التاريخ لن ينسي أولادكم بل سيقف أمامهم معظما لهم وإن تخاذل عنهم المتخاذلون كان الله في عونه .....الرئيس القادم لمصر... حينما أجلس مع نفسي وأفكر في الرئيس القادم لمصر والحالة التي سيكون عليها عند دخوله قصر الرئاسة لأول مرة وأمامه كثير من التحديات اجدني مدفوعا بالدعاء له بأن يكون الله في عونه وخصوصا أن التحديات التي ستواجهه من أول لحظة لا حصر لها وكلها تأتي علي رأس بعضها كأولويات تعبر عن طموحات ومشاكل وصعوبات ومستحيلات هذا الشعب بعد ثورة 25 يناير وفي ظل أجواء قد لا تساعد أي شخص علي الوصول إلي مراده بسهولة ويسر . وقبل أن أقف علي عدد من هذه التحديات لكم ان تتخيلوا معي حالة الرئيس وهو بين ثلاث قوي تتجاذبه. الأولي : القوي الثورية والسياسية التي ستقف أمام الرئيس مطالبة من أول يوم بتحقيق مطالب وأهداف الثورة وستحمله مسؤولية ذلك أمام الشعب والوطن. والثانية: المجلس العسكري الذي علي ما يبدو لا يريد أن يكون علي نفس الحالة التي كان عليها قبل الثورة ويريد أن يشارك أو يبقي قريبا علي الاقل من صناعة القرار في المرحله القادمة من منطلق خوفه علي الأمن القومي لمصر داخليا وخارجيا وخصوصا اذا كان الرئيس القادم من خارج المؤسسة العسكرية. والثالثة : هم بقايا واتباع النظام السابق الذين سيحاولون وبكل جهد أن تعود البلاد علي ماكانت عليه قبل الثورة وان يكون لهم دور في المرحلة القادمة تضمن لهم البقاء والبعد عن الملاحقة القضائية أو المحاسبة السياسية حرصا علي مصالحهم الاقتصاديه وغيرها . ولا شك ان حالة الرئيس بين هذه القوي الثلاث في أحوج ما تكون إلي الدعاء له بأن يكون الله في عونه لان إرضاء القوي الثلاث تماما أمر غاية في الصعوبة والتعقيد فالثوار يريدون التطهير والمحاكمات السياسية التي تعني استبعاد او محاسبة بقايا النظام السابق وكأن إرضاء أي طرف سيكون علي حساب الطرف الاخر مما سيقلب عليه أحد الطرفين أو كلاهما معا . أما عن التحديات التي ستواجه الرئيس القادم غير هذه الحالة المعقدة التي شرحناها فهي كثيرة جدا وعلي رأسها التطهير الشامل في كل المؤسسات حتي نستطيع ان نصل إلي تغيير حقيقي عبر تغيير الافكار والمنظومة من خلال تدريب كوادر جديدة علي العمل القيادي لتولي مناصب عليا في البلاد واستبعاد المتورطين في قضايا فساد أو الموالين للنظام بحيث ان بقاءهم يشكل تهديدا علي مستقبل التغيير الحقيقي في مصر وإعاقة كشف كثيرا من قضايا فساد جديدة لأنهم ربما فد تورطوا فيها أو سكتوا عنها جبرا أو اختيارا . والتحدي الاكبر في موضوع التطهير انه يجب أن يكون شاملا لجميع مؤسسات الدولة إذا اعتبرنا أن الدولة كالجسد الواحد وان استمرار وجود عضو فاسد فيه يهدد بعدوي وإصابة باقي الأعضاء بذات المرض وأيضا صعوبة أن نجد عددا يكفي ان يشغل كافة المناصب القيادية من الدرجة الأولي والثانية في وقت واحد مما يعني أن الأمر قد يحتاج فترة من الوقت للاختيار والتدريب في الوقت الذي ضاق الشعب فيه صدرا وأصبح لا يطيق صبر ساعة علي هذه المسألة وعلي الرئيس القادم إذن أن يبذل قصاري جهده في اقناع الشعب بالصبر حتي