أسعار الأسماك واللحوم اليوم 26 أبريل    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الجمعة 26 أبريل 2024    مايكروسوف تتجاوز التوقعات وتسجل نموا قويا في المبيعات والأرباح    طريقة تغيير الساعة في هواتف سامسونج مع بدء التوقيت الصيفي.. 5 خطوات مهمة    «هنصحى بدري ولا متأخر؟».. سؤال حير المواطنين مع تغيير توقيت الساعة    المستهدف أعضاء بريكس، فريق ترامب يدرس إجراءات ضد الدول التي تتخلى عن الدولار    البنتاجون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ «ATACMS»    بلينكن ل نظيره الصيني: لا بديل عن الدبلوماسية وجهاً لوجه    عاجل - قوات الاحتلال تقتحم نابلس الفلسطينية    سيول جارفة وأتربة، تحذير شديد اللهجة من الأرصاد بشأن طقس اليوم الجمعة    «الإفتاء» تعلن موعد صلاة الفجر بعد تغيير التوقيت الصيفي    أذكار وأدعية ليلة الجمعة.. اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا    بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024.. توجيهات الصحة بتجنُّب زيادة استهلالك الكافيين    مع بداية التوقيت الصيفي.. الصحة توجه منشور توعوي للمواطنين    جدعنة أهالي «المنيا» تنقذ «محمود» من خسارة شقى عمره: 8 سنين تعب    سرقة أعضاء Live.. تفاصيل صادمة في جريمة قتل «طفل شبرا الخيمة»    رئيس لجنة الخطة بالبرلمان: الموازنة الجديدة لمصر تُدعم مسار التنمية ومؤشرات إيجابية لإدارة الدين    نجم الأهلي السابق يوجه رسالة دعم للفريق قبل مواجهة مازيمبي    ناقد رياضي: الزمالك فرط في الفوز على دريمز الغاني    طارق السيد: ملف بوطيب كارثة داخل الزمالك.. وواثق في قدرات اللاعبين أمام دريمز    إعلان نتيجة مسابقة المعلمة القدوة بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    هيئة الغذاء والدواء بالمملكة: إلزام منتجات سعودية بهذا الاسم    عاجل.. رمضان صبحي يفجر مفاجأة عن عودته إلى منتخب مصر    أبرزها الاغتسال والتطيب.. سنن مستحبة يوم الجمعة (تعرف عليها)    إصابة 8 أشخاص في تصادم 3 سيارات فوق كوبري المندرة بأسيوط    انطلاق حفل افتتاح مهرجان الفيلم القصير في الإسكندرية    تشرفت بالمشاركة .. كريم فهمي يروج لفيلم السرب    بشرى سارة للموظفين.. عدد أيام إجازة شم النسيم بعد قرار ترحيل موعد عيد العمال رسميًا    يونيو المقبل.. 21364 دارسًا يؤدون اختبارات نهاية المستوى برواق العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر    نقابة محاميين شمال أسيوط تدين مقتل اثنين من أبنائها    رمضان صبحي يحسم الجدل بشأن تقديم اعتذار ل الأهلي    «زي النهارده».. استقالة الشيخ محمد الأحمدي الظواهري من مشيخة الأزهر 26 أبريل 1935    ليلى زاهر: جالي تهديدات بسبب دوري في «أعلى نسبة مشاهدة» (فيديو)    "أكسيوس": مباحثات سرية بين مصر والاحتلال لمناقشة خطة غزو رفح    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميا    عاجل - محمد موسى يهاجم "الموسيقيين" بسبب بيكا وشاكوش (فيديو)    ذكري تحرير سيناء..برلماني : بطولات سطرها شهدائنا وإعمار بإرادة المصريين    "حزب الله" يعلن ضرب قافلة إسرائيلية في كمين مركب    عاجل - بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024 فعليًا.. انتبه هذه المواعيد يطرأ عليها التغيير    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    بالصور.. مصطفى عسل يتأهل إلى نهائي بطولة الجونة الدولية للاسكواش    هاني حتحوت يكشف تشكيل الأهلي المتوقع أمام مازيمبي    مواقيت الصلاة بالتوقيت الصيفي .. في القاهرة والإسكندرية وباقي محافظات مصر    برج العذراء.. حظك اليوم الجمعة 26 أبريل 2024 : روتين جديد    هل العمل في بيع مستحضرات التجميل والميك آب حرام؟.. الإفتاء تحسم الجدل    أنغام تبدأ حفل عيد تحرير سيناء بأغنية «بلدي التاريخ»    استشاري: رش المخدرات بالكتامين يتلف خلايا المخ والأعصاب    لوحة مفقودة منذ 100 عام تباع ب 30 مليون يورو في مزاد بفيينا    الأقصر.. ضبط عاطل هارب من تنفيذ 35 سنة سجنًا في 19 قضية تبديد    حكايات..«جوناثان» أقدم سلحفاة في العالم وسر فقدانها حاستي الشم والنظر    حدثت في فيلم المراكبي، شكوى إنبي بالتتويج بدوري 2003 تفجر قضية كبرى في شهادة ميلاد لاعب    عاجل - "التنمية المحلية" تعلن موعد البت في طلبات التصالح على مخالفات البناء    «اللهم بشرى تشبه الغيث وسعادة تملأ القلب».. أفضل دعاء يوم الجمعة    قيادي بفتح: عدد شهداء العدوان على غزة يتراوح بين 50 إلى 60 ألفا    المحكمة العليا الأمريكية قد تمدد تعليق محاكمة ترامب    أنغام باحتفالية مجلس القبائل: كل سنة وأحنا احرار بفضل القيادة العظيمة الرئيس السيسى    فيديو جراف| 42 عامًا على تحرير سيناء.. ملحمة العبور والتنمية على أرض الفيروز    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البرنامج النووي الإيراني .. بين الصعود وتهديد الأمن الخليجي: سيناريوهات مفتوحة
نشر في محيط يوم 17 - 02 - 2013


: مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية
إعداد : عزت عبد الواحد سيد*

مقدمة

تسعى إيران من خلال امتلاك برنامج نووي عسكري إلى حماية دورها الإقليمي، وتوسيع هذا الدور ليكون للجمهورية الإسلامية حضوراً لا يقل وهجاً عن الهالة النووية المعطاة للهند وإسرائيل وباكستان، وقد نجحت في الحصول على أسرار التجربة الباكستانية، كما حققت الكثير على صعيد تطوير قدراتها الصاروخية، ولا يزال تألقها على حاله، كونها مخزناً ضخماً للغاز والنفط، وذات موقع جغرافي حساس، وقد وسعت نفوذها السياسي، والأمني، والاقتصادي، فامتد إلى العراق وسوريا ولبنان وفلسطين. وجهزت جبهات تُساعد على شحن نفوذها الإقليمي بالمزيد من الحيوية والصمود. ويُشير كثير من الإيرانيين إلى أن الطموحات السياسية للرئيس "محمود أحمدي نجاد" وهو المُتشدِد الذي تغلَب على المُرشح صاحب الخبرة السابقة "هاشمي رافسنجاني" في الوصول إلى رئاسة البلاد قد، ركزت على موضوع السلاح النووي، لتعزيز مساعيه إلى عرش السلطة الإيرانية، فقد تمكن "نجاد" من تجاوز النُخبة الحاكمة بالتوسل إلى الشارع الإيراني من خلال الحقوق الإيرانية في الحصول على الطاقة النووية، كسبب ومرتكز أساسي لحملته الإنتخابية لإحياء المثل الثورية، وتعزيز قاعدته بين الأوساط العسكرية، وبذلك أصبح المفهوم السائد لدى قطاع كبير من الإيرانيين، هو أن إيران صاحبة التاريخ العريق والحاضر الزاهر بالإمكانات الهائلة من حقها أن تُصبح دولة نووية قوية، اعتقاداً منهم بأن إيران عندئذ ستنال الإحترام الذي تستحقه من العالم، وإعلانها لاعباً أساسياً كقوة جيوبوليتيكية في المنطقة يُحقق الإعتراف بها كجمهورية إسلامية قوية.

وإيران إذ تطرح طموحها لإمتلاك التقنية النوية فهي تقدمه للعالم بدعوى الإستخدام السلمي للطاقة، فيما ترى أطراف دولية وإقليمية أن مرد هذا الطموح، هو الإنتقال في مرحلة لاحقة من الإستخدام السلمي للطاقة النووية إلى الإستخدام العسكري لها. وهو ما اصطدم بمُعارضة إقليمية ومخاوف خليجية، ومُمانعة أمريكية وإسرائيلية، وتأرجُح في الموقف الأوروبي بين سياسة الحوار والمُعارضة.

ومن ثم تسعى تلك الدراسة لبحث تطوُرات البرنامج النووي الإيراني وبواعثه في إطار رؤية إيران لمصالحها القومية ودورها الإقليمي والدولي ورؤيتها لأمنها القومي والإقليمي، ومردود تلك الرؤية في أمن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في ظل السيناريوهات المفتوحة للتعامُل الدولي مع ذلك البرنامج.

أولآً: تطور البرنامج النووي الإيراني:

تعود البدايات الأولى للبرنامج النووي الإيراني إلى عهد الشاه "محمد رضا بهلوي" حيثُ مثل الإهتمام بالطاقة النووية جزءاً من جهود الشاه الرامية إلى تحويل إيران إلى قوة إقليمية عظمى من خلال التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية منذ منتصف الخمسينيات بعد القضاء على ثورة "مصدق" في أغسطس 1953، ودخول إيران مع الولايات المتحدة الأمريكية في برنامج الذرة من أجل السلام.([i]) ثم إنضمام إيران لحلف بغداد العسكري عام 1955، وتوقيعها والولايات المتحدة الأمريكية عام 1957 على إتفاقية للتعاون النووي في الأغراض المدنية لمدة عشر سنوات جُددت لفترة أُخرى فيما بعد، حصلت بموجبها إيران على مساعدات نووية أمريكية وعدة كيلوجرامات من اليورانيوم المُخصب للأغراض البحثية، ثم أعادت الولايات المتحدة في العام 1967 إمداد إيران بعدة كيلوجرامات أخرى من اليورانيوم المخصب، إرتفعت فيما بعد إلى مائة وأربعة كيلوجرامات لتشغيل المفاعل النووي البحثي الذي بدأته إيران في جامعة طهران منذ العام 1959.([ii])

وقام الشاه "رضا بهلوي" في عام 1974 بإنشاء محطة للطاقة النووية في (بوشهر) بمساعدة ألمانية وتشجيع من الولايات المتحدة والدول الغربية لإيران على ارتياد المجال النووي. غير أنه تم إلغاء المشروع مع قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 إتساقاً مع الأراء القائلة بحرمة إمتلاك مثل هذا النوع من الأسلحة، بعد أن كان الشاه قد إستثمر نحو 6 مليارات دولار في بناء المنشئات النووية، وكانت الشركات الألمانية قد انتهت من إنشاء البنية التحتية ووعاء الإحتواء الفولاذي لأحد المفاعلات في (بوشهر). وسادت القيادة الإيرانية في أعقاب الثورة حالة من عدم الإكتراث أو اللامبالاة بالطاقة النووية، حيث اتخذ القادة الثوريون الإيرانيون، وفي مقدمتهم "آية الله الخميني"، موقفاً سلبياً تجاه الطاقة النووية، في الوقت الذي رفضت فيه الولايات المتحدة وألمانيا والدول الغربية التعاون مع إيران في المجال النووي، وفرضت حظراً شاملاً ضد إيران في كافة مجالات التسليح.([iii])

وفي ظل الظروف الدولية والإقليمية التي أحاطت بإيران تمت مُراجعة شاملة لهذا القرار عام 1982عندما تعرضت المنشآت النووية الإيرانية للقصف الجوي والصاروخي العراقي أثناء الحرب في الوقت الذي بدأت تُعاني فيه من الحظر على مشتريات الأسلحة، فيما كان العراق يحصُل على كل ما يحتاجه من الإتحاد السوفيتي وفرنسا، الأمر الذي جعل المسؤولين الإيرانيين يُعيدون التفكير في ضرورة التزود ببرنامج للتسلُح النووي. غير أن هذا لم يكُن السبب الوحيد، فهناك سبب آخر كان يؤرق الإيرانيين وهو أن جميع الدول المُجاورة إما أنها تمتلك أوعلى وشك امتلاك قوى نووية، فهُناك الإتحاد السوفيتي بكل ما يملكه من ترسانة نووية معروفة، ثم الهند وباكستان اللتان بدأتا تأخُذا مكانهما بين الدول النووية، وهناك الولايات المتحدة الموجودة بكل صنوف الأسلحة في المنطقة، وكان هُناك العراق وما تردد حول امتلاكه أسلحة تدمير شامل، وأخيراً وقبل كل شيء كانت هُناك إسرائيل التي لا يُخفى على أحد إمكاناتها في هذا المجال رغم إنكارها الدائم والمُستمر. ومن هنا فإن المسؤلين الإيرانيين رأوا أنهم من المستحيل الإكتفاء بالمشاهدة في ظل هذه الأجواء دون اتخاذ خطوات فعالة لمُواجهة التهديدات المحيطة، ومن ثم بدأ البرنامج النووي الإيراني يشهد مزيداً من قوة الدفع بعد ما حدث من تحوُلات جذرية في التفكير الإستراتيجي الإيراني عموماً، وفي المجال النووي خصوصاً. فقد وجدت القيادة النووية أنهُ من الحيوي بالنسبة لها أن تهتم بإعادة إحياء البرنامج النووي، مع السعي الحثيث لتنويع مصادر الحصول على التقانة النووية ليشمل روسيا والصين وباكستان والهند وكوريا الشمالية والإرجنتين وجنوب إفريقيا، بعد أن فشلت جهودها الرامية للتعاون مع دول غرب أوروبا خاصة ألمانيا وفرنسا وأسبانيا نتيجة الضغوط الأمريكية الرافضة لإستكمال العمل في محطة بوشهر النووية.([iv])

