يمكن لأى مراقب أن يرصد بسهولة التحولات الحالية للتحالفات الأمريكية فى المنطقة، خاصة ما يتعلق بدول الخليج وإيران. فقد بات واضحا أن النفط الذى كان الجسر ربما الوحيد الذى يربط التحالف الأمريكى مع دول الخليج ، خاصة السعودية، فقد أهميته أولا لأن الولاياتالمتحدة أصبح لديها مخزونات هائلة من الخام، وثانيا لأن المعروض من النفط أصبح يملأ الأسواق لدرجة أن أسعاره تراجعت بنحو 40% خلال أقل من 6 أشهر! ثم إن المنطقة العربية التى دخلت فى سيناريو «الفوضى الخلاقة» بعد ثورات الربيع العربي، لم تعد تلك المنطقة المستقرة، كما أن نظم الحكم التى اعتمدت عليها واشنطن عقودا طويلة انهار بعضها الآن، والآخر يهتز ويترنح تحت تأثير زلزال «الفوضى الخلاقة» ولا يدرى أحد إلى متى سوف تصمد اذا ما قدر الله أن تصمد! ويترسخ لدى الإدارة الأمريكية منذ سنوات، أن الإرهاب الذى عانت منه فى 11 سبتمبر 2001 ويعانى منه العالم الآن، هو «إرهاب سني» لان كل الجماعات الإرهابية من السنة، ولم ترصد واشنطن حتى الآن جماعة شيعية إرهابية! وترتب على كل تلك العوامل، زيادة القناعة لدى واشنطن بأنه قد حان الوقت لأن تحول تحالفها «الاستراتيجى» من دول الخليج ومصر إلى إيران، فهى اللاعب الأكثر نفوذا وتأثيرا فى المنطقة الآن، فهى تقف إلى جانب بشار الأسد فى سوريا، بل تدير الحرب ضد المعارضة وقدمت لدمشق وفق إحصاءات معلنة أكثر من 15 مليار دولار مساعدات عسكرية ومادية، وهى التى تدعم الحوثيين فى اليمن وتدير دفة الأحداث السياسية فى هذا البلد المهم جدا لكل من مصر والسعودية خاصة. وإيران هى التى تحرك الأحداث السياسية فى العراق وتأثيرها قوى لدرجة أن العراقيين يرددون أنه حتى عمد القرى العراقية تختارهم إيران!! وامتدت يد إيران ونفوذها القوى إلى التأثير بشدة فى التفاعلات السياسية فى لبنان، من خلال حزب الله وغيره من القوى السياسية اللبنانية، وهى ليست بعيدة عن أحداث البحرين وربما العديد من الدول العربية الأخري، الخليجية وغير الخليجية. ومن هنا، فإن الولاياتالمتحدة والقوى الغربية سوف تبرم قريبا جدا اتفاقا «نوويا» مع طهران، ليس لمنع إيران من إنتاج أسلحة نووية، ولكنه فى رأيى اتفاق سياسى لتوظيف نفوذ إيران وتأثيرها فى المنطقة لمصلحة أمريكا والقوى الغربية، والاستفادة من هذا النفوذ طالما أصبحت النظم العربية التقليدية لا يعتمد عليها على المدى الطويل أو حتى القصير من وجهة نظر واشنطن!. لمزيد من مقالات منصور أبو العزم