سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافقة "مشروطة" للتصالح مع نزلاء طرة.. ترحيب برد "المال العام" المغتصب ومطالب بالقصاص فى قضايا "الدم".. مكى: التصالح مع نظام "طره" يخلق حالة من البلبلة الشعبية
رحب عدد من الخبراء والقانونيين، بما كشف عنه الدكتور ممتاز السعيد وزير المالية، بأن الحكومة تلقت رسميًا عروضًا من عدد من المحبوسين فى سجن طرة على ذمة قضايا الفساد المالى من الوزراء ورجال الأعمال من بينهم أحمد عز أمين الحزب الوطنى المنحل وأحمد المغربى وزير الإسكان وحسين سالم رجل الأعمال الهارب بالتصالح مع الدولة مقابل التنازل عن ممتلكاتهم، مؤكدين أن هناك المرسوم العسكرى رقم 4 لسنة 2012 الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى يناير الماضى، يسمح بالتصالح فيما يخص الفساد المالى والذى يمنح الحكومة سلطة للتصالح مع أى مستثمر فى جرائم الاعتداء على المال العام حتى لو كان خاضعا للمحاكمة الجنائية أو صدرت ضده أحكام قضائية ابتدائية, إلا أنهم أكدوا أنه لا تصالح فى الدم. الدكتور حمدى عبد العظيم، الخبير الاقتصادى ورئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية الأسبق، قال إن التصالح مع رجال الأعمال فيما يخص الاعتداء على المال العام له مردود إيجابى على الاستثمار والاقتصاد المصرى بشكل عام، وخاصة فى ظل الظروف السيئة التى يمر بها الاقتصاد فى الوقت الراهن. وأوضح الخبير الاقتصادى أن التصالح مع هؤلاء المستثمرين سيزيل الضرر الذى وقع على الدولة لأنه سيعيد ما يقرب من 20 مليار جنيه إلى الخزانة العامة للدولة, الأمر الذى سيساهم فى سد عجز الموازنة العامة للدولة، والتى من المتوقع أن يزيد العام الحالى بشكل ملحوظ، بسبب قلة الإيرادات وزيادة المصروفات. وأكد عبد العظيم على ضرورة الأخذ فى الاعتبار فرق المدة الزمنية أو المكاسب التى حققها المستثمرون من وراء اعتدائهم على المال العام, على أن يتم استبعاد التصالح مع من ارتكب أعمال تزوير لأن مصادرة الأموال لا تعفى من ارتكب أعمال جنائية من العقوبة. وأشار الدكتور عمرو القاضى، الخبير فى أسواق المال والاستثمار إلى أن فكرة التصالح مع المستثمرين سيؤدى إلى مزيد من الثقة فى وعود الحكومة للمستثمرين، وخاصة بعد رجوعها فيما تتخذه من قرارات، الأمر الذى رسخ فكرة سيئة لدى المستثمرين بشكل عام عن الاستثمار فى مصر. وقال القاضى إن التصالح مع المستثمرين ورجال الأعمال الذين ارتكبوا مخالفات فى حق البلد سيكون له مردود فعل إيجابى على الاقتصاد وجذب الاستثمار الأجنبى والمحلى على حد سواء, مؤكدا أن اتخاذ هذه الخطوة ستكون إشارة إلى النية الطيبة للحكومة المصرية تجاه المستثمرين. واعتبر الدكتور شوقى السيد، الفقيه الدستورى، أن العفو عن المجرمين لا يحتاج لتشريع جديد، لأن المشرع المصرى قد أخذ على عاتقه هذا القانون كمبدأ فى القانون الجنائى، حيث بدأ قديمًا بالجرائم البسيطة. وقال إن دائرة التصالح اتسعت بعد ذلك لكى تشمل الجرائم الاقتصادية، وهناك توصيات من خلال المؤتمرات الدولية