السيسي يقود أحدث إنجازات الدولة في تطوير التعليم الجامعي    وزير الري يتابع الموقف المائي خلال إجازة عيد الأضحى    في ميت يعيش الكل يفرح    إزالة مخالفات بناء في مدينتي بدر و6 أكتوبر خلال إجازة عيد الأضحى    سكرتير عام مطروح يتفقد المجارز ويشهد ذبح الأضاحي بالمجان طول أيام العيد    تراجع أسعار الفضة في ثانى أيام عيد الأضحى    ضبط لحوم مذبوحة خارج المجازر الحكومية وتحرير 317 محضرًا تموينيًا بأسيوط    تفعيل مخالفة مرورية رادعة.. النقل تناشد المواطنين بعدم استخدام حارة الأتوبيس الترددى على الدائري    صحة غزة: تعذر الوصول إلى مستشفى الأمل بخان يونس بعد تصنيف محيطه منطقة قتال خطيرة    الكويت ترحب بقرار منظمة العمل الدولية منح فلسطين صفة دولة مراقب    زلزال يضرب إيران بقوة 4.3 على مقياس ريختر    مصادر: الحكومة اللبنانية كانت على علم ببناء حزب الله مسيرات قبل أسبوع من الضربة الإسرائيلية في ضاحية بيروت الجنوبية    مصادر طبية في غزة: مقتل 34 فلسطينيا في الغارات الإسرائيلية المتواصلة على القطاع منذ فجر اليوم    الولايات المتحدة تفرض عقوبات على شبكة إيرانية لغسل الأموال    عروض فنية وهدايا بمراكز شباب الدقهلية في ثاني أيام عيد الأضحى (صور)    عواد: أنا وصبحي نخدم الزمالك.. وسيناريو ركلات الترجيح كان متفقا عليه    العيد أحلى بمراكز الشباب.. فعاليات احتفالية في ثاني أيام عيد الأضحى بالشرقية    خالد الغندور: 14 لاعبا سيرحلون عن الزمالك    قصة رمي الجمرات    حجاج الجمعيات الأهلية يرمون الجمرات في أول أيام التشريق    وزارة الداخلية تحتفل بعيد الأضحى مع الأطفال الأيتام وتقدم لهم الهدايا والفقرات الترفيهية    إصابة 8 أشخاص نتيجة انقلاب «ميكروباص» بطريق أسيوط- الفيوم الغربي    الخلاصة.. أهم أسئلة علم النفس والاجتماع لطلاب الثانوية العامة    مات فيها شاب.. تفاصيل "خناقة بالسلاح" بين عائلتين في حلوان    شيرين عبد الوهاب تحيي حفل ختام مهرجان موازين بالمغرب أواخر يونيو الجاري    آخر تطورات الحالة الصحية لنجل الفنان تامر حسني    طريقة عمل الرقاق الناشف في البيت.. أشهر أكلات عيد الأضحى    البنات والستات.. والشيشة    وكيل صحة أسيوط يترأس حملة لمتابعة المنشآت الصحية خلال أجازة عيد الأضحى    الرعاية الصحية: مستمرون في تقديم خدمات آمنة ومتميزة خلال العيد    محافظ أسيوط يعلن عن تشغيل غرفة طوارئ بالتأمين الصحي خلال عيد الأضحى المبارك    دعاء يوم القر مستجاب للرزق والإنجاب والزواج.. ردده الآن    من الصداقة للعداء.. خلاف «ترامب» و«ماسك» يُسلط الضوء على التمويل الحكومي ل«تسلا» و«سبيس إكس»    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 4493 قضية سرقة كهرباء ومخالفات لشروط التعاقد خلال 24 ساعة    الطبطبة على الذات.. فن ترميم النفس بوعى    اليابان: لا اتفاق بعد مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية    محمد الشناوي: كنا نتمنى حصد دوري أبطال إفريقيا للمرة الثالثة على التوالي    استقرار الزيت والفول.. أسعار السلع الأساسية اليوم السبت بالأسواق    دار الإفتاء تكشف آخر موعد يجوز فيه ذبح الأضاحي    الأزهر للفتوى يوضح أعمال يوم الحادي عشر من ذي الحجة.. أول أيام التشريق    سعر الخضار والفواكه اليوم السبت 7-6-2025 في المنوفية.. الطماطم 10 جنيها    استقرار أسعار الذهب في مصر خلال ثاني أيام عيد الأضحى 2025 وسط ترقب الأسواق العالمية    دوناروما: أداء إيطاليا لا يليق بجماهيرنا    مها الصغير عن تصدرها التريند: «السوشيال ميديا سامَّة»    ديانج ينضم إلى معسكر الأهلي في ميامي.. صور    "مش جايين نسرق".. تفاصيل اقتحام 3 أشخاص شقة سيدة بأكتوبر    محمد هانى: نعيش لحظات استثنائية.. والأهلي جاهز لكأس العالم للأندية (فيديو)    بعد تصدرها الترند بسبب انهيارها .. معلومات عن شيماء سعيد (تفاصيل)    محمد عبده يشيد ب " هاني فرحات" ويصفه ب "المايسترو المثقف "    الثلاثاء أم الأربعاء؟.. موعد أول يوم عمل بعد إجازة عيد الأضحى 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    سفارة الهند تستعد لإحياء اليوم العالمي لليوجا في 7 محافظات    محاضرة عن المتاحف المصرية في أكاديمية مصر بروما: من بولاق إلى المتحف الكبير    «الدبيكي»: نسعى لصياغة معايير عمل دولية جديدة لحماية العمال| خاص    البابا تواضروس يهاتف بابا الفاتيكان لتهنئته بالمسؤولية الجديدة    بمشاركة 2000 صغير.. ختام فعاليات اليوم العالمي للطفل بإيبارشية المنيا    معلومات من مصادر غير متوقعة.. حظ برج الدلو اليوم 7 يونيو    سالى شاهين: كان نفسى أكون مخرجة سينما مش مذيعة.. وجاسمين طه رفضت التمثيل    «المنافق».. أول تعليق من الزمالك على تصريحات زيزو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة: 2012
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 01 - 2012

