كشف الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف، عن تفاصيل دقيقة في حياة السيدة فاطمة الزهراء الأسرية مع الإمام علي بن أبي طالب، موضحًا ما يخص الروايات التاريخية حول مرضها وعلاقتها بالصحابة. وتطرق "كريمة"، خلال لقائه مع الإعلامي أشرف محمود، ببرنامج "الكنز"، المذاع على قناة "الحدث اليوم"، إلى شظف العيش الذي عاشته السيدة فاطمة الزهراء؛ فرغم أنها ابنة سيد الخلق، إلا أنها شاركت زوجها كدح الحياة، حتى أثرت "الرحى" في يديها الكريمتين من طحن الدقيق .
دستور النوم وكشفً عن مشهد بليغ حين طلبت من النبي صلى الله عليه وسلم خادمًا ليعينها، فما كان من الأب المربي إلا أن منحها ما هو أغلى من الماديات، حيث علمها وزوجها "دستور النوم" (التسبيح والتحميد والتكبير)، مؤكدًا أن الاستعانة بالله خير من الدنيا وما فيها، ولم يرضَ النبي أن يميز ابنته بخادم في وقت كان فيه عامة المسلمين يعانون، لتضرب الزهراء مثالًا في القناعة والزهد. وفند كريمة الروايات المدسوسة التي تروج لوجود خلافات أو جفاء بين الزهراء وصحابة رسول الله، مؤكدًا أن الحقيقة التاريخية المثبتة هي أن سيدنا أبو بكر الصديق وسيدنا عمر بن الخطاب كانا يزوران الزهراء في مرضها ويطمئنان عليها، وأن الإمام علي كان يشرف على تمريضها بنفسه، بمساعدة السيدة أسماء بنت عميس (زوجة أبي بكر الصديق). أول نعش مستور وأوضح أن العلاقة كانت قائمة على المودة والمصاهرة، فكثير من آل البيت تسموا بأسماء أبي بكر وعمر، بل أن سيدنا عمر بن الخطاب كان صهرًا للإمام علي بزواجه من السيدة أم كلثوم بنت علي، مما يقطع الطريق على روايات الفتنة التي يحاول البعض ترويجها. وكشف عن مشهد مُهيب يُجسد قمة الحياء؛ موضحًا أنه في لحظات مرضها الأخيرة، أبدت السيدة فاطمة الزهراء قلقًا من أن تظهر تفاصيل جسدها من فوق خشبة الغسل (النعش) أثناء الجنازة، وهنا طمأنتها السيدة أسماء بنت عميس بفكرة رأتها في الحبشة، وهي وضع "جريد لين" فوق النعش يغطى بالثوب ليستر الجثمان تمامًا؛ فكان نعش السيدة فاطمة هو أول نعش مستور في تاريخ الإسلام، تنفيذًا لوصيتها وحرصًا على حيائها حتى وهي ميتة. ولفت إلى أن السيدة فاطمة الزهراء انتقلت إلى الرفيق الأعلى وهي في ريعان شبابها (28 عامًا)، بعد ستة أشهر فقط من وفاة المصطفى صلى الله عليه وسلم، ودُفنت في بقيع الغرقد بقبة بني هاشم بجوار عمها العباس بن عبد المطلب، لتبقى سيرتها منارة للعفة، والرضا، والصمود في وجه محن الزمان، مختتمًا: "الزهراء لم تكن مجرد ابنة نبي، بل كانت مدرسة في العفة التي لم تفرط فيها حية أو ميتة".