"الوطنية للانتخابات": 341 مرشحا فرديا لانتخابات مجلس النواب في اليوم الثاني    "مهارة-تك" المصرية تفوز بجائزة اليونسكولاستخدام التكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم 2025    الطاهر: الدولة تبنت برنامجًا طموحًا لزيادة إنتاج الطاقة المتجددة وتعظيم قيمتها الاقتصادية    عاجل| ترامب: سيكون هناك مراسم للتوقيع على الاتفاق في مصر    ترامب: نجحنا في إنهاء الحرب في غزة.. والإفراج عن المحتجزين الاثنين أو الثلاثاء    مسار يقسو على الإنتاج الحربي برباعية في دوري المحترفين    خلاف بين محمد فؤاد ومنتج ألبومه الجديد وأغاني تنتقل لعمر كمال    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 9-10-2025 في محافظة الأقصر    إصابة 4 أطفال فلسطينيين برصاص جيش الاحتلال في الخليل وجنين    موعد تطبيق التوقيت الشتوي في مصر وإلغاء الصيفي 2025    بث مباشر مباراة منتخب مصر الثاني ضد المغرب الآن استعدادًا ل كأس العرب    ياسين محمد: فخور بذهبية بطولة العالم للسباحة بالزعانف للناشئين    مصدر من اتحاد الكرة ل في الجول: من السابق لأوانه تحديد المرشحين لتدريب مصر للشباب    «الحديد كان بيولع زي الورق».. تفاصيل 16 ساعة في حريق مركز قطع غيار سيارات بالحرفيين (معايشة)    في اليوم الثاني لفتح باب الترشح لمجلس النواب بالبحر الأحمر: «لم يتقدم أحد»    على أنغام السمسمية.. مسرح المواجهة والتجوال يحتفل بانتصارات أكتوبر فى جنوب سيناء    «محدش فينا هيتردد».. كريم فهمي يكشف حقيقة اعتذاره عن المشاركة في «وننسى اللي كان» ب رمضان 2026    «واخدينها بالفهلوة».. رجال هذه الأبراج هم الأسوأ في قيادة السيارات    تحذير مهم من «الأطباء» بشأن تصوير الأطقم الطبية في أماكن العمل    زيارة مفاجئة لوزير الصحة لمستشفى الخازندارة العام بشبرا (تفاصيل)    خبيرة أمن: ترامب واضح في التزامه بجلب السلام للشرق الأوسط    بارليف.. نهاية وهم إسرائيل.. تدريبات الجيش المصري على نماذج مشابهة ببحيرة قارون    ساليبا: نريد الثأر في كأس العالم.. والإصابة مزعجة في ظل المنافسة الشرسة    بيت الزكاة والصدقات يثمّن جهود الوساطة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة    هل يجوز للرجل الزواج بأخرى رغم حب زوجته الأولى؟.. أمين الفتوى يجيب    جهاز تنمية المشروعات ينظم معسكر للابتكار ضمن معرض «تراثنا 2025»    سمير عمر: الوفود الأمنية تواصل مناقشاتها لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق غزة    تأثير اللولب على العلاقة الزوجية وطرق التغلب على ذلك    جلسة منتظرة بين مسؤولي الزمالك وفيريرا ..تعرف على الأسباب    جامعة قناة السويس ضمن تصنيف التايمز البريطاني لعام 2026    أوبو A6 Pro 5G.. أداء خارق وتقنيات متطورة بسعر يناسب الجميع!    محافظ كفر الشيخ: تجربة مصر في زراعة الأرز نموذج يُحتذى إفريقيا    إعلان عمان: ندين ما خلفه الاحتلال من أزمة صحية كارثية بقطاع غزة    وزير التنمية النرويجي يلاطف الأطفال الفلسطينيين خلال زيارته لمستشفى العريش العام    الاحتلال الإسرائيلي يطلق قنابل غاز مسيل للدموع وسط الخليل بعد إجبار المحلات على الإغلاق    بتكليف من السيسي.. وزير الصحة يزور الكابتن حسن شحاتة للاطمئنان على حالته الصحية    أطعمة تضر أكثر مما تنفع.. احذر القهوة والحمضيات على معدة فارغة    