أمام هزيمة مؤكدة لأمريكا وحلفائها فى أفغانستان والعراق . هذا الأمر لم يعد محل شك فى الأوساط الاستعمارية والغربية عموما فلماذا لانصدق نحن مانراه بأعيننا ؟
ان كل المطروح هو كيفية وتوقيت الانسحاب من العراق ، ثم من أفغانستان. أفغانستان ليست مستعجلة لأن العاصمة كابول يمكن أن تظل تحت الحماية وهى ليست من معاقل المقاومة تاريخيا ، والاحتفاظ بكابول مسألة رمزية تساعد فى استمرار عدم اعلان الهزيمة رسميا والى حين.والبعض يقول ربما تستطيع أمريكا البقاء فى العراق بضع سنين أخرى وكذلك فى أفغانستان . والحقيقة ان ذلك يمكن أن يكون فى صالح أمتنا بأكثر من الانسحاب السريع لأن كرامة القوة العظمى ستمرغ أكثر فى الوحل وأن هيبتها ستضعف أكثر ( لاحظ على سبيل المثال ذكاء القرار الامريكى فى الانسحاب السريع من الصومال فى التسعينيات) وكذلك سينهك الجيش الأمريكى فى المديين القصير والمتوسط ، بينما كان يهددنا باجتياح عدة دول عربية واسلامية بعد اجتياح بغداد. وقد أدت هذه الضربات الى اضعاف استراتيجى لأمريكا فاضطرت للتراجع أمام كوريا الشمالية ، وهى مترددة لأبعد حد فى توجيه ضربة جوية أو صاروخية للمشروع النووى الايرانى. والتفكير فى أى مغامرة عسكرية فى أمريكا اللاتينية أو غيرها مستبعد. وهذا التقدير ليس تقديرا شخصيا انه الآن دراسات موثقة وتقارير رسمية وشبه رسمية فى دوائر الحكم الامريكى. ( دراسة ريتشارد هس المسئول عن مجلس العلاقات الخارجية مجرد مثال وقد تعامل البعض معها وكأنها مقال لشخص، وهذا المقال يقول بانتهاء السيادة الامريكية على العالم بقرار غزو العراق الخاطىء). كانت الولاياتالمتحدة تدخر اسرائيل كما نقول فى مصر ( للعوزة ) أى للشديد القوى . و كانت كثير من الاطراف الصديقة والعدوة لاتدرك حجم الانتصار الاستراتيجى الذى حققه حزب الله فى عام 2000. وانه أنهى بذلك أسطورة السيادة الاسرائيلية وجاءت بعد ذلك انتفاضة الأقصى لتستنزف العدو من الداخل . وعلى طريقة التحولات الجيولوجية الكبرى فانها تحدث أكبر خطواتها بهدوء وبطء وثبات بحيث لاتكون مرئية لأحد حتى يحدث الزلزال. فلم يكن أحد يعير أطفال الحجارة ولاالاستشهاديين أهمية استراتيجية ولكنهم يحظون بالاحترام والتبجيل وبعض دموع التأثر.ولكن العدو اعترف فى مؤتمره الأخير فى هرتزليا بأن الانتفاضة الفلسطينية أنهكت الجيش الاسرائيلى. وعندما انسحب الاسرائيليون من غزة قال بعض المنظرين ان هذا ليس انسحابا كاملا ! ولم يلاحظوا الطابع الهروبى لهذا الانسحاب الذى أجمع عليه الاسرائيليون فى استقتاء عام . كان بعض المنظرين العرب - ودعك من الحكام فهم خارج حديثنا – لايزالون يتحدثون عن القوة الصهيونية بتقدير خاص . وجاءت حرب يوليو / تموز لتنهى هذه الأسطورة مرة واحدة والى الأبد . أهمية موقعة تموز أنها أثبتت أن الجمع بين الاستشهادية دفاعا عن الأمة من ناحية وحسن الاعداد والتدبير والأخذ بالأسباب من ناحية أخرى ، أن الجمع بين هذين العنصرين يمكن أن يحقق النصر فى هذا الجيل و أن نكف عن ترديد فكرة انتظار الأطفال والأجيال القادمة لتحرير فلسطين بل وتحرير الأمة العربية بأسرها من الاحتلال الامريكى . وبرهنت هذه الحرب على أننا أمة قادرة على امتلاك أسباب التكنولوجيا والبراعة فى استخدامها بالحد الأدنى الكافى لمقارعة العدو . أيها الاخوة الأعزاء ان اسرائيل بعد تموز ليست هى اسرائيل قبل تموز. ولعل الأخ المناضل الدكتور عزمى بشارة قد عبر عن هذا المعنى بدقة فى كلمته فى افتتاح المؤتمر ولاأزيد عليه . ولكننى أختلف معه فى مسألة ترجمة المقالات الاسرائيلية ، بل اننى أدعو دائما النخب العربية لقراءة الصحف الاسرائيلية كى يكفوا عن اليأس وليخرجوا من الحالة السوداوية التى لم يعد لها أى أساس . هذا هو حال الحلف الصهيونى الامريكى العدو الأول للامة وسبب كبوتها فلماذا هذه النظرة التشاؤمية غير الموضوعية . ربما يرجع ذلك الى النظر لأحوال الأمة من خلال الانظمة الحاكمة ، ولاشك أن أنظمة الحكم تتحكم فى كثير من أحوال الأمة وتدفعها دفعا الى التردى فى كافة المجالات . ولكن حال الأمة لايتطابق مع حال نظمها . ان هذه الأنظمة أصبحت بهذا الشكل أو الآخر جزءا من الحلف الصهيونى الأمريكى وبالتالى فان أحوالهم من أحوال هذا الحلف المعادى ولذلك هم أكثر الناس رعبا من احتمال انتصار المقاومة وانكسار الاعداء. المهم فى الأمر أن ندرك أننا فى مرحلة غروب هذا الحلف المعادى وركيزته المحلية . وأننا نعيش لحظة شروق الأمة من جديد.وبالتالى يمكن مقارنة هذه المرحلة بمرحلة مابعد الحرب العالمية الثانية ( أواخر الاربعينيات وأوائل الخمسينيات ) وهى مرحلة أفول الاستعمارين الفرنسى والانجليزى وصعود حركة التحرر الوطنى لا أن نقارن وضعنا الآن بأواخر القرن التاسع عشر وهى ذروة انكسار الأمة. تقرير حالة الأمة أقرب الى رسم اللوحة الحالية للمجتمع الدولى. أما الفصل الأول من المشروع النهضوى فهولا يريد أن يعترف صراحة بانتهاء حقبة الهيمنة الواحدية الامريكية (ص8 ). والحقيقة ان كثيرين لايتصورون أن النظام الأحادى قد انتهى لأن النظام الثنائى الامريكى السوفيتى لم يعد بحذافيره.فى حين أن التعددية الدولية قد شهدت أشكالا وتلاوينا متعددة فى التاريخ وهى تشتمل على أبعاد عسكرية واقتصادية وثقافية بنسب مختلفة . ان خيبة الانظمة العربية وتبعيتها المطلقة لأمريكا هى التى جعلت كثيرين لايدركون مدى تحقق وتطور هذه التعددية وهى قائمة على المصالح الباردة دون أى خواطر أو مجاملات. والغريب بعد ذلك أن تستخدم الورقة الأفكار الامريكية فى العولمة وكأنها هى الواقع (واقع العالم ذى الايديولوجية الواحدة ربما لأول مرة فى تاريخ العلاقات الدولية ). كما تتحدث الورقة عن انحسارأهم قاعدة فى نظام الدول وهى احترام القانون الدولى ، والحقيقة لاندرى ماهو العصر الذى احترم فيه الغرب القانون الدولى !؟ بل ماهو القانون الدولى ؟ ومن صاغه ؟ ومن يفسره؟ هذه مسألة يطول الحديث فيها. مرة أخرى تتحدث الورقة عن أفكار أمريكا كأنها هى الواقع الفعلى (ومع انحسار كافة الايديولوجيات السياسية باستثناء الرأسمالية الغربية) أعتقد هذا فكر فوكوياما وليس فكرنا نحن كقوميين أو اسلاميين أو يساريين. وفي اطار تقييم التجربة الصينية العظيمة فى التنمية لايمكن أن نختزلها هكذا بالقول ( ان الصين تتقدم بسرعة ومن أسباب ذلك انها ماتزال تمنع النقابات ومنظمات المجتمع المدنى التى تحمى حقوق العمال ، وهى متهمة بأنها تراوغ قدر الامكان فى مسألة الملكية الفكرية ) وهكذا انتقلت الورقة الى تبنى رؤية أمريكا للصين وهى رؤية قاصرة ومتحيزة ، ومسألة الملكية الفكرية أداة أمريكية جديدة للهيمنة على اقتصاديات ومقدرات الشعوب الأخرى. ثم تنتقل ورقة المشروع النهضوى للحديث عن ايجابيات العولمة وضرورة تعظيمها والتقليل من سلبياتها قدر الامكان.