من المؤكد بأن خسارة رئيس وزراء تركيا ''أردوغان'' لمصر ''محمد مرسي'' وهزيمة حزب الأخوان المسلمين بقوة شعبية الشارع المتمردة، لا تقل أهمية في أجندته السياسية عما أصابه من انتكاسات سياسية متلاحقة نتيجة التظاهرات الشعبية الواسعة ضد حكومة العدالة والتنمية في الشارع التركي سواء في ساحة تقسيم أو في شوارع بقية المدن التركية الأخري. فالشعب المصري صاحب التاريخ العريق لم تعد تنطلي عليه الفبركات والأضاليل التي يستخدمها ''أردوغان'' للنيل من إرادة المصريين، ولذلك كان الرد علي وقاحته وتصريحاته الاستفزازية لملايين المصريين سريعة، فقد طردت القاهرة السفير التركي لديها وخفضت تمثيلها الدبلوماسي في أنقرة التي أعلنت عن خطوة مماثلة. واتهمت وزارة الخارجية المصرية تركيا ب''محاولة تأليب المجتمع الدولي ضد المصالح المصرية، وبدعم اجتماعات لتنظيمات تسعي إلي إيجاد حالة من عدم الاستقرار في مصر، وبإطلاق تصريحات أقل ما توصف بأنها تمثل إهانة للإرادة الشعبية التي تجسدت في 30 يونيو الماضي''. ليؤكد الشعب المصري وقيادته الجديدة أن عهد التبعية قد ولي وأن التدخل في شؤون مصر الداخلية خط أحمر وأن مصر التي ساهمت في إسقاط الإمبراطورية العثمانية في القرن الماضي سوف تسقط أوهام وأجندات ''أردوغان'' العدوانية تجاه الشعب المصري لتبقي مصر حرة أبية كما يريدها أبناؤها الوطنيون الأحرار. ولا يمكن لأي متتبع أن ينكر أنّ التدخلات التركية الفظة والوقحة في الشؤون المصرية تجاوزت كل الخطوط الحمراء وكل الأعراف والمبادئ التي تحكم العلاقات بين الدول. فزعيم الإسلام السياسي ''أردوغان'' يحرض علي العنف والإرهاب ويطالب أنصار المعزول ''مرسي'' بمهاجمة الجيش والشعب المصريين معاً. ولو كانت تركيا متاخمة لمصر لسهل ''أردوغان'' عبور السلاح والمسلحين إلي مصر لإسقاط حكم الشعب وإعادة حكم المرشد الذي سقط حتي قبل أن يكمل العام.. وأعتقد جازماً هنا بأن القيادة المصرية الجديدة اكتشفت مبكراً الدور التركي التخريبي داخل المجتمع المصري، وقامت بوضع حد سريع لوقف التجاوزات التي تنوي حكومة ''أردوغان'' القيام بها لدعم جوقة الإخوان الإرهابية، ومنعهم من اللعب علي الوتر العاطفي الطائفي وتجييش الحالة الشعبية المتدينة تحت مسمي ''الجهاد'' للدفاع عن الشرعية التي وصل من خلالها مشروع الإسلام السياسي إلي هرم السلطة في مصر. فسقوط ''مرسي'' بالضربة الشعبية المدعومة عسكرياً ودينياً، أتت لتزيد الطين بلة في حسابات الخليفة المحتملة، بعد أن تمت مبايعة ''أردوغان'' كخليفة للمسلمين الجدد من قبل ''مرسي'' و''خالد مشعل'' وغيرهما من القيادات الإخوانية في محاولة جادة لقلب الخارطة الجيوسياسية في منطقة الشرق الوسط، وتحويلها إلي إمارات إسلامية لا ترتبط بقومية محددة أو أي انتماء وطني واسع، والتنازل عن الهوية العربية واستبدالها بالهوية الفئوية الأخوانية الضيقة، وإشهار حالة العداء والتكفير لكافة الطوائف الأخري ما عدا إسرائيل التي لا تُمثل عدواً في قاموس الإخوان المسلمين، وقد ثبت ذلك من خلال الشعارات الطائفية والتكفيرية التي أطلقها الإخوان المسلمين في كافة المناطق التي استولوا عليها من أجل إدخال مصر في الفوضي