كتبت فى الأسبوع الماضى عن خريطة الفساد العالمى.. وأن 73 دولة من 163 مصنفة تحت بند «دولة فاسدة» وأن العديد من الدول التى تحمل هذه الصفة تحاول بذل كل جهودها للتخلص من هذا الوصف الكريه الذى يلتصق بها!.. وأولها «الهند» التى أنشأت موقعاً على الإنترنت تفضح فيه المواطنين بالمستندات والوثائق المرتشين فى الجهاز الحكومى والسماسرة، والذين يتاجرون فى قوت الشعب! وللأسف الشديد فإن رموز النظام السابق قبل ثورة 25يناير المجيدة وعصابة مبارك وأولاده كانوا يستخدمون كل الحيل الشيطانية التى أشار إليها رئيس منظمة الشفافية الدولية السابق لورانس كروكروفت فى كتابه عن «الفساد العالمى» وأن منظومة «العولمة» قد ساهمت فى دعم الفساد وانتشاره بين الدول بالموافقة على إنشاء الشركات الكبرى عبر القارات بتمويل من الأموال المهربة التى يجمعها الفاسدون من دماء شعوبهم ومنهم مصر.. وكسر الحواجز الجمركية بين الدول حتى لا يتم السؤال عن مصدر هذه البضائع أو السلع! وأقول بكل أسى وأسف إن آخر تقرير لمنظمة الشفافية الدولية قال بالحرف الواحد إن مصر انزلقت فى مستوى غير مسبوق من الفساد الحكومى فى عام2011.. وأن ثورات الربيع العربى لم تسفر حتى الآن عن عمل جاد لمكافحة الفساد فى المنطقة العربية ومنها مصر! وأننا فى مصر تراجعنا إلى رقم 118من بين 176 وأن مظاهر الفساد فى مصر تمثل كما أوضح التقرير فى الرشوة وإساءة استغلال السلطة والتعاملات السرية ويقصد طبعاً العمولات التى تدفع تحت الترابيزة- وأن مستوياتها مازالت مرتفعة فى أكبر دول العالم العربى سكانا على حد تعبير المنظمة.. وأن مصر تتساوى مع دول الدومينكان والأكوادور وإندونيسيا ومدغشقر! وقد رصدت المنظمة الدولية للشفافية الوضع الحالى فى مصر بعد الثورة.. ويقول لنا كريستوف فيلكه مدير المنظمة للشرق الأوسط وأفريقيا إن الرئيس المصرى الجديد د. محمد مرسى أكد فى الكثير من خطبه للشعب المصرى أن محاربة الفساد هى كبرى أولوياته، لكن لم يتحقق الكثير فعلياً على أرض الواقع! ونصح مدير الشفافية الدولية د. مرسى بضرورة بناء أنظمة تعمل على مكافحة الفساد ومنها تعزيز القضاء واستقلاله. وقال فيلكه إن مصر قدمت وعوداً كبيرة لمكافحة الفساد واتخذت فعلاً بعض الخطوات المبدئية.. ولكن ليس من الممكن تغيير الأوضاع بين عشية وضحاها! وكان فيلكه معه حق.. وإننا يجب أن نسرع فى التصدى لوحش الفساد الذى استشرى فى عضد الدولة المصرية، سواء كان هذا الوحش بين كبار رجال الدولة الذين تتيح لهم مناصبهم الاستيلاء على قوت الشعب والتحكم فى أسعار المنتجات والسلع وفى عمليات الاستيراد والتصدير.. أو بين الفساد الذى ينتشر فى المصالح الحكومية بسبب الروتين البغيض أو التعقيدات التى ليس لها أول ولا آخر مما يجعل البعض يلجأ للأبواب الخلفية لحل مشاكله مع الروتين والحصول على حقه. *** إننا يجب أن نعلنها صريحة فى حربنا على الفساد.. وأن نتخذ خطوات عملية ضده وتغليظ العقوبة لمواجهة الفاسدين الذين يقفون عقبة أمام المستثمرين ويسيئون لسمعة مصر أمام دول العالم!