قبل عامين أو يزيد كان المخلوع يسخر من شعبه ومن معارضيه ومن غير المصفقين لسياساته الفاشلة بقوله: خليهم يتسلوا قاصدا بعض رموز المعارضة الذين شكلوا البرلمان الموازي ردا علي برلمان2010 الذي جاء بعد أكبر عملية للتزوير والتلاعب بإرادة الشعوب. ونحن نقترب من الذكري الثانية لثورة يناير تبدلت الأمور وتغيرت الأحوال وأصبح الشعب في معزل عن الجميع الإخوان أو السلفيين أو جبهة الإنقاذ فإذا اقتربت من مواطن ما وقد اكفهر وجهه واختلطت ملامحه بالهم والغم والاكتئاب وسألته عما يراه من كل فصيل في السلطة أو المعارضة ربما يقول لك أيضا:خليهم يتسلوا. والأمر ببساطة أن انقسامنا لم يتوقف عند حدود الدستور ولا ملامح التشريعات التي يتعامل معها مجلس الشوري كتعاملنا مع حوادث القطارات والعقارات ولا التغييرات الوزارية التي تشبه المباريات الودية في بلد ليس بها دوري أو كأس ولا علي رئيس تشغله سفارتنا في الفاتيكان فيعين لها النائب العام السابق فيرفض فإذا به يعين نائبه المستقيل سفيرا بها. لقد وصل الانقسام إلي العظام التي لم يعد يحميها لحم ولا ترحمها مسكنات من الوجع فكثير من التيارات الإسلامية كبيرها وصغيرها تريد الاحتفال بالذكري الثانية للثورة أمام مدينة الانتاج الإعلامي أحد رموز الضلال في دولتهم لتكون الاحتفالية تأييدا للرئيس وقراراته وسياساته التي يرونها تصب في صالح الشريعة والشرعية وفي مقدمتها الصكوك الإسلامية التي رفضها الأزهر والعلماء والسلفيون أيضا وكأن التاريخ يذكرهم بمواقفهم من بدايات الثورة حينما اتفقوا علي أن الخروج علي الحاكم يعد خروجا علي الله تعالي حسب فتاوي كبارهم ومرجعياتهم السياسية والدينية. وتستعد جبهة الإنقاذ والقوي الثورية للاحتفال بالثورة وللحقيقة هم أحق المحتفلين بها واختاروا ميدان التحرير ساحة لاحتفالاتهم رافعين6 مطالب أهمها إسقاط الدستور وإقالة الحكومة واستبدالها بأخري ثورية وإعادة محاكمة المتهمين بقتل الثوار ووقف سياسات أخونة الدولة وتقنين وضع جماعة الإخوان, وسط مسيرات من الميادين الكبري تتجه إلي الميدان. أما جماعة الإخوان وذراعها السياسية الحرية والعدالة ورغم أنها لم تحدد الصورة النهائية للاحتفال بالثورة فإنها تميل إلي اقتراح بأن تكون بميدان رابعة العدوية بالقرب من مؤسسة الرئاسة وأن تتضمن تسيير مجموعات خدمية في الشوارع والميادين بجميع المحافظات كطريقة جديدة ومبتكرة تضرب فيها عصفورين بحجر, الأول احتفال بالثورة والثاني الاستعداد للبرلمان القادم وما بينهما مواجهة أية تحركات قد ترفع شعارات إسقاط النظام, وهو ما حاول الداعية محمد حسان تجنبه في دعوته للم الشمل ولقائه بأعضاء جبهة الإنقاذ أمس. أما المواطنون الذين كانوا ينتظرون من ثورتهم حياة جديدة فمازالوا يبكون ضحايا قطاراتهم وعقاراتهم وتذلهم الأسعار وتهدر دماءهم الوساطة وتفارق وجوههم الفرحة وتغادرهم العدالة وتعصف بهم رياح الإقصاء, أما كل هؤلاء السياسيين فيصدق عليهم لعبة ما قبل سقوط النظام: خليهم يتسلوا!