واصلت المعارضة السودانية الإضراب العام الشامل عن العمل في جميع المهن بالقطاعين العام والخاص، أمس، لليوم الثانى على التوالى، للضغط على المجلس العسكرى الانتقالى الحاكم، لتسليم السلطة إلى المدنيين، بعد فشل المفاوضات بين الطرفين، ملوحة بإجراءات تصعيدية تشمل العصيان المدنى من أجل الانتقال إلى الحكم المدنى، بينما جدد الاتحاد الإفريقى إدانته للانقلاب العسكرى بالسودان ودعا الجهات الخارجية إلى الامتناع عن التدخل في الشأن الداخلى السودانى، مشددًا على الحاجة العاجلة لحل سريع للأزمة الراهنة واحترام إرادة الشعب السودانى. وقال الاتحاد الأفريقى في بيان: «نجدد إدانة الاتحاد ورفضه القاطع لأى تحركات غير دستورية لتغيير الحكم، خاصة عبر الانقلاب العسكرى، ونشدد على الحاجة العاجلة لحل سريع للأزمة الراهنة بناءً على احترام إرادة وطموحات الشعب السودانى للانتقال الديمقراطى»، وأضاف الاتحاد: «نعرب عن قلقنا العميق إزاء الأوضاع في السودان عقب تولى الجيش السلطة في البلاد منذ 11 إبريل 2019، وتداعيات ذلك على البلاد والمنطقة والقارة الإفريقية»، ودعا الاتحاد الإفريقى «جميع السودانيين إلى إعلاء مصالح بلادهم فوق أي اعتبارات أخرى»، وقال: «نحث الجيش وممثلى القوى المدنية على العمل سويًا للتوصل لحل شامل للأزمة». وكان مجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد الإفريقى عقد اجتماعًا، الإثنين الماضى، لبحث الوضع في السودان، وعقب الاجتماع قال مفوض الأمن والسلم الإفريقى إسماعيل شرقى: «الاتحاد الإفريقى سيواصل دعمه للسودان للانخراط بإيجابية وإيمان حقيقى في عملية تفضى لحل سياسى شامل»، متابعًا: «نحن مؤمنون بأن السودانيين لديهم القدرة لتهيئة مرحلة جديدة لبلادهم». والتقى شرقى، رئيس المجلس العسكرى الانتقالى في السودان عبدالفتاح البرهان، وقال شرقى عبر «تويتر»، عقب لقائه البرهان، إنهما «تبادلا وجهات النظر حول الوضع في السودان»، مشددا على «استعداد الاتحاد الإفريقى لدعم عملية الحوار الجارية ونزاهتها، وتسهيل المساندة الدولية للاستقرار والتنمية في السودان». وشاركت في الإضراب فئات واسعة من النقابات العمالية والمهنية في القطاعين العام والخاص، وشمل الإضراب جميع القطاعات، بما فيها البنوك والنفط والمواصلات، والقطاع البحرى والصحى، والتعليم والقضاء، والاستشفاء والصيدلة، وشركات السكر، والإعلام والصحافة، إذ لم تصدر صحف سودانية ورقية، أمس، بسبب اضطرار الصحف إلى الاحتجاب، وتكدس مئات المسافرين خارج محطة الحافلات الرئيسة لنقل الركاب بين العاصمة الخرطوم ومناطق البلاد بسبب إضراب موظفى المحطة لليوم الثانى، وأكدت وكالة الأنباء السودانية «سونا»، أمس، أن العمل في مطار الخرطوم وحركة الطيران عادية. وذكرت وكالة «فرانس برس» أن مطار الخرطوم عمل، أمس، بصورة طبيعية. وأفاد شهود عيان، أمس الأول، بأن 3 طائرات عادت أدراجها بعد أن تعذر هبوطها بالمطار، ونجحت طائرة واحدة في الهبوط، إلا أن مصادر بالمعارضة قالت إن معظم عمال المناولة الأرضية بالمطار التزموا بالإضراب، وأصرت قلة منهم على كسره، لافتة إلى أن «الإضراب نجح بشكل كبير»، فيما علقت شركات الطيران السودانية «بدر» و«تاركو» و«نوفا» رحلاتها لليوم الثانى على التوالى. وأكد تجمع المهنيين السودانيين مواصلة الضغط عبر كل الأشكال السلمية، احتجاجًا واعتصامًا وإضرابًا، حتى الوصول للعصيان المدنى، تحضيرًا لأشكال أخرى من المقاومة في الأيام المقبلة، وصولًا إلى سلطة مدنية انتقالية وتحقيق كل أهداف الثورة، ودعا للاحتشاد في ميادين الاعتصام بعد العمل، واحتشد الموظفون أمام أماكن عملهم ووزارتهم، ونظم آخرون مسيرات في شوارع البلاد لدعم الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش بالخرطوم، وردد المتظاهرون الأغانى والهتافات، وذكر موقع «سودان فيو» أن اليوم الأول من الإضراب نجح بشكل ملموس في قطاعات الصحة والمياه والكهرباء والنفط والغاز والمصانع والسكك الحديدية والنقل البحرى والنقل العام والقطاعات المهنية، موضحًا أن الإضراب اجتذب شرائح واسعة، وغلبت عليه السلمية والوعى والانضباط، وأشار إلى أن الإضراب يوجه رسالة إلى المجلس العسكرى تؤكد تصميم القوى الشعبية على نقل السلطة للمدنيين لتحقيق مطالب ثورة الشعب السودانى. وقال الفريق شمس الدين كباشى، المتحدث باسم المجلس العسكرى، إن المفاوضات مستمرة مع المعارضة على مستوى منخفض للتوصل إلى اتفاق ولن يكون هناك أي تراجع عما تم الاتفاق عليه. وقال نائب رئيس المجلس العسكرى، محمد حمدان حميدتى، إن «الجيش وقوات الدعم السريع التابعة له جزء من الثورة، ولولاهما لكان الرئيس المعزول عمر البشير موجودًا في السلطة»، وأضاف، في كلمه أمام قيادات قبلية وعشائرية، بالخرطوم: «كان لتحرك المواطنين دور في إسقاط البشير»، وتابع: «نطالب المحتجين الذين جاءوا من أجل التغيير وتبنوا خيارات الحرية والسلام والعدالة بأن يعودوا لها، وإن عادوا لشعاراتهم تلك سنسلمهم السلطة اليوم قبل الغد»، وأعلن عقد اجتماع أمس بمطار الخرطوم «مع عدد من مسؤولى خطوط الطيران المحلية»، وقال: «هؤلاء يتمتعون بامتيازات حصرية، ومع ذلك أضربوا دون أدنى إحساس بالمسؤولية»، وذكر أنه «سيعمل على إلغاء الامتيازات الحصرية التي يتمتع بها أصحاب شركات الطيران المحلية ويفتح المجال أمام جميع الشركات المحلية والعالمية». وحول الإضراب قال حميدتى إن «نتائجه ظاهرة ولا داعى للحديث عنها»، في إشارة لنجاح الإضراب. وكان رئيس المجلس العسكرى الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، التقى مساء أمس الأول، رئيس الوزراء الإثيوبى أبى أحمد في أديس أبابا، وقام البرهان بغرس شجرة مشاركة في حملة التشجير الإثيوبية، وأكد رئيس الوزراء الإثيوبى وقوف إثيوبيا بجانب السودان في كل الظروف، عرفانًا بأيادى السودان البيضاء.