التضامن: مكافحة عمل الأطفال مسؤولية مجتمعية تتكامل فيها الجهود لحماية مستقبل الأجيال    استبعاد معلمة ومدير مدرسة بطوخ عقب تعديهما على تلميذ داخل الفصل    «المصري اليوم» تُحلل خارطة المقبولين في كلية الشرطة خلال خمس سنوات    نادي جامعة حلوان يهنئ منتخب مصر بالتأهل التاريخي لكأس العالم 2026    بالأسماء تعرف علي أوائل الدورات التدريبية عن العام 2024 / 2025 بمحافظة الجيزة    لترشيد استهلاك الكهرباء.. تحرير 134 مخالفة لمحال غير ملتزمة بمواعيد الإغلاق    بعد 24 ساعة من حكم الإعدام.. "القودة" تنهي خصومة ثأرية في أبو حزام بقنا    حبس المتهمين بقتل بلوجر المطرية    قسطنطين كڤافيس وشقيقه كيف يُصنع الشاعر؟    إصابة 12 شخصا فى حادث انقلاب سيارة بطريق العلاقى بأسوان    انتخابات النواب: 73 مرشحًا في الجيزة بينهم 5 سيدات مستقلات حتى الآن    إطلاق قافلة زاد العزةال 47 من مصر إلى غزة بحمولة 3450 طن مساعدات    كوارث يومية فى زمن الانقلاب…حريق محل مراتب بالموسكي ومصرع أمين شرطة فى حادث بسوهاج    برشلونة يعلن رسميا إقامة مواجهة فياريال في أمريكا    محمود مسلم: السيسي يستحق التقدير والمفاوض المصري الأقدر على الحوار مع الفلسطينيين والإسرائيليين    التقييمات الأسبوعية للطلاب فى صفوف النقل عبر هذا الرابط    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    شاهيناز: «مبحبش أظهر حياتي الخاصة على السوشيال.. والفنان مش إنسان عادي»    عاجل - بالصور.. شاهد الوفود الدولية في شرم الشيخ لمفاوضات غزة وسط تفاؤل بخطوة أولى للسلام    من أدعية الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من داخل الطائرة الانتحارية
نشر في صباح الخير يوم 08 - 10 - 2025

عميد أ.ح مجدى شحاتة: هذه قصة تفجير أتوبيسات الطيارين الإسرائيليين
أطلقوا على طائرته التى نفذ بها مهمته.. الطائرة الانتحارية، ولم لا وهى ذاهبة لتفجير أتوبيسين محملين بطيارى وفنيى سلاح الجو الإسرائيلى.
إنه عميد أ.ح مجدى شحاتة أحد أبطال سلاح الصاعقة، الذى كان برتبة ملازم أول فى الحرب.
جلست إليه وهو البطل الذى لم يهب الموت بالرغم من نفاد المؤن وسط الصحراء، وحكى تفاصيل مهمته التى كبدت العدو خسائر فادحة.

يقول العميد شحاتة: «لم يبدأ نصر أكتوبر 1973 فى العام ذاته، فقد كانت حرب الاستنزاف هى البداية الحقيقية، كنت قد تخرجت برتبة الملازم فى الكلية الحربية عام 1969 وكنت سعيدًا جدًا بتخرجى وبدء حياتى العملية ضمن ضباط القوات المسلحة، ومما زاد من سعادتى تحقيق رغبتى بالانضمام لقوات الصاعقة وحصولى على فرقة الصاعقة التى تدربنا فيها على تحمل كافة المشاق والعمل تحت أصعب الظروف وفى مختلف الأراضى والأجواء والاستعداد للتضحية والاستشهاد من أجل تحرير كل شبر من أرض مصرنا الحبيبة.
حصلت على فرقة الصاعقة ثم التحقت بإحدى كتائب الصاعقة المتمركزة بالإسكندرية وبناء على طلبى نقلت إلى الكتيبة 83 صاعقة بالقصاصين، ورقيت إلى رتبة الملازم أول خلال فترة تمركز الكتيبة، ثم كلفت الكتيبة بمهمة تأمين بدولة ليبيا الشقيقة لمدة عام».
يكمل: «بعدها تم استدعاء الكتيبة من مأموريتها بدولة ليبيا قبل نهاية الموعد المحدد بثلاثة أشهر وانضممنا إلى مجموعة الصاعقة المتمركزة بالإسكندرية حيث بدأنا فورًا فى التدريبات الشاقة بالتوازى مع الأعمال الإدارية لتجهيز منطقة تمركز الكتيبة».



