أسوأ ما في الشارع المصري الآن أن التطاول علي القضاء أصبح أمرا سهلا ومتاحا للجميع. ولم يعد الأمر يتوقف عند حدود أسرة تشعر بأن أحد أبنائها تعرض لظلم ما أو أن الأدلة لم تكن في صالحه أو أن وكيل النائب العام لم يتعامل بجدية مع طلب إخلاء سبيل متهم ما أو أنه أخلي سبيله دون سند من القانون. المشكلة الكبري أن التدخل السياسي في شأن القضاء واقتراب بعض القضاة من المعارك السياسية زاد من ضبابية الموقف فتبدلت الاعتراضات بالحصار المسبق لجهات النيابة والقضاء وما حدث خلال نظر نيابة مدينة نصر واقعة القبض علي المواطن أحمد عرفة المتهم بحيازة سلاح آلي أكبر دليل علي ذلك لدرجة أن بعض وسائل الإعلام قالت في تقارير صحفية إن الأشخاص الذين حاصروا النيابة من أتباع المحامي حازم صلاح أبو إسماعيل لم يسمحوا لأعضاء النيابة بالانصراف إلا بعد إخلاء سبيل المتهم وبكفالة محدودة. وهذا الحصار الضاغط علي العدالة لم تعرفه مصر طوال تاريخها والمؤسف أنه يتزايد بصورة كبيرة ومخزية ولم تسلم منه جهة قضائية فقد بدأ من القمة وهي المحكمة الدستورية وامتد للقضاء الإداري وباقي المحاكم والمدهش أن بعض رجال القضاء الجالس أو الواقف دخلوا في مقارنات سفسطائية طالت القضاء ودولة القانون ووجدنا من يتساءل: هل يعقل أن تخلي النيابة سبيل المتهم أحمد عرفة بألف جنيه بينما أخلي سبيل د.منال عمر بمبلغ5 ألاف جنيه في تهمة إهانة الرئيس وبرروا بأن عرفة يهم جهة لها صوت عال وأنصار لا يفرقون بين المنبر وساحة التدريب القتالي. ويري آخرون إن القضاء الذي قام بتبرئة قتلة الثوار ومبارك ورموز نظامه هو ذاته الذي حكم علي المواطن عبد الله بدر المعروف بمعاركه الدينية الكلامية بالسجن سنة وغرامة20 ألف جنيه في اتهامه بإهانة الفنانة إلهام شاهين وبمجرد صدور حكم تبرئة الضابط المتهم بقتل سيد بلال أثناء تحقيقات تفجيرات كنيسة القديسين زادت المقارنات والتساؤلات والاتهامات. وقد شارك رجال القضاء والنيابة أنفسهم في تشويه قضاء مصر مثل المذكرة التي قدمها المستشار مصطفي خاطر متهما النائب العام بالضغط عليه لحبس المتهمين في قضية الاتحادية ثم حصار النائب العام فاستقالته وتراجعه عنها بحجة الإكراه ومعها معارك الرئاسة والدستورية والاتهامات تحت الحزام وما يقال عن تزوير انتخابات المرحلة الأولي من الدستور وضلوع فئة من القضاة في ذلك انتصارا للقضاة الذين اعتذروا عن الإشراف علي الاستفتاء. وطالت الفوضي القضاء ودولة القانون مثل كل الأشياء في مصر وزاد الانفلات باتهامات لبعض رموزه بأنهم ضد دولة القانون ورد آخرون بأن قوي سرية ترعي الإرهاب والفاشية باسم الدين تدمر تلك الدولة وللأسف لا أحد يستطيع الإمساك بخيط أبيض للعدالة وسط ضبابية وظلام الأجواء وغياب وتغييب دولة القانون والدولة المصرية ذاتها ولننتظر الأسوأ.