العارمة التي قد تؤدي إلي تقسيمها. لابد من التأكيد، أن ما يحصل حالياً بين مصر وتركيا من توتر في العلاقات، يحمل بالدليل القاطع النوايا التركية غير النزيهة والمبيتة للمس بأمن واستقرار مصر والتدخل العملي لصالح الإخوان المجرمين في وجه البركان الشعبي المصري الذي انتفض لإسقاط حكم المرشد الذي كان ينوي إعادة مصر إلي العصور ما قبل الوسطي! ومن خلال استقراءات بعض المحللين المحايدين نجد أن قلق ''أردوغان'' ومخاوفه مبررة لأن حتمية انتشار حالة السقوط بسرعة مذهلة لن تتأخر كثيراً عن الساحات التركية لإسقاط حزب العدالة والتنمية التركي كحامل ومروج لمشروع الإسلام السياسي في المنطقة، ومن خلفه قطر التي تتولي عملية تسديد فواتير متطلبات استمرار المشروع التخريبي للمنطقة أو ما سمي ''بالربيع العربي'' الكاذب. وفي خطوة متوقعة من الإدارة الأمريكية أوعزت إلي عملائها علي تقديم الدعم المادي والمعنوي للإخوان من البوابة القطرية عبر ''أردوغان'' وتذكيرهم بحقهم بالسلطة الشرعية التي حصلوا عليها بعمل ديمقراطي وفق قناعتهم 'ولو بطريقة مشبوهة'، حيث تقوم الإدارة الأمريكية بحجز مكان لها علي الساحة لاستمرار التواصل مع كلا الطرفين في مصر للحفاظ علي الدور الأمريكي كلاعب أساسي علي الساحة المصرية. ولا أعتقد أن متابعاً للسياسة التركية في عهد حزب العدالة والتنمية لا يعرف أن الإسلام الذي يؤمن به ''أردوغان'' وحزبه هو ''إسلام البزنس'' فقط لا غير، لا إسلام القومية والثورة كما قد يتخيل بعضهم ممن أخذوا بمسرحية ''أردوغان'' في منتدي دافوس الاقتصادي وتصرفه تجاه ''شيمون بيرز'' أو ممن تخدعهم خطاباته الفارغة التي يستهدف بها من بين ما يستهدف دغدغة المشاعر، ولاسيما فيما يتصل بفلسطين والشأن المصري.. ، هادفاً من ورائها إلي تحقيق هدف رئيسي هو تفكيك مصر وضرب المقاومة العراقية واللبنانية والفلسطينية.. والمفارقة اللافتة أن ''أردوغان'' لا يتوقف عن التبجح والحديث عن العدالة وحقوق الإنسان ورفع الظلم عن شعوب المنطقة في الوقت الذي يكشف فيه آخر تقارير الاتحاد الأوروبي السنوية الرسمية أن الدولة الثانية التي تقدّم ضدّها شكاوي إلي المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان هي تركيا، إذ بلغ عدد الشكاوي في العام الماضي 'عام 2011 عام الثورات العربية المسروقة' من أمثال ''أردوغان'' 15 ألفاً ومائتي شكوي، وفي عام 2012 ارتفع إلي 16 ألفاً وثمانمائة شكوي. وقد تثبتت المحكمة الأوروبية من صحة تسعين في المائة من الدعاوي التي درستها حتي الآن.. لقد ظن ''أردوغان'' أن عملية الغش والخداع في أجواء ما يسمي ''الربيع العربي'' وصعود الإسلام السياسي فيه يمكن أن تتواصل حتي النهاية وأنه لم يبق سوي القليل ﻻكتمال أحلامه السلطانية بالتربع علي عرش الشرق اﻻوسط طبقاً للوعود الأمريكية والصفقات المعقودة تحت الطاولة مع إدارة ''أوباما'' بتوليه قيادة التنظيم العالمي للإخوان المسلمين.. فأردوغان ظن أنه قاب قوسين أو أدني من ربط المغرب العربي بالمشرق العربي ليكون الوطن العربي بكامله ساحة لمشروعه من دون منازع.. لكن أحلام ''أردوغان'' الوردية هذه اصطدمت بالمفاجأة الكبري، حيث جاءت من السقوط