* علماء الدين: التوعية المسبقة ضرورة لتجنب السلوكيات الخاطئة مع مطلع شهر رمضان، يتجدد الحديث دائما عن السلوكيات الخاطئة التى يقع فيها البعض، والتى من بينها الإسراف فى المأكولات والمشروبات خلال الشهر المبارك، وكذلك الكهرباء والطاقة والمياه، وأيضا تغول المادة الإعلامية السيئة على حق المشاهد فى أن يرى ويسمع مادة تعينه على الطاعة خلال الصيام، وذلك لتجنب الانزلاق الى هذه الظاهرة السيئة التى تتنافى مع روحانيات الشهر الكريم.
وطالب علماء الدين بالابتعاد عن الإسراف والتبذير فى الأكل والشراب والإنفاق على العموم وبوجه خاص فى شهر رمضان المعظم، مؤكدين ان الشهر الكريم دعوة للمحافظة على الوقت واستخدامه فيما ينفع، والترشيد فى الاستهلاك، وليس للإسراف، حتى يبلغ المسلم الفائدة والثمرة المرجوة من الصيام، مطالبين بضرورة التوعية المسبقة، بخطورة هذه السلوكيات الخاطئة على الفرد والمجتمع. يقول الدكتور عبد الغفار هلال الأستاذ بجامعة الأزهر، إن الترشيد أصبح من الفضائل الغائبة خلال شهر رمضان المبارك فى معظم البيوت المصرية، حيث نجد كثيرين يبذرون ويسرفون على المأكل والمشرب إسرافا كبيرا، وهى عادات تتنافى مع الحكمة الشرعية التى شرع الصيام من أجلها وهى العبادة، ومن ثم لا يأكلون ما يطهون وتكون سلة المهملات مصيره بعد أخذ الحاجة منه والتي لا تصل للنصف في أحسن الأحوال، والمؤمن مطلوب منه الاقتصاد فهو نصف المعيشة، وفيه شكر لنعم الله عليه قال تعالى “ ولئن شكرتم لأزيدنكم “، ويعود سبب التبذير في شهر رمضان إلى الاعتقاد الخاطئ بين الناس بأن رمضان شهر الجود والخيرات والكرم والتلذذ بأصناف الطعام المختلفة وغير المعتادة في الأيام العادية، فينكب أرباب البيوت إلى الأسواق يأتون بحاجيات الشهر المتناثرة عند أبواب المحال التجارية بكميات كبيرة، قد لا يستخدمونها طوال الشهر لزحمة المائدة بأصناف الطعام والشراب. مخالف للشرع وأشار إلى أن الإسراف في رمضان وغيره من الشهور منهي عنه، فإنفاق الأموال على هذه المأكولات والمشروبات، دون الاستفادة منها، مخالفة لتعاليم ديننا، وأمر ينكره الشرع ويحرمه ويزيد في تحريمه الإسراف المنهي عنه، مشيرا إلى أن الدين الإسلامي الحنيف قد نهى عن الإسراف والتبذير، ودعا إلى الترشيد في الإنفاق والاستهلاك، قال تعالى” يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ”، كما نهى الرسول عليه الصلاة والسلام عن الإسراف فى ماء الوضوء حتى ولو كان الإنسان على نهر جار، موضحا انه يجب علينا ونحن فى الشهر الكريم ان نحرص على الالتزام بهدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن يظهر علينا أثر نعمة الله - سبحانه وتعالى - ولكن دون سرف، يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: “كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا من غير مخيلة ولا سرف، فإن الله يحب ان يرى أثر نعمته على عبده”، وما أحوجنا في هذا الشهر إلى ان نلتفت إلى ما نحن عليه من أمور سلبية وخاطئة في حياتنا، فنتقي الله، وليكن شهر رمضان منطلقا وبداية لتصحيح هذه الأخطاء وان نحرص على عدم الإسراف والتبذير، وان نبدل هذه العادة السيئة إلى عادة حسنة، فنبقى على ما كان يطهى ويطبخ، ثم نقوم بتوزيعه على المستحقين من الفقراء والمساكين. توعية مسبقة وفى سياق متصل، يرى الدكتور عباس عبد الرحمن، الأستاذ المساعد بقسم العقيدة والفلسفة كلية أصول الدين بأسيوط، ضرورة التوعية المسبقة قبل قدوم شهر رمضان المبارك، بخطورة الإسراف وأهمية الترشيد وفائدته وأثره الطيب فى الفرد والمجتمع، من خلال الإعلام بمختلف وسائله، ودور العبادة وخطب الجمعة والدروس الدينية المتنوعة، وأيضا استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لما لها تأثير مباشر فى قطاع عريض من الناس، وذلك حتى يعلم الجميع ما يفعله فى الشهر الكريم، وما يتجنبه من السلوكيات السيئة، مشيرا إلى ان الإسراف أصبح لا يقتصر حاليا على الأكل والشرب، بل امتد إلى الكهرباء من خلال تعليق الزينة الكهربائية فى الشوارع والميادين، والمياه سواء فى الاستخدام الآدمى أو رش الشوارع، وكذلك الوقت وضياعه فيما لا منفعة فيه، حتى البرامج الدينية تتغول عليها الإعلانات، مما يجعل المستمع يتشتت، وينصرف عن الاستماع الى ما يقدم من مادة إعلامية، ناهيك عن الدراما المقدمة التى لا تليق بحرمة الشهر وقدسيته، كل هذا حتما يؤدى إلى عدم الانتفاع بأوقات ونفحات الشهر الكريم، ويقع فى دائرة الإسراف المنهى عنه. وطالب كل بيت وأسرة بالتوسط في الإنفاق، والبعد عن مظاهر الإسراف في حياتهم، وأن شهر رمضان ليس شهر متعة، ولا أكل، ولا تسال، ولا سهر، وإنما هو شهر عبادة ونشاط وجد واجتهاد وتوسط في كل شيء، فلا يصح أن يستدين المسلم في رمضان للإسراف في الأكل الذي يؤدي إلى التكاسل عن أداء الطاعات، ويؤدي إلى ضياع المال، وفقد الصحة، وبعض العادات والمظاهر السلبية التي تنتشر في المجتمع المصري، كظاهرة الإفراط فى تناول المكسرات والحلويات في رمضان، وما تسببه من إسراف، ومن أمراض، وزيادة في الوزن، في بلد يئن اقتصاده، ويعاني كثيرا من المشكلات، ويجب توظيف هذه الأموال في مكانها الصحيح من الإنفاق الخاص والعام.