تواجه مؤسسة الرئاسة وما تتبناه من أحلام نهضوية واسعة، ووعود لن يرحمها الشعب إذا انحرفت عن مسار تحقيقها- بجملة من التحديات، التى جاء بعضها إرثاً من النظام السياسى البائد، والبعض الآخر أفرزته أحداث 25 يناير، لتقف هذه التحديات برمتها حائلاً دون تحقيق الثورة لأهدافها المنشودة، وتحمل الشعب ولا يزال مغارمها، وتتحمل القيادة السياسية المنتخبة مسئولية الخلاص من الأزمة وتحقيق النهضة، التى لن تتحقق دون جهاز إدارى مؤهل ومسئول، مؤمن بمشروع النهضة، وقادر على تحقيقها،؟ والسؤال البديهى المطروح يتعلق بمدى إيمان الأجهزة الإدارية فى مصر بمشروع النهضة ومدى قدرة هذه الأجهزة على تحقيقها؟ وكيف نعتقد فى إيمانها بفكرة لم يشاركوا فى صياغتها؟ وكيف نعتقد فى قدرتها على الإنجاز وقد أسفرت دراسات التخلف منذ التسعينيات أن جهازنا الإدارى معطوب وموصوم بالترهل والوهن والفساد لدرجة بلغت مطالب الإصلاح الإدارى فيها ذروتها، فالجهاز الإدارى فى أى دولة يمثل القاطرة التى تجر وراءها كافة بنيات المجتمع نحو التقدم والتطور, فما الذى أصاب الجهاز الإدارى فى مصر ذلك الجهاز الذى أسهم فى إنشاء أول دولة مركزية فى تاريخ البشرية، ومنذ أن وَحَد مينا القطرين قبل أكثر من خمسة آلاف سنة مضت؟ وهل يملك الرئيس وحكومته التكنوقراط رؤى لإصلاح جهاز إدارى تأصلت فيه روح الفساد وغابت عن ديناميكيته روح الفريق وفقد متعمداً فكرة المؤسساتية وتداول المراكز والسلطة؟ كيف يصلح التكنوقراط جهازاً لايعترف بقيمة الوقت ويفقد القدرة على الإتقان؟ ماذا يفعل مع إدارة لا تؤمن بالشفافية والمصارحة ولا تضع حدوداً وضوابط للمسألة؟ ماذا يفعل الرئيس لإصلاح جهاز يقوم على ثقافة التواكل والمراوغة، جهاز يوصم بتخلف نظم التعليم وغياب الانضباط وضعف الإطار القانونى للعمل ويتسم بالتأخر التكنولوجى؟ وكيف تتحقق النهضة فى جهاز إدارى لا يزال كل مدير فيه يبدأ من أول السطر؟ ومع ضخامة مساحة الدولة وتطلعاتها بعد الثورة كان لزاماً على الرئيس المنتخب أن يمتلك رؤية إدارية قادرة على استيعاب هذه المشكلات والقدرة على تجاوزها، وأن يعمل الرئيس على إلغاء كافة الأجهزة الإدارية، التى ثبت أنها الأكثر فسادًا، والعمل على إنشاء أجهزة إدارية بديلة برؤى إدارية جديدة، تؤمن بحتمية النهضة، وأن ما تقدمه الدولة من خدمات للشعب ليس منة منها ولكنها حق، متى قصرت فى أدائه وجب الحساب، مع الحرص على عدم ظهور حالات إفساد جديدة ضمن هذه التشكيلات الإدارية البديلة، ولن يتحقق ذلك دون توافر جهاز رقابى أمين، فالقرار الإدارى السليم لابد أن يتبعه رقابة فعالة، ولما كانت هيئة الرقابة الإدارية كان قد نيط بها طوال عهد مبارك محاربة الفساد والحفاظ على المال العام وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص فى المناصب القيادية.. وقد أثبتت الوقائع الوثائق بعد الثورة أن مصر قد شهدت فى عهد مبارك أكبر عمليات لسرقة المال العام.. وأكبر حركات للفساد الإدارى؛ فإننى أقترح على الرئيس مرسى التالى: أولاً حل هيئة الرقابة الإدارية وتوزيع اختصاصاتها على الجهاز المركزى للمحاسبات والنيابة الإدارية ومباحث الأموال العامة باعتبارها المتهم الأول والمسئول عن كافة عمليات النهب المنظم التى تعرضت لها مصر.. وتشكيل لجان للرقابة من خبراء إداريين وماليين وليس من رجال جيش أو شرطة، كما هو كائن.. ثانياً تطهير الأجهزة الرقابية الأخرى من القيادات، التى حدث فى محيطها استيلاء على المال العام وساهمت فى تولى المفسدين فى استمرارهم فى مناصبهم لسنوات طويلة تكبدها الشعب وحده ودفعت فاتورتها مصر من دماء شبابها الأبرار. [email protected]