المدوي السريع للحكم الإخواني في مصر وهذا ما لم يكن متوقعاً أبداً في حسابات السياسة الأردوغانية.. لقد شكلت هزيمة الحكم الإخواني في مصر فاجعة كبري لأردوغان وحزبه، إذا علمنا الارتباط العضوي المصيري بينهما إلي حد أن إخوان مصر عملوا منذ تسلمهم السلطة علي إعادة إنتاج أنموذج مشابه، وقلدوا تقليدا أعمي حتي علي مستوي تسمية أحزابهم بأسماء شبيهة بحزب ''العدالة والتنمية'' التركي مثل ''الحرية والعدالة'' و''البناء والتنمية'' وغيرها من الأسماء المقلدة وهذا في حد ذاته يطرح عدداً من التساؤﻻت عن أبعاد هذه الهزيمة النكراء علي مجري الأحداث الجارية في المنطقة ومستقبل النظام اﻷردوغاني..؟! بعد سقوط حكم جماعة الإخوان المسلمين في مصر، فقدت تركيا حليفاً إستراتيجياً هو الأهم لها في الوطن العربي، الأمر الذي يجعلها في ظل حكومة ''أردوغان'' في مقدمة الخاسرين بسبب الموجة الثورية الثانية التي اجتاحت مصر. هذا ولا تقتصر الخسارة التركية علي مجرد سقوط شريك سياسي أو أيديولوجي فحسب، وإنما تمتد لتطول جوانب متعددة في إستراتيجية تركيا الشرق أوسطية. وسيكون لهذه الخسارة التركية تأثير سلبي في صورة تركيا وحضورها الإقليمي لفترة مقبلة، ولاسيما أن مكونات التركيبة السياسية الجديدة في مصر تنظر إلي تركيا باعتبارها منافساً إقليمياً لا شريكاً إستراتيجياً، ويعني ذلك أن تركيا التي كانت في مقدمة الرابحين مما يسمي ''الربيع العربي''، قد أصبحت في مقدمة الخاسرين بعد سقوط ''محمد مرسي'' وجماعته في مصر. ويمكن القول إن جهات أربع رئيسية وفاعلة تتحرك الآن علي الأرض المصرية بعد سقوط مرسي، وهي: المؤسسة العسكرية، جهاز الدولة ومؤيدو النظام السابق، السلفيون، القوي الثورية والديمقراطية، وإذا تم التدقيق في مواقف هذه الجهات الأربع الفاعلة، يتضح أن أياً منها لا ترغب في أن تلعب دور الشريك الإستراتيجي لتركيا، علي غرار ما كانت جماعة ''الإخوان المسلمين''. عن المؤسسة العسكرية المصرية، فإن عقيدتها القتالية العسكرية تقوم علي اعتبارات وطنية مصرية أولاً، وقومية عربية ثانياً. ومما يدل علي ذلك، أن تحركات القوات المسلحة المصرية خارج مصر في سياقاتها السياسية في القرن الأخير، كانت عربية صرفة، أما مع تركيا فينظر إليها الجيش المصري باعتبارها جاراً بحرياً وشريكاً في تحالف دولي واسع، ولكن من دون وجود هوية مشتركة معها حسبما تعتقد جماعة الأخوان المسلمين المحظورة، كما أن تحجيم ''أردوغان'' لدور الجيش التركي، يعده الجيش المصري نموذجاً خطراً علي حضوره ودوره. أما جهاز الدولة المصرية ومؤيدو النظام السابق، فهم تاريخياً ينظرون إلي تركيا باعتبارها منافساً إقليمياً حتي إن نظام ''حسني مبارك'' المخلص للتحالف الغربي، لم يندفع في العلاقة مع أنقرة بأي شكل علي خلفية التنافس الإقليمي التاريخي بين البلدين. ومن المعروف أيضاً أن نظام ''مبارك'' أحبط مشروع الجوار العربي الذي أطلقه ''عمرو موسي'' الأمين العام السابق للجامعة العربية والمتضمن اقتراح الانفتاح علي تركيا. ولا تري الجهة الفاعلة الثالثة أي السلفيون في تركيا هوية إسلامية بما يكفي، بل يعتبرونها نموذجاً يهادن العلمانية بأكثر مما هو مطلوب، وأنه نموذج