الإنفلونزا الموسمية اجتاحت العالم فى وقت مبكر من فصل الشتاء بعد ظهور متحور جديد سريع الانتشار، منظمة الصحة العالمية تؤكد عدم وجود وباء أو جائحة جديدة، وزارة الصحة قالت: إن الوضع تحت السيطرة.. والتطعيم خط الدفاع الأول، وشدد الأطباء على أن الالتزام بالإجراءات الوقائية يقلل الخطر، وتشير التقديرات الأولية إلى أن لقاح الإنفلونزا لا يزال يوفر الحماية من دخول المستشفى لدى الأطفال والبالغين على حد سواء، ويظل أحد أكثر تدابير الصحة العامة فعالية.. الإنفلونزا الموسمية تتصدر المشهد الصحى حالياً، ليس فقط من حيث أعداد المصابين، بل من حيث شدة الأعراض وسرعة الانتشار، فى موسم وصفه خبراء الصحة بأنه «أقوى من المُعتاد»، ليس فى مصر وحدها وإنما فى معظم أنحاء العالم حيث اجتاح نصف الكرة الشمالي. اقرأ أيضًا| الصحة تحدد 3 حالات للتعامل مع إصابات الإنفلونزا والأمراض التنفسية هذا الموسم وفق شهاداتٍ طبية رسمية ومتخصصين يبدو مختلفًا عن السنوات الماضية، إذ تسجل المستشفيات والعيادات أعدادًا ملحوظة من الحالات، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للمضاعفات، وأوضحت رئيسة برنامج الإنفلونزا العالمى التابع لمنظمة الصحة العالمية، أن المتحور الجديد تم رصده لأول مرة فى أغسطس الماضى فى أستراليا ونيوزيلندا، قبل أن ينتشر لاحقاً فى أكثر من 30 دولة حول العالم. ورغم القلق المشروع لدى المواطنين، أكدت وزارة الصحة أن الوضع لا يزال تحت السيطرة، وأن الوعى والالتزام بالإجراءات الوقائية يمثلان السلاح الأهم لعبور هذا الموسم بأمان، حيث أشار د. خالد عبد الغفار وزير الصحة إلى أن هناك زيادة فى معدلات الإصابة بفيروس الإنفلونزا مع توقعات باستمرار زيادة دور الإنفلونزا هذا الشتاء، مشدداً على أن التعامل الصحيح مع الإنفلونزا ليس بالمضادات الحيوية وإنما بالراحة ومُخفضات الحرارة ومسكنات الآلام. وفى هذا السياق، كشف د. محمد عوض تاج الدين، مستشار رئيس الجمهورية لشئون الصحة والوقاية، عن أن 65% من الحالات المُسجلة هى إصابات بالإنفلونزا الموسمية (من النوع A)، وهى الأكثر انتشاراً وحدّة بين الفيروسات التنفسية، مبيناً أن الفيروس الأكثر انتشارًا حاليًا فى مصر والعالم هو أنفلونزا A وتحديداً المتحور H1N1، وبنسبة أقل أنفلونزا B، وأكد فى الوقت ذاته أن الوضع الصحى العام «مطمئن وتحت السيطرة». وأوضح تاج الدين أن هذه الفترة من كل عام تشهد تداول عدة فيروسات تنفسية، من بينها: الإنفلونزا الموسمية، والفيروس المخلوى التنفسي، إلى جانب تسجيل حالات محدودة من فيروس كورونا، وأكد أن ارتفاع معدلات الإصابة لا يعنى بالضرورة وجود خطر استثنائي، لكنه يستوجب التعامل الواعى والالتزام بالإجراءات الوقائية، خاصة مع سرعة انتشار العدوى فى الأماكن المغلقة ووسائل النقل والمدارس والجامعات. وشدد مستشار رئيس الجمهورية على أهمية العزل المنزلى عند الإصابة بنزلات البرد أو أعراض الإنفلونزا، سواء للطلاب أو الموظفين، مؤكدًا ضرورة منع المصابين من التوجه إلى المدارس أو أماكن العمل أو الجامعات، على ألا تقل مدة العزل عن 3 أيام كحد أدنى. وأوضح أن الهدف من العزل لا يقتصر فقط على منع انتشار العدوى بين الزملاء فى الفصول الدراسية أو أماكن العمل المغلقة، بل يمتد أيضًا إلى حماية المصاب نفسه من التعرض لمضاعفاتٍ صحية مُحتملة نتيجة الإجهاد، مثل: الالتهابات الرئوية أو التهابات الشعب الهوائية. وأضاف تاج الدين أن استشارة الطبيب تصبح ضرورية وفورية فى حال ظهور أعراض تنذر بتطور الحالة، مثل: صعوبة التنفس، أو الكحة المصحوبة ببلغم، أو الارتفاع المستمر فى درجات الحرارة، محذرًا من تجاهل هذه العلامات أو التعامل معها باستخفاف. وبشأن شكاوى بعض