فى شهر رمضان المبارك، تتجلى بعض الظواهر السلبية التي تتنافى مع الحكمة من مشروعية الصيام، ومن أبرز تلك السلبيات الإسراف في الأطعمة وما يحدث في سائر المنازل من طهو وطبخ للعديد من أصناف المأكولات وإعداد للمشروبات، ثم تناول اليسير منها وإلقاء ما تبقى منها فى سلة القمامة. ودعا علماء الدين إلى الابتعاد عن الإسراف والتبذير فى الأكل والشراب فى شهر رمضان المعظم. وأكد العلماء أن الشهر الكريم دعوة للترشيد فى الاستهلاك، وليس للإسراف، حتى يبلغ المسلم الفائدة والثمرة المرجوة من الصيام، خاصة فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، التى يعانيها الجميع، وليكن شهر رمضان منطلقا وبداية لتصحيح هذه الأخطاء وان نحرص على عدم الإسراف والتبذير، وأن نبدل هذه العادة السيئة إلى عادة حسنة، فنبقى على ما كان يطهى ويطبخ، ثم نقوم بتوزيعه على المستحقين من الفقراء والمساكين، أو إهداء الجيران أو المشاركة في إطعام وإفطار الصائمين المحتاجين. ويقول الدكتور عبد الفتاح إدريس، أستاذ الفقه المقارن، أن بعض المسلمين اعتادوا الإسراف في تناول الطعام والشراب حتى إن صيامهم ليكاد يفقد الحكمة من مشروعيته اذ يشغل بعضهم نهاره في البحث عن أنواع الأطعمة والأشربة ليجمعها ثم يقضي أكثر ليله في تناولها ومن البديهي ان يستتبع ذلك الخمول والنوم والتكاسل عن اداء الواجبات والقربات فضلا عما فيه من الإضرار بالنفس والبدن وأضاعه المال، وكل ذلك نهى عنه الشارع، قال تعالى: زيَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَس. وقد ذم رسول الله صلى الله عليه وسلم من يملأ بطنه بالطعام والشراب وحض على الاقتصاد في تناول ذلك والاقتصار على تناول ما يحتاجه البدن منه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما ملأ بن ادم وعاء شرا من بطنه بحسب ابن ادم لقيمات يقمن صلبه فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه) كما نهي النبي عن التبذير فقال: (كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة)، وإذا كانت شرعية الصيام ليشعر المسلم الواجد بما يعانيه غير الواجد من ألم الجوع الدائم فيمد إليه طوق النجاة لينقذه من آلامه تحقيقا للتكافل الاجتماعي بين أفراد الأمة، فإن الإسراف في تناول أنواع الأطعمة والأشربة في هذا الشهر تفقد الحكمة من مشروعية الصيام. من جانبه أوضح الدكتور جمال فاروق، عميد كلية الدعوة بجامعة الأزهر، أن الإسراف فى المأكولات والمشروبات خلال شهر رمضان المبارك، ظاهرة تتكرر كل عام، وذلك على الرغم من التحذيرات المتكررة للخبراء والمتخصصين والعلماء من الآثار والعواقب الوخيمة لهذه الظاهرة على الصحة العامة للأشخاص، وأيضا على اقتصاد الأسرة بوجه خاص وميزانية الدولة بوجه عام، والأضرار التى تلحق بالبيئة، وذلك لتجنب الانزلاق إلى هذه الظاهرة السيئة التى تتنافى مع روحانيات الشهر الكريم. وأشار إلى أن الترشيد بمختلف صوره فى شهر رمضان وغيره، وهو عبادة وطاعة وصحة للبدن وصيانة للمال، حيث إن الدين الإسلامي الحنيف قد نهى عن الإسراف والتبذير، ودعا إلى الترشيد في الإنفاق والاستهلاك، قال تعالى: «يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ»، وقال سبحانه: «وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِين كَانُوا إِخْوَان الشَّيَاطِين وَكَان الشَّيْطَان لِرَبِّهِ كَفُورًا». ظواهر سلبية وأضاف: إن الإسراف في شهر رمضان وغيره من الشهور والأيام منهي عنه، فإنفاق الأموال على هذه المأكولات والمشروبات، دون الاستفادة منها، مخالفة لتعاليم ديننا، وأمر ينكره الشرع ويحرمه ويزيد في تحريمه الإسراف المنهي عنه، موضحا انه يجب علينا ونحن فى الشهر الكريم ان نحرص على الالتزام بهدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن يظهر علينا أثر نعمة الله، ولكن دون سرف، يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا من غير مخيلة ولا سرف، فإن الله يحب ان يرى أثر نعمته على عبده». تصحيح المفاهيم وفى سياق متصل، يوضح الدكتور عبدالرحمن عباس سلمان، الأستاذ المساعد بقسم العقيدة والفلسفة كلية أصول الدين والدعوة بأسيوط ، أننا بحاجة ملحة وضرورية لتصحيح المفاهيم الخاطئة لدى البعض فى الشهر الكريم، من خلال برامج تربوية وحملات إعلامية جادة وفعالة، تركز على المعاني السامية الكثيرة لشهر رمضان، وتقضي على التصرفات والسلوكيات غير العقلانية المبالغ فيها في الشراء والإنفاق من قبل كثير من الأفراد، واستثمار الأموال في مشاريع خيرية تنهض بالفقراء والمحتاجين وتسهم في القضاء على الجوع وحل مشكلات المجتمع. وأن نقدم باستمرار لجميع أفراد المجتمع دروسا في التربية والتوعية الاستهلاكية وآداب الطعام والشراب التي تقتضي عدم ملء المعدة بالطعام وترك ثلث للشراب وثلث للنفس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، زما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا بد فاعلا، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسهس، وكذلك دروس في حسن إدارة الطعام، مثل التخطيط في شراء المستلزمات الغذائية، وتقدير الكميات المناسبة عند إعداد الأطعمة سواء للأسرة أو للضيوف، وكذلك كيفية تجنب الإهدار في بواقي الطعام، ومن دون إلقائها كمخلفات في صناديق القمامة، وذلك من خلال كيفية المحافظة عليها بصورة جيدة وتخزينها في الثلاجة لاستغلالها، وتجميع الأطعمة الجيدة السليمة لا الفضلات، في أكياس وعلب بلاستيكية وإعادة تغليفها لتوزيعها على الفقراء والمحتاجين، والتدوير الجيد لفضلات ومخلفات الأطعمة.