توصى بذلك وقد أخذت مصر بهذا المبدأ وهو التصالح فى الجرائم الاقتصادية "المالية"، ولكن غيرها من الجرائم كأمن الدولة من الداخل والخارج لا يجوز بشأنها التصالح. وأضاف أن قضية نواب القروض الشهيرة التى تم التصالح عليها كانت من أشهر القضايا التى قامت بها مصر، ومن القضايا التى من الممكن أن يتم التصالح عليها "الجمارك والضرائب", مؤكدا على ضرورة فرض غرامة مالية مع رد المبلغ المعتدى عليه لتسيير الإجراءات والتسوية فى مبادئ العدالة وتوفير الوقت والجهد مع سد الثغرات القانونية وفى ذات الوقت وضع جزاء رادع على المتهم ليدفعه إلى الإسراع فى التصالح ورد المال المنهوب. وأشار إلى أن هؤلاء المتهمين يكفيهم الحبس الاحتياطى وما تعرضوا له من مشكلات نفسية، وبذلك تم إزالة الضرر ودفعه بقدر الإمكان، مشيرا إلى أن الأمر فى النهاية موكول للمشرع والذى من حقه أن يرى فى التصالح مصلحة اقتصادية للبلاد من عدمه. من جهته، أكد منتصر الزيات المحامى أن الحكومة الحالية لا تستطيع اتخاذ أى قرار منفردة دون أن ترجع للشعب من خلال البرلمان لأننا لا نتحدث عن مجرم عادى تريد الحكومة أن تتصالح معه. وقال نحن إزاء موقف تاريخى اتخذه الشعب للإطاحة بالنظام السابق، ولأجل أن نقوم بعمل المصالحة فى صفقة مالية لابد من عمل تشريع جديد يكون نصه: "إن من حق الدولة العفو عن رموز الفساد السابق فى مقابل رد الأموال على أن يقدموا معلومات فى إطارها يمكن استعادة الأموال من الخارج"، ومن خلال هذا النص الجديد لا نأخذ بالتشريع القديم. وأضاف أنه فى حالة موافقة مجلس الشعب الذى جاء بإرادة الشعب يتم التصالح، أما فى حالة الرفض يبقى الوضع على ما هو عليه الآن, مع الأخذ فى الاعتبار أنه لا تصالح فى دماء الشهداء دون القصاص العادل. من جانبه حذر المستشار أحمد مكى، نائب رئيس محكمة النقض السابق من مغبة القبول بعرض رموز النظام السابق المحتجزين في سجن طره بالتصالح بالتنازل عن جزء من ممتلكاتهم وعلى رأسهم عرض من أحمد عز، أمين التنظيم السابق فى الحزب الوطنى المنحل، فيما وصفه بأنه سيكون وبالاً على حكومة الدكتور كمال الجنزورى، أو أى حكومة قادمة. وقال في تعليقه على العرض الذى أعلنه ممتاز السعيد، وزير المالية في أعقاب الاجتماع مع الدكتور كمال الجنزورى الثلاثاء، إنه سيخلق حالة من البلبلة والفوران الشعبى لدى قطاع عريض من الجماهير ممن عانوا فى ظل حكم الرئيس السابق من قرارات وسياسات تتعلق بالاحتكار وقلة فرص العمل، والتى كانت حكرًا على المحاسيب وأتباع النظام السابق. ورأى أن الحكومة لن تستفيد كثيرًا بحبسهم، إلا أن الجموع الشعبية قد ينفذ صبرها ويحدث أمورًا غير متوقعة وأحداث مؤسفة إذا ما تم التصالح مع رموز النظام السابق، خاصة بعد العرض الذى تقدم به حسين سالم صاحب المشروعات الاستثمارية العملاقة فى شرم الشيخ للتصالح مقابل جزء كبير من ثروته، مشيرًا إلى أن محاسبتهم واجبة وإن كانت تنازلاتهم عن تلك الأموال ستنعش الخزينة الاقتصادية للدولة فى ظل التراجع الاقتصادى الحالى ضمانًا للاستقرار فى الفترة القادمة.