ونفذت إيران وقتذاك كثيراً من الأنشطة المُتعلقة بتصميم الأسلحة ودورة الوقود اللازمة لصنع السلاح النووي، كما قامت الحكومة الإيرانية بتأسيس مركز أبحاث نووية جديد في جامعة أصفهان عام 1984 بمساعدة صينية، وشرعت في إنشاء مركز للبحوث والإنتاج النووي في منطقة معالم كاليه عام 1987، وأعلنت مصادر إيرانية مسئولة في عام 1988 أن إيران أنشأت معملاً لإستخلاص البلوتونيوم. وكان الإتفاق الذي وقعته مع باكستان عام 1986 يقضي بأن تقوم باكستان بتدريب العلماء الإيرانيين والمُساعدة في البرنامج النووي الإيراني، ثم وقعت إيران اتفاقاً مع الأرجنتين عام 1987 للحصول على وقود نووي أرجنتيني من اليورانيوم المُخصب المُخصص للأغراض السلمية، أعقب ذلك اتفاق آخر مع جنوب أفريقيا خلال الفترة من 1988- 1989، للحصول على كميات من اليورانيوم المُخصب لإجراء التجارب النووية.([v]) كما تردد أن إيران نشطت دورها من أجل الحصول على رؤوس نووية من الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى في الفترة التي تلت تفكُك الإتحاد السوفيتي، كذلك نشطت في مجال تطوير الأسلحة الباليستية متوسطة المدى، وأستطاعت إنتاج عدة أنواع من الصواريخ مثل (سكود- بي 9) و(عقاب) و(موشاك) واستخدمتها خلال المراحل الأخيرة من الحرب مع العراق.([vi])

ومن ثم دخل البرنامج النووي الإيراني مرحلة الإهتمام الكثيف منذ بداية التسعينيات، حيثُ شهد البرنامج النووي الإيراني نشاطاً مُكثفاً في كافة المجالات، وأصبحت إيران تمتلك بنية أساسية كافية لإجراء الأبحاث النووية المُتقدمة، ووردت تقارير تُشير إلى أن إيران لديها على الأقل 200 عالم، ونحو 2000 شخص يعملون في مجال البحوث النووية.([vii])

وفي مقابلة مع شبكة التليفزيون الأمريكي في مايو 1995 أكد الرئيس الإيراني السابق "هاشمي رافسنجاني" بأن بلاده لا تملُك سلاحاً نووياً ولا تسعى للحصول عليه أو تطويره. ورداً على هذا التصريح أكد وزير الخارجية الأمريكية السابق "وارين كريستوفر" على أن واشنطن لديها المعلومات الكافية التي تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن إيران لديها هيكلاً وبرنامجاً مُنظماً ومُخصصاً لتطوير الأسلحة النووية منذ أوائل الثمانينيات.([viii])

وقد إهتمت إيران بإنشاء أجهزة الطرد المركزي التي تعمل بالغاز لتوفير الوقود اللازم لمحطتي (بوشهر) وهو ما أرتبط بسعيها في إمتلاك القُدرة على تخصيب اليوارنيوم، وخلال الفترة ما بين 1993-1995 حصلت إيران على ما يكفي لإقامة 500 جهاز، تمكنت من إنشاء 160 جهاز منها حتى مارس 2003. كما أستطاعت خلال الفترة من 1997-2002 أن تصنع ذاتياً كل مكونات اليورانيوم وأن تختبر كافة أجهزة الطرد المركزي بنجاح، ومن ثم أنشئت مصنع لتخصيب اليورانيوم في ناتانز والذي أصبح مقراً لبرنامج الطرد المركزي حتى يتسنى لها إتمام دائرة الوقود النووي.([ix])

وبرغم أن إيران وقعت في عام 1970 على اتفاقية منع انتشار السلاح النووي وسمحت لهيئة الطاقة النووية بإجراء مراقبة على التجهيزات النووية المدنية التي تملكها وأظهرت حرصاً على المُطالبة بجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، ومن ثم فإن كل المرافق النووية الإيرانية التي يتضمنها البرنامج النووي الإيراني تخضع لنظام ضمانات (رقابة) الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتفتح أبوابها لفرق التفتيش التابعة لها. وعلى الرغم من قِدَم البرنامج النووي الإيراني، فإنه لم تثر حوله أية شكوك قبل الإحتلال الأمريكي البريطاني للعراق عام 2003، ومنذ تم ذلك مارست الولايات المتحدة وإسرائيل ضغوطاً هائلة على الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ودولاً أوروبية بحجة أن إيران تملُك برنامجاً نووياً عسكرياً تسعى من خلاله لإستخدام التقانة النووية في المجال العسكري.([x])
وحيثُ يُشكل الإصرار الإيراني على تخصيب اليورانيوم أحد أقوى بواعث الشكوك الدولية في المقاصد الإيرانية، على الرغم أنهُ ليس في مُعاهدة منع الإنتشار النووي ما يحول دون مُمارسة الإثراء التنظيري بإستخدام أي تقنية تراها الدولة الراغبة في ذلك، ولأن الأمر يختلف في حالة إيران نظراً لتعلّقه بمواد نووية قابلة للإنشطار النووي فقد استدعى ذلك بسط رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ونظراً لخطورة عملية تخصيب اليورانيوم، يتم فرض رقابة على إنتاجها وعلى استعمالها ضمن ما يُعرف بنظام الضمانات الشاملة، حيثُ تتشارك الدولة العضو في الإتفاقية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في التعهُدات والإلتزامات، وفي حالة التأكُد من عدم امتثال الدولة لتعهُداتها، يجوز لمجلس محافظي الوكالة العمل بما جاء في الفقرة (ج) من المادة (12) من النظام الأساسي للوكالة، والتي تتضمن عدة أمور، منها : إنهاء المُخالفة إلى جميع أعضاء الوكالة، وإلى مجلس الأمن وإلى الجمعية العامة للأمم المتحدة. ([xi])

وفي المسألة الإيرانية جاء تقرير مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية صريحاً بشأن الإتهامات الأمريكية حول تطوير إيران سلاحاً نووياً، فقد أكدت هذه التقارير على عدم وجود دليل على أن برنامج إيران النووي مُخصص لأغراض تصنيع أسلحة نووية، ففي تصريحاته لقناة العربية الإخبارية التليفزيونية في 20/12/2004 قال مدير عام الوكالة : إن الوكالة لم تر أبعاداً عسكرية لهذا البرنامج، وأن تخصيب اليورانيوم شيء مسموح به ، ولكن لا بد من مراقبة.([xii])

ومع بداية عام 2006، شهد الملف النووي الإيراني تطوراً جديداً، ففي الثامن من يناير طلبت إيران من الوكالة الدولية فض الأختام التي وضعها مُفتشوها في وقت سابق عن منشآتها النووية في مفاعل (ناتانز) وموقعين آخرين مُرتبطين به، ورفضت المُقترح الروسي بنقل عمليات التخصيب إلى الأراضي الروسية ضماناً لعدم لجوء الإيرانيين لإستخدامه في أغراض تصنيع سلاح نووي.([xiii]) وقوبل الطلب الإيراني بإتفاق في وجهات النظر الأوروبية والأمريكية ودعم روسيا والصين على ضرورة أن تُوقِف إيران برنامجها النووي بشكل كامل، ومن ثم توحدت المواقف الدولية وصدر قرار مجلس محافظي الوكالة ليقضي بإحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن من دون اتخاذ إجراءات عقابية في تلك المرحلة، حيثُ مازال الأمر مُتعلقاً بالشك في طبيعة هذا البرنامج. وهو ما دعمه صرامة المُعارضة الروسية والصينية في مجلس الأمن لمشروع القرار البريطاني المدعوم أمريكياً ضد إيران مما جعل الغطاء الدولي لأي ضربة عسكرية أمراً شبه مستحيل.([xiv])

وفي الحادي عشر من إبريل 2006 أعلن الرئيس الإيراني "محمود أحمدي نجاد" أن إيران إنضمت إلى مجموعة الدول التي تمتلك التقانة النووية وأنها مُصمَمة على الوصول إلى المستوى الصناعي لتخصيب اليوارنيوم، ومن ثم اعتبر "نجاد" أن إيران قد ولجت بالفعل النادي النووي. وهو نفس المعنى الذي أكده "هاشمى رافسنجاني" رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام في اليوم ذاته. وأكده في اليوم التالي "ستيفن ريدميكر" مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية المُكلف بملف حظر الإنتشار النووي، والذي أعلن أن طهران قادرة على صنع القنبلة النووية في غضون 15 شهراً.([xv]) بينما رجح مدير الإستخبارات القومية الأمريكية "جون نيغرويونتي" في حديث لهيئة الإذاعة البريطانية في 2 يونيو 2006، أن تمتلك إيران القنبلة النووية بحلول عام 2010.

هذا وقد وقعت إيران اتفاقاً مع كل من تركيا والبرازيل في 17 مايو 2010 نص على نقل إيران لليورانيوم مُنخفض التخصيب بنسبة (3.5%) إلى تركيا لمُبادلتها بيورانيوم عالي التخصيب بنسبة (20%)، فيما قررت إيران والقوى الكبرى في مجموعة (5+1) وهي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي إلى جانب ألمانيا في سبتمبر 2010 إستئناف المفاوضات المُتوقفة منذ أكتوبر 2009 حول البرنامج النووي الإيراني بعدما رفضت إيران اقتراحاً ينُص على إرسال 1200 كيلوجرام من اليورانيوم الإيراني الضعيف التخصيب إلى روسيا للحصول في المقابل على وقود من روسيا وفرنسا لمُفاعل الأبحاث الطبية في طهران، وهو ما يُؤكد إصرار إيران على إمتلاك القُدرات النووية وخصوصاً عمليات التخصيب، وأنها مُتمسكة أيضاً بسياسة فرض الأمر الواقع واستباق التطوُرات لوضع الطرف الآخر في وضع المُتلقي. وهو ما يتسق مع نهج الرئيس الإيراني "أحمدي نجاد" الذي تميز بالصلابة سواء في سياسته التفاوضية بشأن البرنامج النووي أو التشدُد في استكمال البرنامج النووي ارتباطاً بقناعته بأن سياسة تخفيض التوتر التي تبنتها الحكومات السابقة حققت القليل وأضعفت كثيراً الموقف الإيراني وأجبرته على المزيد من التنازلات.

ثانياً: دوافع البرنامج النووي الإيراني:

على الرغم من أن المسئولين الإيرانيين في المجال النووي قد أشارو مراراً إلى أن الهدف الوحيد للجمهورية الإسلامية الإيرانية في القطاع الذري هو إستخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية، فقد أصبح من المسلم به أن إيران تسعى للحصول على أسلحة نووية". والحق أن الحصول على الأسلحة النووية له دوافع ومسوغات من وجهة نظر طهران تصُب مُجملها في كون ذلك حقاً أصيلاً لها خاصة بعد إستخدام العراق في حربهِ ضدها أسلحة كيمائية، وتواتر الدلائل على إمتلاك العراق لأسلحة دمار شامل إستدعت ضرب إسرائيل للمفاعل النووي العراقي خارج بغداد والإحتلال الأنجلوسكسوني للعراق عام 2003. إلى جانب وجود إسرائيل وباكستان كقوتين إقليميتين تمتلكان مُعدات نووية، وأن بعض جيران إيران من جهة الشمال كجمهوريات آسيا الوسطى ربما يكون لديها بقايا أسلحة من عتاد الإتحاد السوفيتي السابق في أراضيها، في حين تخضع الدول العربية المُجاورة لإيران من جهة الجنوب للحماية العسكرية الأمريكية الموجودة بفاعلية مُقابل سواحل إيران على الخليج.([xvi]) ومن ثم ليس من الصعب تفهُم الدوافع الإيرانية في سعيها للحصول على السلاح النووي والذي له دلالته الإستراتيجية من وجهة النظر الإيرانية ذاتها، حيثُ أضحت تلك البرامج جُزءاً أساسياً من مكونات التفكير الإستراتيجي الإيراني.