على مشارف الحرب
يكمل عميد شحاتة: «صباح يوم 6 أكتوبر، التقى قائد المجموعة العقيد أ.ح كمال الدين عطية برجال الكتيبة فى تشكيل سرايا وأكد اقتراب ساعة الصفر، وأمرنا بالتحرك إلى منطقة الإقلاع انتظارًا لوصول الطائرات الهليكوبتر، وفى تمام الساعة الواحدة صدرت الأوامر بالإفطار، لكننا أصرينا على استكمال الصيام حتى إذا كتب الله لنا الشهادة، سنلاقى الله تعالى صائمين.
يواصل: سرعان ما جاءتنا أخبار قيام قواتنا الجوية بتنفيذ الضربة الجوية ضد مواقع وحشود العدو فى سيناء وبدء التمهيد النيرانى للمدفعية ونجاح قواتنا فى اقتحام قناة السويس والوصول للضفة الشرقية للقناة، وازداد حماسنا بوصول الطائرات الستة المخصصة لنقل 2 من سرايا الكتيبة (والتى سيتم إبرارها على مرحلتين) داخل سيناء وتحققت آمالنا بقدوم يوم الثأر والتحرير».
وفى تمام الساعة الثانية والنصف بعد الظهر توجهت ومعى القوة الأولى (21 فردًا) للصعود إلى الطائرة، التى أطلق عليها العدو فيما بعد وصف الطائرة الانتحارية، وقبل صعودى للطائرة وأثناء قيامى بالتلقين النهائى للأفراد وتأكيد المهام ورفع روحهم المعنوية اقترب منى مقدم طويل وعرفنى بنفسه (مقدم رجائى عطية) من قوة الخدمة الخاصة وكان معه دليل من البدو الذى سيصاحبنى فى الطائرة لإرشادى لمنطقة المهمة.
وفى الساعة الثالثة بعد الظهر تم تحميل الطائرة بالأفراد والمعدات والتعرف على الطيار ومساعده، وطلب منى أن أقوم بوضع مجموعة مشاعل على شكل حرف T بغرض إرشاد باقى الطائرات فى الرحلة الثانية لمنطقة الإنزال التى ستبر بها الطائرة الأولى حيث سيكون الوقت ليلًا عند عودة الطائرات لهذه المنطقة مرة أخرى، وصعدنا بالطائرة وجلس الدليل بالقرب منه وأخذ كل واحد مكانه».
المهمة الصعبة
حكى العميد مجدى شحاتة: «لحظة إقلاع الطائرة فى اتجاه خط سيرها من اللحظات التى لا تنسى حيث كانت صيحات الله أكبر تدوى وتملأ كل الأرض، ورأيت الكتيبة بكاملها تلوح لنا مودعين، ورأيت عيون الزملاء تودعنى بالحب والأمل وكل ما عرفته من المعانى النبيلة وكنت دائمًا مبتسمًا مشجعًا للجميع وتحركت الطائرة، وكان يجلس بجوارى الرقيب مجند زكريا نصرالله رقيب فصيلة القناصة، وأخذ الجنود يكبرون الله أكبر فى حماس، وظهرت مياه خليج السويس وأصدرت بعض التعليمات ومنها مراقبة طائرات العدو والإبلاغ عند رؤيتها».
وعند الاقتراب من الشاطئ الشرقى للخليج ازداد الصياح والتكبير وتقدمت إلى كابينة الطيار لمتابعة خط السير وكان يطير على ارتفاع منخفض متفاديًا الجبال وظهر مبنى صغير فى منطقة مفترق طرق فيران/الطور/أبورديس بالقرب من منطقة الإبرار، وخرج منه فرد بدوى ليرى الطائرة وعلمنا من الدليل أن المبنى هو (طلمبة مياه) ثم انخفض الطيار فى أحد الوديان الفرعية وفى الساعة الرابعة عصرًا بدأ إبرار حمولة الطائرة بسرعة وقبل أن تلمس الطائرة الأرض كنت أول من نزل من الطائرة وتابعنى باقى القوة».
«على الفور تم استطلاع المنطقة بالنظر وخاصة المناطق التى تصلح لاقتراب العدو أو احتلاله لها، وبصفة عامة وجدت المنطقة خالية وكانت تلك اللحظات أصعب اللحظات وأخطرها، حيث يلزم سرعة اتخاذ إجراءات تأمين الأفراد والسيطرة عليهم، وتقدمت وأصدرت أمرًا لاتخاذ مواقعهم واحتلال المنطقة على شكل دفاع دائرى ثم قمت بالمرور وتوزيع المهام ورفع الروح المعنوية للأفراد مما بث الثقة بأنفسهم وقمت بتحديد الأفراد المكلفين برص المشاعل وإضاءتها وتأمين منطقة الإبرار للرحلة الثانية».