يتم التطهير الشامل وان يبرز لهم أدلة صدق نواياه في المضي قدما في هذا الطريق حتي يقتنع الشعب . هذا اذا مااقتنع الشعب . أما إذا لم يقتنع فستكون المسألة غاية في التعقيد . أما التحدي الثاني فهو بناء اقتصاد قوي ينهض بالأمة إلي آفاق الحداثة والمجد وخصوصا وكما نري ان عجلة الانتاج قد توقفت ولو بنسبة في أيام ما بعد الثورة وفي نفس الوقت يخرج يوميا المئات بل الآلاف من مختلف القطاعات ممن يطالبون بزيادة مرتباتهم هذا فضلا عن الآلاف الذين يريدون توفير فرصة عمل لهم بعد سنوات قضوها علي كراسي البطالة في انتظار الفرج وبالتالي سيجد الرئيس نفسه امام تحد كبير واجتيازه يتطلب المشاركة الشعبية بدفع عجلة الانتاج من جديد كما يحتاج إلي موارد مالية جديدة ليتمكن من تلبية مطالب من يريدون زيادة مرتباتهم والسؤال الان هل سيتضامن الشعب مع رئيسه في هذا الأمر بدفع عجلة الانتاج وتهيئة الظروف والأجواء المناسبة لذلك وهل سيتمكن الرئيس كذلك من وضع خطط اقتصادية جديدة بحيث تزيد موارد الدوله فيحقق لشعبه مايريد من خلال زيادة المرتبات وتوفير فرص عمل جديدة ... أتمني . التحدي الثالث الذي لا ينبغي أن نغفله هو تحقيق الأمن وعودة الشعور بالأمن والأمان إلي المواطن العادي الأمر الذي لا أعتقد انه من السهولة بمكان لأن نحققه ويتوقف بشكل كبير علي تحقيق النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية وبناء اقتصاد قوي يوفر فرص عمل ودخول مناسبة لمعظم أفراد الشعب .. هذا أولا ومن ناحية أخري فإن عودة الأمن كذلك متوقفة علي عودة هيبة الدولة من جديد بحيث يعلم كل من تسول له نفسه ان تعطيل عجلة الإنتاج أو قطع الطريق أوالخروج علي الناس لترويعهم أو سرقتهم سوف يواجه بكل حسم وصرامة وسيلقي جزاءه الرادع وبشكل سريع عبر الوسائل القانونية وقطع الطرق سيحول دون عودة هيبة الدولة ومما لاشك فيه أن ضياع هيبة الدولة هو فقدان لأهم سلاح يتمكن الرئيس من خلاله تحقيق اهدافه والسيطرة علي مجريات الأمور وثقة الناس فيه وبالتالي قد يطالب الشعب بعزله اذا شعروا انه غير قادر علي السيطرة علي الأوضاع ولم يحقق لهم الأمن والأمان وإذا كانت هذه هي أهم التحديات التي ستواجه الرئيس القادم واذا كان تحقيقها كذلك ليس من السهولة بمكان فإننا في النهاية لا نملك إلا أن ندعو الله سبحانه وتعالي بأن يكون في عون الرئيس القادم ليتمكن من تحقيق مافيه الخير لشعبه وأمته . إلي قضاء مصر العادل كان الله في عون كل قاض يجلس علي منصة القضاء ليحكم بالعدل في أي قضية لها صلة بالثورة المصرية وعلي رأس هؤلاء القضاه سيادة القاضي الذي سيحكم في قضية الرئيس السابق مبارك ومن معه .. ذلك إننا نعلم أن الجميع بمن فيهم آسر الشهداء والمصابين ينتظرون الحكم بفارغ الصبر ونعلم أيضا أن القاضي إنما يحكم من خلال الاوراق والأدلة المقدمة له والمنظورة أمامه في القضية ويحكم بما يطمئن اليه قلبه وما يرسخ في عقيدته وهو إنما ينشد الحق والعدل دائما واذا كانت هذه هي قضية القرن كما يقال واذا كان الملايين تتعلق انظارهم بهذه المحاكمات وهي قضية أصبحت فيها وحولها كل