وبغض النظر عن ارتباط تطوير إيران للبرامج النووي بتطورات الوضع الإقليمي في الخليج من عدمه فإنه يرتبط بشكل وثيق بالرؤية الإستراتيجية لدور إيران الإقليمي عموماً والتي ترى أن امتلاك عناصر تفٌوق مثل البرنامج النووي سيكون آلية مُهمة بإتجاه تحقيق هذا الهدف.([xvii])

ومن ثم هناك مجموعة من البواعث والدوافع التي تُساق لتبرير السعي الإيراني لإمتلاك السلاح التقانة النووية يمكن إجمالها فيما يلي:

1- الدوافع الاقتصادية: فالبرنامج النووي الإيراني يرمي إلى تأمين نحو 20% من الطاقه الكهربائية بواسطة المواد النووية، وذلك لتخفيض استهلاكها من الغاز والنفط، فوفقاً لتصريحات أدلى بها "حسين موسوي" نائب رئيس الوفد الإيراني إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن معدل النمو السكاني في إيران سيُحتم عليها مستقبلاً إستخدام إنتاجها الكامل من النفط، مما سيحرم إيران فعلياً من دخلها الحيوي من الصادرات النفطية.([xviii])وهناك تقديرات تُشير إلى أن سكان إيران سيزيد على المئة مليون نسمة بحلول عام 2018 مما يتطلب تنويع الموارد الوطنية للطاقة للمحافظة على إرتفاع معدلات النمو.([xix]) تلك الدوافع لا تبدو منطقية بالنسبة للبعض بالنظر إلى الكُلفة العالية لبناء المفاعلات النووية التي تصل لمليارات الدولارات، وهي ليست ذات فائدة كبيرة من الناحية الإقتصادية لدولة مثل إيران تمتلك مخزوناً ضخماً من النفط والغاز الطبيعي يُمكن إستخدامه لتوليد الكهرباء بتكلفة لا تتعدى 18-20 % من تكلفة الكهرباء النووية، علاوة على أن إيران ركزت إنشاء مفاعلاتها النووية في منطقة واحدة جنوب البلاد بعيداً عن المدن الإيرانية والمنشآت الصناعية في شمال البلاد، وهو ما يُقلل إمكانية الإستفادة من هذه المفاعلات في توليد الطاقة لخدمة الإحتياجات الإستهلاكية.([xx])
2- الدوافع العسكرية: حيثُ أن هناك ما يُشبه الإجماع على أن دوافع عسكرية وراء البرنامج النووي الإيراني، استناداً إلى أن الفكر الإستراتيجي الإيراني قد ركز بشدة على الدروس المُستفادة من الحرب العراقية- الإيرانية والتهديدات الأمريكية الإسرائيلية لإيران، وأن إيران لابد وأن تستعد لأية احتمالات في المستقبل، كما أن إيران استنتجت أنها لا يجب أن تعتمد كثيراً على القيود الذاتية التي قد يفرضها الخصوم على أنفسهم أو على تمسكهم بالإلتزامات الدولية. وفي واقع الأمر أن إيران تمتلك برنامجان نوويان، أحدهما مدني يعتمد على مفاعلات الطاقة كما في مفاعل (بوشهر) الذي يعمل بالماء الخفيف واليورانيوم منخفض التخصيب و هو لا يُثير مشكلة عسكرية من الناحية الفنية. أما البرنامج الأخر فهو الذي أقيم في مدينتي ناتانز وأراك والذي يعتمد على تخصيب اليورانيوم 235 والذي يُمكن أن يقود إلى إمتلاك القنبلة النووية، خاصة إذا ما تم ربط ذلك بالتصريحات السياسية الحادة للرئيس "محمود أحمدي نجاد" والتي لا تُشير بأي صورة إلى أن ما يتم إنجازه في إيران هو برنامج نووي مدني يرتبط بمجرد إنتاج الكهرباء، وهو ما يُثير مسألة التوجهات العسكرية وليست المدنية كما هو الحال في البرنامج المصري والخليجي السلمي.([xxi])
3- الدوافع السياسية والاستراتيجية: وهي تلك المُتعلقه بمفهوم الدور، حيثُ تندرج عملية تطوير القُدرات النووية الإيرانية في إطار تصور مُتكامل للسياسة الخارجية الإيرانية على الأصعدة الإقليمية والدولية، حيثُ ترتكز السياسة الخارجية الإيرانية على الإستحواذ على مكانة مُتميزة على الساحة الإقليمية. وتذهب بعض التقديرات إلى أن القيادة الإيرانية تعمل في إطار هذا التصور على القيام بأدوار مُتعددة تبدأ بالمشاركة في ترتيبات أمن الخليج، وتحقيق الإستقرار في منطقة شمال غرب آسيا، وتصل الرؤى الرسمية الإيرانية إلى تصوُر إمكانية الإفادة من التحوُلات الهيكلية الجارية في المنظومة الدولية في وضع استراتيجية استقطابية هدفها الأول ملء الفراغ الأيديولوجي في العالم الثالث عقب انهيار الإتحاد السوفييتي، والثاني استمرار المُواجهة مع الولايات المتحدة على أساس نظام قيمي مستمد من الإسلام، ويستوعب الطاقات والخبرات والتجارب التي أفرزتها حُقبة الثمانينيات والتسعينيات. ولذلك، فإن السلاح النووي يُمكن أن يُقدم لإيران أداة بالغة الأهمية لتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية.([xxii])
ثالثاً: مظاهر ودلالات الدور الإيراني:

يتحدد الدور الذي تؤديه الدولة على مسرح الحياة السياسية إقليمياً ودولياً بمقومات القوة التي تملُكها تلك الدولة وبطبيعة علاقاتها في محيطها الإقليمي والدولي، ومن ثم تتحدد قوة الدولة بمقدار تفاعل عناصر تلك القوة. فكلما حدث تغيير في القدرات المكونة لهذه القوة تغير تبعاً لذلك حجم قوة الدولة ودورها وفعاليتها على مسرح الأحداث.([xxiii]) وعلاقات القوة تتخلل بشكل واضح كل مجتمع من المجتمعات وكذلك في علاقات الدول فيما بينها وبين بعضها، فلكل دولة أهداف واستراتيجيات تسعى إلى تحقيقها إقليمياً ودولياً بل وداخلياً. وهذا يتطلب توافر عناصر مُعينة للقوة حتى تستطيع الدولة أن تُحقق ما تصبو إليه.([xxiv])

وبإلقاء نظرة مُتعمقة علي تاريخ الدولة الإيرانية يُلاحظ دائماً أنها كانت تنظُر إلي تميُزها الحضاري واللغوي والثقافي وتعدادها السكاني وطموحاتها القيادية في المنطقة، كدعائم تؤهلها للإضطلاع بدور إقليمي مُتميز يُدعمها في ذلك موقعها الهام الذي تحتله علي رأس الخليج والذي يُمكنها من التحكُم في عصب اقتصاديات دول المنطقة وهو الطاقة، ولعل علاقات إيران بدول مجلس التعاون الخليجي أحد أبرز التفاعلات الإقليمية التي تعكس بوضوح الرغبة الإيرانية في مُمارسة دور إقليمي بارز من خلال إقامة شبكة من المصالح الاقتصادية والثقافية مع تلك الدول تُدعِم هذا الدور الإيراني في المقام الأول كهدف غير مُعلن وإن كان ظاهره الرغبة الإيرانية في تحقيق الأمن والإستقرار بين ضفتي الخليج، ومن ثم كانت منطقة الخليج مجالاً حيوياً للسياسة الإستعمارية الفارسية منذ حقب تاريخية سحيقة.([xxv])

وقد ظلت إيران منذ عهد الشاه "رضا بهلوي" وولده "محمد" من بعده تنظُر إلى الخليج بإعتباره بحيرة إيرانية، إلا أن الوجود البريطاني وبروز الدولة السعودية عام 1932 كان عاملاً من عوامل الحد من الأطماع الإيرانية في المنطقة. وقد لا نتجاوز الحقيقة إذا قلنا أن السياسة العسكرية لإيران "الشاه" كانت تهدف، ليس فقط إلى القيام بدور القوة المهيمنة في الخليج، بل القيام بدور رئيسي ومحوري أيضاً في مناطق الشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا والمحيط الهندي، بل أن بعض التحليلات تذهب لأبعد من ذلك بالقول بأن "شاه إيران" كان يرغب في منع أي قوة دولية أُخرى تحل محل بريطانيا في الخليج عقب إنسحابها منه عام 1971، بما في ذلك حليفته الإستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية، بحيثُ تكون إيران هي القوة المُهيمنة في الخليج، بل لم يكن مُستبعداً أن تكون طموحات "الشاه" امتدت إلى تصوُر إمكانية قيام إيران بدور مُتميز على الساحة العالمية في إطار عملية إعادة توزيع موارد القوة الإقتصادية والصناعية على مستوى العالم.([xxvi])

وظل حلم بلوغ القوة العظمى الإقليمية قائماً في السياسة الإيرانية منذ قيام الثورة، إلا أن الظروف الدولية والإقليمية حالت دون تحقيق ذلك، وعندما واتتها هذه الظروف من جديد سعت لتحقيقه، ومن ثم مارست السياسات واتبعت الأساليب التي تحقق لها ذلك، مُعززة بالسعي للحصول على التقنية النووية أملاً في التوصُل إلى القُدرات النووية العسكرية.

فقد مثلت الثورة الإيرانية أول ثورة إسلامية ناجحة في العصر الحديث، وهي الحدث الذي كان له أكبر الأثر على سياستها الخارجية بسبب التغيير الحادث في داخل إيران وفي رؤيتها للعالم الخارجي ولتغيُر خريطة الحُلفاء والخصوم في البيئة الدولية والإقليمية. ومنذ تلك اللحظة التاريخية عانى صانع القرار الإيراني من الحيرة والتخبُط بين ما تمليه المصلحة القومية ومُتطلبات الأهداف الأيدولوجية التي غيرت من مصادر التهديد للدولة الإيرانية والفُرص السانحة أمام النظام الإيراني، فقدأحدثت تحوُلات كبيرة وسريعة في المجتمع الإيراني وأثرت على إطارها الجغرافي والإقليمي بل وكان لها صداها الدولي العالمي.([xxvii])

ونظرة إجمالية على خارطة العلاقات التي حكمت طهران مع عواصم الجوار الجغرافي، تُبين أن الصبغة الأساسية لهذه العلاقات كانت التوتر وعدم الإستقرار، وهو أمر مفهوم في بعض جوانبه، سواء بسبب الطموحات الثورية للإيرانيين التي صاحبت اطاحة الإمام الخميني وأنصاره بسلطة "محمد رضا بهلوي" امبراطور ايران السابق وأحد مُرتكزات السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، أو بسبب المخاوف التي اثارها انتصار ثورة "الخميني" وسط مجموعة من البلدان التي تُشكل نقائضاً سياسية وأيدلوجية ودينية ومذهبية تحيط بإيران من كل الإتجاهات. فلم تختلف السياسة الإيرانية تجاه الخليج كثيراً عنها في عهد "الشاه" حيثُ توترت العلاقات بين العراق وإيران وصولاً لحرب الخليج الأولى التي ألقت بظلالها وتهديداتها على منطقة الخليج وأمنها. وفي الوقت ذاته خابت آمال الدول الخليجية بشأن بداية عهد جديد في إيران يجُب عهد "الشاه" وطموحاته التوسعية في المنطقة،بعد إعلان مبادئ الثورة الإسلامية وإحياء الأحلام التوسعية والرغبة في استعادة الأمجاد الفارسية في المنطقة من جديد، وإعلان منطقة الخليج كمنطقة نفوذ إيرانيةفي ظل عدم تطابُق الإسلام مع النُظم الملكية السائدة في دول الخليج كما ترى إيران الثورة، وإعتبار البحرين جزء من الأراضي الإيرانية. لذا عمل النظام الجديد على دعم الشيعة في العراق ودول الخليج الأُخرى بهدف زعزعة الإستقرار في الداخل تمهيداً للسيطرة الإيرانية عليها.([xxviii]) فقد جعل "الخميني" تصدير الثورة مبدأ لازماً لنجاح حركة الثورة الإسلامية في إطارها الإقليمي والدولي بإعتبارها رسالة لإنقاذ المُستضعفين في العالم كله، فقال في خطابه بمناسبة العيد الأول للثورة " سوف نُصدر ثورتنا للأركان الأربعة لأن ثورتنا إسلامية".([xxix])

ومن ثم كانت دول الخليج المجاورة مجال إيران الحيوي في حركتها الثوريةمُتهمة نُظمَها بالفساد والعمالة للإستعمار الأمريكي، مما أوجد خوفاً مُبرراً لدى هذه الدول ودفعها- ضمن عوامل أُخرى- إلى إعلان قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مايو 1981 كآلية إقليمية لجمع الشمل الخليجي وتوحيد الصف لمُواجهة الأخطار التي تُحدق بأمن المنطقة نتيجة لتوجُهات النظام الجديد في إيران واستمرار رُحى الحرب العراقية الإيرانية.([xxx])