وفى هذا خطأ شائع وهو الخلط بين التقدم العلمى وتقدم وسائل المواصلات من ناحية وبين مصطلح العولمة الذى نحته الامريكان ليوصف الهيمنة الامريكية على اقتصاديات العالم ( يمكن الرجوع لتعريفات كلينتون وغيره من رؤساء وقادة أمريكا لمصطلح العولمة وبالمناسبة هو مصطلح غير موجود فى القواميس الانجليزية ) Globalization. المهم فى تقديرنا أن الوضع الدولى قطع شوطا اساسيا فى التعددية : الصين – روسيا – الهند – اليابان والكتلة الاقتصادية الآسيوية – كتلة أمريكا اللاتينية المتحررة من القبضة الامريكية . وحتى الاتحاد الاوروبى فان له خلافاته المقدرة مع أمريكا ولكننا كعرب لم نحسن الاستفادة من كل هذا الطيف ( تذكروا مواقف فرنسا والمانيا ابان غزو العراق وكيف كانت أفضل من مواقف حكام العرب ، طبعا من وجهة نظر مصالحها وليس حبا فينا ). ********************* المشروع الايرانى والمشروع العربى -------------------------- يستخدم تقرير حالة الأمة تعبير ( الاختراق الاسرائيلى – الامريكى – الايرانى – الاثيوبى للامة العربية ). ويتحدث فى موضع آخر عن أن " بناء ايران لقوة اقليمية كبرى يهدد مصالح عربية محددة "ويتحدث عن دعم ايران لحماس وحكومتها وحزب الله وكأنه نوع من الاختراق . فيما يتعلق بهذا الموضوع فقد كان لحزب العمل رؤية مبكرة منذ اندلاع الثورة الايرانية ودعا الى تحالف عربى ايرانى لمواجهة الحلف الصهيونى الامريكى . والتحالف لايعنى التطابق فى كل شىء ولو كان الأمر كذلك ما حدث أى نوع من التحالفات فى أى زمان أو مكان. ومهما يظهر من خلافات مهما كانت أهميتها يظل التعاون فى المساحات المشتركة وهى كبيرة . أما امكانية وجود تعارضات بين المشروعين العربى والايرانى تضيق وتتسع مع الوقت أو الموضوع فهذا من طبائع البشر . ولكن لابد من ملاحظة أن مايسمى المشروع العربى فى الاعلام الرسمى العربى المقصود به تحالف ما يسمى دول الاعتدال برئاسة الانسة كونداليزا رايس . أما المشروع العربى النهضوى فهو مشروع المقاومة للاحتلال ومشروع المعارضة السلمية للانظمة التابعة وهذا المشروع لديه الكثير من العمل المشترك مع ايران فى هذه الأيام الحاسمة فى عامى 2007 و2008 وهى ماتبقى من فترة ادارة بوش وهى ادارة جريحة وخطرة فى هذا المدى القصير. وبالتالى فان أى مصادمات فى المدى القريب مع الحلف الصهيونى الامريكى لايمكن أن تستبعد التعاون مع ايران لان كل الانظمة العربية تقريبا فى خندق الامريكان. الملف العراقى هو الذى سبب كثيرا من الالتباسات فى العلاقات العربية الايرانية ، ولكن هناك أطراف لاتريد أن تلتقط أى بادرة لايجاد صيغة توافق فى العراق بين المقاومة ذات الغالبية السنية وبين ايران . من الطبيعى أن يزيد التأثير الايرانى فى بلد مهم ومجاور لها كالعراق بعد سقوط السلطة المركزية ذات القبضة الحديدية . لابد أن يتكاتف العرب على معاونة العراق على ايجاد صيغة للتعايش بين الشيعة والسنة وبين ان شئت بين ذوى العلاقات الصديقة مع ايران وبين الذين يرفضون ذلك ، فهذه حقائق على الأرض وسيظل العراقيون معا فى وطن واحد وسيرحل المحتل قريبا اذن الله . ان هيمنة فكرة تصفية طرف لآخر أو تركيعه تماما هى فكرة ستدخل العراق فى حمام متواصل للدم وهو بدأ بالفعل ولابد أن يتوقف . ولا أزعم أننى أقدم تحليلا شاملا للوضع فى العراق فى هذه العجالة . ولكن أتحدث فحسب عن مبادىء عامة . ومن منطق التأييد