ساهمت المرأة، خلال العقدين الماضيين، في تغيير المشهد الاقتصادي والمجتمعي إلى حد كبير. ورغم الصورة النمطية لرجل الأعمال النموذجي الذي تستهدفه صناعة الاقتصاد والتي تفترض أن يكون ذكرا، إلا أن دور المرأة أصبح متزايدا وكذلك بصمتها الاقتصادية والاستثمارية. وفي زمن أصبحت الأرقام ومعدلات نمو الاقتصاد هي لغة العصر؛ وفي ظل ما نواجهه من تحديات اقتصادية، لم يعد المجتمع مجرد مستهلك سلبي ينتظر ما تثبته الحكومة أو رجال الأعمال بل أصبح شريك مباشر في صناعة الاقتصاد كما أصبحت المرأة شريك رئيسي في دفع عجلة الاقتصاد . وجاءت فاعليات النسخة الرابعة من قمة المرأة المصرية التي نظمها منتدى الخمسين بالتعاون مع جامعة النيل وجهاز تنمية المشروعات تحت رعاية الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس إدارة جهاز تنمية المشروعات، و عقدت خلال هذا الأسبوع لتؤكد على أن الاستثمار في الإنسان أصبح الركيزة الأساسية لبناء اقتصاد مبتكر ومستدام، وسط التحولات التكنولوجية المتسارعة وتغير خريطة الوظائف عالميًا. وشهدت القمة التى عقدت تحت شعار «العلم والتكنولوجيا والابتكار والاقتصاد المعرفي» توافقًا بين الحكومة والقطاع الخاص على أن تمكين المرأة ؛ والاستثمار في الإنسان ؛ و تطوير التعليم وتأهيل الشباب لمواكبة الثورة الصناعية والذكاء الاصطناعي لم يعد خيارًا بل ضرورة حتمية، مع الحفاظ على البعد الإنساني والأخلاقي للتكنولوجيا، لكن يبقى السؤال لماذا لا نستفيد من النماذج النسائية الناجحة ورائدات الاعمال في مجال الاقتصاد وخبراتهن في الاستثمار والاقتصاد والحياة الاجتماعية ؟ . وهناك نماذج نسائية من رائدات الأعمال الناجحة؛ وأصحاب المهن الحرفية البسيطة ؛ بدأن مشروعاتهم واستخدمن طرق جديدة طورت *أعمالهن سعيا للرزق وتحقيق النجاح والتأثير في المجتمع فقد استوقفني كثيرا النماذج البسيطة من السيدات صاحبات المشروعات الصغيرة؛ فتلك السيدات اللاتي يحملن مشقة السفر من محافظة إلى محافظة سعيا وراء الرزق لبيع الخضروات ومنتجات الألبان في القاهرة ؛ والسيدات اللاتي تفتتحن مشروعات صغيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي للمساهمة في الأعباء الاقتصادية المنزلية كل هؤلاء نماذج لسيدات مصريات رائدات تؤكد إصرار المرأة وارداتها في المشاركة في صناعة الاقتصاد وتاريخ نجاح المرأة المصرية في الاقتصاد يمتد عبر العصور ؛ من حاكمات فرعونيات مثل حتشبسوت؛ مرورا بسيدات رائدات في الحركة النسائية مثل هدى شعراوي! ومرورا بشخصيات بارزة شابة مؤثرة في المجتمع مما يعكس تزايد دور المرأة في قطاعات الأعمال والاقتصاد والاستثمار. من هنا تُظهر هذه المسيرة الطويلة كيف انتقلت المرأة المصرية من أدوار تقليدية إلى قيادة المجتمع والمساهمة بفاعلية في الاقتصاد والسياسة والعلوم، مدفوعة برغبة في التمكين والمساواة. وفي كثير من النقاشات يرى المجتمع أن المرأة سيدة مرفهة مدللة عليها أن تحمل الأعباء الاسرية المنزلية فقط لكن الأصح هو النظر إليها كشريك أساسي في المجال الاقتصادي لتكمل دورها في المجتمع كزوجة وأم وابنة. هنا يبرز أهمية دعم ما يعرف :" الاستثمار في المرأة " أى إدماج مفاهيم التعامل الواعى مع امكانيات المرأة واحتياجاتها من التعليم والثقافة العامة واستيعاب رغباتها . فكما يحتاج المجتمع إلى دورها بات من الضرورى أن يتاح لها مناخ يساهم في نمو دورها و هذه ليست مسؤولية االمجتمع وحده، ولا السلطة فقط، بل مسؤولية مجتمعية تبدأ من الأسرة في المنزل وطريقة تربية المرأة ، وتمر بالمدرسة والجامعة، وتصل إلى المؤسسات الثقافية والدينية. لا يمكن بناء منظومة مجتمعية تعي دور المرأة في الاقتصاد عبر طرف واحد. فالإعلام مطالب بنشر الوعي ، والسلطة مطالبة بالإتاحة والشفافية وتوفير الفرص وعرض نماذج السيدات الناجحات والاستفادة منهن، والمجتمع مطالب بالوعى والمسؤولية. أى خلل فى ضلع من هذا المثلث ينعكس فورًا على الضلعين الآخرين.