وبعد رحيل قائد الثورة الإسلامية وانتهاء حرب الخليج الأولى، بدأ تأثيرالعوامل الداخلية يطغى على تأثير العوامل الخارجية في السياسة الإيرانية، فقد شهدت ايران تحوُلات سياسية مُهمة بعد التوجُه إلى بناء نظام تختلط فيه القيم الدينية والديمقراطية، نظام يتم بموجبه الوصول إلى السلطتين التنفيذية والتمثيلية عبر صناديق الإنتخاب، وهو أمر فرض مبدأ التداول على السلطة وحرية الصحافة وتعدُدها، وتشكيل منابر وجماعات سياسية، تطرح برامج وتوجُهات عقائدية وسياسية مُتباينة، وهو الأمر الذي يُعبر عنه، الإنقسام الكبير الظاهر في ايران بين التيارين الإصلاحي والمُحافظ، وكل واحد من هذين التيارين يضُم طيفاً واسعاً من الإتجاهات والجماعات والشخصيات. ولا ينفصل هذا التطوُر السياسي في ايران عن تطوُرات الوضعين الاقتصادي والاجتماعي، حيثُ فرضت سنوات حرب الخليج الأولى والحصار الأمريكي المفروض على ايران، دوراً ملحوظاً في ترديات الوضع الاقتصادي لكثير من الإيرانيين، حيثُ بلغ إجمالي ما أنفقته إيران خلال تلك الحرب نحو 644.23 مليار دولار أمريكي، بينما كلفت العراق نحو 452.6 مليار دولار ، أي أن إجمالي ما أنفقته الدولتان خلال تلك الحرب بلغ نحو ألفا وتسعة وتسعين مليار دولار تقريباً، وهو ما يُعادل أكثر مما أنتجته البلدين من النفط منذ عام 1931 وحتى عام 1988، هذا إلى جانب مئات الآلاف من القتلى والجرحي والأسرى من الجانبين.([xxxi]) وهو ما جعل "البناء" هو شعار مرحلة حكم الرئيس "هاشمى رافسنجاني"، وأصبح الإنفتاح على الخارج غاية هامة لجذب استثمارات أجنبية توقف تدهور الوضع الاقتصادي وتُحافظ على بقاء النظام نفسه. فقد وضع "رافسنجاني" إعادة بناء الاقتصاد على رأس الأولويات واعتمدت خطة "رافسنجاني" الخمسية الأولى للتنمية (1988-1993) على جذب رؤوس الأموال الأجنبيه، واستيراد التكنولوجيا الحديثة، وزيادة عائدات النفط والإقتراض من أسواق المال الدولية، مما أدى إلى تحسُن في أداء الاقتصاد الإيراني، وأصبحت الأوضاع الاقتصادية أكثر اعتماداً على قوى السوق، وبدأت الشعارات الثورية تختفي من على الجدران وحلت محلها إعلانات لترويج منتجات يابانية وأوربية. وكانت قيادة "رفسنجاني" لإيران إلى الاعتدال السياسي بمثابة عامل تخفيف لقيود البيئة الخارجية حيثُ أحدث تحوُلاً تدريجياً في مجالات مثل تصدير الثورة وقاد انسحاباً مُنظماً للأنشطة العنيفة خارج البلاد.([xxxii]) ومثلت حرب الخليج الثانية نقطة تحول إيجابية في انفتاح إيران على العالم العربي، فرغم عدم اندفاع إيران في اتخاذ موقف إيجابي من الغزو لصالح أحد الأطراف إلا أنها رفضت الغزو ذاته وأعلن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني رفض إيران للإحتلال العراقي للكويت بأي شكل من الأشكال وطالبته بالإنسحاب الفوري وغير المشروط، وأعلنت رفضها لحصول العراق لأي مكاسب إقليمية من شأنها أن تُغير الوضع الجيواستراتيجي في المنطقة، ودعت إلى ضرورة إنهاء الأزمة بشكل سلمي حتى لا تكون ذريعة للتواجُد الأجنبي في المنطقة، وإن كانت إيران قبلت مع المراحل المُتقدمة للأزمة بالتواجُد الأجنبي بهدف إخراج العراق من الكويت فقط دون البقاء في المنطقة.([xxxiii])

وبعد انكسار قوة العراق العسكرية أصبح النظام الإيراني يتمتع بهامش واسع من حرية الحركة في المنطقة، مع قبول العراق بإتفاقية الجزائر لتحييد القوة الإيرانية خلال الأزمة، كما استغلت إيران الخلافات العربية– العربية في ظل ما ساد من تداعيات انتهاء حرب الخليج الأولى والخوف الخليجي من القوة العراقية،وظهرت عدة عوامل دولية وإقليمية أُخرى ساعدت على توطيد العلاقات الإيرانية الخليجية، فقد شهدت المنطقة تطوُرات هامة في مقدمتها دخول كل من الهند وباكستان النادي النووي، فالأولى تمتلك سواحل طويلة على الطريق المؤدي لبحرعمان والخليج والبحر الأحمر والثانية ترتبط ارتباطاً مباشراً بإيران عبر حدود برية تتجاوز الخمسمائة كيلومتر. ثم تصاعُد الأزمة الأفغانية وسيطرة طالبان وعلاقاتها الطيبة بباكستان. وبالمثل جاء التعاون الإستراتيجي العسكري بين تركيا وإسرائيل وانعكاساته السلبية على الأمن القومي العربي والإيراني على السواء دافعاً قوياً لتكريس الرغبة الإيرانية في الانفتاح على دول الخليج والمنطقة العربية عامة في وقت تذبذبت فيه عملية السلام ثم توقفت. وتطلعت إيران إلى أن تُصبح القوة الرئيسية في منطقة الخليج، فهي تمتلك من المقومات الموضوعية ما يسمح لها بذلك، سواحل على طول الخليج، تعداد سُكاني يحلها المرتبة الأولى بين دول المنطقة. وبعد الحظر على البترول العراقي أصبحت ثاني أضخم منتج للبترول بعد السعودية. ومن ثم تصف إيران نفسها كأكبر دولة في المنطقة وبالتالي صاحبة أكبر مصالح بها ولابد وأن تكون مسموعة الكلمة فيما يخُص شئون المنطقة. وهي ترغب في تأمين استقرار منطقة الخليج من خلال نظام أمن إقليمي تضطلع فيه إيران بدور قيادى مُهيمن طارد لأي وجود قوى من قبل قوة أُخرى من المنطقة، ومن باب أولى من خارجها سواء كانت عربية مُمثلة في دول إعلان دمشق أو غير عربية مُمثلة في الوجود الأجنبي.([xxxiv])

واستمرت أهمية البعد الاقتصادي في ظل "خاتمي" فتم التركيز على نقل التكنولوجيا وتطوير التجارة ولكن تحت مفهوم أشمل للتنمية يحوي ليس فقط الأبعاد السياسية بل الثقافية أيضاً، والتي استخدمتها إدارة "خاتمي" بكفاءة من أجل الحفاظ على جسور الحوار ممدودة مع الدول التي يتعثر تطوير العلاقة معها بالشكل الذي تطمح إليه إيران، وفي إطار السعي لتقديم رؤية إيرانية للنظام الدولي ودور إيران فيه، والإتجاه نحو مزيد من البراجماتية على نحو يُخفف الصراع بين مُتطلبات المصلحة القومية والمصلحة الأيديولوجية. وركزت إيران في توجُهها نحو العالم الخارجي خاصة الأمريكي والغربي على مفهوم ثقافي جديد وهو حوار الحضارات، في مُحاولة لنفي صورة الإرهاب والتطرف عنها والتي روجت لها وسائل الإعلام الأمريكية واليهودية بالأساس، وهو الحوار الذي نجح في إعادة السياسة الخارجية إلى مسارها الثقافي الصحيح بخلاف ما كان سائداً في الماضي من تركيز على الجانب الاقتصادي فقط. وأصبح توجه صانع القرار الإيراني نحو العالم الخارجي يقوم على استراتيجية ثقافية تنطلق من مُحاولة الترويج للثقافة والحضارة الإيرانية من أجل مزيد من النجاح في سياسة الإنفتاح على العالم التي لا بديل لإيران عنها في هذه اللحظة التاريخية التي يمُر بها النظام الدولي. ومن ثم عملت إيران على تحسين صورتها الخارجية والعمل على إعادة البناء الداخلي، لكن دون أن يكون ذلك على حساب تطوير قُدراتها التسليحية.

وبالرغم من تذبذب العلاقات الإيرانية الخليجية بسبب قضيتي الجزر واضطرابات البحرين، إلا أن إنفتاحاً شهدته تلك العلاقات في عهد "محمد خاتمي"،عبرت عن نفسها في شكل زيارات مُتتابعة التي قام بها رجال السياسة من دول الخليج إلى إيران، دلت على تنامي خطوات إعادة بناء الثقة بين الطرفين، إلى درجة أن هذه الزيارات تجاوزت السياسيين إلى أفراد المؤسسة العسكرية، كما حدث في زيارة "على شمخاني" وزير الدفاع الإيراني إلى المملكة العربية السعودية، وهي خطوة مُتقدمة في سلسلة الإشارات الإيجابية بين دول مجلس التعاون وإيران على حد وصف المُراقبين. ولقد ترجم هذا القبول والترحيب بيان القمة الخليجية ، الذي أعقب الاجتماع التشاوري الذي شهدته مسقط أواخر شهر إبريل 2000، إذ أكد زعماء مجلس التعاون حرصهم على إقامة علاقات وثيقة تحكُمها الثقة المُتبادلة، وحُسن الجوار واحترام حقوق الطرفين، وعدم التدخُل في الشئون الداخلية.([xxxv])

وكان نجاح التنسيق الإيراني- السعودي في مضمار (الأوبك) وسياسة إنتاج النفط سبباً في الحفاظ على الإجماع بين دول (الأوبك). وبإرتفاع أسعار النفط حققت إيران مكاسب اقتصادية وسياسية فزاد الثُقل الجديد لإيران في (الأوبك) من وزن إيران في المنطقة. ولعل النجاح الإيراني على صعيد (الأوبك) كان من بين الدوافع الهامة التي دفعت الولايات المتحدة لتخفيف بعض القيود على التجارة مع إيران.([xxxvi])

وفيما يخص العراق لم تنتقد إيران بالشدة المطلوبة الحرب الأمريكية على العراق عام 2003، حيثُ أن إضعاف العراق أمر لازم للإبقاء على توازُنات القوى في المنطقة، ولكنه الإضعاف بدون التقسيم بسبب التركيبة السكانية للإيرانيين والتي تتهدد في حالة إنشاء دولة كردية شمال العراق.([xxxvii]) ويُلاحظ أن الدور الإيراني في العراق في حقبة ما بعد "صدام حسين" قد أصبح من أهم الأدوار وتزداد خطورة هذا الدور في حالة حدوث أي تطوُرات في إتجاه فرض إقامة فيدرالية شيعية في الجنوب، لأن مثل هذا التطوُر لن يؤدي فقط إلى تهديد وحدة العراق وطرح سيناريو التقسيم للدول في الخليج، ولكنهُ قد يؤدي أيضاً إلى ظهور نزعات إنفصالية طائفية في بعض الدول الخليجية بدعم من إيران واقتداء بالنموذج الإيراني وهو ما يكشف مدى الأثر السلبي لزيادة النفوذ الإيراني داخل العراق على تهديد الأمن الإقليمي والأمن الوطني للدول العربية الخليجية.([xxxviii])

وقد زاد من قوة الدور الإيراني في المنطقة أنها تُجيد اللعب على أرض الغير، فالقادة الجُدد في العراق كانوا حُلفاء أساسيين لإيران وطارئين للولايات المتحدة الأمريكية بسبب تعاظُم الحالة العقائدية والإيديولوجية لهؤلاء مما جعل إنحيازهم لإيران إنحيازاً أساسياً فترة الأزمات والإستقطاب على حساب الدور الغربي، وهو ما إنعكس سلباً على علاقات إيران بدول الخليج، وحملت الأخيرة الولايات المتحدة الأمريكية تبعة الخلل في التوازن الإستراتيجي في المنطقة لصالح إيران. ذلك الوضع إزداد تكريساً مع وصول المُحافظين للحُكم بقيادة نجاد عام 2005 وترسُخ وجودهم في برلمان 2008، حيثُ أعادوا الحياة لشعارات الثورة الإسلامية بالترافُق مع حركة تصنيع عسكرية إيرانية في مجال الصواريخ بعيدة المدى والتركيز بشدة وصرامة على ضرورة إستكمال البرنامج النووي مما زاد من المخاوف الخليجية تجاه النوايا الإيرانية وتكسُر جدار الثقة الذي شُيد في العهد الخاتمي والتي لم تفلح في إعادتها الزيارات التي قام بها الرئيس "أحمدي نجاد" لكل دول التعاون خلال عامي 2005 و2007.([xxxix])

رابعاً: الرؤية الإيرانية لأمنها القومي والإقليمي:

تُواجه المُحاولات المُستمرة والدؤوبة من جانب إيران لتطوير قُدراتها العسكرية التقليدية وغير التقليدية بحذر كبير من جانب الدول الخليجية. وتنطويالتطورات المُتلاحقة في البرنامج الإيراني لتطوير قُدراتها النووية على انعكاسات استراتيجية بالغة الأهمية على الصعيدين الإقليمي والعالمي بصفة عامة ومنطقة الخليج العربي والدول المجاورة بصفة خاصة. حيثُ أن إمتلاك إيران لإمكانيات صُنع القنبلة النووية يُساعد على تعزيز مكانتها الإقليمية على مستوى الخليج والشرق الأوسط، لذا قررت إيران أن يكون لها ترسانة خاصة بها من الأسلحة النووية والبيولوجية والكيماوية وأنظمة إطلاق الصواريخ والتوجية الباليستية والجوالة لحماية أمنها القومي.([xl])

