الإرهاب حرب طويلة المدى، تستهدف عمق المجتمعات، وتضرب فى أساسات التنمية، ونار قد تخبو أحيانًا لكنها لا تنطفئ، تظل كامنة تنتظر لحظة لتشتعل مجددًا مهددة حياة الأبرياء وأحلام الشعوب. وكان الإرهاب فى مصر منذ الثورة المجيدة 30 يونيو 2013، تحديًا جسيمًا، لكنه لم يستطع أن يكسر إرادة الدولة ولا أن يوقف مسيرتها نحو البناء والتنمية، فالدولة المصرية واجهت هذا الخطر - وما زالت- عبر استراتيجية شاملة، لا سيما أن تلك الظاهرة الخطيرة لم تكن مجرد مواجهة أمنى عابرة، بل حرب طويلة تستهدف استنزاف الدول وضرب استقرارها وإضعاف مؤسساتها، لذا الدولة أدركت مبكرًا ومنذ اللحظة الأولى أن هذه الحرب تحتاج إلى رؤية شاملة تتخطى الحلول الأمنية التقليدية، لتشمل أبعادًا اقتصادية وسياسية واجتماعية وفكرية. حيث جمعت الدولة المصرية بين المواجهة الأمنية والعمل الحاسم الذى استهدف تفكيك البؤر الإرهابية وتجفيف منابعها، وبين العمل التنموى الذى ركز على إعادة إعمار المناطق المتضررة، وتوفير فرص العمل للشباب، وتحسين الخدمات الأساسية فى كل المحافظات المصرية دون استثناء. كما أولت اهتمامًا خاصًا جدًا بالجانب الفكرى والثقافي، عبر دعم المؤسسات الدينية الوسطية، ونشر خطاب الاعتدال لمواجهة الفكر المتطرف. ورغم أن الإرهاب بطبيعته حرب طويلة المدى، إلا أن مصر استطاعت أن تحقق انتصارًا واضحًا فى هذه المعركة، حيث انتهت العمليات بشكل كبير، واستعادت السيطرة الكاملة على أراضيها، خاصة فى سيناء التى كانت مسرحًا رئيسيًا لهذه المواجهة، فهذا النجاح لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة تضحيات جسيمة قدمتها القوات المسلحة والشرطة بدعم شعب واسع، وإرادة سياسية صلبة. ولم يقتصر دور مصر محليًا أو داخليًا فحسب، بل امتد إلى الإقليم بأكمله، حيث أدت دورًا محوريًا وأساسيًا فى التعاون الدولى لمكافحة ومجابهة الإرهاب، مؤكدة أن هذه الظاهرة عابرة للحدود ولا يمكن مواجهتها إلا بتكاتف الجهود. وقد عززت الدولة المصرية، علاقاتها مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتبادل المعلومات والخبرات، بما يرسخ مكانتها كدولة رائدة فى هذا الملف. وتجربة مصر فى مواجهة الإرهاب، تؤكد أن الانتصار فى هذه الحرب لا يتحقق فقط بالسلاح، بل يحتاج إلى رؤية متكاملة، وإلى بناء دولة قوية قادرة على حماية مواطنيها وتوفير مقومات الحياة الكريمة لهم، ولقد أثبتت أن الإرهاب مهما طال أمده، يمكن هزيمته إذا توافرت الإرادة والوعى والقدرة على الصمود.