لعبت الصدفة وحدها في تنصيب أول بطريرك في الإسكندرية إيذاناً بدخول المسيحية إلي مصر.. حدث ذلك في سنة 63 ميلادية علي ما يقول المؤرخون تبدأ وقائع هذه الصدفة سنة 61 بعد الميلاد حيث جاء إلي الإسكندرية قادماً من المدن الخمس التي تضم القيروان وبرقة وغيرهما في شمال أفريقيا مرقس الرسول الذي لازم المسيح فترة من الفترات عندما نشر عيسي عليه السلام دعوة المسيحية سنة 26 ميلادية كما تشير بعض كتب التاريخ في منطقة الجليل بفلسطين. المهم وصل مرقس الرسول إلي الإسكندرية وسار في شوارعها معجباً بجمالها مأخوذاً بسحرها حزيناً علي ما أصابها من غلب وشقاء وشرور.. وظل يتنقل من مكان إلي مكان دون أن يستريح أو يأكل.. وفي المساء كما ذكرت المؤلفات القبطية فوجئ بأن سير حذائه قد انقطع.. فتوقف عند أول إسكافي صادفه وطلب إليه إصلاح الحذاء.. وبينما كان الإسكافي يمارس عمله إذ أصيب بجرح في إصبعه ونزف دماً.. وصاح قائلاً يا إلهي الواحد.. وبعد أن ضمد مرقس جراحه سأله ماذا تعني بما قلت.. رد قائلاً إنني أسمع عنه كثيراً ولكنني لا أعرف معني لما سمعت. عقب هذا اللقاء أخذ مرقس يروي له بعض المعلومات عن الدين الجديد الذي بشر به المسيح وأعجب الإسكافي إيناتوس بما قاله مرقس.. وصحبه إلي بيته وجلس بين أسرة إيناتوس وجيرانه وظل يعطيهم تعاليم المسيحية.. وفي كل يوم يزداد عدد المعتنقين بما يقوله الرسول.. مرقس كانت الإسكندرية في ذلك الوقت تئن من بطش الرومان وديكتاتورية الولاة والحكام.. وكان يعيش فيها أجناس مختلفة مع المصريين.. ولم يكن التبشير بالمسيحية بالأمر الهين خوفاً من الحكام الذين كانوا يدينون بالوثنية. وفي عام 63 قرر مرقس الرسول الرحيل من الإسكندرية وقرر أيضاً تنصيب إيناتوس بابا للإسكندرية ليسجل التاريخ بذلك أنه أول بطريرك للإسكندرية بعد مرقس الرسول. ويقول المؤرخون إن تأريخ الكنيسة القبطية يعود إلي مرقس حيث أنشأ أول مدرسة لاهوتية تقف في مواجهة المدارس الفلسفية والوثينة.. وإليه ينسب إنشاء أول كنيسة في الإسكندرية ويقال إن الكنيسة القبطية الحالية بشارع الأقباط تقع علي نفس موقع هذه الكنيسة.. وظل إيناتوس كما قال أحمد حسين في موسوعة تأريخ مصر جالساً علي عرش الباباوية لمدة 22 سنة حيث مات سنة 86 ميلادية. وهكذا لعبت الصدفة دورها في اختيار أول بابا للإسكندرية.. وأيضاً يلعب الحظ دوراً في اختيار البابا الجديد.. حيث يتم ترشيح ثلاثة ممن تنطبق عليهم شروط الاختيار ثم يقوم طفل عمره أربع سنوات باختيار اسم واحد من الأسماء الثلاثة ليصبح هو البابا الجديد وهذا ما حدث مع البابا شنودة الثالث عند اختياره ليجلس علي كرسي الباباوية. وشهد البابا شنودة أزمات كثيرة.. كان يتجاوزها بحكمته أو بصمته. وفي جميع الأقوال كان شجاعاً في إبداء الرأي وهو الذي قال للرئيس السادات في عز قوته "لا".. وكان يقصد بأنه لن يسافر إلي القدس ولن يسمح بحج أقباط مصر إلي القدس إلا إذا ذهب المسلمون المصريون أيضاً إلي المسجد الأقصي.