ويُمكننا أن نفهم أن مُحاولات إيران لإستعادة قُدراتها العسكرية وتطويرها واستعادة موقعها الإستراتيجي، قد دفعت البنتاجون لإعتبارها " الدولة التي تُشكل التهديد الرئيسي على منطقة الخليج بأكملها". وما تخشاه الولايات المتحدة - بعد إخفاقها في تطبيق سياسة الإحتواء المُزدوج- هو سعي إيران للسيطرة على مضيق "هرمز" والتحكُم في التجارة الدولية وتوريدات النفط الخليجي المارة عبره في حالة نشوب نزاعات مُسلحة بين إيران وجيرانها العرب في تلك المنطقة أو بينها وبين القوات الأمريكية المُعسكرة في قواعد أرضية ثابتة أو المُتواجدة على حاملات الطائرات القريبة من المنطقة. إذ يُمكن لإيران أن تلجأ إلى استخدام الألغام البحرية أو الصواريخ البعيدة المدى أو الهجمات الغواصة.([xli]) في الوقت الذي يحكُم نظرة إسرائيل إلى البرنامج النووي الإيراني رغبة إستراتيجية إسرائيلية في أن تظل القوة العسكرية الكبرى في منطقة الشرق الأوسط والدولة الوحيدة التي تملُك السلاح النووي في المنطقة، فهي منذ سنوات تسعى إلى إثارة الرأي العام ضد إيران، كما استغلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر لتحريض الإدارة الأمريكية وجر الولايات المتحدة إلى مُواجهة معها لتدمير قوتها النووية، خصوصاً بعد تجربة إطلاق صاروخ "زلزال" الإيراني والذي يستطيع حمل (500) كيلوجرام من المتفجرات ويصل مداه إلى (900) ميل، إضافة إلى نجاح إيران في تجربة إطلاق صاروخ "شهاب" في يوليو 2000 الذي يصل مداه حوالي (800) ميل، وينطلق بسرعة (4320) ميل في الساعة، ويستطيع حمل (1000) كيلوجرام من المُتفجرات، وهو قادر على ضرب أهداف في عمق إسرائيل.([xlii]) بل أن تلك التجربة أثارت تساؤلات حول علاقتها بأمن الخليج، لاسيما وأنها جاءت في وقت شهدت فيه العلاقات الخليجية الإيرانية تحسُناً على أكثر من صعيد. فالترسانة الصاروخية الإيرانية تُغطي بمدياتها كلاً من دولة الكويت والبحرين والعراق وشمال السعودية حتى العاصمة الرياض وذلك قبل امتلاك الصاروخ (سكود 4) والذي يُغطي جنوب تركيا وكل إسرائيل وحتى منتصف السعودية وقطر والإمارات.([xliii])



لذا فإن الفكر الإستراتيجي الإيراني يرتكز على توظيف إجمالي القُدرات العسكرية من أجل ردع أي هجمات أمريكية أو إسرائيلية أو أمريكية - إسرائيلية ضد المنشآت النووية الإيرانية، علاوة على حرص القيادة الإيرانية على توظيف التطوُر في القُدرات النووية الإيرانية من أجل تعزيز الموقف الإيراني في القضايا المتعلقة بأمن الخليج. ومن هنا فإن الترسانة النووية الإيرانية تُمثل تهديداً مُباشراً لأمن الخليج العربي على المديين القريب والمتوسط، في ظل التوجُهات الإيرانية لفرض الهيمنة على المنطقة، وربما كان اتجاه القيادة الإيرانية إلى الخيار النووي ناجماً عن العُزلة الإقليمية والدولية التي تُعاني منها إيران، إضافة إلى التفكير الإيراني القائم على المؤأمرة لضمان الأمن القومي الإيراني من التهديد الأمريكي الغربي والإسرائيلي أو حتى الإقليمي.([xliv])

ورغم المخاوف الظاهرة والكامنة من تطوير إيران لبرنامجها النووي، إلا أن هُناك حقيقة لابد وأن نعيها تماماً، وهي أن هذا البرنامج وإن كان يصُب في إتجاه تدعيم الدور القيادي الإيراني في المنطقة، إلا أن ذلك قد لا يعني أنه يستهدف بالضرورة أمن الخليج، فهل تحتاج إيران قنبلة نووية لتفرض هيمنتها وأمنها على منطقة الخليج، فواقع إيران الجغرافي والإقتصادي والسكاني وثرواتها النفطية وغير النفطية وموقعها الإستراتيجي ومصادر قوتها المعنوية مُقارنة بدول الخليج، يجعل منها قوة إقليمية لا يُمكن تجاهُلها أو الإستهانة بها. لذا هناك من يرى أن السعي الإيراني الحثيث وما تتعرض له من ضغوط دولية وعقوبات للوصول لهدفها من برنامجها النووي لا يُمكن أن يكون بهدف تحقيق تفوق عسكري وأمني على دول الخليج، بقدر ما يهدف إلى أن تشكل إيران قوة ردع نووية موازية للقوة الإسرائيلية، وهو الفرض الذي يُعززه الهياج الإسرائيلي والغربي ضد البرنامج النووي الإيراني لحشد قوى المجتمع الدولي ضد هذا البرنامج وتدمير أركانه، كما حدث مع القُدرات العسكرية العراقية من قبل ليظل التفوق العسكري في منطقة الشرق الأوسط لصالح إسرائيل، لذا يظل التحريض الاسرائيلي مُستمراً على "الخطر الإيراني الداهم" الذي سيهُدد ليس فقط الدولة العبرية بل سيجعل الشرق الأوسط أكثر سواداً وخطورة.([xlv])

هذا إلى جانب كون ذلك البرنامج يُمثل أداة ضغط وتهديد لكل دولة تقف ضد مشروع ملء الفراغ والقيادة الإيرانية للخليج، خصوصاً من دول الإقليم الخليجي. لذا فإن إيران تطرح نفسها كبديل إقليمي يُحقق التوازن الإستراتيجي بدلاً من القوات الأجنبية المُرابطة في منطقة الخليج. وهو استكمال للطرح الذي سبق وقدمته في فترات سابقة، والذي يقضي بإقامة تحالُف استراتيجي يضُم دول الخليج الست بالإضافة إلى إيران والعراق. كما يُعد استكمالاً للطرح الإيراني الخاص بأمن الخليج، والذي يرى أن هذا الأمن ينبغي أن يتحقق ذاتياً بقُدرات الدول المعنية وليس بمساعدة أي طرف خارجي. ومن ثم ترى إيران بأن مصالحها المُباشرة في الخليج تتطلب منها أن تظل أعيُنها مفتوحة على نفوذ الولايات المتحدة المُتزايد والذي يتم بالطبع على حسابها ومصالحها في المنطقة. ووفق المفهوم الإيراني لأمن الخليج فإن التدخُل الخارجي أو الوجود الغربي في المنطقة يُمثل التهديد الرئيسي لأمن الخليج. ونتيجة لهذا المفهوم، فإن إيران ترفُض الإتفاقيات والترتيبات الأمنية كافة التي تُعقد مع دول خارج المنطقة بما فيها العربية، حيثُ جاهدت إيران منذ مطلع القرن العشرين على إبعاد معيار العروبة من استراتيجيات الأمن الخليجي، كما أن المفهوم الإيراني لأمن المنطقة يربُط أمن الخليج مع أمن دول وسط آسيا حيثُ تُعتبر إيران نفسها الموازن والرابط بين طرفي الأمن بين الخليج العربي ودول وسط آسيا.([xlvi])

والتصور الأمني الإيراني الذي يرتكز على الرفض التام لأي تغيير يطرأ على الحدود السياسية يعني عدم استعدادها لرد الجزر الثلاث المُتنازع عليها بين إيران والإمارات، بل إنها تقوم بدعمها عسكرياً، مما يُشير إلى أن مُحاولات التقارُب في العلاقات الإيرانية الخليجية تتناقض مع الأفعال والتي لم ترق لمستوى القبول بحل سلمي ينهي احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث. فقد دعا قادة التعاون في قمم المجلس إلى ضرورة دعم إيران لمصداقية علاقاتها مع دول الخليج من خلال اتخاذها للإجراءات الفاعلة على طريق إنهاء مشكلة الجزر الثلاث والقبول بمساعي الأمين العام للأمم المتحدة ومبدأ التحكيم الدولي وهو ما لم تقبل بهما القيادة السياسية الإيرانية حتى الآن.

خامساً: تأثير البرنامج النووي الإيراني على الأمن الخليجي:

رغم بعض المؤشرات الإيجابية التي طرأت على العلاقات الإيرانية الخليجية في أعقاب أزمة الخليج الثانية وما تلاها من إضعاف لقوة العراق والإطاحة بنظامهِ السياسي، إلا أن هناك تناقُضاً بين ما تُطالب به إيران وما تُمارسه على أرض الواقع، ففي الوقت الذي تُطالب فيه برحيل القوات الأجنبية عن منطقة الخليج وإحداث مزيد من التقارُب مع الدول الخليجية الست، الأمر الذي يترتب عليه خفض مُعدلات الإنفاق على التسلُح، تسعى إيران لتطوير قُدراتها التسليحية بما يفوق احتياجاتها الفعلية، بل تنوع هذا التسلُح.([xlvii])

وتتمثل مُعضلة دول الخليج العربية نتيجة للبرنامج النووي الإيراني في موقفها الصعب الذي وجدت نفسها فيه. فهي من جهة لا تُريد أن تكون هُناك حرب جديدة في المنطقة ضد دولة لها عُمق شعبي وديني في دول الخليج العربية، ومن جهة أُخرى فهي لا تود أن تُصبح إيران قوة نووية تمتلك هذه القُدرات في المجال العسكري. هنا هو مكمن المُعضلة الأساسية لدول الخليج العربية، لذلك نجد مواقفها العلنية تُحبذ الخيار الدبلوماسي على غيره من الخيارات بإعتبار أنهُ أفضل السُبل التي ستؤدي إلى نزع فتيل التخوُف الخليجي وإبعاد شبح الحرب عن المنطقة من جهة، والدفع بإيران بعيداً عن أن تُصبح دولة بقُدرات نووية عسكرية.

فالسعي الإيراني لإمتلاك السلاح النووي يصُب في إتجاه تعميق الخلل القائم في توازنات القوى في منطقة الخليج ويُهدد الإستقرار في المنطقة، ويزيد من مُعضلة التوصُل إلى صيغة مُتفق عليها للأمن الإقليمي في ظل غموض النوايا الإيرانية وإستمرار الخلاف حول بعض القضايا المُتعلقة بالترتيبات الأمنية، وتزايُد التصريحات المُتشددة من داخل منظومة صُنع القرار الإيراني والإستمرار بإستخدام لفظ (الخليج الفارسي) والتشبُث به كمُسمى للإستحقاق التاريخي للخليج من جانب إيران إستكمالاً لمفهوم الدور الإقليمي لإيران بما يُعمق من الخلافات ويوسع الهوة بينها وبين جيرانها من دول مجلس التعاون. أضف إلى ذلك التأثيرات المُحتملة للسيناريوهات المفتوحة لمُستقبل الملف النووي الإيراني على أمن الخليج جنباً إلى جنب مع المخاطر البيئية المُتوقعة. وهو ما يجد تفصيله فيما يلي :

1- هذا الوضع يُمثل تكريس لحالة الخلل القائم في موازين القوى والتي تعكس تفوقاً عسكرياً وبشرياً إيرانياً، خاصة بعد الخروج الحالي للعراق من مُعادلة التوازن العسكري. فمُخصصات الإنفاق العسكري الإيراني تحظى بأهمية قصوى في ميزانية الدولة، لما يُحققه ذلك من تحقيق الهدف القومي لإيران في بناء قاعدة عسكرية صناعية مُتميزة، ولتحديث القوات المسلحة ولإمتلاك أسلحة ردع. ورغم أن الإنفاق االعسكري الإيراني بدا مُتواضعاً في بداية التسعينيات مُقارنة بعقد الثمانينيات نتيجة المشاكل الاقتصادية والهزيمة التي واجهتها إيران عام 1988 ونتيجة للتوتر الذي ساد المنطقة بسبب حرب الخليج الثانية، حيثُ تقلص الإنفاق العسكري على الدفاع من 12.2 مليار دولار عام 1987 إلى 8.9 مليار دولار عام 1989، ثم إلى 8.9 مليار دولار عام 1990، حتى وصل إلى 4.2 مليار دولار عام 1995.

