بمجرد أن شعرت الدولة- رئيسا وحكومة وبرلمانا- أن المركب تكاد تغرق وأن الأمواج السياسية العاتية تهدد بمصير واحد لكل من تحمله علي ظهرها الذي تأثر بعواصف العابثين بمصير الوطن والمتلاعبين بمستقبله تحت مسمي النهضة والصحوة والبناء لم يفكر الجميع في مد يد الإنقاذ لمن يهددهم الغرق ولكنهم يبحثون عن وقود لمزيد من الإبحار فوق الأمواج الهائجة دون تحديد خط السير أو امتلاك خريطة للوصول إلي الشاطئ. هذا هو حال الدولة التي سخرت كل امكاناتها الرسمية في القضاء والنيابة وأذرعها التنفيذية واتصالاتها الدبلوماسية للتصالح مع المستثمرين الهاربين ورموز النظام السابق الذين تشير كافة الأوراق والمستندات إلي أنهم لم يتركوا بابا للفساد والإفساد إلا وطرقوه وفتحوه وأستولوا علي ما بداخله بمساعدة الأيدي الملوثة التي خلعها الشعب وهو غير نادم. ولست ضد التصالح مع أي مستثمر ولا رجل أعمال أو سياسي بشرط ألا تكون العدالة قد أدانته وبضوابط توفر المرجعية القانونية والحكومية التي تضمن عدم التنازل عن حقوق الدولة والمواطنين أثناء التصالح مع هؤلاء حتي لا يقتصر الأمر علي ما يردده البعض بأن هناك حزمة من رجال الأعمال والمستثمرين المحسوبين علي الإخوان المسلمين يمارسون ضغوطا عنيفة في هذا الملف ليس بهدف مصلحة الوطن ولكن من أجل دوران عجلة العمولات والصفقات والوصول إلي استحواذات تصب بالمليارات في خزائن الجماعة وجيوب رجالها ومستثمريها. ويقيني أن التصالح بصيغته الاقتصادية لا ينبغي أن يكون علي حساب الدم الذي تمت إراقته في ثورة الشعب علي الفاسدين وأعوانهم فلا تصالح علي الدم إلا بدم, خاصة وأن بعض رجال الأعمال والمستثمرين تورطوا في تمويل عمليات آثمة انتهت بإراقة الدم في العديد من الوقائع التي شهدتها الأيام التي تلت ثورة الشعب في25 يناير2011 وانتهت بتنحي حامي حمي هؤلاء العابثين بالوطن مرورا بأحداث موقعة الجمل وهجمات قصر النيل والتحركات المشبوهة في قصر العيني والتحريض المفضوح علي قتل المتظاهرين. وليت الدولة فكرت في التصالح مع شعبها الغاضب والذي يعيش خائفا مرعوبا فوق تلك الأمواج الهائجة وصراعات السلطة الزائفة والذي يدمع قلبه من القرارات المتضاربة والعدالة الاجتماعية الغائبة وقصر الحسنات علي الأهل والعشيرة وحلفاء ركب السمع والطاعة والذي يصرخ بالعصيان المدني في بعض المحافظات ويتألم من تزايد العاطلين وتأوهات الجائعين وتحاصره الضرائب الجديدة والرسوم التي لا تتوقف وتلاحقه شروط صندوق النقد وأسعار المازوت والوقود وجنون السلع التي تتحداه بأسعارها الباهظة وسط خدمات أصابتها السكتة القلبية ومرافق ضلت طريقها. ولكنها ولصالح البعض تفضل الاستماع لمشورة رجل الأعمال حسن مالك الذي يفاخر ويتفاخر بأنه ينفذ تكليفات الرئيس بالتصالح مع رجال الأعمال والمستثمرين الهاربين دون أن يتطرق إلي أي ضمانات تحفظ لمصر حقها وحقوقها وبتنازلات لا يمكن لعاقل أن يصدقها( والحديث موصول). [email protected]