غير صالح للاقتداء به، بمعني آخر وأوضح، لا تتقاطع نظرة السلفيين إلي المنطقة والعالم بأي شكل مع رؤية حزب العدالة والتنمية التركي. أما الجهة الفاعلة الرابعة أي القوي الثورية والديمقراطية في مصر، فهي لم تخف تعاطفها الواضح مع انتفاضة تقسيم في مواجهة تعنت ''أردوغان''، كما تري هذه القوي أن تركيا تعاني ''صندوقراطية'' صارخة، تصادر الآخرين وحرياتهم تحت شعار إرادة الصندوق، وهو ما كانت تجربة ''مرسي'' تمثل صداه الأكثر بدائية، بمعني أن الحشد التصويتي في الانتخابات، يفلح بما في اقتناص أغلبيات عددية ضئيلة، لكنها لا تخول حائزها إلغاء الآخر واحتكار السلطة كما مارس ''مرسي'' ذلك بطريقة فجّة في مصر، مقابل طريقة مماثلة في تركيا. كما أن تحالف أنقرة الواضح مع الأخوان المسلمين وتنديدها بالموجة الثانية من الثورة، واعتبارها انقلاباً عسكرياً علي الرغم من الإرادة الشعبية الواضحة والواسعة في خلع ''مرسي'' من الرئاسة، زاد من الصورة التركية قتامة في عيون القوي الثورية الديمقراطية المصرية. إذاً، هكذا يتضح أن الجهات الأربع الفاعلة في التركيبة السياسية المصرية الجديدة لا ترغب في شراكة إستراتيجية أو علاقة متميزة مع تركيا. إن خسائر تركيا من سقوط جماعة الإخوان المسلمين في مصر متعددة الجوانب، وليست آنية أو أيديولوجية فحسب، وتتضافر الخسائر التكتيكية مع مثيلاتها الإستراتيجية وتتداخل، بحيث تشكل تحدياً كبيراً لصانع القرار التركي. فقد خسرت حكومة ''رجب طيب اردوغان'' حليفها ''مرسي'' وجماعته في مصر والتي فتحت أبواب مصر علي مصراعيها لحكومة ''أردوغان'' وعصابته الأخوانية، فكانت الرحلات المكوكية بين القاهرة واسطنبول وتقديم التسهيلات الكبيرة للأتراك في إطار الاتفاقيات الموقعة بين البلدين وتعزيز دور رجال أعمال محسوبين علي الإخوان عبر وكالات تجارية والاتفاق علي إنشاء منطقة صناعة تركية وغير ذلك من الخدمات والتنازلات التي جعلت من مصر تدور في فلك السياسة التركية وبما يحقق المصالح التركية علي حساب مصالح الشعب المصري. وبسقوط ''مرسي'' وجماعته خسر ''أردوغان'' كل ذلك وهذا يفسر تشدد ''أردوغان'' وسعيه الحثيث إلي طلب التدخل الخارجي في شؤون مصر الداخلية واستغلال عضوية تركيا في حلف الناتو من أجل دفع الأوروبيين للتدخل وإعادة الحكم إلي جماعة الإخوان المسلمين ليعيد نفوذه في مصر ويجعلها تابعة للسياسة التركية ليؤكد بذلك أنه ما زال يعيش أوهامه في عودة الإمبراطورية العثمانية واستعباد الشعوب مرة أخري. أما العامل الآخر المهم في مواقف ''أردوغان'' العدائية تجاه الشعب المصري فيعكس أزمته الداخلية، لاسيما وأن المعارضة التركية أخذت بالازدياد، وبالتالي يخشي ''أردوغان'' من أن يحذو الجيش التركي حذو الجيش المصري بالانحياز إلي الإرادة الشعبية التي تطالب بالتخلص من حكومة العدالة والتنمية التي أضرت بالعلاقات مع دول الجوار وبشعوب المنطقة، نتيجة تدخلها في الشؤون الداخلية للدول ورعايتها للإرهاب المنظم حيث تحولت تركيا إلي ملاذ آمن للعصابات المجرمة وغرف عمليات للمخابرات الغربية من أجل بث الفوضي في دول المنطقة، الأمر الذي انعكس سلباً علي مصالح الشعب التركي، وهذا ما وسع الغضب