إلا أن الإنفاق بدأ يأخُذ في الزيادة تدريجياً مرة أُخرى إلى 4.7 مليار دولار عام 1997 بنسبة 6.9% من الناتج القومي، ثم ارتفعت مُعدلات الإنفاق العسكري خلال عام 1998 إلى 5.8 مليار دولار، و 5.7 مليار دولار عام 1999 بنسبة 8.17% من الناتج القومي، ثم يصل أقصى مُعدل له عام 2000 نتيجة ارتفاع عائدات البترول حيثُ وصل إلى 7.5 مليار دولار في ذلك العام.([xlviii]) ثم عاد مؤشر الإنفاق للهبوط خلال السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين ليصل أقل مُعدلاته عام 2001 بقيمة إجمالية 3.029 مليار دولار، ثم ما لبث أن أخذ في التزايُد عاماً بعد عام ليصل إلى 6.5 مليار دولار عام 2006 ثم إلى 7.2 مليار دولار عام 2007. وهذا التزايُد المُستمر في الإنفاق العسكري الإيراني يُمثل أحد الأركان المُهمة في العقيدة الإستراتيجية لإيران، والتي تقضي بأن تطوير قُدراتها العسكرية يُمثل أحد الأوراق المُهمة التي يُمكن لإيران من خلالها تأكيد هيمنتها على المنطقة وتفوقها العسكري، كما يُمثل في الوقت ذاته أحد الإعتبارات التي تُدرك إيران أن الولايات المتحدة الأمريكية تأخُذها بعين الإعتبار جيداً ضمن الخيارات المُتاحة أمامها في التعامل معها بشأن ملفها النووي.([xlix]) كما أن نجاح إيران في الحصول على السلاح النووي وما يرتبط به من تغيُرات استراتيجية سيكون دافعاً لدول الخليج نحو تطوير أنظمتها الدفاعية وقُدراتها العسكرية بل الدخول في المزيد من التحالُفات الغربية مما يزيد من حدة سباق التسلُح في المنطقة.([l])

2- من الركائز الأساسية للإستراتيجية القومية الإيرانية ضرورة هيمنة إيران الفارسية على (الخليج الفارسي) وأن يتم الإعتراف إقليمياً ودولياً بها، لذلك فإن عليها التصدي بكُل الطُرق والوسائل لمُواجهة أى جهود أو إجراءات تعوق ذلك كجزء أساسي من الأمن القومي الإيراني، وهو ما يفرض عليها إمتلاك قُدرات ذاتية عسكرية وإقتصادية وتقنية تفوق حاجتها الدفاعية والذي ينعكس بدوره على التوازُن الإستراتيجي الإقليمى لتُصبح قوة إقليمية مُهيمنة.([li]) فالطموح الإقليمي لإمتلاك السلاح النووي، يجعلها تتصدي لكل من يُعارض تلك الرغبة خاصة وإن جاءت تلك المُعارضة من دول الخليج التي تعتبرها إيران مجالاً حيوياً لسياستها الخارجية، وترى لنفسها فيها دوراً يصعُب- إن لم يكُن يستحيل- التنازُل عنه مهما كلفها ذلك، إنطلاقاً من كون السياسات الإيرانية في تلك المنطقة هى العائق الأساسي أمام المشروع الأمريكي الذي يُمثل خصماً من قوة الدور الإيراني فيها.([lii])

3- إن إمتلاك إيران سلاحاً نووياً يؤدي إلى صعوبة حقيقية في التوصُل إلى صيغة مشتركة للترتيبات الأمنية في المنطقة، التي هي في الأصل من القضايا الخلافية فى العلاقات الإيرانية - الخليجية، خاصة ما يتعلق فيها بمسألة الوجود الأجنبي في تلك الترتيبات. ومن ثم فإن إصرار إيران على امتلاك السلاح النووي من شأنه أن يعوق إمكانية التوصُل إلى صيغة أُمنية مستقبلية لمنطقة الخليج وينسف كافة الجهود التي بذلها الجانبان لسنوات مضت لبناء الثقة ونبذ اللجوء للقوة في حل الخلافات وإرتضاء التفاوُض ومبادئ حُسن الجوار والمنافع المُتبادلة كأُسس للتعامُل البيني. وهم ما يدفع دول مجلس التعاون الخليجي فى سعيها لإقامة صيغة أُمنية مُشتركة في الخليج لأن تحصُل على ضمانات دولية مُلزمة من المجتمع الدولي بشأن إجراءات بناء الثقة مع كافة الأطراف الإقليمية ومنها إيران، وأول هذه المُتطلبات عدم تهديد أمن تلك الدول سواء بإمتلاك الأسلحة النووية أو غيرها.

4- التحرُك الخليجي في مُواجهة البرنامج النووي الإيراني يتردد بين خيارات ثلاثة أولها: بدء برنامج نووي سلمي يتم تحويله مُستقبلاً إلى برنامج عسكري على غرار ما قامت به الدول النووية في العالم، وثانيها: الدخول في تحالُفات استراتيجية علنية مع قوى نووية للحصول على مظلة نووية لتأمين ردع استراتيجي تجاه إيران، وثالثها: شراء سلاح نووي جاهز. ويبدو أن دول الخليج قد إنحازت للخيار الأول لأن تكلفته السياسية أقل، وهو ماعبر عنه البيان الختامي لقمة الرياض عام 2006، والذي أكد على الرغبة الخليجية في تطوير برنامج مُشترك في مجال التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية طبقاً للمعايير والأنظمة الدولية، مُشيراً إلى أنهُ يُمثل حقاً لدول المنطقة في امتلاك الخبرة في مجال الطاقة النووية للأغراض السلمية طالما خضع للشروط الواردة في الإتفاقيات الدولية ذات الصلة". وبالتالي فقد تشهد المنطقة سباقاً نحو التسلُح النووي إذ أن دول الخليج ستكون ضمن دائرة سباق نووي حاد.([liii])

5- و يزيد من تلك المخاطر إنفتاح السيناريوهات المستقبلية للبرنامج النووي الإيراني على كافة التوقعات. وهي على النحو التالي:

أ‌- السيناريو الأول :

الإستمرار في مُحاولات تسوية ملف البرنامج النووي الإيراني سلمياً من خلال المفاوضات المُباشرة وغير المُباشرة الثنائية ومُتعددة الأطراف بين كافة الأطراف الدولية المعنية وإيران في سبيل التوصُل إلى حل سلمي يرضي كافة الأطراف، مع تزامن تلك المفاوضات بإستمرار فرض العقوبات الاقتصادية، ويُعتبر هذا السيناريو هو المُرشح للإستمرار في الوقت الحالي، بعد فشل جهود الترويكا الأوروبية(ألمانيا وبريطانيا وفرنسا) لإثناء إيران عن مشروعها النووي بعد التشدُدِ الذي أظهرته إدارة الرئيس "أحمدي نجاد" في هذا الملف.

ومن ثم توسعت دائرة التفاوض الغربية لتشمل مجموعة (5+1)، والتي إجتمعت على هدف واحد وهو السعي نحو عدم تمكين إيران من امتلاك برنامج نووي ذي صبغة عسكرية، ونجم عنه تحويل الملف إلى مجلس الأمن الذي أصدر بدوره خمسة قرارات تتعلق بمجموعة مُتدرجة من العقوبات الاقتصادية والفنية المُتصاعدة ضد إيران عامة وضد سعيها لإمتلاك قُدرات تكنولوجية نووية متقدمة بصفة خاصة، وهي القرار 1696 بتاريخ 31 يوليو 2006، والقرار 1737 بتاريخ 23 ديسمبر 2006، القرار 1747 بتاريخ 24 مارس 2007، القرار 1803 بتاريخ 3 مارس 2008، والقرار 1929 بتاريخ 9 يونيو 2010.([liv]) ذلك جنباً إلى جنب مع تقديم حزمة من الحوافز لإيران من أجل تشجيعها على التخلي عن برنامجها الخاص بتخصيب اليورانيوم مع ضمان عدم توجيه ضربات عسكرية ضدها. وهي الحوافز التي وصفها "أحمدي نجاد" يوماً ما بالجاتوه مقابل الذهب الإيراني الذي هو امتلاك تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم ودورة الوقود النووي الكاملة. ومن هنا نشهد إصراراً إيرانياً على المُضي قُدمَاً في برنامجها النووي للوصول إلى هدفها المنشود مما يحمل معه إستمرار لحالة الترقُب والقلق من جانب الدول الخليجية تجاه النوايا الإيرانية غير المُعلنه من وراء ذلك البرنامج وإستمراراً لحالة عدم الثقة التي تلقي بظلالها السلبية على المناخ السياسي والأمني والإستراتيجي في المنطقة. أضف إلى ذلك تأثُر علاقات التبادُل التجاري بين إيران ودول الخليج، خصوصاً إمارة دبي، بالعقوبات الدولية ضد إيران، مما قد يُكبدها خسائر مادية كبيرة.


ب‌- السيناريو الثاني :

وهو السيناريو الذي لم تستبعده الإدارة الأمريكية وأشارت إلى إمكانية حدوثه منذ عام 2004. وهو يفترض توجيه ضربة عسكرية استباقية للمنشآت النووية الإيرانية بهدف تدميرها، سواء أكان ذلك من خلال عمل عسكري أمريكي مُباشر، أم من خلال ضربة إسرائيلية لهذه المنشآت في إطار الحرب بالوكالة. وهو سيناريو يحتاج حشد وتهيئة الرأي العام الدولي ضد إيران لتنفيذ أعمال عسكرية واسعة النطاق بخسائر بشرية تتعدى حدود إيران بما يُطال منطقة الشرق الأوسط والقوقاز وآسيا الوسطى وبحر قزوين.([lv])

هذا السيناريو لا يرتبط بتوقيت زمني مُحدد لكنه يرتبط بمدى تطوُر البرنامج النووي الإيراني، وتهيئة المسرح الدولي والموقف الداخلي الأمريكي لتقبُل القيام بعملية عسكرية ضد إيران. كما أنهُ قد يأتي تطويراً لسيناريو فرض العقوبات الدولية على إيران، إذا رأت الدول الكبرى، خصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية، أن العقوبات لم تعُد فعالة، أو أنها ترغب في وقف إيران عن امتلاك السلاح النووي، كما يُمكن أن يحدُث في أوقات الجمود والتأزُم التي تمُر بها عملية المُفاوضات، خاصة وأن تياراً هاماً داخل الإدارة الأمريكية يُطالب وبشدة بضرب المنشآت النووية الإيرانية، للحيلولة دون تمكينها من إنتاج السلاح النووي.([lvi]) في الوقت الذي يرى فيه العديد من أعضاء النُخبة الحاكمة في ايران بأن الصراع مع الغرب من أجل البرنامج النووي يُمثل إحدى الطُرق لإحياء الحماس الثوري، وأن إصرار إيران على إمتلاك القُدرات النووية يُعظم من مكانتها على المستويين الإقليمي والدولي ويمنحها الجرأة والثقة في التعامُل مع القوى الغربية وخاصة الولايات المتحدة الامريكية.([lvii])

وفي ظل هذا المناخ المشحون بمزيج من العوامل العقائدية والسياسية والإستراتيجية، تبدو الخيارات المُتاحة للخروج من المأزق الدولي الراهن بالوسائل السلمية ضئيلة، وهو ما يجعل شبح الحرب إحتمال قائم يحوم حول تلك المنطقة التي لم تهدأ يوماً، وتلك الحرب إذا وقعت، ستكون مُختلفة عن سابقيها سواء مسرحها الجغرافي، أو في المتورطين فيها، أو في وسائلها وأسلحتها، أو في حجم العُنف المُرافق لها، وأخيراً في تداعياتها السياسية والأمنية. حيثُ أن النتائج المُترتبة على وقوعها سوف تكون وخيمة للغاية لدرجة أنهُ قد بات واجباً على كُل الأطراف أن تحترس بشدة لتجنيب المنطقة أي فُرصة تؤدي إلى اللجوء إلى هذا الخيار، ولمنع تحوُل المنطقة إلي كُرة من اللهب بإعتبار أن هذا الخيار هو بمثابة "سيناريو الجحيم". كما عبر عنه "د. محمد البرادعي" المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية.([lviii]) ذلك السيناريو الذي يصعُب التكهُن بنتائجه سواء كان ضربة استباقية أو عمليات عسكرية مُتصلة يضع أمن الخليج في مأزق حقيقي، حيثُ لن تكون الدول الخليجية الست بمنأى عن تداعياتهِ رغم إعلانها غير ذي مرة أنها لن تسمح بإستخدام أراضيها لضرب طهران حال حدوث ذلك. إلا أن تواجُد نسبة كبيرة من الشيعة داخل تلك الدول يوفر الأرضية اللازمة لإنطلاق أعمال إنتقامية وإرهابية وتخريبية على أراضي تلك الدول، بالتوازي مع القُدرة الإيرانية على إغلاق مضيق "هرمز" والذي من شأنه حرمان سوق النفط العالمية من ربع إمداداتها تقريباً والتسبُب في أزمة عالمية بالغة الخطورة.([lix]) ومن ناحية أُخرى فإن أنظمة الصورايخ الإيرانية أرض- بحر بإمكانها أن تشمل مياه بحر عمان طولاً وعرضاً، وبالتالي فإن كافة السفن التي تمُر في الخليج لن تكون ببعيدة عن مدى الصواريخ الإيرانية خاصة إذا قامت إيران بنشر صواريخ مضادة للسفن بالجزر الإماراتية المحتلة. فضلاً عن التهديد الإيراني بإستهداف القواعد العسكرية الأمريكية في الخليج، وهو ما صرح به مسؤولون إيرانيون بأن إيران ستقوم بضرب القواعد العسكرية، والآبار، والمصافي النفطية، ومحطات الكهرباء، حال تعرُض إيران لعمل عسكري أمريكي.([lx]) وهو ما يحمل معه دمار هائل لدول الخليج يصعُب تجاوز آثاره.

ج- السيناريو الثالث :

تمكنت إيران من إنتاج السلاح النووي وإعلان ذلك بشكل رسمي ويأتي ذلك من خلال مُقاومة الضغوط الدولية والعقوبات الاقتصادية وتسيير المُفاوضات مع الأطراف المعنية لتصُب في مصلحتها، مع استغلال المُتغيرات الدولية والإقليمية، خاصة وأن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعُد اللاعب الوحيد في الساحة الدولية ومع إنشغالها بالعديد من الملفات التي لاتزال مفتوحة.

هذا السيناريو له وجهان، الأول يتعلق بصدق التصريحات الإيرانية حول سلمية برنامجها النووي ومن ثم الإفلات ببرنامج نووي سلمي، أما الثاني فيُظهِر الوجه الأخر للبرنامج النووي الإيراني عندما تنجح إيران في إمتلاك برنامج نووي عسكري.