يقول: «هذه المجموعة كانت تحت قيادة الملازم محمد عبد المنعم، وشكلت دورية بباقى الأفراد للتوجه إلى منطقة الكمين واستطلاعها وأبلغت الملازم محمد عبد المنعم بأننى سأرسل له الدليل بعد إرشادنا على منطقة العمل ومعه الرقيب راضى (رحمه الله) حتى يقوم بإرشاد باقى قوة الطائرة فى الرحلة الثانية إلى المكان الذى سنقوم باحتلاله على الطريق أبورديس/الطور وودعت هذه المجموعة بعد التأكد من تفهم الضابط لمهامه».



«تقدمت مع الدورية إلى منطقة الهدف ببطء وحرص فى البداية لتحقيق المراقبة والملاحظة المستمرة تجنبًا لمفاجأة العدو، وكذلك بسبب ثقل الأحمال والشدة القتالية، وقد لاحظنا تواجد آثار جنازير دبابات واضحة وكثيرة على الأرض وقد بدأ الليل يحل وضعفت الرؤية وأمرت بإيقاف الدورية وتقدمت فى اتجاه الآثار، وأثناء مراقبتى للمنطقة فى الظلام بجهاز الرؤية الليلى سمعت صوت طلق نارى من منطقة تواجد الدورية فعدت بسرعة إلى مكان الدورية».
يروي: «كانت الثقة تزداد مع مرور الوقت وأبلغنى الدليل بوصولنا للمنطقة التى يمر بها الطريق، وأن هناك أعمدة كهرباء وقمت بتشغيل جهاز الرؤية الليلى ووجدت بالفعل أعمدة الكهرباء والطريق أمامى على بعد حوالى مئتى متر».
تم احتلال منطقة الكمين، وبعد ساعات سمعنا صوت طائراتنا وشاهدنا ثلاثًا منها تطير على ارتفاع منخفض ولكن ليس فى اتجاه واحد ومرت إحداها فوقنا وأبلغنى كل من كان بالقرب منى عن وصول طائراتنا وتعبيرًا لا شعوريًا عن فرحتهم بقرب لقائهم بزملائهم على أرض سيناء».
قال: «مع أول ضوء ل7 أكتوبر وجدت أن الجانب الآخر من الطريق يحقق سيطرة أكثر وأنسب، فأصدرت أوامرى بتعديل المكان إلى الجانب الآخر من الطريق وفى منطقة مرتفعة ومسيطرة ومشرفة بالنظر على منطقة خط سير باقى قوة السرية لرؤيتها أثناء وصولها إلى المنطقة التى حددت للتقابل والتى كانت على مرمى بصرنا».
ومرت الساعات حتى سمعنا صوت طائرة مراقبة للعدو «سوبر بايركب» على ارتفاع عال فأصدرت أوامرى بثبات الأفراد بالقرب من السواتر والاختفاء حتى تمر الطائرة، ومرت الطائرة وعدنا إلى أماكننا وعند الظهيرة تسلقت أحد الجبال المشرفة على المكان وكان معى الجندى سيد عبد الستار من المهندسين، وعندما صعدنا إلى قمة الجبل لم نر شيئًا غير خزانات البترول على مسافة بعيدة والشاطئ خلفها والطريق الممتد والجبال العالية الخالية من أى حركة وحياة، وأثناء استطلاعى لاحظت بعض الجمال المتجمعة بجوار ماسورة للمياه، وهناك بعض المياه المتسربة من الماسورة وقد طمأننى وأسعدنى جدًا وجود المياه وذلك لاستعواض المياه التى يستهلكها الأفراد بسبب حرارة الجو والمجهود المبذول نتيجة التحرك بالشدة الكاملة».
قال: «أكبر شاغل لى هو مصير باقى قوة السرية وأين ذهب أفراد الطائرات التى رأيتها بعينى وازداد قلقى لعدم وصول أفراد السرية مما دفعنى لاتخاذ قرار التحرك فى اتجاه منطقة الإبرار قبل آخر ضوء فى محاولة للبحث عن باقى السرية ولم أحمل معى غير السلاح والذخيرة وزمزمية مياه واحدة حتى أكون خفيف الحركة».