المواطنين من شدة الأعراض مقارنة بالسنوات الماضية، أوضح أن السبب يعود إلى قدرة فيروسات الإنفلونزا على التحور سنويًا، مما يساعدها على مقاومة المناعة المُكتسبة، سواء الناتجة عن إصابة سابقة أو عن التطعيمات، وهو ما يجعلها تبدو أكثر حدة فى بعض المواسم، وأشار إلى أن هذا التحور لا يعنى بالضرورة زيادة خطورة الفيروس، لكنه يؤدى إلى ارتفاع عدد المصابين وشدة الأعراض لدى البعض، خاصة الفئات الأكثر عرضة للمخاطر. وأوضح د. حاتم عبد الحق، أخصائى الباطنة والطوارئ والحالات الحرجة، أن انتشار فيروس H1N1 من فئة إنفلونزا A، إلى جانب تسجيل حالات من أنفلونزا B، يتكرر خلال فترات انخفاض درجات الحرارة وبداية فصل الشتاء.. وقال: إن معظم الحالات تمر بسلام مع الحصول على الرعاية الطبية المناسبة، مشيرًا إلى أن مدة الشعور بالتعب غالبًا ما تستمر نحو أسبوع، وتشمل أعراضًا معتادة مثل: الرشح، وارتفاع درجة الحرارة، وآلام العضلات، وتكسير الجسم، وهى أعراض شائعة للفيروسات التنفسية فى هذا الموسم.. وحذر من خطورة ما يُعرف ب «حقن البرد» التى انتشرت فى بعض المحافظات، مشيرا إلى أنها لا تعتمد على أساس طبى صحيح وقد تؤدى إلى مضاعفاتٍ صحية خطيرة، داعيًا إلى التوقف عن استخدامها تمامًا دون إشراف طبي. وأجمع خبراء ومسئولو الصحة أن التطعيم الموسمى للأنفلونزا يظل أحد أهم وسائل الوقاية، خاصة للفئات الأكثر عرضة للمخاطر، مثل: الأطفال الصغار، وكبار السن، وأصحاب الأمراض المزمنة، ومرضى الجهاز التنفسى والقلب، ومن يعانون من نقص المناعة. وأوضح الأطباء أن التطعيم لا يمنع الإصابة بنسبة 100%، لكنه يقلل من شدة الأعراض، ويُخفض احتمالات المضاعفات الخطيرة ودخول المستشفى، مما يجعله أداة وقائية فعالة خلال موسم الشتاء. وفى إطار الاستعداد لمواجهة الأمراض التنفسية داخل المنشآت التعليمية، أكد د. حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمى باسم وزارة الصحة والسكان، أن ما يتم تداوله باعتباره «دليل الصحة لمواجهة الإنفلونزا فى المدارس» هو دليل إرشادى شامل للشروط الصحية الواجب توافرها داخل المؤسسات التعليمية.. وأوضح أن هذا الدليل يصدره قطاع الطب الوقائى سنويًا مع بداية العام الدراسي، ويتم تحديثه بانتظام لمواكبة المستجدات الصحية، وقد يكون وصل حاليًا إلى نسخته الحادية عشرة، مشيرا إلى أن الدليل يُعمم على جميع المدارس الحكومية والخاصة، والمعاهد الأزهرية، والجامعات، ويتضمن معايير البيئة التعليمية الصحية، ومواصفات مياه الشرب وخزاناتها، ومسارات التغذية المدرسية، والاشتراطات الصحية للعاملين فى تقديم الأغذية. وأضاف عبد الغفار أن الدليل يتضمن فصولًا كاملة عن الأمراض المعدية، وعلى رأسها: الأمراض التنفسية الحادة مثل: الإنفلونزا، وكوفيد-19، والفيروس المخلوي، إلى جانب بروتوكولات واضحة للتعامل مع حالات الطوارئ الصحية، وفترات العزل المنزلية، وتوقيت العودة الآمنة للدراسة بعد الشفاء. وأكد أن دور وزارة الصحة لا يقتصر على إصدار الأدلة الإرشادية، بل يمتد إلى المتابعة الميدانية بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم، من خلال مديريات الشئون الصحية والتعليمية بالمحافظات. وعلى الصعيد العالمي، حذّر أطباء فى الولاياتالمتحدة من انتشار سلالة متحورة جديدة من فيروس الإنفلونزا A من نوع H3N2، تُعرف بالسلالة الفرعية K، والتى تسببت فى موجة إصابات مبكرة وحادة، ورفعت معدلات دخول المستشفيات، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر. ورغم عدم تسجيل هذه السلالة فى مصر حتى الآن، يؤكد الخبراء أن المتابعة المستمرة والتطعيم والالتزام بالإجراءات الوقائية تبقى الوسيلة الأهم للحد من أى تهديد صحى مُحتمل.