انتهى أطول عام مر على مصر منذ وعيت على الدنيا. فيخطئ من يتصور أن الزمن ينقسم إلى ثوان ودقائق وساعات، وإنما الزمن بكثافة ما ينقله لنا من مشاعر ومعلومات وأحداث وخبرات وما يحدثه من أثر فى حياتنا. والعام المنصرم لم يبخل علينا بكم هائل من كل ما ذكرت. فكل يوم كان بمثابة شهر أو أكثر من أعوام سبقته، فكأننا عشنا خلال 2011 أعواما لا يمكن عدها أضافت لخبرات المصريين ما سوف نسعى أن نحصيه خلال الأعوام القادمة. ووسط هذا الخضم سوف أتوقف فقط عند المطالب الثورية التى تغنى بها المتظاهرون عبر الهتافات التى دوت فى سماء مصر من شمالها إلى جنوبها. وسوف أكتفى بثلاثة مطالب / شعارت. أولا: «الشعب يريد إسقاط النظام» وكان شعار المرحلة ويعد هذا الهتاف هو أهم مطلب فى يناير وفبراير 2011. ثانيا: مطلب «عيش، حرية، كرامة إنسانية» باعتبارها رمز من رموز الثورة المصرية. ثالثا: «يسقط يسقط حكم العسكر» وهو الهتاف الرئيسى للأشهر الأخيرة من عام 2011.

لو سعينا لتحليل مضمون هذه المطالب سوف نجد أن جميعها غير محدد المعالم. فبالنسبة إلى مطلب إسقاط النظام . فنحن لا نمتلك جميعا تعريفا واضحا لمفهوم وطبيعة هذا النظام الذى نطالب بإسقاطه. أنقصد النظام المالى أو الاقتصادى أو السياسى أو النظام العام الذى يشتمل على كل القوانين المنظمة للدولة؟ ولو كنا نقصد النظام الاقتصادى، فهل نقصد مجموعة القوانين والنظم التى تنظم العلاقات الاقتصادية فى المجتمع؟ هل نقصد تغيير القوانين المنظمة للتأمين الصحى؟ هل نقصد تغيير ساعات العمل؟ هل نقصد تدخلا حكوميا أكبر أو أقل فى المعاملات الاقتصادية؟ كان بديهيا فى بداية الثورة مطلب إسقاط مبارك، ولكن ما أطلقته حناجر الجماهير الثائرة كان أعرض وأهم من إسقاط مبارك، ولكن ظل مطلب إسقاط النظام مترهل وغير دقيق. أما المطلب الثانى والخاص بالعيش والحرية والكرامة. فكما هو واضح هى كلمات فضفاضة وواسعة ولا معنى صارم لها فى التطبيق العملى. ولو أخذنا كلمة حرية فقط وسعينا إلى إيجاد تعريف واضح لها لسوف ندخل أنفسنا فى متاهات لا نهاية لها. أنتحدث عن حرية العقيدة؟ أو المعتقد؟ أو حرية التعبير عن الرأى؟ أم حرية تشكيل الأحزاب وتأسيس محطات إذاعة وتليفزيون وصحف؟ أم حرية الفرد فى أن يختلف مع المجتمع كله وعلى المجتمع أن يحترم هذا الاختلاف؟ أم إلغاء قانون الطوارئ؟ أم منع القبض على مصرى فى قضايا رأى؟ أسئلة لا حصر لها وكلها بلا إجابات. أما بالنسبة للمطلب الأخير بإسقاط حكم العسكر وهو الأكثر وضوحا، فيعيبه كما يعيب المطالب السابقة أننا لا نقدم بديلا واضحا، بالإضافة إلى أننا لا نمتلك رؤية واضحة لمفهوم هذا الحكم. أيطالب الثوار بإقامة انتخابات رئاسية مبكرة؟ أم يطالب بمجلس رئاسى حاكم؟ أم صلاحيات كاملة لرئيس الوزارة؟ أم شفافية أكثر فى موضوع من يحكم مصر؟ أسوف يقبل من يرفع هذا الشعار برئيس دولة منتخب تقبل حكومته أن تمتلك وتدير القوات المسلحة ما تمتلكه وتديره حاليا ؟ أسوف يقبل هؤلاء رئيس جمهورية مدنى ولكنه يمثل المصالح الاقتصادية والمالية للقوات المسلحة؟ أتفهم أن هذه المطالب سعت أن تكون فضفاضة لكى تضم أكبر عدد ممكن من المؤيدين. أتفهم أن تكون هذه المطالب مرتبطة بالحالة المزاجية للشعب الثائر. ولكننى لن أتفهم اليوم وبعد مرور قرابة العام على إندلاع الثورة المصرية أن تظل المطالب غير محددة كما كانت خلال العام المنصرم.

