شهدت القاهرة مؤخرا مؤتمرًا حول تداعيات حيازة إيران سلاحًا نوويًا علي المنطقة العربية والأمن الإقليمي.. عقد المؤتمر بالمركز الدولي للدراسات المستقبلية الإستراتيجية، وذلك عقب تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 18 فبراير الماضي بأن إيران لم توفر التعاون الضروري للسماح للوكالة بالتأكد من أن كل المواد النووية في إيران مخصصة لأغراض سلمية، وعلي ذلك انتهي المحللون إلي أن إيران يمكنها تصنيع أول سلاح نووي بحلول عام 2011 وامتلاك ثلاثة أسلحة نووية كاملة يمكن حملها علي صواريخ الباليسيتية بحلول عام 2014. وفيها ألقي د. عادل سليمان المدير التنفيذي للمركز، الكلمة الافتتحاية نيابة عن اللواء أحمد فخر رئيس المركز والتي افترض فيها تمكن إيران من امتلاك وتطوير رءوس نووية ووسائل نقلها، لذا أكد ضرورة وجود استراتيجية نووية تحدد التوجه الاستراتيجي وعدد الرءوس النووية التي تسعي إيران للوصول إليها إن افترضنا امتلاكها للسلاح النووي وذلك في مدي زمني محدد وشكل وحجم القوات المسلحة من طائرات وصواريخ أرضية وصواريخ تطلق من المعدات البحرية. أما عن تقييم القدرات التكنولوجية والعملية لإيران في مجال إنتاج وحيازة السلام النووي، فأكد أ.د. محمود بركات رئيس الهيئة العربية للطاقة النووية (سابقا) أنه منذ انتهاء نظام الشاه في ايران عام 1979 وقيام الجمهورية الإسلامية وحتي الآن يتعرض النظام الجديد لاتهامات متتالية بالتوجه لإنتاج أسلحة نووية من جانب الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية .. واشار إلي أن تلك الاتهامات قد تنامت مع الزمن إلي أن تحولت أخيرا إلي عقوبات فظة من جانب مجلس الأمن، وبناء عليه فقد عرض محمود بركات للمسألة النووية الإيرانية منذ أن بدأت إبان عصر الشاه عام 1957 ومرورا بإنشاء مركز أصفهان للتكنولوجيا النووية في أصفهان وكراج لإعداد الكوادر في مجال الفزياء وهندسة المفاعلات وإقامة منظومتين تحت حرجة ومنظومة حرجة لأغراض التدريب.. وأشار إلي وضع المفاعل بقدرة 5 ميجاوات والمصدر النيتروني المتطور في جامعة طهران تحت نظام ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفي هذا السياق أكد أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية في خضم تفتيشاتها المتكررة لم تجد أثرا لأي أنشطة تتعلق بإعادة معالجة الوقود النووي المتسنفد في مفاعل طهران الأول أو في المصدر النيتروني المتطور. وأكد أن عملية تخصيب اليورانيوم تعتبر أساسا لتحضر المادة الانشطارية بشكل نقي أو مركز وأن مسألة تخصيب اليورانيوم بالنسبة لإيران قضية جوهرية باعتبارها البوابة الرئيسية للاعتماد علي الجهود الوطنية في إنتاج الوقود اللازم لمفاعلاتها النووية لتوليد الكهرباء وتجنبا لأي ضغوط مستقبلية، إلا أن القوي الدولية رأت في هذا الإصرار الإيراني علي استيعاب التكنولوجيا المتقدمة المستخدمة في عملية التخصيب مؤشرا علي توجهها للتخصيب بغرض استخدام اليورانيوم المخصب في إنتاج الأسلحة النووية. وحصر بركات القدرات التكنولوجية الإيرانية في عملية تخصيب اليورانيوم في مرحلتين: مرحلة نقل التكنولوجيا ومرحلة التطوير والتصنيع. واضاف: إننا إذا أخذنا في الاعتبار التحديات الخارجية وربما الداخلية فسنجد أن هناك عددًا من الضرورات التي تدفع إيران لامتلاك سلاح نووي؛ أهمها: الطموح الإيراني للوصول إلي مكانة إقليمية متميزة تمهيدا لكي تلعب دورا قياديا وأساسيا في الشرق الأوسط وكذلك العالم الإسلامي وذلك بالدخول إلي النادي النووي فضلا عن أهمية أن يكون لإيران دور في إحداث تفاعل بين الدول في المنطقة التي تمتلك أسلحة نووية لتصحيح الخلل في موازين القوي بسبب وضع الكيان الإسرائيلي، بالإضافة إلي أن مجرد وجود سلاح نووي لدي إيران قد يساعد علي تجنيبها تلقي أي ضربة أمريكية كما حدث في كوريا الشمالية، وانتهي إلي أن وجود السلاح النووي لدي إيران يمكن أن يؤدي إلي تغير في السياسات والقواعد السئده بالنسبة لأمن الخليج وجنوب غرب آسيا. وأشار إلي أنه يمكن لدول العالم الثالث الحصول علي السلاح النووي عن طريق: سرقة السلاح النووي الجاهز الكامل أو سرقة المواد النووية المخصبة أو البلوتونيوم من أي مكان ثم استخدامها في تصنيع السلاح النووي أو بالاعتماد علي الذات في الحصول علي الأدوات والإمكانات الفنية سرا لتحضير المواد النووية الانشطارية ثم تصنيع السلاح سرا. وفي السياق ذاته تحدث د. إبراهيم نوار مسئول الشئون السياسية لبعثة الأممالمتحدة في العراق (سابقا)، عن الجدل الدائر حول السلاح النووي الإيراني والذي يتمركز حول عدد من المحاور. الأول أن السلاح النووي الإيراني يمكن أن يخلق حالة من التعادل النووي مع إسرائيل، ومن ثم يساعد علي الإسراع بحل القضية الفلسطينية. والثاني أن السلاح النووي الإيراني يمكن أن يمد إيران بقوة للردع ضد احتمال قيام الولاياتالمتحدة بمحاولة لتغيير النظام السياسي في إيران. وأوضح نوار أن الثمن الباهظ للطموح النووي العسكري الإيراني الذي تدفعه المنطقه ككل لا يمر دون ثمن تدفعه إيران التي تعاني أزمات في عرض الوقود والسلع الأساسية وانخفاضها في مستويات المعيشة الحقيقية للمواطنين بسبب الغلاء وازدياد معدلات البطالة، هذا إلي جانب انخفاض قيمة الاستثمارات المنفذة في قطاع الطاقة بسبب العقوبات وتعثر التنمية في قطاع الطاقة وذلك علي الرغم من المشاركة الصينية والكورية الجنوبية في مشاريع النفط والغاز الضخمة في إيران.