معاني الصعوبات والتحديات زمانا ومكانا واشخاصا فإننا نتمني للقاضي الجليل أن يكون الله في عونه وان يسدد علي طريق الحق والعدل خطاه . برلمان الشعب كان الله في عون هذا المواطن البسيط الذي خرج وصوت لأحد الأعضاء في الانتخابات البرلمانية الأخيرة ثم تفاجأ بأن صوته قد ذهب هباء منثورا وان من صوت له ليس هو ذاك الشخص الذي يشاهده في وسائل الاعلام وقد وقف تحت قبة البرلمان غير معبر عن قضايا وطموحات واهداف وغايات واولويات من انتخبه وخرج من اجل ان يعطيه صوته وتحمل في سبيل ذلك كثيرا من الصعاب ومنها زحمة الطوابير والوقوف أمام اللجان لعدة ساعات . ولعل أكبر ما يحزن هذا الرجل البسيط ان فرصة التصويت لشخص اخر قد لاتأتي إلا بعد خمسة أعوام تقريبا وهاهو سيبقي ملوما محسورا حتي يصحح خطأه ويعطي صوته لمن يستحق ومن هنا لحد ما الفرصة تيجي مره ثانية (هفضل ادعي له ) وأقول كان الله في عونه . شهداء ومصابو الثورة كان الله في عون كل أب أو أم فقدوا ابنهم شهيدا باذن الله في هذه الثورة المجيدة ثم جلسوا ليشاهدوا بعض المفلسين والعملاء علي بعض شاشات الفضائيات يصفون ابناءهم بأبشع الصفات ويجدون أنفسهم في حيرة من أمرهم إذا كيف يعظم المسئولون لابنائهم ويتحدثون عن بطولاتهم وامجادهم وانهم من ضحوا بأرواحهم من أجل هذا الوطن ثم يتركون هؤلاء المفلسين العملاء علي مرأي ومسمع العالم كله يشوهون وجه وتاريخ ابنائهم ويقعون في أعراضهم كان الله في عونهم وهم لازالوا ينتظرون القصاص العادل لابنائهم. كان الله في عونهم وهم لم يأخذوا مستحقاتهم بعد ولم تشعرهم الدولة حتي هذه اللحظة بأنها صادقة في كل ما وعدتهم به .. وانني أقول لكل أب وكل أم فقدوا ابنهم .. لا تحزنوا فان الله عزوجل سيجازيكم علي صبركم ويكفيكم شرفا أن التاريخ لن ينسي اولادكم بل سيقف امامهم معظما لهم وان تخاذل عنهم المتخاذلون . كان الله في عونك يا مصر فمن سلة غذاء العالم في عهد سيدنا يوسف عليه السلام إلي المعونة الأمريكية في عهد السادات ومبارك ومن دولة أمتد ذراعها إلي الشام والسودان في وقت سابق الي دولة مهددة بتخفيض حصتها من مياه النيل . ومن دولة عرف فيها الفلاح زراعة القمح منذ فجر التاريخ إلي دولة تستورد بذورها من عدوها ومن دولة عرفت التوحيد في عهد قدماء المصريين إلي دولة يتصارع فيها ابناءها علي مفاهيم عقدية فطرية. ومن دولة امتدت فيها السكك الحديدية شرقا وغربا منذ اكثر من مائة عام وكانت ثاني دوله في العالم يسير علي أرضها القطار إلي دولة يخرج بعض ابنائها ليقطعوا السكك الحديدية لمطالب فئوية ومن دولة بنت السد العالي إلي دولة غير قادرة علي ترميم بعض القناطر . لقد أعطت مصر الكثير والكثير لابنائها علي مدي الآف السنين أما آن الأوان لأن نعطيها نحن القليل لتقف علي أرجلها من جديد . لماذا نصر الا ان نأخذ منها دائما وعندما تحتاج هي إلي عطائنا نوليها الأدبار ويعطي كل واحد لها ظهره . يا شعب مصر قف بجوار مصر . ساندوا مصر . ساعدوا مصر . أبنوا مصر من جديد وضحوا من أجلها بالغالي والنفيس فمصر تستحق منا الكثير والكثير . وكان الله في عونك يامصر.