المطلق للمقاومة العرقية. ان المشروع العربى التحررى لابد أن يكون متقاطعا ومتداخلا مع المشروع الايرانى الاسلامى ولابد من معالجة أى مشكلات قائمة مهما تكن معقدة . وكما قرأت لبعض العراقيين عن ضرورة التقاط الموقف الجديد لمقتدى الصدر وتطويره ، أدعو الى التفكير فى التقارير المؤكدة عن عمليات المقاومة المدعومة من ايران فى العراق خاصة فى الجنوب ، بل وتسريب أسلحة للمقاومة السنية وأيضا ماذكر مرارا عن أسلحة وأموال ايرانية لدى قادة المقاومة الافغانية (طالبان). لا أعتقد أن الامريكيين يريدون تحسين صورة ايران لدى العرب والسنة باصدار هذه البيانات المتوالية فى الفترة الأخيرة وان لم تكن هذه هى المصادر الوحيدة لهذه الانباء . كذلك لابد أن نحذر من استمرار حرب عراقية ايرانية فى شكل جديد،ويكفى ما جرى من استنزاف للأمة على مدار 8سنوات 1980- 1988 . ان وضع ايران وتركيا مع اسرائيل واثيوبيا كدول جوار أو كاختراق هو خلل يتكرر فى بعض الابحاث الاستراتيجية ولا أرى أنه سيفيد المشروع النهضوى العربى .حيث يخلط بين العدو والصديق ، ويوسع دائرة الأعداء ويفتقد البوصلة فى عملية موا جهة الحلف الصهيونى الامريكى.
السودان -------- ماجاء عن السودان فى تقرير حالة الأمة غير مقبول شكلا أو موضوعا من وجهة نظرى . من ناحية الشكل فان أسلوب كتابة هذه التقارير عادة ما يتحدث فى الامور الداخلية للبلاد العربية بالاسم بشىء من الحذر لاعتبارات شتى مفهومة ( حتى لايصادر التقرير ويحظى بتوزيع جيد ولأن ليس من مهمة التقرير خوض معركة ضد نظام محدد بدلا من المعارضة الوطنية الخ ). لذا تكتفى هذه التقارير بالملاحظات العامة التى تنطبق على كل أو معظم هذه البلدان بدون ذكر اسم بلد معين ، خاصة فى مجال النقد الصارم . ويبدو أن هذه القاعدة لاتنطبق على النظام الحاكم فى السودان فتم وصفه بكل النعوت السيئة ( فاشل بامتياز – يحب المشاكل الخارجية ليهرب من الالتزامات الداخلية – يحب أمريكا ويسعى لها ولكن بوش مشغول بالعراق ) بل لقد تطور الأمر من الاستهزاء بالحكومة الى الاستهزاء بالشعب السودانى وهذا أمر غير مقبول اطلاقا فيقول التقرير عن أن العرب لم يقصروا فى حق السودان وان الموضوع مجرد ( قلة اهتمام بشعب لم يستطع مساعدة نفسه وأضاع امكاناته البشرية والمالية الهائلة ) !! كما أن القوى السودانية – حكومة وشعبا – كلما أصابتهم مصيبة سارعوا للاستنجاد بدول الجوار ( مع أن هذه ليست جريمة ) أو الاتحاد الافريقى أو الجامعة العربية أو الاممالمتحدة . والجميع يلجأ الى الخارج ثم يتهم الآخر باللجوء للخارج وبالتالى فان الحديث عن التدخل الاجنبى أصبح لامعنى له . والأخطر من كل ذلك أن التقرير تبنى وجهة نظر أمريكا وهى وجهة نظر ظالمة ومضللة. وذلك بالقول (بدأت الأزمة الدارفورية صغيرة وكان يمكن احتواؤهالولاسوء تقدير النظام وتجاهل المظالم الاقليمية وتسليح الجنجويد، وان النظام فقد السيطرة على دارفور وأن هناك أسوأ كارثة انسانية . وهذا أفضل كلام يمكن أن يقوله بولتون ويبرربه العدوان على السودان ويعنى أن نصدر اليوم توصية بتأييد السياسة الامريكية فى دارفور . والحقائق فيما قاله الدكتور قطب المهدى . أما كاتب هذا التقرير فهو لم يدرس الاوضاع فى السودان وهو يكتب تقريرا ضد الحكومة السودانية وليس شارحا لوضع السودان. ويصر التقرير على رغبة السودان فى تطبيع العلاقات مع أمريكا وأمريكا هى التى ترفض لانشغالها بالعراق فحتى عندما يتخذ السودان موقفا جيدا فلا فضل له . والحقيقة ان السودان لم يستسلم فى موضوع نشر قوات دولية حتى الآن وتجرى مفاوضات لتفريغه من مضمونه والشد والجذب فى ذروته الآن والسودان يحتاج الى دعمنا لا التشكيك فى نواياه.