أما الحالة الأولي، فلا نعتقد أنها تنطوي على ما يُعكِر صفو السلم والأمن الإقليمي ولا الدولي، لأنهُ حق مشروع لكافة الدول طالما إلتزمت إشتراطات الأمان الدولية ذات الصلة وتعهدت بعدم تطويره للإستخدامات العسكرية، وهو ما يفتح المجال أمام دول المنطقة لولوج البرامج النووية السلمية طالما إمتلكت القُدرة المادية والفنية لذلك. وهو الحادث فعلاً في مصر ودول الخليج، مما قد يخلق حالة من الترتيبات الثُنائية والجماعية ترتبط بإجراءات الأمان النووي وضمان عدم الإعتداء على المُفاعلات النووية وكذلك الترتيبات الخاصة بدفن النفايات النووية، وهو ما قد يقود بإتجاه إخلاء المنطقة من الأسلحة النووية.

أما في حالة إمتلاك إيران للسلاح النووي إلى جانب إسرائيل، فإن مثل هذا التطوُر سيُمثِل إنقلاباً إستراتيجياً، سواء في ميزان القوى الإقليمية أو في أنماط التفاعُلات الإقليمية المُترتبة عليه. فهو من ناحية قد يقبل هذا كأمر واقع من جانب دول المنطقة لموازنة القُدرات الإسرائيلية في هذا المجال مع الإستعداد لعدم تبني أو المُشاركة في أي مواقف تصعيدية ضد إيران في هذا الصدد. وهو ما يُحقق لإيران هدفها في القيادة والهيمنة إقليمياً وشرق أوسطياً.

أما في حالة إنكار دول المنطقة على إيران إمتلاك السلاح النووي، فإن تداعيات ذلك الوضع ستخلق حالة من عدم الإستقرار الإقليمي، إذا استشعرت تلك الدول، لاسيما دول الخليج، قدراً عالياً من التهديد للأمن والإستقرار الوطني والإقليمي، وهو ما قد يفتح المجال أمام سباق نووي محموم لإمتلاك ذلك السلاح ينهى ما تبقى من أمال لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل. أو أن ذلك يفتح المجال أمام الدول غير القادرة للبحث عن مظلة نووية من جانب الدول الكبرى المالكة لذلك السلاح تنفيذاً لنصوص مُعاهدة منع الإنتشار النووي، وهو ما قد يتسبب في حدوث تصعيد أمني في منطقة الخليج، علاوة على أن دول المنطقة ستجد نفسها طرفاً في أي مُواجهة عسكرية قد تنشأ بين إيران والقوي الكبرى. وهي كلها أمور تدفع بإتجاه فشل الآليات الدولية القائمة عبر الأمم المتحدة في منع الإنتشار النووي.

6- هذا إلى جانب الآثار البيئية للبرامج النووية الإيرانية، حيثُ توجد دلائل علمية عديدة على أن المنشآت النووية الإيرانية لم تنشأ وفقَ القواعد العلمية المرعية في ذلك، فمُفاعل (بوشهر) الذي يقع على بعد نحو 150 ميل من مدينة الكويت يعتمد بصفة أساسية على تقنيات روسية لا تملُك عناصر الأمان النووي. وهو ما يعني أن دول الخليج تظل مُعرضة لخطر تسرُب الإشعاعات من تلك المنشآت. وهو الخطر الذي يزداد حال الإحتكام لسيناريو توجيه ضربة جوية إلى المنشآت النووية الإيرانية والذي من شأنهِ أن يؤدي إلى كابوس نووي أكبر حجماً وأبعد تأثيراً من كارثة (تشرنوبل 1986)، بسبب تسرُب الإشعاعات النووية من المُفاعلات والمصانع، وهو ما قد يؤدي إلى خسائر بشرية بالغة الخطورة والمدى. وهو ما قد يحدُث أيضاً في حالة عدم اللجوء للخيار العسكري وذلك لوقوع إيران في محيط منطقة جيولوجية نشيطة زلزالياً - كما هو في اليابان- بما يعني أن زلزالاً قد يُسبب حادثاً نووياً تكون أثاره الكارثية أكثر وضوحاً على دول مجلس التعاون الخليجي منها على إيران، والتي قد تودي بحياة نحو مائتي ألف نسمة. كما أن تلوث مياه الخليج نتيجة إلقاء إيران لمُخلفاتها النووية فيها من شأنهِ أن يؤدي إلى تلوث إشعاعي تستمر آثاره لسنوات وتقود إلى إغلاق محطات تحلية المياه على السواحل العربية.([lxi])


الخاتمة

يُمكن الخروج بالحقائق التالية حول البرنامج النووي الإيراني وإشكالية التعامُل معه:

الحقيقة الأولى: أن المشروع النووي الإيراني هو مشروع مُمتد يرتبط إرتباطاً وثيقاً برؤية إيرانية خالصة لمصالحها القومية، ورغبة قديمة ومُتجددة في تبوأ مركز الصدارة في قيادة منطقة الخليج والوقوف ضد كل المُحاولات التي قد تأتي من خارج المنطقة سواء كانت عربية أو دولية للمُشاركة في ترتيب البيت الخليجي ونسج خيوط صيغْه الأمنية، بإعتبار أن ذلك يُمثل تهديداً لأحلام فارسية مُمتدة الجذور للسيطرة على تلك المنطقة ومُنازعتها المجال الحيوي لسياستها الخارجية.

الحقيقة الثانية: ما من شك أنهُ حتى إذا لم تكن إيران قد نجحت أو حتى حاولت إنتاج أسلحة نووية، فإن ذلك لا يمنع من القول إنها فكرت في هذا الأمر، حيثُ فرضت عليها الأوضاع الدولية والإقليمية في السابق إمتلاك قُدرات عسكرية بمُواصفات تُمكنها من التعامُلِ مع هذه المُتغيرات، ومما يزيد من توجُهِ إيران إلى إمتلاك القُدرات العسكرية، تلك الضغوط الأمريكية المُتزايدة عليها بعد احتلالها العراق بحجة أنها تسعى لإمتلاك أسلحة نووية، وأنها تأوي عناصر إرهابية، وأنها تُعادي التسوية السلمية في المنطقة، وتعقّد الوضع في العراق. هذه الضغوط جعلت القادة الإيرانيين يُركزون على إمتلاك القُدرة على الدفاع عن أراضيهم في ظل التحرُشات الأمريكية والإسرائيلية التي خلقت شعوراً بأن بلادهم صارت الهدف التالي للولايات المتحدة بعد العراق، كما أوجدت قناعة بأن أحد الأهداف من غزو العراق هو تطويق الأراضي الإيرانية. كل هذه الحقائق جعلت الإيرانيين يُركزون على تطوير القُدرات التسليحية لبلادهم، سواء في المجالات التقليدية أو غير التقليدية، حيثُ يوفّر ذلك قُدرات عالية لمُواجهة أي هجمات أمريكية أو إسرائيلية ضدهم، كما يُساعدهم في الوقت نفسه على إقناع الولايات المتحدة بقبول طهران كمركز قوة إقليمية كبرى، وبما يترتّب على ذلك من الإحتفاظ لإيران بدور رئيسي في جميع التفاعُلات الإقليمية.

الحقيقة الثالثة: وعلى الرغم من أن دول مجلس التعاون الخليج أعلنت أنها لا تُعارض امتلاك إيران للطاقة النووية لأغراض سلمية طالما كانت في إطار مُعاهدة الإنتشار النووي، وأنها تؤيد الحل السلمي للأزمة وأن أراضيها لن تكون مُنطلقاً لأي أعمال عسكرية ضد إيران. إلا أنها لم تُبلوِر موقف مُوحد تجاه البرنامج النووي الإيراني، بل جاءت المواقف مُتباينه تعكس مصالح كل منها وفقاً لإدراك كل منها لمخاطر السلاح النووي الإيراني، وهو ما انعكس في غياب الإشارة صراحة إلى "البرنامج النووي الإيراني" في البيانات الختامية لقمم مجلس التعاون لدول الخليج العربية، رغم مطالبتها بجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل بما فيها منطقة الخليج مع الإشارة تحديداً إلى إسرائيل التي طالبتها البيانات بالإنضمام إلى معاهدة منع الإنتشار النووي. ذلك فيما خلا بيان قمة الدوحة 1996 الذي نص صراحة على إيران، حيثُ أشار البيان إلى "قلق المجلس من سعي إيران المُتواصل لإقتناء وبناء ترسانات من أسلحة الدمار الشامل وقُدرات تسليحية تقليدية وغير تقليدية تفوق الإحتياجات الدفاعية المشروعة". ويجد ذلك التبايُن تفسيره في تبايُن مصالح دول الخليج ذاتها، فالكويت تُركز على المخاطر البيئية لذلك البرنامج بإعتبارها أكثر الدول تعرُضاً لتك المخاطر حال حدوثها. وبينما لا تشُك عمان والإمارات في سلمية البرنامج النووي الإيراني، ترى المملكة العربية السعودية في إيران النووية خللاً في توازن القوى الخليجي عموماً ومع المملكة تحديداً بإعتبارها المُنافس التقليدي لإيران، وتتحدد مخاوف المملكة في إمكانية استغلال إيران نفوذها في العراق لتعزيز هيمنتها الإقليمية حال حدوث انسحاب أمريكي من العراق، فضلاً عن ارتباط السياسة السعودية الإقليمية بالتوتُرات بين السُنة والشيعة، حيثُ إنها تُشكل الزاوية التي ينظُر من خلالها قطاع كبير من الرأي العام السعودي إلى الأوضاع الإقليمية عموماً. هذا التشرذُم في الموقف الخليجيي من البرنامج النووي الإيراني قد لا يُرتب سوى نتيجة واحدة إرتأرها الأمين العام الأسبق لمجلس التعاون الخليجي الدكتور "عبدالله بشارة" وهي أن إيران النووية بهذه السياسات تفرض "حق الإملاء الإستراتيجي" علي دول الخليج، يُدعمه عدم وجود رؤية خليجية مُوحدة تجاه التطوُرات الإقليمية الراهنة في ظل جهود إيران لإستكمال مشروعاتها السياسية والأمنية في المنطقة.([lxii])

الحقيقة الرابعة: أن أي حل دبلوماسي يُمكن أن يصل إليه المجتمع الدولي مع إيران حول برنامجها النووي هو حل سيبقى مؤقتاً ولن يقطع جذور الأطماع الإيرانية في أن تُصبح قوة عسكرية نووية. بمعنى آخر، إذا لم تُصبح إيران في الوقت الراهن قوة نووية فإنها لا محال أن تكون كذلك في المستقبل. وهو حال القوى النووية التي سبقت إيران في هذا المجال كالصين والهند وباكستان وكوريا الشمالية رغم ما تم مُمارسته ضدها من ضغوطات طالما أن هُناك رغبة في عدم التخلي عن هدف الولوج للنادي النووي، وهي رغبة يُمكن أن نستيقنها في الحالة الإيرانية. ومن ثم فإن أفضل الخيارات لمُواجهة تلك المُعضلة هى خلق حالة من التوازن مع الجار الإيراني، بما يعني أنه كما تتوافر لدول الخليج الآن استراتيجية قائمة على التعامُل مع إيران وكسب ودها كي ترضخ للحل السلمي بشأن برنامجها النووي والتي من شأنها تأجيل المطامع الإيرانية، فلا بد أيضاً أن تتوافر استراتيجية مستقبلية في كيفية التعامُل مع إيران عندما تُصبح واقعاً نووياً في المنطقة.

المراجع

[i]) البرنامج الذي أعلنه "إيزنهاور" أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 ديسمبر عام 1953، والذي يهدف إلى إتاحة الطاقة الذرية أمام الإستخدامات السلمية كالتنمية وتوليد الطاقة دون أن تستخدم في التسليح والدمار.

([ii]) د. أحمد إبراهيم محمود، البرنامج النووي الإيراني: آفاق الأزمة.. بين التسوية الصعبة ومخاطر التصعيد، (القاهرة، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، سبتمبر 2005) ص ص.25-28.

([iii]) أحمد إبراهيم محمود، البرنامج النووي الإيراني: بين الدوافع العسكرية والتطبيقات السلمية، مختارات إيرانية, العدد 6, يناير 2001



([iv]) Anthony H. Cordsman, "Iranand Nuclear Weapons: A Working Draft", Center for Strategic and International Studies, 7/2/2000.

([v]) محمد سعيد عبدالمؤمن، " الأزمة النووية الإيرانية"، صحيفة الأهرام، العدد (42597)،بتاريخ 23/6/2003.

([vi]) لواء د. ممدوح حامد عطية، لواء د. عبد الرحمن رشدي الهواري، لواء د. محمد جمال الدين مظلوم، البرنامج النووي الإيراني والمتغيرات في أمن الخليج، مراجعة/ جلال عبدالفتاح (القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2003) ص.380.

([vii]) أنتوني كوردسمان، "قدرات إيران العسكرية: هل هي مصدر تهديد؟"، في، د.جمال السويدي ( وأخرون، إيران والخليج: البحث عن الإستقرار(أبوظبي، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، ط1، 1996) ص. ص. 398-400.

([viii]) د. ممدوح أنيس فتحي، صراع الصواريخ في الشرق الأوسط، سلسلة كراسات إستراتيجية، القاهرة، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام ، السنة السابعة العدد 59، 1997.

([ix]) عبد الجليل زيد المرهون، أمن الخليج وقضية التسلح النووي، (البحرين، مركز البحرين للدراسالت والبحوث، 2007) ص ص.206-207.

