فرصة تاريخية ندعو الله ألا تضيع: الاعترافات التاريخية المتتالية بدولة فلسطين وحل الدولتين، والإجماع على ضرورة الإفراج عن الرهائن ونزع سلاح حماس وإبعادها عن السلطة. وأتمنى ألا يظهر قادة حماس فى الفضائيات يستعرضون عضلاتهم الصوتية، وأن يدركوا ان اللعب بورقة الرهائن ليس له جدوى.. سلموهم وافضحوا أكاذيب نتنياهو أمام العالم وأسقطوا حجته الكاذبة. آن الأوان لتسليم الراية الفلسطينية لجيل جديد من القيادات، لا يتصارعون على كعكة السلطة التى لم توضع بعد على المائدة، بل يناضلون من أجل اقتناص الفرصة الاخيرة، وإحياء حلم اقامة الدولة الفلسطينية، واستثمار الاعتراف الدولى بحل الدولتين. اين تكمن المشكلة؟ فى أحد لقاءاته بالقاهرة منذ سنوات سألت الرئيس أبو مازن: لماذا لا يتم الصلح بين فتح وحماس وإعطاء رسالة بأن الفلسطينيين قوة واحدة؟ فرد بإجابة طويلة فهمت منها أن الصلح مع إسرائيل اسهل بكثير. وضاعت الفرصة تلو الفرصة فى صراع السلطتين، وراهنت إسرائيل على الخلافات الفلسطينية - الفلسطينية، وسعت الى استمرارها وتعميقها، وتبادل الطرفان الاتهامات بالخيانة والعمالة والتفريط فى القضية. انظروا حولكم واغتنموا الفرصة فى ظل تعقيدات اقليمية ودولية بالغة الصعوبة، ورغم ذلك تأتى انفراجة «حل الدولتين»، ثمنا لدماء وتضحيات سكان غزة، ولم ينفعهم تصريحات أبو مازن ولا سلاح حماس. وكما اعترف العالم بدولة فلسطين اعترفوا أنتم بها، بالتنازل عن الصراع المحموم على السلطة، وإعلان الصلح بلا قيد او شرط وتهيئة الأجواء لجيل جديد من القيادات الفلسطينية، غير قيادات «النكبة الثانية» التى تعيشها غزة، ولا تراهنوا على تضحيات شعبكم فى غزة، فهم الذين يعذبون فى الأرض على يد مجرم الحرب نتنياهو، وهم الذين يتركون منازلهم ليلا للهجرة الى الجنوب، وتدمى عيونهم وقلوبهم عندما تدمرها القوات الاسرائيلية. راهنوا على سلام الفرص الممكنة، وكان الرئيس السادات رحمه الله يقول «سلام الشجعان»، وأهم شروطه حماية الشعب من المخاطر والحفاظ على أرواحهم وحقن الدماء، وفى عز الانتصار فى حرب أكتوبر المجيدة قال السادات «مقدرش أحارب أمريكا»، والآن تحاربكم اسرائيل وأمريكا، فاغتنموا الفرصة وأعلنوا أمام العالم دعمكم للجهود العربية المخلصة، وأنكم يد واحدة فى مواجهة مؤامرة تصفية القضية الفلسطينية. غزة أوشكت على الضياع وبعدها الضفة الغربية، ومصر تحارب بضراوة لوقف مؤامرة التهجير، ووسط الظلام الدامس يظهر ضوء خافت ورغبة دولية قوية لوقف الحرب وإحياء امل «حل الدولتين»، والعالم يريد اولا اختفاء حماس ونزع أسلحتها وتسليم الرهائن. الخلاصة: لو ضاعت هذه الفرصة فلن تعود، وعلى حماس ان تدرك ان سلاحها لن يوقف جرائم اسرائيل، ولن يحمى الفلسطينيين، ونجاح الإجماع العربى فى إعادة القضية الفلسطينية الى صدارة اهتمامات الاجندة الدولية وإخراجها من ثلاجة الموتى.