الحادث الإرهابي الأليم الذي وقع في بلدة سروج بتركيا أثناء احتفال عدد كبير من الجالية الكردية التركية بالمركز الثقافي من أجل اتخاذ خطوات الاعمار في عين العرب كوباني بين الحدود السورية والتركية بعد تحريرها من قبضة تنظيم داعش الإرهابي استنكرته وأدانته علي الفور مصر العظيمة بشعبها وحضارتها وأزهرها ورئيسها بدافع إنساني وأخلاقي عرفت به مصر منذ القدم لأنها كانت ومازالت تدين الاستعمار والعنصرية والإرهاب بكل صوره وأشكاله من أجل الدفاع عن القيم والأخلاق ونشر الأمن والأمان من أجل الإنسانية في كل بلاد العالم، فبرغم العلاقات المصرية التركية المضطربة منذ عهد الرئيس المشبوه رجب طيب أردوغان ومنذ أن كان رئيسا للوزراء مع حزبه حزب العدالة والتنمية الذي كشفت الأيام عن مخططه لإعادة الخلافة العثمانية عبر العمل مع التنظيمات الإرهابية والجهادية في البلاد العربية والإسلامية المجاورة ثم عمله مع تنظيم الإخوان الإرهابي في مصر وخارجها لإسقاط الأنظمة والدول العربية وهو ما اتضح بعد ثورات الربيع العربي ومنها ثورة 25 يناير التي بدأت بعدها العلاقات المصرية التركية تصل لمرحلة حرجة علي المستوي السياسي والدبلوماسي بسبب النوايا المبيتة تجاه مصر وشعبها من جانب أردوغان الذي كان يراهن علي نجاح حلمه بالخلافة بإسقاط مصر وجيشها عندما وصل الإخوان إلي الحكم فبرغم كل ذلك راح وزارة الخارجية المصرية والأزهر الشريف والكثير من المؤسسات في مصر تدين الحادث الإرهابي ومتضامنة مع الشعب التركي، وبالعودة لقصة أردوغان وسعيه للخلافة فإن حلمه لم يدم طويلا وذلك عندما أسقط الشعب المصري بجيشه العظيم حكم الإخوان في ثورة الثلاثين من يونيو وعندها ظهر أردوغان كحاقد ومحرض ومشارك في كل الأعمال الإجرامية والإرهابية التي حدثت في مصر بعد ثورة الثلاثين من يونيو، فلم يكن يتوقع أن يهزم التنظيم بتلك السرعة في مصر بل ولم يكن يتوقع أن تهزم مصر التنظيم بالخارج وأن تسبب للأنظمة الإسلامية في الدول المجاورة السقوط المدوي كما حدث في تونس، ولم يكن يتوقع فشل التنظيم للوصول للحكم في سوريا وكذلك في ليبيا وغيرها من الدول، ولأنه فوجئ بخيبة الأمل في تحقيق حلمه وعجزه في مناصرة بعض الدول الإقليمية في نجاح حلمه وكذلك تراجع شعبية حزبه وسط المعارضة التركية القوية بعد أن انكشف أمام الشعب التركي بسعيه للسيطرة علي البلاد من خلال سعيه لتغيير الدستور في الانتخابات البرلمانية الأخيرة بعد وصوله للرئاسة ثم خيبة أمله في الانضمام للاتحاد الأوروبي ليجعل من تركيا محطة استراحة جاهزة لحلف الناتو ليستخدمها وقتما يشاء، ومعه فقد زاد الكره والحقد لمصر وتدخله السافر والمتواصل في الشئون المصرية بتوجيه الانتقادات الحادة للإدارة المصرية وللرئيس المصري الذي يخوض تجربة ديمقراطية مع شعب مصر تعتبر من التجارب الفريدة بالعالم مع عدم نسيانه استرداد كرامتها وعزتها وعزة الأمة العربية والحفاظ علي أمنها الإقليمي وهو ما تكرر طويلا وكذلك تكرار محاولات أردوغان تأليب الدول علي مصر لإدانتها والاعتراض علي أحكامها تجاه جماعة الإخوان الإرهابية التي مازال يساعدها من أجل القيام بالعمليات الإرهابية ضد مصر ظنا منه لعودتهم إلي الحكم واحتضانه للقيادات الإخوانية المصرية المشبوهة في تركيا والمطلوبة في مصر وتصريحاته اللاذعة تجاه مصر، وفوق كل ذلك هو موقفه من سوريا والعراق ومساندته للتنظيمات الإرهابية الخطيرة كداعش والنصرة وغيرها من التنظيمات التي ثبت تعامله معها دون مراعاة للقوانين والأعراف الدولية وحق الجيرة والجوار، والدليل دخول وخروج الإرهابيين عبر تركيا إلي سوريا والعراق طوال تلك الفترة، ورغم توجيه الاتهامات الدولية من دول أوروبا والدول الأخري له بسبب عبور الأفراد والمعدات عبر تركيا إلا أنه لم يعبئ بكل ذلك وراح يتعامل ويساعد تلك التنظيمات الإرهابية باستماتة ظنا منه بإمكانية عودة حلمه وإمكانية تحقيقه غير عابئ بالمستجدات السياسية والاقتصادية والاجتماعية داخل تركيا ومنها أن حزبه الآن عاجز عن تشكيل الحكومة إلا بمساندة حزب من أحزاب المعارضة الذي يفرض شروط تعجيزية للانضمام لحزبه من أجل تشكيل الحكومة ومنها عدم تدخل أردوغان كرئيس في الشئون السياسية الداخلية والخارجية لتركيا وهو ما إن حدث فإنه يكون بمثابة القضاء نهائيا علي حلم أردوغان وكشف علاقاته المشبوهة مع التنظيمات الإرهابية ومشاريعه الاقتصادية التي تستخدم الإسلام لأجل تلك الأهداف، لتأتي عملية سروج الإرهابية لتثبت وكما يقول المثل المأثور انقلاب السحر علي الساحر وتثبت أن من يستخدم الإرهاب فإنه سيأتي اليوم الذي ينقلب عليه وهو ما يتوقعه المحللون الآن بزيادة العمليات الإرهابية في تركيا بوفود التنظيمات الإرهابية إليها بعد التضييق عليها في كل من سوريا والعراق ولاقترابها من منطقة البلقان التي تنتشر فيها التنظيمات الجهادية. إن التحديات والصعوبات التي يواجهها أردوغان الآن كبيرة ولن تسمح له الظروف والمتغيرات الإقليمية والدولية من حوله بأن يراجع نفسه بعد أن وضع نفسه بغروره وصلفه وتعامله مع الإرهاب في هذا الموضع الذي يصعب إصلاحه، فالأكراد يلاحقوه ويعدون العدة ويتهمونه بالعملية من جهة، والدول العربية تتمني رحيله بعد مواقفه العدائية والتحريضية من جهة ثانية، والدول الغربية لا تتمني أيضا وجوده بعد تورطه مع حزبه مع الإرهاب وتنظيم الإخوان الإرهابي من جهة أخري، كما أن إيران الطرف الآخر الإقليمي لا يتمني وجوده باعتباره منافس للقوة الفارسية من جهة أيضا وغيرها من الأسباب التي ستؤدي لرحيله وسقوطه وهي العبرة التي ذكرها لنا الله في كتابه تجاه تلك الشخصيات بقوله ' ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ' .