و«أعطيت الرقيب زكريا نصرالله أوامرى بالاختفاء التام وتأمين المنطقة حتى العودة واصطحبت أحد الجنود وقمنا بعبور الطريق وفى طريق العودة لاحظت حركة وصوتًا خافتًا ينادى (محمد) فاستدرت مستعدًا بالسلاح وتحركت فى اتجاه الصوت وقد ساورنى شك من أن يكون كمينًا للعدو، وفى حذر شديد تقدمت تحت ساتر الأرض ولكنى وجدت الملازم أول احتياط أحمد الخرجاوى من قوة الرحلة الثانية، الذى قابلنى بالدموع والأحضان وهو يقول «حضرة اليوزباشى مجدى افتكرناك استشهدت إنت فين؟»، وطبعًا تعجبت وأجبته بغضب «إنتم اللى فين يا خرجاوى وإيه اللى حصل؟» أنا أرسلت لكم الدليل ومعه فرد وتركت لكم الضابط محمد ومعه أفراد لتأمين منطقة الإبرار فماذا حدث؟ هل وصلكم الدليل؟.
فأخبرنى أن الدليل وصل فعلًا وأنه معه الآن وهو الذى أرشده إلى هذا المكان، ثم أبلغنى أنه أقلع فى نفس الطائرة التى أبرتنا بعد عودتها، وكان المفروض أن تهبط باقى الطائرات فى هذا المكان لأنه كان واضحًا وسهلًا ولكنى لم أجد أحدًا غير مجموعة تأمين منطقة الإبرار التى تركتها، وكانت حمولة الطائرة أربعة عشر فردًا وعشرة صواريخ مسمار وقاذفين وفرد دفاع جوى ومعه قاذف (استرلا) واحد وكان هذا السلاح فى ذلك الوقت من الأسرار التى لا يعلم أحد شيئًا عنها غير مستخدمى السلاح.
ثم أبلغنى الخرجاوى بأنه انتظر مدة أملًا فى وصول طائرات أخرى ولكن لم تظهر فجمع الأفراد وتحرك بالصواريخ الثقيلة ما سبب بطئًا شديدًا فى الحركة فقام بدفنها فى أحد الأماكن وتحرك بالقاذف وصاروخ واحد حتى يلحق بنا قبل أول ضوء ولكنه وصل متأخرًا ولم يجدنا فى المكان المحدد ووجد أن المكان مكشوفًا وقام الدليل بإرشاده إلى مكان مستتر بالقرب من هذه المنطقة».
وسألته عن الأفراد فقال لى تمام وموجودين وسأستدعيهم.
وعلى الفورأصدرت أوامرى لقوة الطائرة التى كان يقلها الخرجاوى بالراحة بعد تعيين أفراد الخدمة، وقمت بقيادة قوة الطائرة الأولى ومعى الدليل فى اتجاه المنطقة المدفون بها الصواريخ التى وصلنا لمكانها واستخرجناها، وبدأنا رحلة العودة ووصلنا بعد عناء شديد إلى منطقة التجمع عند الفجر.



صباح العملية
مازال العميد شحاتة مع تفاصيل القصة قائلاً: «صباح 9 أكتوبر..وصلنا إلى منطقة الكمين قبل الفجر تم تجميع الصواريخ مع باقى المعدات والذخيرة وتمويهها، وصعدت أنا والملازم أول أحمد الخرجاوى أحد الجبال العالية المشرفة على المنطقة، ووجدنا أصواتًا عالية وعند استفسارى وجدت الرقيب راضى ومعه الرقيب أول العجوز، واستفسرت منهما عن الموقف فعلمت أنه تم إبرارهم أمس فقط قبل آخر ضوء تحت قيادة النقيب رضوان قائد السرية ومعهم رئيس الشئون الإدارية للكتيبة الرائد إبراهيم زيادة فى طائرة خاصة وبأوامر من المشير أحمد إسماعيل وزير الحربية وأنهم كانوا يعتقدون أن كل أفراد الطائرات التى تم إبرارهم فى المنطقة أبيدت.
