قال الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط، إمام وخطيب المسجد الحرام، إنه ممَّا جاء في في خطبة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في حَجَّة الوداع الوصيَّةُ بالنِّساء، وبيانُ حقوقهنَّ وما يجب عليهنَّ؛ ممَّا يُحفَظ به الوُدُّ، وتَتِمُّ به الأُلفةُ، وتُستدامُ به المحبَّة، ويتمُّ به حُسنُ العِشرة. واستشهد «خياط» خلال خطبة الجمعة اليوم بالحرم المكي الشريف، بما قال صلى الله عليه وسلم: «أيُّها النَّاسُ: إنَّ لكم على نِسائكم حقًّا، وإنَّ لهنَّ عليكم حقًّا: لكم عليهنَّ ألَّا يُوطئنَ فُرُشَكم غيرَكم، ولا يُدْخِلْنَ أحدًا تكرهونه بيوتَكم إلَّا بإذنكم؛ فإنْ فعلنَ؛ فإنَّ اللهَ قد أَذِن لكم أنْ تَعِظوهنَّ، وتهجروهنَّ في المضاجِع، وتضربوهنَّ ضَربًا غيرَ مُبرِّح – أي غير شديدٍ وغير مؤلم – فإنِ انتهينَ وأطعْنَكم؛ فعليكم رزقُهنَّ وكسوتُهنَّ بالمعروف، واستوصوا بالنِّساء خيرًا؛ فإنَّهنَّ عوانٍ عندكم، لا يملِكنَ لأنفسهنَّ شيئًا، وإنَّكم أخذتموهنَّ بأمانةِ الله، واستحللتُم فروجهنَّ بكلمةِ الله، فاتَّقوا اللهَ في النِّساءِ، واستوصُوا بهنَّ خيرًا. ألا هلْ بلَّغتُ؟ اللهمَّ اشهَدْ». وأوضح أنه بهذه الوَصيَّة الجامعة العظيمة بالنِّساء ضرب رسولُ الهُدى – صلواتُ الله وسلامُه عليه – أروعَ الأمثال في التَّقدير الحقِّ لا الزَّائف للمرأة، ودلَّ بذلك على أنَّها لم تَعُدْ في دين الإسلام كما كانتْ عليه في الجاهليَّة وكأنَّها من سَقَط المتاع: لا كرامةَ لها، ولا حُرمةَ، ولا رأيَ، ولا مكانةَ، بل أصبحَتْ شقيقةَ الرَّجل، لها حقوقُها مثلُ ما له من الحقوق، وعليها من الواجبات مثل ما عليه من الواجبات. وأردف قائلًا: وختم صلى الله عليه وسلم خطبته الشَّريفة بالتَّوجيه إلى الاعتصام بدُستور الإسلام الخالد الصَّالح المُصلِح لأحوال البشر على مرِّ الأزمان، فقال عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: «تركتُ فيكم ما إنْ تمسَّكتُم به لن تضِلُّوا أبدًا: كتابَ اللهِ، وسُنَّةَ نبيِّه صلى الله عليه وسلم». واستطرد: في بعض الطُّرق – التي رُوِيتْ بها هذه الخطبةُ العظيمة الجامعة وخطبة يوم النَّحر – جاء قوله عليه الصَّلاة والسَّلام: «أيُّها النَّاسُ: اسمعوا قولي: تعلمُنَّ أنَّ كلَّ مسلمٍ أخٌ للمسلم؛ فلا يَحِلُّ لامرئٍ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفسٍ منه. ألا هلْ بلَّغتُ؟ اللهمَّ اشهدْ»، «أيُّها النَّاسُ: إنَّ ربَّكم واحدٌ، وإنَّ أباكم واحدٌ، كلُّكم لآدمَ، وآدمُ من ترابٍ، إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم، ليس لعربيٍّ فضلٌ على عجميٍّ إلا بالتَّقوى. ألا هل بلَّغتُ؟ اللهمَّ اشهدْ، وأنتُم تُسألون عنِّي فما أنتم قائلونَ؟ قالوا: نشهدُ أنَّك قدْ بلَّغتَ وأدَّيتَ ونصحتَ، فقال بإصبعه السَّبَّابةِ يرفعها إلى السَّماء ويَقلِبها على النَّاس: اللهمَّ اشهَدْ. اللهمَّ اشهَدْ. اللهمَّ اشهدْ». وأضاف أن في هذا الإشهاد لمَا يفتح الأذهانَ على مسؤوليَّة ضخمة حمَّلها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم للأمَّة على تعاقُب العُصور؛ فإنَّ هذه الخطبةَ وما عَرضتْ له من سُبل الهداية، وما رسمته من خُطط الإصلاح، لا تعني عصرًا دون آخر، بل تعني الأجيالَ كلَّها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.