تبدو المتاحف التقليدية في أسوأ أحوالها قليلة التهوية، ومليئة بأفواج السياح، علاوة على حراس الأمن يحدقون بالداخل والخارج. غير أن المتاحف الطبيعية، وهي عبارة عن حدائق عامة مليئة بالتماثيل والمنحوتات المختلفة تتالف بالمقابل من مساحة فسيحة تتيح للمرء التجول بسهولة، علاوة على هوائها النقي وتجهيزاتها القوية الأليفة. وزيارة هذه المتاحف الطبيعية لا تثير أية مشكلة، فهناك عدد لا يحصى من حدائق المنحوتات العامة، كما تقول كاميرون كارتيير، وهي محاضرة في الفنون السياسية بجامعة لندن، تشرف على قائمة عالمية من المنحوتات المعروضة على موقع خاص بالحدائق العامة البريطانية على الإنترنت، كما زارت شخصيا أكثر من 100 متحف طبيعي.
وأقيم أحد هذه المتاحف الطبيعية، وهو متحف هاكوني على السفوح الضبابية لجبل فوجي في اليابان، ويضم أكثر من 100 منحوتة، من ضمنها مجموعة من المنحوتات الفنية التي نحتها الفنان هنري مور، الذي تبدو تماثيله البرونزية المضطجعة جميلة المنظر، ومثيرة للبهجة. ومن بين المنحوتات الأخرى المعروضة تماثيل لمارتا بان، كارل ميلز، وأليسيا بينالبا.
وفوق مساحة شاسعة تزيد على 70 ألف متر مربع، تبدو الحديقة العامة ممتدة جدا بحيث تصيب الزوار بالإنهاك الشديد، ولكن لا يوجد مجال للخوف في اليابان، فالحمامات الساخنة كفيلة بمعالجة الأقدام المتعبة.
أما متحف «مؤسسة وناس» الطبيعي الموجود في جنوبالسويد، فيحتوي على بحيرات وغابات وحقول خضراء وقلعة من القرون الوسطى.
كما يوجد به أكثر من 40 مرفقا، أحدها امتداد أرضي مغطى بالحشائش تحبذ الأبقار الرعي فيه. وفي زيارتها الأخيرة له شاهدت كارتيير عائلة تتنزه هناك وتشاهد أحد الأعمال الفنية، وهو عبارة عن منزل نحتته ميليسا مارتن، توجد به حجرة طعام بداخلها طاولة تنمو من وسطها إحدى الأشجار، وتحيط بها المقاعد، ويوجد في الحجرة نافذة بدون ستائر تطل على غابة جميلة.
وفيما يتعلق بحدائق فريدريك ميجير، فعلى الرغم من أن ارتفاعها لا يزيد على 7 أمتار، يبدو التمثال البرونزي الضخم الذي نحتته نينا أكامو، كأنه يمد بنظره إلى موطنه في التلال الخضراء الممتدة غربي ميتشيغان.
ويدعى هذا التمثال «الحصان الأميركي»، وقد استلهم من عمل غير مكتمل للفنان ليوناردو دافنشي، وهو عبارة عن منحوتة مؤلفة من سلسلة تضم أكثر من 180 منحوتة موجودة بشكل دائم في الحديقة. كما توجد منحوتات رائعة لكبار الفنانين تشد المشاهد إليها، وتجعله يغفل المنحوتات الأخرى. وتستكمل هذه الحدائق بملاه ملحقة بها، تبدو مثيرة للإعجاب.
تقول كارتيير في هذا الصدد: «يمكن للزوار الذين يحبون مشاهدة الخضرة والنباتات اكتشاف المنحوتات، والعكس صحيح. وإذا تصادف أن أحب المرء الخضرة والمنحوتات في الوقت نفسه، فسيشعر حتما بأنه في جنة عدن!
وبالنسبة لحديقة «مركز ستورم آرت الفني» الرحبة، فهي تمتد غربا باتجاه نهر هدسون لمسافة 200 فدان، وهي كبيرة جدا، وتبرر استخدام الزوار للقطار في تجوالهم بداخلها. وتضم أعمالا بارزة من بينها منحوتة «القوس» للفنان ألكسندر كالدر، وهي تركيبة مخيفة تبدو كمخلفات لمخلوقات فضائية.
كما توجد منحوتة «مدينة فوق الجبل» للفنان لويس نيفلسون، وقد أبدعها من الفولاذ الأسود، وتدفع بصورة مجردة للشعور بالواقع المرير لحياة المدينة، كما تذكر زوارها من سكان مانهاتن، بضرورة ألا يغذوا الخطى للعودة إلى أحيائهم.