هو أول وأشهر الشهداء في مصر, وهو يوحنا الملقب مرقس, وكان ميلاده في مدينة القيروان, التي تقع في إقليم ليبيا, وقد أتقن اللغتين اليونانية واللاتينية، كما أتقن اللغة العبرية, وتعمق في دراسة كتب التوراة والناموس اليهودي. غير أن بعض القبائل المتبربرة من البدو ,هجمت على أسرة مرقس في القيروان وطردتها ..وكان ذلك في عهد الإمبراطور الروماني أغسطس قيصر، فاضطرت هذه الأسرة الكريمة إلى الهجرة، ومن ثم نزحت إلى فلسطين موطن أجدادها الأولين. وعندما استقرت هناك، بدأ السيد المسيح ينادي ببشارته، وبذلك أتيح للقديس مرقس في حداثته أن يري السيد المسيح، ويؤمن به ويصبح من تلاميذه. وكذلك تبعته أم مرقس واستضافته في بيتها، وصارت من النسوة اللاتي يخدمنه، كما كان بيتها هو أول كنيسة مسيحية في العالم، ولذلك كان لهذه السيدة مكانة عظيمة بين المسيحيين الأوائل، وفي بيتها تناول السيد المسيح عشاءه الأخير مع تلاميذه. بدأ القديس مرقس كرازته مع بطرس الرسول في منطقة اليهودية، وفي جبل لبنان، وفي بيت عنيا، وفي مناطق من سوريا لاسيما انطاكيا حتى سنة 45 ميلادية – ثم كرز مع القديس بولس وبرنابا في رحلتهما الأولى في قبرص وفي باخوس، حتى إذا وصلوا إلى "برجه بمفيلية" تركهما هناك وعاد إلى أورشليم سنة 51 ميلادية، ثم ظهر في إنطاكية مرة أخرى بعد مجمع أورشليم واشترك مع القديسين في تأسيس كنيسة روما. بعد ذلك قصد القديس مرقس وحده إلى مسقط رأسه في شمال أفريقيا، حيث بشرفي هذه مدن الغربية وهي القيروان، وبرينيكي وبرقة وارسينوي وابولونيا بالمسيحية. وبعد أن قضي مرقس الرسول يبشر في المدن الغربية نحو تسع سنوات ، اتجه بعد ذلك إلى الإسكندرية سنة 61 ميلادي، وكانت هي عاصمة مصر في ذلك الحين، كما كانت العاصمة الثقافية للعالم كله ، وكانت مدرسة الإسكندرية الفلسفية الشهيرة هي مركز العلم والفلسفة في كل الإمبراطورية الرومانية، وقد كان قدوم مرقس الرسول إلى الإسكندرية في الغالب عن طريق الواحات، ثم الصعيد ثم تقدم شمالًا نحو بابليون ويقال إنه في هذه الفترة كتب إنجيله باللغة اليونانية، ثم غادر بابليون إلى الإسكندرية، وهو لا يفتأ يجول مبشرا في الطرقات – وكان حذاؤه قد تمزق، فمال علي إسكافي في المدينة يدعي انيانيوس ليصلحه، وفيما كان الإسكافي يصلح الحذاء دخل المخراز في يده فأدماها، فصرخ قائلًا "ايس ثيئوس" أي "يا الله الواحد" فانتهز القديس مرقس هذه الفرصة، واخذ يده فشفاها، ثم راح يبشره بذلك الإله الواحد الذي هتف باسمه وهو لا يعرفه، فآمن الإسكافي بكلامه ودعاه إلى بيته، وجمع له أقاربه وأصحابه فبشرهم بالمسيح وعمدهم، فكانوا هم باكورة المؤمنين في مصر كلها. فلما رأي الوثنيون بوادر نجاح مرقس في بشارته، حنقوا عليه وراحوا يتربصون به الدوائر، ليفتكوا به، ولكنه واصل أداء رسالته غير عابئ بما يدبرون، فأقام إنيانوس أسقفًا، ورسم معه قساوسة وشمامسة، وشيد أول كنيسة بالإسكندرية في الجهة الشرقية منها عرفت باسم "بوكاليا" وقد أسس القديس مرقس بالإسكندرية مدرسة لاهوتية، لتتصدي لتعاليم المدرسة الوثنية التي كانت هي الخلفية الطبيعية لمدرسة أثينا، وكان يقوم بالتدريس فيها أكبر الفلاسفة الوثنيين في ذلك الحين، واعتمد فى التدريس على طريقة السؤال والجواب ، وبعد تغلغل المسيحية الى المصريين قرر الوثنيون الانتقام من مرقس .وبالفعل ألقوا بالقبض عليه وسجنوه وعذبوه ، وربطوه فى ذيل حصان، وتم سحله فى شوارع الاسكندرية، حتى سال دمه وروى شوارع عروس البحر .ثم القوا به فى السجن حتى فارق الحياة ودفن بالاسكندرية ثم سرق الايطاليون جسده حتى اعاد البابا كيرلس السادس جزءا من جسده الى مصر . القديس مرقس يعد هو البطريرك الأول فى سلاسل البطاركة الاقباط ، ولذلك يسمى الكرسى باسمه "كرسى مارمرقس".