زيارة الرئيس محمود عباس إلى غزة إذا تمت، تحمل رسالة إلى إسرائيل والولايات المتحدة، عن عزم السلطة الفلسطينية استعادة سيادتها على قطاع غزة، ووحدة الصف الفلسطينى ونبذ الخلافات التى استمرت طويلًا، وأن تكون السلطة الفلسطينية دون غيرها هى المسئولة عن الأمن فى غزة بعد الانسحاب الإسرائيلى. وإسرائيل بين نارين: إذا وافقت ستجد نفسها مضطرة إلى قبول مبادرات أخرى تعتبرها تنازلات، وإذا رفضت فهى التى تعرقل وقف إطلاق النار وتفسد جهود التسوية السلمية، وتشكك فى إمكانية إتمام الزيارة، وتشير إلى احتمالات تعرض أبو مازن للخطر. الزيارة إذا تمت لن يكون لها تأثير على مجريات الأحداث الحالية فقط، ولكنها تجيب عن سؤال مهم: مَن يتولى الحكم فى غزة فى اليوم التالى لوقف الحرب؟ وأن السلطة الفلسطينية الشرعية هى البديل الآمن الذى ينال رضا الشعب الفلسطينى والممثل الشرعى الوحيد له. والزيارة إذا تمت تفتح الطريق أمام حماس للعودة إلى المشهد السياسى والانخراط فى جهود التسوية، وهذا يتعارض مع رغبة نتنياهو فى القتل، وتصفية آخر مقاتل حمساوى مدرج على قوائم الاغتيال الإسرائيلية، ووقف المجزرة وعرقلة سفاح تل أبيب من استمرار حرب التصفية. فتح وحماس.. كان عليهما أن يبادرا بالمصالحة منذ زمن طويل، فلم يبق من غزة الآن شيء فوق الأرض، ولم تعد صالحة للحياة، وإذا استمر نتنياهو فى الحرب سيأتى الدور قريبًا على الضفة الغربية.. ولا سبيل لإجهاض مؤامرة تصفية القضية الفلسطينية إلا بالمصالحة وأن يقولوا للعالم نحن يد واحدة، وإفساد حجج إسرائيليين بأنها لا تجد من تتفاوض معه. العدو هو إسرائيل، والقاتل هو إسرائيل، ودولة الاحتلال هى إسرائيل، ومَن يخطئ الهدف كمن يستخدم سلاحًا فاسدًا ينتحر به.. وهكذا ضاعت فلسطين، وطقوس الضياع تجسدت مؤخرًا فى الكونجرس الأمريكى وتأييده الفاضح لجرائم نتنياهو فى غزة. البكاء لا يفيد، والشجب والصراخ والإدانة لن تعيد حقًا، ولن ترجع الروح من جديد فى جسد القضية الفلسطينية المسجى فى ثلاجة «نتنياهو» ودولته الشاردة، إلا بوحدة الفصائل الفلسطينية، فى مواجهة دولة عنصرية تدوس القوانين الدولية بحذائها، ولا تحترم معاهدات أو اتفاقات، ولا تلتزم بوعود أو تعهدات، ولا تعرف إلا سياسة القوة والبطش والقتل والدماء. وإسرائيل تستثمر الخلافات لالتهام القضية الفلسطينية، فى ظل الصراع على كعكة السلطة المعجونة بدماء الضحايا وجثث الشهداء، والصُلح رسالة للعالم بوحدة الصف ونبذ الخلافات، وتجميل صورة حماس التى شوهتها أحداث السابع من أكتوبر فى عيون الغرب، وحَوَّلتها الدعاية الصهيونية من دفاع مشروع عن القضية الفلسطينية، إلى عمل إرهابى ضد السلام والإنسانية. قولوا لشعبكم والعالم كله إنكم يد واحدة، تسعى للدفاع عن قضيتها المشروعة وحقها فى دولة مستقلة عاصمتها القدسالشرقية، أنتم لستم دولتين مستقلتين إحداهما فى غزة والأخرى بالقطاع، بينما العدو يخطط لالتهام الاثنين.