الشعبي التركي وشكل هاجس خوف وقلق عند ''أردوغان'' من الإطاحة بحكومته، لاسيما وأن الجيش التركي كان ولفترة طويلة يحتفظ بالكلمة الأولي والقوة الأكبر في تقرير مصير أي حكومة تركية إذا أحس بخطورتها علي مصالح الشعب التركي والدولة العلمانية التي أرساها أتاتورك. لقد دشن سقوط ''مرسي'' في مصر نهاية ما يسمي ''النموذج التركي'' في المنطقة، والذي شكل ملهماً لبعض النخب السياسية الحاكمة في دول ما ''يسمي الربيع العربي'' أي إن النموذج يحتاج إلي من يتبناه حتي يصير نموذجاً، وخروج مصر من حالة اقتباس النموذج، يجعل هذا النموذج مجرد فكرة نظرية غير متحققة، جدير بالذكر أن تركيا استفادت مما سمته النموذج التركي لترتقي في عيون الغرب باعتبارها الأقدر علي ترويض الأخوان المسلمين من خلاله، وبالمقابل استخدمت الجماعة النموذج التركي لتبني جسوراً مع الغرب وكوسيلة للمقارعة مع معارضيها في مصر. إن الأعمال العدائية التي يقوم بها ''أردوغان'' وحكومته الأخوانية تجاه الشعب وتجييش الرأي الغربي ضد إرادة المصريين في محاولة لإعادة عقارب الساعة إلي الوراء والعودة بجماعة الإخوان المسلمين إلي الحكم لم ولن تفلح ومصيرها الفشل نتيجة صمود الشعب المصري الذي قال كلمته بمسيرات مليونية في 30 يونيو، والتي اعتبرت هي الأضخم من حيث العدد في تاريخ العالم مؤكداً هذا الشعب العظيم، رفضه لأي تدخل خارجي ولحكم الإخوان الذي فضل المصالح التركية والإسرائيلية والأميركية علي المصالح المصرية وسعي إلي إقصاء القوي الوطنية وثورة الشباب ودمر كل مؤسسات الدولة عبر أخونتها بكوادر تابعة لجماعة الأخوان بل إنه زرع عصابات إرهابية ترتكب جرائمها الآن بحق مؤسسات الدولة ودور العبادة ومراكز الجيش والشرطة المصرية. فأردوغان البهلواني الذي يحاول القفز من منطقة لأخري إرضاء لأسياده وتنفيذاً لمشاريعهم، إضافة إلي أوهامه الإمبراطورية، لن يكون في المستقبل القريب إلا ألعوبة تلقي في مكب النفايات، أو أنه سيلاحق كمجرم بحق الشعب في تركيا، والشعب في مصر والشام وتونس وليبيا والعراق الذين سيقاضونه ويقتصون منه، أي إنه لن ينجو من العقاب بأي حال من الأحوال، لأن هذه النهاية هي نهاية كل من يرهن نفسه لإرادة غير إرادة شعبه، ولمصالح غير مصالح شعبه، ولا يمكن التبرير له أنه كان جاهلاً لأن الشعب في تركيا نبهه وينبهه باستمرار إلي ضلاله وتهوره، وارتهانه لإرادات خارجية لها أغراضها وأهدافها ومصالحها المتعارضة مع مصالح الشعب وعلاقاته مع بعضه ومع الشعوب الأخري. ويبدو أن ''أردوغان'' إما أنه غير مدرك روحية ومرامي الصهيونية والصهيونية الأميركانية، والثقافة اليهودية التوراتية أو أنه منسجم مع أغراضها، أو أنه من النسيج ذاته، لذلك فهو لن يبحث عن مصالح الشعب في بلاده، بل يبحث عن مرامي الصهيونية العالمية، وعن خلاصه الشخصي الذي لن يتوافر له إلا إذا كان صهيونياً حقيقياً تحتضنه الصهيونية ولو لم يوفق في تحقيق أغراضها، ولكنه في كل الأحوال سيخسر دوره من شخص قائد لبلاده إلي شخص لا دور له، وفي أحسن الأحوال يكون له وظيفة ثانوية في مشاريع الصهيونية العالمية، لأنه لن يكون مقبولاً من الشعب في تركيا، ولا من الشعوب التي اعتدي عليها.