--- رحل في 21 مايو سنة 1983 في الثالثة والأربعين من العمر بعد عُمر قصير وتجربة حياتية مثيرة مؤمنا بالقومية العربية باكيا الحُلم العربي الأسير صارخا بقوة في وجه الظلم والإستبداد وقد وترك كلمات تفيض عذوبة ووطنية معبرة عن زمن جميل مضي بغير رجعة تاركاً حُسن الأثر ومرارة"إستحضار" الذكريات أتحدث عن الشاعر (أمل دنقل) صاحب (لاتصالح) و(الكعكة الحجرية) و(كلمات سبارتاكوس الأخيرة) وغيرها مما بقي من كلمات صادقة لاتفارق الخاطر. --من يتابع أشعار أمل دنقل يجد أن قصيدته ( الكعكة الحجرية) التي كتبها أثناء مظاهرات الطلبة سنة 1972 كأنها تعبر عن أحوال مصر يوم أن ثارت علي نظام حكم جائر في فجر ثورة 25 يناير حيث كانت مصر تعاني(وقتها) من حالةاللا سلم واللا حرب وتبغي الخلاص لأجل تحريرأرضها و محو آثار نكسة يونيو المريرة بعد ان تأخر عام الحسم في العهد الساداتي الي السادس من أكتوبر سنة 1973! ,و يبقي"دوما" أمل دنقل هو الغائب الحاضر وقد رحل بعد أن كتب قصيدته الرائعة (لاتصالح) وكأنه كان (مُطلعا) علي الغيب فليس لاسرائيل عهد وقد صدق عندما قال( لاتصالح ....ولو منحوك ذهب!....أتري حين أفقأ عينيك...ثم أثبت جوهرتين مكانهما ...هل تري؟....هي أشياء لاتشتري!! ) ووللأسف لم ينتصت أحد لنداءه وقد "صالحنا " وبقيت أرض العرب تحت أسر الدولة العبرية. وفي ذكري رحيله أتذكر قصائده الحزينة التي كتبها في المستشفي حيث كان يعالج من مرض السرطان اللعين وقدحملت رقم غرفته التي كان يعالج فيها وتحمل رقم 8....وتبقي (اوراق الغرفة رقم 8 )أليمة وقد كان ينعي فيها نفسه وفي ذكراه سيبقي أمل دنقل -حيا في قلوب محبيه-وسيبقي في مصرالأمل لحين بلوغ مرادها فهي مصر التاريخ والحضارة التي لن ولن يتعكر صفوها أبداوسوف تنل ماتستحق وان طال الانتظار! و أختتم بأروع ماكتب أمل دنقل-أوراق الغرفة رقم 8وقصيدة(ضد من؟!) ----ضِّد من ؟ --في غُرَفِ العمليات, .......-كان نِقابُ الأطباءِ أبيضَ, ..........-لونُ المعاطفِ أبيض, ..........-تاجُ الحكيماتِ أبيضَ, ........أرديةُ الراهبات ........., الملاءاتُ, -لونُ الأسرّةِ, .......... أربطةُ الشاشِ والقُطْن, -قرصُ المنوِّمِ, أُنبوبةُ المَصْلِ, -كوبُ اللَّبن, ........-كلُّ هذا يُشيعُ بِقَلْبي الوَهَنْ. .........-كلُّ هذا البياضِ يذكِّرني بالكَفَنْ! ..........-فلماذا إذا متُّ.. يأتي المعزونَ مُتَّشِحينَ.. بشاراتِ لونِ الحِدادْ? .......--هل لأنَّ السوادْ.. هو لونُ النجاة من الموتِ, لونُ التميمةِ ضدّ.. الزمنْ ............, ضِدُّ منْ. . ومتى القلبُ - في الخَفَقَانِ - اطْمأَنْ؟! ... بين لونين: أستقبِلُ الأَصدِقاء.. الذينَ يرون سريريَ قبرا - -وحياتيَ.. دهرا .......... وأرى في العيونِ العَميقةِ - -لونَ الحقيقةِ لونَ تُرابِ الوطنْ!. ......ذاك كان (أمل دُنقل) الشاعر الإنسان و في ذكري رحيله الثلاثين مصر تنشد الأمل وتبتغي أن تجتاز طريق الآلام.وها أنا أردد مقولته الأثيرة في قصيدته"كلمات سبارتاكوس الأخيرة."...(مُعلق أنا علي مشانق الصباح ....وجبهتي بالموت محنية....لأنني لم أحنها حية!) ويبقي كبرياء مصر هو مداد كل شرفائها ومنهم"الشاعر" امل دنقل وفي ذكراه "الثلاثين"مصر سوف تعود يوما بعد أن تبرأ جراحها وتندمل.!