ليس مهماً الآن تحميل حماس نتائج العملية الفدائية المعروفة باسم طوفان الأقصى، التى أسفرت عن نتائج كارثية فأصبحت بمثابة «انتحارية»، أو توجيه اللوم على التصرف الأحادى الذى فجر زلزالاً فى الشرق الأوسط. المهم هو تحقيق «منحة» من «المحنة»، حتى لا تضيع أرواح الشهداء ودماؤهم هباءً، وأولى خطوات المراجعة هى أن يتجاوز السنوار أفكار الخنادق وينطلق لنطاق أوسع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. ورأيى الخاص بعيداً عن أى مسئوليات أن ورقة الرهائن بدأت تفقد فاعليتها بمرور الوقت ولم تعد مؤثرة فى الضغط على نتنياهو، سواء للتهدئة أو وقف إطلاق النار، بعد أن اكتسب شعبية كبيرة فى إسرائيل، تفوق تأثير مظاهرات وضغوط أهالى الرهائن. نتنياهو لا يريد الإفراج عن الرهائن، حتى لا يفقد أوراق اعتماده لدى الرأى العام الإسرائيلى، واستمراره فى قتل قادة حماس وحزب الله، ولم تعد قضية الرهائن ورقة ضغط لإجباره على قبول المبادرة الأمريكية. والمراجعة تقتضى أن تعيد حماس دراسة تقديراتها بعد أن كانت تتصور أن إسرائيل ستخضع للضغوط للإفراج عن رهائنها، وفى ذهنها سيناريو الأسير «شاليط»، ولكن المعطيات تغيرت وكذلك أوراق القوة. والمراجعة أيضاً تقتضى القضاء على الجزر المنعزلة ليس بين فتح وحماس فقط، بل بين حماس الخارج وحماس الداخل، وكل الشواهد تؤكد أن أحداث السابع من أكتوبر كانت بقرار منفرد من السنوار وقادة حماس، دون استشارة الجناح السياسى لحماس. والمفترض أن يتم استثمار أعمال المقاومة فى مكاسب سياسية، تنطلق من حقيقة أن حماس ليس فى مقدورها الانتصار على إسرائيل ووراءها الولاياتالمتحدة، والجسور الجوية لإمدادها بالسلاح والذخيرة، واختفى الجناح السياسى لحماس تماماً، وبقى السنوار وحده فى الأنفاق. وسمعنا فى القمة العربية الأخيرة انتقادات لحماس، وحان الوقت لمبادرة صلح بين كل الفصائل الفلسطينية، وأن يتم التنازل عن أسباب القطيعة التى تفجرت عقب اتفاق أوسلو، احتراماً لتضحيات الشعب الفلسطينى ودماء الشهداء. وأطرح سؤالاً من عندى: ماذا يحدث إذا أعلنت حماس تقديم تنازلات فى قضية الرهائن، وأن تقدم للعالم مبادرة سلام فلسطينية، تمهد إلى الحديث فى القضية الأهم: الدولتان؟ ماذا يحدث لو أعلنت حماس استبدال خيار المقاومة بالانخراط فى العمل السياسى، وأن تكون السلطة الفلسطينية هى المسئولة عن الأمن الداخلى فى فترة انتقالية تسهم فى تهدئة الصراع وتخفيف حدة الكراهية؟ ماذا يحدث لو أصبحت غزة منزوعة السلاح لكل الأطراف وأولها إسرائيل، بعد أن أثبتت الأحداث أنه ليس فى قدرة المقاومة الاستمرار فى سباق التسليح، الذى أدى إلى انهيار دول عظمى مثل الاتحاد السوفيتى؟ المراجعة تقتضى وضع أوراق القوة والضعف على المائدة، واختيار البدائل الأفضل دون اعتبارات عاطفية.