وأثناء ذلك سمعنا أصوات عربات كثيرة وإنارة عالية ولم نستطع التحقق من العربات القادمة ولكننا أخذنا أماكننا، وتوسطت أول مجموعة فى اتجاه تقدم العربات وكان الرائد إبراهيم فى اليمين مع بعض الأفراد والنقيب رضوان للخلف قليلًا على أرض مرتفعة ومعه رشاش خفيف وكان الحديث بيننا ما زال يدور مع استعداد الجميع للاشتباك لتدمير العدو.
وقال لى أحد الجنود: ده رتل عربات عسكرية طويل قوى يا مجدى ويصعب الاشتباك معه، فأجبته أنه إذا كان كذلك فيمكن الاشتباك مع النصف الخلفي.. ورد النقيب رضوان: «لا داعي» ثم قال لى الرائد إبراهيم زيادة: «لا تشتبك يا مجدي»، وكان الاتفاق مع قوة الكمين بأن إشارة الاشتباك هى إطلاقى لنيران بندقيتى مع ترديدى لكلمة الله أكبر حيث كنت القائد المنفذ.
بعدها ظهرت سيارتان أتوبيس فى مقدمة القول مضاءة من الداخل وبدأت المعالم تتضح شيئًا فشيئًا وأصوات الموسيقى تعلو وضحكاتهم تجلجل وقدرت الموقف ووجدت أنها فرصة ثمينة لتدمير هذه القوة من أفراد العدو، ولم أفكر كثيرًا فى باقى الفوج وسمعت صوت النقيب رضوان «انتظر يا مجدي» تلاه صوت الرائد إبراهيم «بلاش تشتبك يا مجدي».
وأبلغتهم أنها فرصة ثمينة وأحسست بأن الأفراد من حولى على أهبة الاستعداد ومنتظرين أولى طلقات بندقيتى ومع كلمة الله أكبر كانت طلقاتى المصوبة على الأفراد داخل الأتوبيس الأول تخترق الأتوبيس وأجسامهم وكان الأفراد فى قمة التحفز حيث انطلقت دانات القاذف الصاروخى «ر ب ج» والطلقات تلاحق نيرانى بأعلى معدل وبمفاجأة للعدو، وانقلبت الموسيقى إلى عويل وصراخ ما زال يدوى فى أذنى ومن لم يمت بالرصاص والشظايا مات رعبًا وخوفًا، وقمت بتغيير خزنة الذخيرة التى كنت قد أعددتها من قبل بطريقة الصاعقة فى أقل من لحظة لأنهى الخزنة الثانية ثم الثالثة.
يكمل: «كان الجميع على أعلى مستوى من القتال والشراسة وكنت أشاهد أجزاء كبيرة جدًا تتطاير من الأتوبيسات التى قللت سرعتها وانقلبت الأضواء إلى ظلام واستمر الصياح والعويل والأنين يصدر منها وجريت خلف أحدها بقنبلة 43 (مضادة للدروع) فقد كنا متوقعين أن يستمر تقدم العدو مع استمرار اشتباكنا ومهاجمتنا، ولكن فوجئنا بانسحاب وهروب باقى القوات دون الاشتباك معنا وحاولت المجموعة الساترة ومجموعة الكمين الاشتباك مع مؤخرة الرتل المنسحب رغم بعد المسافة، لكن العدو كان قد انسحب ليسود هدوء تام بعد الاشتباك وبقى صوت العربات الهاربة فى ظلام ورعب.
قال: «بانسحاب وهروب العدو تهلل الجميع وضحكنا وكبرنا وسعدنا بما أصاب العدو من خسائر، وبدأت أستعلم عن خسائرنا فلم يكن إلا حرقًا أصاب جنودنا الشجعان من نيران «ر ب ج»، ثم اتخذت قرارى بسرعة تجميع الأفراد وإخلاء منطقة الكمين والتوجه إلى قاعدة الدوريات حتى نتجنب أى رد فعل قوى للعدو بهذه المنطقة وحملنا سلاح المصاب وساعدناه وعدنا مرة أخرى فى اتجاه قاعدة الدوريات لنجد باقى الزملاء فى استقبالنا».
علمت بعد عودتى أن ما قمنا بتفجيره هو أتوبيسين محملين بالطيارين والفنيين من سلاح الجو الإسرائيلي.
اختتم العميد أ.ح مجدى شحاتة حديثه قائلًا: بعد 52 عامًا.. لا تزال صورة تنفيذ الكمين تتحرك أمامى وتملؤنى فخرًا واعتزازًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.