●●●

حقق الحراك الثورى خلال عام 2011 إنجازات عظيمة، ولم تكن الخسائر والانتكاسات أقل مما تحقق من مكاسب. فكما كانت الثورة المضادة منظمة وقادها المجلس العسكرى وتنظيم الاخوان المسلمين باقتدار، كانت القوى الثورية غير ناضجة ولم تمتلك الرؤية فى تحديد الأولويات. فمطلب مجلس رئاسى مدنى حاكم يدير المرحلة الانتقالية كان مطلبا ثوريا جوهريا فى فبراير 2011 وكتبت عنه أكثر من مرة خلال هذه المرحلة، ولكن ظلت المطالب آنذاك شديدة العمومية وظلت الهتافات تطالب بإسقاط حكومة شفيق ولم تركز على المشروع الرئيسى والخاص بكيفية إدارة المرحلة الانتقالية. كانت القوى الثورية تطالب دائما بإسقاط أو هدم ولم تستطع أن تبلور برنامجا سياسيا دقيقا وبناء خاص بكل مرحلة. ثم انسحقت وراء ردود أفعال عشوائية من فعل واع ومنظم لضرب الثورة بدأ منذ فبراير واستمر شهرا وراء شهر، وكانت خدعة الاستفتاء والانتخابات التى روج لها مثقفون وسياسيون وصحفيون وما زالوا يروجون لها يبدو أنهم لم يقرأوا «ألكسيس دوتوكفيل» الذى كتب عن الانتخابات والثورة وكان هؤلاء هم ألمع من ضرب مشروع الثورة المصرية.

بلورة الأهداف الثورية خلال عام 2012 هو مطلب جوهرى الآن. فهذه المطالب يجب أن تكون دقيقة وواضحة ومفهومة للجميع وقابلة للتطبيق. لابد أن يرفع ثوار مصر شعارات وهتافات ومطالب يمكن ترجمتها على أرض الواقع السياسى والاقتصادى والمالى بكل وضوح، أن تكون محددة وصارمة ولا لبس فيها وأن تكون محل توافق لدى القوى الثورية. على سبيل المثال فى مجال التعاقدات التصديرية يمكن رفع شعار ينادى بإلغاء كافة تعاقداتنا لتصدير الغاز المصرى للخارج واستغلال ثرواتنا فى صناعات داخلية. فبغض النظر عن قضية إسرائيل التى تحصل على نسبة صغيرة من صادراتنا للغاز (وهى قضية محسومة من الشعب المصرى) فمن غير المنطقى أن نصدر فى القرن الواحد والعشرين مواد خاما ونحن نمتلك القدرة على منح هذه المواد القيمة المضافة وتصدير مواد مصنعة. فى مجال الحرية يمكن رفع مطلب «حرية العقيدة» وضرورة نصها فى الدساتير والقوانين المنظمة للمجتمع، ودراسة كيفية تنفيذ هذا المطلب فى التطبيقات العملية والإجرائية داخل متاهة البيروقراطية المصرية. هذه مجرد أمثلة وليس أكثر لتوضيح ما أقصد.

●●●

يجب أن تخطو الثورة المصرية خطوة إلى الأمام من الحالة الوجدانية إلى الحالة السياسية. لابد أن ندرك أن من يثور ليس من يتوجه إلى صناديق الاقتراع، أن نكف عن استعمال العبارات الفضفاضة، أن يتحول الفعل الثورى لفعل إيجابى ويترك للأبد السير فى طريق ردود الأفعال. هذه هى شروط تقدم الثورة خلال عام 2012.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.