أمر مؤسف أن تعود مصر إلي عصر الاعتقالات العشوائية, وأن تدفع أجهزة الأمن والنيابة بأدلة وأسانيد لتبرير عملية الاعتقال , بالطريقة نفسها التي كان النظام السابق يتعامل بها, مثل العثور علي خرائط لميدان التحرير, ورسوم توضح أماكن شركات البترول, ومخطط لقناة السويس, بل وتمادي المباركيون الجدد إلي حد الزعم بأن تلك الخرائط والرسوم واردة من إسرائيل. ولست مع العنف في التظاهر, وأتمسك وأدافع مثل كل مصري طبيعي عن السلمية في كل شئ بداية من الحوار ونهاية بأقصي درجات الاحتجاج, وأرفض وبشدة توفير أي غطاء سياسي للعنف وإراقة الدماء, ولكن لا يمكن قبول الصيغ الحالية للتعامل مع المعارضين باستبدال أحراز المخدرات والاجتماعات السرية والتخطيط لقلب نظام الحكم في عهد الرئيس السابق بصور أخري من الاتهامات المعلبة والمعدة سلفا من عينة ارتداء الأقتعة وحمل الخرطوش والبلطجة. وكان علي من يجلسون علي رأس النظام وحكومته وبرلمانه المؤقت أن يتخذوا من التاريخ عبرة, فكم تم القبض علي قيادات إخوانية في ظل النظام السابق باتهامات مماثلة وكان أتباعهم يتظاهرون في الشوارع والجامعات ويتظاهر معهم غير أتباعهم من المدافعين عن الحرية, الآن أصبح الحكام الجدد ينظرون إلي المدافعين عن حرياتهم علي أنهم من مثيري الشغب والمحرضين علي البلطجة, وتحول من يتظاهر في التحرير الآن إلي كائن غريب ومريب يدنس الميدان الطاهر كما قال وافتري المستشار الإعلامي لحزب الحرية والعدالة أمس علي فضائية) سي بي سي(. كم كنت أتمني من الرئيس محمد مرسي ورئيس حكومته ووزير الداخلية ألا يتعاملون مع المواطنين من منظور حالة الانفلات التي تضرب المجتمع بأسلوب يعبر عن انفلات مماثل يعتمد علي التلاعب في تطبيق للقانون وإطلاق الأيدي العابثة بحريات المواطنين وتكرار سيناريوهات كنا نحلم بعدم عودتها مثل الاعتقال العشوائي والعمل بالقوانين الاستثنائية, والقبض علي المواطن دون تحديد اتهامه وصفته والإقدام علي ما لم يفعله الفاسدون الأوائل في مصر والعالم بضبط وإحضار مجموعة من الناس دون ذكر أسمائهم وأوصافهم والجرائم التي ارتكبوها, يضاف إلي ذلك وضع خلفية شرعية لتبرير الانفلات في تطبيق القوانين تحت مسمي الأقنعة في إشارة إلي المجموعات المعروفة إعلاميا ب بلاك بلوك والتي يرفض كل المصريين أي دور تخريبي لها ولا يقبل أحد أي ميل من جانبها نحو العنف إن وقع أو حدث ولكن كل المواطنين مع حقهم في السعي للتغيير والتعبير السلمي عن الرأي ورفض الديكتاتورية أينما ووقتما وجدت. وينتظر أبناء الوطن أن تؤكد القوي الحاكمة أنها مع التعبير عن الرأي وتسارع بأقصي سرعة إلي وقف الاعتقالات العشوائية لأن الشعب لن يمنح أحدا صك ضرب دولة القانون أو إهدار كرامة المواطن أو تقييد حريته ولن يقبل باستمرار أي شخص يدير الدولة لصالح حزب أو جماعة بعينها! [email protected]