أكد نادي قضاة مصر برئاسة المستشار أحمد الزند، رئيس النادي، أن باب السلطة القضائية في مسودة مشروع الدستور الجديد مثل مفاجأة صادمة مخيبة للآمال، لما شابه من قصور في الضمانات التي تدعم استقلال القضاء، فضلا عما اكتنفه من غموض حول دور النيابة العامة التي تم وضعها في الفرع الثاني من الفصل الثالث بصورة جعلت وظيفتها قاصرة عن الادعاء العام. وأشار النادي - في بيان له السبت - إلي أن هذا الأمر يوحي بأن هناك نية مبيتة للعبث بالقضاء والنيابة العامة في الدستور القادم وهو الأمر الذي لن يقبله قضاة مصر ومن قبلهم شعب مصر العظيم مهما كانت الذرائع والاسباب. واستعرض الببيان جانبا من تلك الظواهر التي توجب علي المشرع وضع الحلول المناسبة لها وتصحح الاخطاء قبل طرح الدستور للاستفتاء عليه، موضحا أنه في مقدمتها غموض النص المتعلق بالنيابة العامة إذ جاء مبهما حاصرا اختصاصها في سلطة الادعاء دون التحقيق، وهي الصيغة التي تمنحها الصفة القضائية ابتداء، فضلا عن الفصل بين النيابة العامة والقضاء رغم استقرار المناخ التشريعي المصري عن كون النيابة شعبة أصيلة من شعب القضاء. وأضاف أن هذا الامر قد يفصح عن رغبة في العصف بالنيابة العامة وفقا لبواعث بعيدة عن تحقيق المصلحة العامة. وأشار البيان إلي وجود غموض في التصور الذي انتهت إليه لجنة نظام الحكم حول ما يسمي ب "النيابة المدنية" وكيفية تشكيلها واختصاصها وجدوي وجودها من عدمه، مشيرا إلي أنه نظرا لكونها مجرد تجربة تخضع لاحتمالات النجاح والفشل، فإن محلها هو القانون دون سواه وليس تضمينها في الدستور. وأعرب النادي عن أسفه لأن لجنة نظام الحكم بالجمعية التأسيسية للدستور تجاهلت كافة آراء القضاة والذين يصدق أنهم الأكثر دراية في هذا المقام بحكم عملهم، فضلا عن أن منزلة هذا النص لا تتناسب مع منزلة ومقام النص الدستوري. وأوضع أن نصوص السلطة القضائية في مسودة الدستور أهدرت أهم الضمانات التي تحول دون تغول السلطة التشريعية علي نظيرتها القضائية، وهي لزوم موافقة المجالس القضائية العليا علي القوانين المزمع تعديلها بشأن السلطة القضائية بواسطة السلطة التشريعية، وذلك حتي لايترك شأن القضاء والقضاة لتتخبطه رياح أهواء التيارات السياسية بين التوافق والخصومة. وقال النادي إن مسودة الدستور الجديد لا تتضمن عدم النص علي لزوم المساواة بين كافة الهيئات القضائية وهو الأمر الذي يفتح باب التمييز دون موضع أو مقتضي، وضرورة أن يتم النص صراحة علي سن تقاعد القضاة وهو 70 عاما، منعا لأي تدخل تشريعي من شأنه أن يستهدف إقصاء أي من القضاة ويقطع الطريق علي إسباغ صفة المشروعية علي عزل أي قاضي. وذكر أن باب السلطة القضائية خلا مما يتضمن صراحة التزام الدولة بتأمين الحماية اللازمة للمحاكم والقضاة وإعطاء النيابة العامة والعاملين بها الحماية وتوفير الظروف والأجواء الملائمة لمباشرتهم أعمالهم باستقلال تام دون تدخل أو ضغط صادر عن أي جهة أو جماعة كما يحدث حاليا من حصار للمحاكم والنيابات من قبل أشخاص أو أحزاب أو جماعات للضغط علي القضاة، تحسبا لصدور حكم يناقض مصلحتها أو لاصدار حكم يصادف أهواءها. وأوضح البيان أن باب السلطة القضائية في مشروع الدستور خلا من نص يلزم جهات الدولة بتنفيذ كافة أحكام القضاء والتي تتوافر لها صفة الإلزامية، في ضوء مايتردد بين بعض الأوساط من لزوم الاستفتاء علي الأحكام قبل تنفيذها بما يفتح الباب للالتفاف علي تنفيذها. وأشار إلي أن المشروع لم يتضمن النص أيضا علي إنشاء جهاز متخصص يعني بتنفيذ الأحكام القضائية خاصة وأن أهم ماتعانيه العدالة في مصر هو عدم تنفيذ العديد الأحكام وكذلك لم يتضمن النص علي وجوب تحصين الأحكام ومصدريها من التناول سواء بالقدح أو المدح في غير الاوساط العلمية وعلي يد المتخصصين، لافتا إلي أن عدم النص علي ذلك يشجع علي إفشاء الظاهرة المذمومة من تناول الاحكام ومصدريها، وهو مايفقد المتلقي من غير أصحاب الدراية القانونية الثقة في قضائه ويمهد لتفشي الفوضي وتقويض دعائم دولة القانون .