([x]) علي المليجي علي،"الأزمة النووية الإيرانية"، مجلة كلية الملك خالد العسكرية، العدد 75، 1/12/2003

([xi]) عبدالرحمن محمد ميلباري، معاهدة حظر الإنتشار النووي : الجائز والمستحيل، مجلة كلية الملك خالد العسكرية ، العدد (75)، ديسمبر 2003.

([xii]) بشير عبدالفتاح، "المسألة النووية الإيرانية : تسوية أم هدنة" ، مجلة السياسة الدولية ، العدد (159) ، يناير 2005 ، ص166.

([xiii]) إيران تطلب فض أختام الوكالة عن منشآتها النووية، صحيفة الأهرام، العدد (43498)، بتاريخ 9/1/2006.

([xiv]) أحمد رضا، "أمريكا وإيران: الرقص على حبل العراق"، صحيفة الأهرام، العدد (43573)، بتاريخ 25/3/2006.

([xv]) راجع في ذلك ، جريدة الشارقة بتاريخ 12/4/2006، وجريدة الحياة بتاريخ 13/4/2006.

([xvi]) جيرالد جرين، " إيران وأمن الخليج"، في، ديفيد لونج وأخرون، أمن الخليج في القرن الحادي والعشرين، (أبوظبي، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، ط1، 1998) ص.36.

([xvii])علي حسن باكير، "السعودية وخيارات الرد على إيران نووية"، مجلة آراء حول الخليج، العدد 59، أغسطس 2009، ص.22.

([xviii]) جيمس نويز، "البرنامج النووي الإيراني وتأثيره في أمن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية"، في، البرنامج النووي الإيراني: الوقائع والتداعيات، (أبوظبي، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، ط1، 2007) ص.83.

([xix]) جيفري كيمب، "تأثير البرنامج النووي الإيراني في أمن الخليج"، في، جمال السويدي(محرر)، الخليج : تحديات المستقبل ، (أبوظبي، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية،2005) ص.235.

([xx]) أحمد إبراهيم محمود، "البرنامج النووي الإيراني: بين الدوافع العسكرية والتطبيقات السلمية"، مرجع سبق ذكره.

([xxi]) التقرير الإستراتيجي العربي 2006-2007، "الموجة الثالثة: مشكلات الإنتشار النووي في الشرق الأوسط"، (القاهرة ، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، 2007) ص.130.

([xxii]) أحمد إبراهيم محمود، "البرنامج النووي الإيراني: بين الدوافع العسكرية والتطبيقات السلمية"، مرجع سبق ذكره. كذلك أنظر، طارق عويس عبدالصمد، إيران بين الحاضر والماضي ، بحث فردي، كليةالدفاع الوطني، أكاديمية ناصرالعسكرية العليا، القاهرة، يوليو 2007. ص. 11.

([xxiii]) العميد الركن/ صالح بن عبدالعزيز القنيعير، السياسة الخارجية الإيرانية وأثرها علي الأمن القومي العربي 1979-1995، رسالة دكتوراة غير منشورة (أكاديمية ناصر العسكرية العليا، كلية الدفاع الوطني، 1998) ص. 24.

([xxiv]) د. فاروق يوسف، القوة السياسية: اقتراب واقعي من الظاهرة السياسية ( القاهرة، مكتبة عين شمس، الطبعة الثانية ، 1985 ) ص ص: 6-7.

([xxv]) أشرف محمد كشك، "الرؤية الإيرانية للتفاعلات الإقليمية"، مختارات إيرانية، العدد 23، يونيو 2002، راجع أيضاً عبد العزيز الدوري، "العلاقات التاريخية بين العرب والإيرانيين" : الورقة العربية ، في العلاقات العربية الإيرانية:الاتجاهات الراهنة وآفاق المستقبل (بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، 1996 ) ص : 45.

([xxvi]) مايكل بالمر، حراس الخليج: تاريخ توسع الدور الأمريكي في الخليج العربي 1833-1992، ترجمة (نبيل زكي)، (القاهرة، مركز الأهرام للترجمة والنشر، ط1، 1995) ص ص.92-94.

([xxvii]) بهمان بختياري، المؤسسات الحاكمة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، في ، د. جمال السويدي(محرر)، إيران والخليج: البحث عن الإستقرار(أبو ظبي، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الطبعة الأولى، 1996) ص . 73 .

([xxviii]) خالد العوامله، الثورة وشرعية النظم السياسة العربية، رسالة ماجستير (جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 1992) ص . 347.

[xxix]) ) Kenneth Thompson, Behind Iranian Lines (London, Robinson Books, 1988) P.82.

([xxx]) للتعرف علي العوامل التي أدت لقيام مجلس التعاون الخليجي في 25 مايو 1981 راجع مايلي:

- د. عبد الله الأشعل، الإطار القانوني والسياسي لمجلس التعاون الخليجي (القاهرة، دار النهضة العربية، 1988) ص 17.

- نواف مساعد عبد العزيز آل سعود، مجلس التعاون لدول الخليج العربية دراسة قانونية سياسية في التنظيم الدولي الإقليمي، رسالة ماجستير(جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 1988)ص ص:99-100.

([xxxi]) لواء د. كمال أحمد عامر، الدور المصري والعربي في حرب تحرير الكويت.الجزء الأول ( القاهرة ، الهيئة المصرية العامة للكتاب، سلسله تاريخ المصريين، رقم 208، 2001) ص ص : 30-31.

([xxxii]) Soharb Shahabi, A Review of Iran' s Five- Year Development Plan , The Iranian Journal of International Affairs , No.4,1992, PP.422-25.

([xxxiii]) عزت عبد الواحد سيد، إدارة الأزمة في السياسة الخارجية المصرية: دراسة حالة لأزمة الخليج الثانية 1990-1991، رسالة ماجيستير غير منشورة (جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 1994) ص ص : 180 – 181.
([xxxiv]) عزت عبدالواحد سيد، أمن الخليج العربي في التسعينات: دراسة للسياسات الأمنية لكل من السعودية والكويت والإمارات، رسالة دكتوراه غير منشورة(جامعة القاهرة، كاية الإقتصاد والعلوم السياسية، 2008) ص. 139.

([xxxv]) مجدي صادق، "زيارة شمخاني للرياض"، صحيفة الوطن الكويتية، بتاريخ 24/4/2000. كذلك .. نجاح محمد علي، "إيران والسعودية وتطورات علاقاتهما"، مجلة الوسط، بتاريخ 24/4/2000.

([xxxvi]) د. باكينام الشرقاوي، "السياسة الخارجية الإيرانية"، على الرابط :

www.aljazeera.net/NR/exeres/A3A589ED-901B-428A-B0EC-AA98FFBD6A10.htm

([xxxvii]) تغريد كشك، "السياسة الإقليمية لإيران"، الحوار المتمدن، العدد 2099, 14/11/2007

([xxxviii]) د. محمد السعيد إدريس،" دول مجلس التعاون الخليجي 2006-2007"، في التقرير الإستراتيجي الخليجي 2006-2007(الشارقة، مركز دراسات دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر، الطبعة الأولي، 2007)، ص.36.

([xxxix]) محمد عبدالله محمد، " قراءة في العلاقات الخليجية - الإيرانية(1980-2011)"، مجلة آراء حول الخليج، مركز الخليج للأبحاث، العد 82، يوليو 2001، ص. 21.

([xl]) ديفيد تانكس، الإتجاهات الرئيسية في مجال انتشار أسلحة الدمار الشامل وآثارها المحتملة علي توازن القوى في منطقة الخليج العربي: تقويم مركز في جلكلين ديفيس وأخرون(إعداد) الدفاع االجوي ولصاروخي ومواجهة انتشار أسلحة الدمار الشامل وتخطيط السياسة الأمنية (الإمارات، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، ط1، 2000) ص ص.59-60.

([xli]) د. مهدي شحادة، د. جواد بشارة، إيران وتحديات العقيدة والثورة (بيروت، مركز الدراسات العربي الأوربي، ط1، 1999)ص ص.125-126.

([xlii]) أحمد سليمان البرهان، "إيران والولايات المتحدة ومحور الشر: الدوافع السياسية والإستراتيجية الأمريكية"، السياسة الدولية، العدد 148، إبريل 2002، ص.35

([xliii]) في تأثير البرنامج النووي الإيراني على منطقة الخليج العربي، راجع أشرف محمد كشك، "رؤية دول مجلس التعاون الخليجي للبرنامج النووي الإيراني"، مختارات إيرانية، العدد 62، سبتمبر 2005.ص ص. 113-117.

([xliv]) Sohrab Shahabi and Farideh Farhi, Security Consideration and Iranian Foreign Policy, The Iranian Journal of International Affairs, Vol.VII, No.1, Spring 1995, P.P. 95-97.

([xlv]) د. طلال عتريسي، البرنامج النووي الإيراني في التقرير الإستراتيجي الخليجي 2006-2007، مرجع سبق ذكره، ص.299.

([xlvi])عقيد طيار/ عبد الكريم السيد عبداللطيف الغربللي، "الدعوة لإقامة نظام للتعاون الأمني على جانبي الخليج، الثقة بين ساحلي الخليج العربي أساس الأمن فيه" في نحو آفاق جديدة للعلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران: المستجدات الإقليمية والدولية ومتطلبات التغيير (الكويت، جامعة الكويت، مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية، الطبعة الأولى، 2000)، ص.24.

([xlvii] ) أشرف محمد كشك، "الرؤية الإيرانية للتفاعلات الإقليمية"، مختارات إيرانية، العدد 23، يونيو 2002.

([xlviii]) راجع مؤشرات الإنفاق العسكري الإيراني في - التقرير الإستراتيجي الخليجي 1999-2000، (الشارقة، مركز الخليج للدراسات، دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر، ط1، فبراير 2000)، ص.249.- أنتوني كوردسمان، القدرات العسكرية الإيرانية، دراسات عالمية، العدد 6( أبوظبي، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، د.ت) ص. 13. - لواء د. محمد جمال مظلوم، القدرات العسكرية الإيرانية: التقليدية وغير التقليدية، كراسات استراتيجية، العدد 38 (لندن، مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية، 2001) ص.15.

([xlix]) أشرف محمد عبد الحميد كشك، تطور الأمن الإقليمي الخليجي منذ عام 2003: دراسة في تأثير إستراتيجية حلف الناتو، رسالة دكتوراة غير منشورة(جامعة القاهرة، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، 2009) ص ص.151-152.

([l]) د. محمد السعيد إدريس، "الخليج والأزمة النووية الإيرانية"، السياسة الدولية العدد 165، 2006، ص 98.

([li])ممدوح أنيس فتحي، الأمن القومي الإيراني، (الإمارات العربية المتحدة، أبوظبي، ط1، إبريل 2006) ،ص ص.97-98.

[lii])) د.عبد الله الأشعل، " إيران والخليج: رؤية للمستقبل المنظور وأبعاد الاستراتيجية"، مختارات إيرانية، العدد86، سبتمبر 2007، ص104.

([liii]) د. أشرف محمد كشك، "العلاقات الإيرانية الخليجية:إشكالية التوازن المفقود"، مجلة الدراسات الإستراتيجية، مركز البحرين للدراسات والبحوث، إبريل 2010.

([liv]) راجع في ذلك د. أمل حمادة، " العقوبات الدولية ضد إيران وانعكاساتها على الداخل الإيراني" في مؤتمر العقوبات الدولية ضد إيران وانعكاساتها المختلفة (القاهرة، لمركز الدولي للدراسات المستقبلية والإستراتيجية، بتاريخ 27/10/2010.

([lv]) مصطفى اللباد، " إيران والنظام الدولي: سيناريوهات المستقبل" ، ورقة مقدمة إلى مؤتمر "إيران والنظام الدولي"، (جامعة القاهرة، مركز البحوث والدراسات السياسية، 27 أبريل 2006) ص ص. 26-27.

([lvi]) عادل درويش، "الإتفاق الأوروبي مع إيران: تأجيل لمواجهة حتمية"، جريدة الشرق الأوسط، بتاريخ 20/11/2004.... وأنظر أيضاً في ذلك، لواء د. محمد جمال مظلوم، "سيناريو إستهداف البرنامج النووي الإيراني"، مجلة الملك خالد العسكرية، العدد 97، 1/6/2009.

([lvii]) الطموحات الإيرانية على المستوى الإقليمي، مركزالدراسات الإستراتيجية للقوات المسلحة، أكاديمية ناصرالعسكرية العليا، القاهرة مايو 2007، ص. 37.

([lviii]) تصريح د. محمد البرادعي لصحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 19/12/2009.

([lix]) Caiflin Tallmadge, " Closing Time, Assessing the Iranian Threat to Strait of Hormoz, " The International Security, Vol. 33, No.1, 2008.

([lx]) تصريحات علي شمخاني المستشار العسكري لمرشد الثورة الإيرانية ووزير الدفاع الأسبق لصحيفة الحياة اللندنية بتاريخ11/8/2008.

([lxi]) جيمس نويز، "البرنامج النووي الإيراني وتأثيره في أمن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي"، مرجع سبق ذكره، ص ص 88-89.

([lxii]) أحمد شهاب، "الخطر الإيراني وأمن الخليج العربي"، مجلة آراء حول الخليج، مركز الخليج للأبحاث، العدد 64، يناير 2010، ص. 45

**باحث متخصص في الشؤون الإيرانية والخليجية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.