ويقول التقرير ان النظام السودانى يثابر على ابعاد المعارضة عن مشكلات السودان ويفضل الوساطات الاجنبية . وكأن النظام يحب الأجانب فى حين أن الأجانب هم الذين يفرضون أنفسهم ويأتون مع المتمردين سواء فى الجنوب أو فى دارفور الخ . ويتحدث كاتب التقرير عن أن الشرطة فى السودان ضربت المواطنين فى مظاهرة ، فهل هذا هو الحادث الوحيد الذى حدث عام 2006 من المحيط للخليج فاما أن تسجل حوادث الاعتداء من الشرطة فى كل البلدان والا فلا . وهكذا يبدو السودان هو الوحيد الذى ينتهك حقوق الانسان ويعلم الله أنه من أقل الأنظمة العربية فى هذا الانجاز. وفى قضية الجنوب يحمل الحكومة المسئولية على طول الخط فى أى مشكلات تنشأ. وأن النظام لايهمه الا التشبث بالسلطة ولايهمه النفع العام وأن الحزب الحاكم لاشعبية له وأنه استغل ارتفاع أسعار البترول لمصالح الفئات البيروقراطية والطفيلية .وهو حزب لايسعى للسلام أو التحول الديموقراطى بل للتوسع فى الفساد وقد أدى ذلك الى تدهور الطبقة الوسطى . وهو يستخدم الخبث السياسى مع الحركة الشعبية المنهكة . أما النقطة الأهم الخاصة بعروبة السودان فان الكاتب يرفض تفسير ما جرى فى دار فور باعتباره محاولة لنزع الهوية العربية ودفع السودان نحو الأفرقة . ( يبدو أننا أمام نقص فادح فى المعلومات ) والحقيقة ان شعار السودان الجديد الذى طرحه جارانج كان يعنى ولايزال أفرقة السودان والتعامل مع العروبة باعتبارها استعمار وافد على السودان وينبغى التخلص منها . أيضا هذه عجالة لا أملك عرض كامل تصورى عن السودان من خلالها . لذا أركز على نقطتين : 1- اما أن نتناول بالنقد كل أنظمة الحكم واحدا تلو آخر واما لا . 2- النظام السودانى من وجهة نظرى وبناء على المعلومات اليقينية المتاحة للجميع لايزال يقاوم التغلغل الاجنبى ويحافظ على استقلاله وهو يفعل ذلك فى ظل تخلى شبه كامل من الامة العربية حكومات وشعوب . وبالتالى فان أداءه مقبول فى اطار هذه الظروف . ان كاتب التقرير لم يرصد أى انجاز فى المجال التنموى وحتى عندما تعرض للعلاقات السودانية الصينية تعرض لها من زاوية ان السودان سيتحول لساحة مواجهة بين الاستثمار الصينى والامريكى . جزاكم الله خيرا . فلسطين والمقاومة العراقية: ------------------------- ان التعرض للوضع الفلسطينى والعربى فى تقرير حال الامة بدون عرض للازمات التى تعتمل فى داخل الكيان الصهيونى تؤدى الى خلل فادح فى تقدير الامور . ان قادة اسرائيل يتحدثون عن تآكل قوة الردع ، بل يتحدث شيمون بيريز عن تآكل الكيان من الداخل وان اسرائيل تعيش أسوأ أوضاعها. ولايمكن تقدير حجم الانجاز الذى حققته المقاومة الفلسطينية واللبنانية بدون عرض هذه الصورة. أما بالنسبة للمقاومة العراقية فمما يثير الحفيظة هو التزام التقرير بالاحصاء الامريكى لقتلى وجرحى الجيش الامريكى ، كما يفعل الاعلام العربى مما يعطى مصداقية لهذه الأرقام المزورة رغم وجود دراسات جادة تشير لأرقام أكثر واقعية. وستدخل حرب المقاومة العراقية التاريخ من زاوية جديدة : أنها الحرب التى تبنت فيها الامة البيانات العسكرية للعدو .