ليس من بين عناصر الجماعات والتنظيمات المسلحة المقدر عددها بعشرات الجماعات والتى حاربت الجيش العربى السورى على مدى تجاوز عقد من الزمان هذه المجموعة الوطنية الشريفة من أحرار سورية الذين تصدوا لقوة برية من جيش الاحتلال الصهيونى لدى توغلها فى الأراضى السورية ووصولها إلى بلدة مزرعة بيت جن الواقعة فى ريف دمشق على بعد 50 كيلومترًا فقط من قلب العاصمة فحاصروها وأسقطوا منها قتلى وجرحى وأجبروا المتبقين منهم على الفرار مخلفين وراءهم آلية عسكرية قصفها طيران العدو فى وقت لاحق. الثابت هكذا أن من تصدوا لقوة الاحتلال لم يكونوا من عناصر تنظيم جبهة النصرة (رديف تنظيم داعش) وإنما كانوا من أبناء الشعب المدنيين الذين لم يتحملوا أمام التوغلات الصهيونية المتكررة فى مناطق سورية صمتًا وأبوا أن يكونوا بين المتراخين الخانعين الخاضعين كما حال حكام البلاد الجدد لعربدة العدو وتوسعه الاحتلالى على حساب أراضيهم ووطنهم، الذى فعله أهالى ب «يت جن» بتربصهم لقوة العدوان ومواجهتها هو الأمر الطبيعى لمن كانوا بشرًا سيما من هم أبناء حضارة عريقة تربطهم بالأرض، وعليه فيمكن التأكيد على أن معركة بيت جن ورغم الرد الوحشى عليها من قبل العدو المتفوق بطيرانه ومدرعاته هى البذرة الأولى للمقاومة الشعبية الوطنية السورية فى مواجهة العدو وتراخى السلطة القائمة. وهذه المقاومة التى بدأت بشائرها فى ريف دمشق هى النموذج الطبيعى الشرعى الذى ينبت تلقائيًا فى التربة الوطنية لأى بلد يتعرض للعدوان ولا يكون له جيش قادر على الرد وحماية الأرض والناس. المقاومة المسلحة ضد العدو تكتسب عند من كان مثلى من أبناء محافظات القناة -التى يشهد التاريخ بأن أهلها تصدوا بمقاومتهم للاحتلال البريطانى- «مكانة» هى الأسمى، فهى شرط للرجولة وعنوان للوطنية.