قلت أمس إن التصالح الذي تقوده الدولة مع رجال الأعمال والمستثمرين الهاربين ينبغي أن يكون مصحوبا بضمانات تحفظ حقوق المواطنين الذين دفعوا فاتورة الفساد والإفساد. وإنه لا ينبغي أن يكون تفاخر المستثمر الإخواني حسن مالك بإنهاء إجراءات التصالح خلال أيام علي حساب تلك الحقوق بمزيد من التنازلات القانونية والقضائية غير المحسوبة ولا المحسومة. والذي يزيد مخاوفي من هذا الأمر رغم أنني لست ضد فكرة التصالح بضوابط وشروط لا تحمي من تمت إدانته أن العديد من جهات الدولة دخل في صراع الهرولة نحو التصالح غير المحسوب بنفس الطريقة التي يهرول بها الإخوان المسلمون تجاه رموز الحزب الوطني المنحل للتنسيق والتعاون في معركة انتخابات مجلس النواب المقبل خاصة في محافظات الصعيد ومطروح والجيزة والبحر الأحمر والوادي الجديد. فحكومة الدكتور هشام قنديل سارعت وبتكليفات تبدو سرية ومشبوهة في إقرار تعديلات في قانون حوافز الاستثمار تسمح بالتصالح مع المستثمرين الذين تمت إدانتهم غيابيا وتقدم هذه التعديلات تنازلات تقضي بأنه في حالة صدور حكم غيابي بالإدانة يتم اتخاذ إجراءات إعادة نظر الدعوي بناء علي طلب وبحضور محام خاص عن المستثمر ويترتب علي إتمام التصالح سقوط الأمر الصادر بضبط المحكوم عليه وحبسه وإنهاء منعه من التصرف في أمواله وانقضاء الدعوي الجنائية بالنسبة للمستثمر. وهذا التعديل أراه علي مقاس المهندس رشيد محمد رشيد الذي كان آخر وزير للتجارة والصناعة في أيام المخلوع ويتردد أن البروفة القانونية بدأت معه بإلغاء التحفظ علي أمواله ويتم حاليا ضبط باقي التفاصيل التي تتعلق بالإدانة الغيابية وانقضاء الدعوي الجنائية بالقانون لإدانته في قضية تحديث الصناعة رغم ان التصالح فيها قد يسفر عما لا يزيد علي مليوني دولار ولكنها إرادة حسن مالك الذي لا راد لإرادته الاقتصادية. أما باقي الاسماء التي يتردد أنها ستدخل مظلة التصالح وغنائم الانتصار السياسي فإنها أشبه بالديكور مثل حسين سالم الذي يقال مرة إنه سوف يتصالح بعائد يصل الي20 مليار جنيه, وأخري بأنه سيتنازل عن نصف ثروته دون أن يحددها احد بالداخل أو الخارج, وثالثة بأن الأمر تحت فحص النيابة, ورابعة بأن النيابة لن تسمح بالتحايل علي القانون. وأري أن ما يحدث في ملف التصالح مع المستثمرين ورجال الاعمال الهاربين لا ينبغي ان يترك الباب مواربا إذ لا تصالح فيما أرتكبه الهارب بصفته أو شخصه, ولا تنازل عن حقوق الدولة والشعب, ولابد ألا تفرض المصلحة الشخصية نفسها ووصايتها علي الوطن والمواطن أملا في ملايين أو مليارات لن تجد لها طريقا إلي المصريين من غير الأهل والعشيرة. وليت الدولة تسير في خطوات جادة للتصالح مع شعبها الغضبان مثلما تفعل مع الناعمين والمتمتعين بخيرها خارج البلاد وداخلها, ولكنها للأسف الشديد تفضل الحلول اليسيرة بطرق قصيرة لأزماتها العسيرة التي تهدئ الأمواج لمن يدفع وتقتل بالحسرة من ينتظر أحدا يخفف عنه هموم الحياة وأعباءها. [email protected] رابط دائم :