أكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن قوله تعالى: «وعُرضوا على ربك صفًا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة» يحمل دلالة بلاغية عميقة تتمثل في التفات الضمير، الذي ينقل الإنسان فجأة من سياق الحكاية والسرد إلى المواجهة المباشرة مع الله سبحانه وتعالى، ليجد نفسه مخاطَبًا دون واسطة، في مشهد يبعث على الهيبة والرهبة. «لقد جئتمونا».. مواجهة إلهية بلا مقدمات وأوضح أن عبارة «لقد جئتمونا» جاءت بصيغة «مقول قائل» حُذفت مقدمته لدلالة السياق، وكأن المعنى: فقال لهم الله لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة، بما يُشعر الإنسان بثقل اللحظة وعظمة الوقوف بين يدي الحق عز وجل، فردًا بلا معين ولا شفيع ولا ترجمان.
الانكشاف التام يوم القيامة وخطاب الله لكل عبد وأضاف، خلال حلقة "حوار الأجيال" ببرنامج "لعلهم يفقهون" المذاع على قناة DMC، أن هذا المشهد يكشف حقيقة الانكشاف الكامل يوم القيامة، حيث يُخاطب الله تعالى كل عبد بلغته التي يفهمها، مهما اختلفت الألسن وتعددت اللغات، حتى يظن كل إنسان أن الحساب موجه إليه وحده، من شدة انشغال كل نفس بنفسها.
سقوط كل مظاهر القوة والجاه الدنيوي وأشار الشيخ خالد الجندي إلى أن العبد يسمع قول الله تعالى: «لقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة»، بعد أن ترك خلفه كل ما كان يملكه في الدنيا من مال أو قوة أو سلطان، فلا مال يُغني، ولا يد تبطش، ولا جاه ينفع.
دعوة للاستعداد ليوم الحساب واختتم بالتأكيد على أن الآيات ترسم مشهدًا عظيمًا للعرض على الله بلا حجاب، ومواجهة الإنسان بحقيقة ما قدمت يداه ونطق به لسانه، بعد أن كان يظن ألا موعد ولا لقاء ولا حساب، داعيًا إلى الاستعداد الحقيقي ليوم لا يُخلف الله فيه الميعاد، ومتضرعًا أن يتفضل الله بالعفو والعافية، ويتلطف بعباده فيما صنعت أيديهم ونطقت به ألسنتهم.