حينما قال المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة أمس إن مسودة الدستور الجديد لن تخرج إلي النور ولن يشرف علي استفتائها قضاة مصر تمنيت أن يبرر ذلك بأنه اقتنع مع باقي القضاة أن هذا الدستور لا يعبر عن المصريين وأنه يسير في فلك ومصالح قطاع وفصيل بعينه. ولكن المستشار الزند وربما لأنه كان يتحدث أمام الجمعية العمومية للقضاة أرجع موقفه إلي أن ما تضمنه باب السلطة القضائية في المسودة احتوي علي أمر عجب دون أن يحدد ملامح هذا الأمر ولا مضمون ذاك العجب وأكتفي بواحدة من طلقاته التي اعتدناها في الآونة الأخيرة وهي أن المشرع الدستوري الحالي دون أن يحدده ودون أن يشير إلي الجهة التي يمكن أن ينطبق عليها مسمي المشرع الدستوري ينتقص من السلطة القضائية الذي ورد وتأكد في دستور71. وفي الصراع علي السلطة يمكنك أن تتوقع في كل خطوة مطبا مدمرا للجميع وأن يكون المطب أكثر تدميرا كلما اقترب من السلطة القضائية فما بالك وشظايا هذا الصراع الدموي تتطاير بين السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية وسلطة من ليس له سلطة والكل يستعين بما تيسر من الأسلحة في هذا الصراع والكل يلوح بالمذبحة والكل أيضا يتهم غيره بالتخطيط لذبحه وامتهان حقوقه. وأقول إن الصراع علي السلطة- مهما كانت تلك السلطة- هو أسرع السبل والطرق التي تدمر أي مجتمع مهما كانت مقوماته ومهما كانت تطلعات شعبه والذي ربما ينتفض يوما ليصب جام غضبه علي كل المتنافسين في حلبة التمثيل بجسد الوطن وأحلام شعبه وآمال أبنائه من أجل مصالح شخصية وأهداف غير واضحة وغرض ليس للواطن ولا المواطن أي علاقة به. ولست ضد أن يكتب القضاة ما يتعلق باستقلال القضاء في الدستور ولا حتي أن يصيغ القضاة كل الدستور ولكني كنت أتمني منهم ومن رئيس ناديهم أن يطالبوا بحقوق العمال والفلاحين وضحايا الحريات وباقي فئات المجتمع لأنهم الأمناء علي حق كل مواطن ويكفي أن كل دستور في تاريخ مصر يرتبط باسم واحد من القضاة إلا الدستور المنتظر فلا يوجد ما يمكن أن ينطبق عليه إلا أنه دستور الصراع والتخوين والإقصاء ورفض الآخر رغم أن كثيرين من أعضاء التأسيسية يشيرون إلي أنه لا مثيل له. عموما لن نندهش لو فوجئنا ذات يوم بأن حياتنا أصبحت كلها مطبات دموية لأننا جميعا نصنع البيئة التي تزيد الدم نزفا وحتما سندفع جميعاالثمن!