زاد المشهد السياسي في مصر خلال الأيام الماضية ارتباكا علي كل المستويات, وطالت شظايا هذا الارتباك الجميع سواء نظاما حاكما فضل الصمت وترك بنادقه تتكلم, ولم يعبأ بالضحايا, ومعارضة تعقد اجتماعا طارئا لا لتدين عنفا ولا لتنعي أكثر من50 قتيلا في بورسعيد والسويس, ولكن لتحديد مكاسبها الانتخابية, ومتظاهرون سمحوا لفئات تدخل بينهم تحرق المباني والمنشآت وتروع الآمنين. ولا أبرئ النظام الحاكم علي كل مستوياته من تحمل مسئولية كثير مما حدث, واكتفت الرئاسة مساء الجمعة بتأكيد أن الرئيس سوف يغادر إلي إثيوبيا حسب المقرر وهو ما لم يحدث وأنها لن تصدر أي بيانات, وقياسا علي الموقف الرئاسي فلا قيمة لسرد باقي المواقف لأنها مهينة لأصحابها, مذلة لأهلها, جارحة لمن يقولون إنهم أمناء علي الوطن. وأجدني أتذكر موقف مصر من العدوان علي غزة عندما أرسل الدكتور محمد مرسي رئيس حكومته إلي القطاع ليؤكد مساندة مصر لحماس في مواجهة القصف الإسرائيلي, أما سقوط9 في السويس ونحو40 في بور سعيد وتعرض المدينتين لأسوأ ظروف منذ العدوان الثلاثي فلا أهمية له, بل وتسلل محمد طوسون وجمال حشمت ومحمد البلتاجي وهم من القيادات الإخوانية التي كانت تدافع عن حرية الرأي وحماية المتظاهرين قبل الوصول للحكم, لتدافع اليوم عن حق الداخلية القانوني في استخدام السلاح وإطلاق الرصاص الحي وهو ما جعل الضباط لا يفرقون في ضرب النار بين المظاهرات وتشييع جنازة ضحايا بور سعيد أمس. ولا أري أن جبهة الإنقاذ ورموز المعارضة كانوا علي مستوي الحدث أو قدر تطور الأحداث, فلا هم أدانوا تحول التظاهرات والمسيرات إلي العنف ولا فكروا في تخفيف أحزان أسر الضحايا ولا تبرأوا ممن هاجموا مقرات عامة وخاصة وصحفية نختلف معها ولكن لا نقبل تدميرها ولا قدموا رؤية للخروج من المأزق الحالي, ولا طالبوا بضرورة الحفاظ علي سلمية التظاهر ولكنهم فقط قدموا غطاء سياسيا للعنف ليقتربوا من كرسي السلطة اللعين بحكومة للإنقاذ وبدستور1971 وبشروط لخوض انتخابات مجلس النواب وإلا فسوف يقاطعونها. أما المتظاهرون فقد كنت أنتظر منهم أن يحموا استمرار ثورتهم ممن يريدون تدميرها حتي ولو كانوا من النظام الحاكم صمتا وسلاحا ومداهمة وأن يحرصوا علي ألا يقودهم الغضب والرفض لكل ما هو إخواني أن يفتحوا أحضانهم للفلول وضحايا العزل السياسي والمدافعين عن النائب العام السابق وأن يتوحدوا سلوكا وتنظيما وتحركا دون ثغرات تسمح باختراق الصف وتشويه الصورة بالمولوتوف والهجوم علي الممتلكات. الذي لا يعرفه هؤلاء أن الشارع لا يريدهم جميعا إخوانا ومعارضة ومتظاهرين لأنه يراهم جميعا تحالفوا علي قلب رجل واحد لإسقاط الوطن والتمثيل بجثة شرفائه وفقرائه الذين يختلط عرقهم بدم عشقه وليس ببريق كراسيه ومناصبه وسلطاته.