في مؤتمره الصحفي امس اعلن رئيس مجلس الوزراء ان الدول التي وعدتنا بتقديم منح ومساعدات بالمليارات أدارت لنا ظهرها، وقال الدكتور الجنزوري ان السبب في ذلك الموقف هو خلافاتنا، وهذه حقيقة مؤسفة لا ينكرها أحد لكن هناك اسبابا أخري لا يمكن تجاهلها، إذ أن بعض هذه الدول الأجنبية والعربية لا يرضيها ان تقف مصر علي قدميها شامخة كما كانت، صاحبة دور محوري حقيقي، قادرة علي بعث القومية العربية التي تستعيد بها امتنا مكانها ومكانتها، وتستطيع بالتالي ان تواجه مخططات التمزيق والتفتيت لتتحول إلي دويلات وكيانات متشرذمة هزيلة، كما حدث ويحدث في العراق والسودان والصومال. انها مصر التي ضخت الثورة في شرايينها دماء الايجابية والفعالية والقدرة علي تحقيق التقدم في مختلف المجالات، واستعادة دورها ومكانتها فكيف يساعدونها بأموالهم لتحقيق ذلك؟! السؤال منطقي جدا والاجابة واضحة جدا، والمطلوب هو ان يحتفظوا لأنفسهم بأموالهم، وأن يكفوا فقط عن مخططاتهم ومؤامراتهم لإجهاض الثورة وإيقاف عجلة الانطلاق نحو أرحب آفاق التنمية والتقدم. »سلفاكير« في إسرائيل يا رجالة!! من أخطاء بل جرائم النظام السابق اننا أهدرنا رصيدنا العظيم في افريقيا التي كانت دولها تتحرك وفق البوصلة المصرية تقديرا لدورها الذي اطلقه جمال عبدالناصر بالدعم والمساندة لحركات التحرر والاستقلال في معظمها. أهدرنا - يا سادة - هذا الرصيد، وتجاهلنا - بغباء خطورة ما يدبر لنا عند حدودنا المباشرة بما يهدد أمننا القومي، واكتفينا بالفرجة علي ما يتعرض له السودان من مخططات التقسيم والتفتيت حتي وقع انفصال الجنوب، وبدأنا ندفع الثمن الباهظ، وها هو ذا السيد »سلفا كير« رئيس جنوب السودان يزور تل أبيب ردا علي زيارة نتنياهو لبلده، وها هو الرجل يعلنها صريحة مدوية بأنه حريص علي التعاون مع إسرائيل في المجال الأمني »خدوا بالكم من معني -الأمني« وما يعنيه ذلك من تهديد جديد للسودان، ووضع الخنجر الجنوبي في ظهرنا. تري ما رأيكم - لادام فضلكم - يا من تدافعون عن النظام السابق وترفعون شعار »آسفين يا ريس«!! لأنه الشيخ سلطان!! الشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة تعرفت عليه عندما زار اتحاد الكتاب، واستقبلناه - كأعضاء مجلس الإدارة - بالحفاوة المستحقة لأنه في تجسيده المتواصل لمحبته لمصر، ووفائه لها وعرفانه بجميلها قدم دعما ماليا ضخما للاتحاد بما يساعد في حل مشكلات الادباء الاجتماعية والصحية، ثم لم نفاجأ عندما كرر هذا الموقف النبيل مع »جمعية الآثريين« ولم نفاجأ اخيرا بما اعلنه عن قراره بأن يتكفل باعادة ترميم المجمع العلمي علي نفقته الخاصة، بل انه سيتبرع بالكثير من مقتنياته التراثية والكتب والدوريات النادرة تعويضا عما تم حرقه، وهكذا يضرب هذا الرجل - الذي لا ينكر انه ناصري - المثل بعد المثل في معني الوفاء والانتماء الحقيقي لأمته العربية، بينما يتجه آخرون من المليارديرات العرب والمصريين الي انفاق اموالهم في مشروعات وخدمات لمجتمعات غربية أو في علاقاتهم وملذاتهم! رب ضارة نافعة!! كتبت من قبل تحت هذا العنوان في اعقاب احداث ماسبيرو قائلا لعل ما حدث يكون قد دفع كل الاطراف المعنية لإعادة النظر في مواقفها واجراءاتها حتي نستفيد من الدرس القاسي، ويكون ما وقع من ضرر نافعا لنا بالعودة إلي طريق الصواب، والآن اقولها مرة أخري بعد احداث قصر العيني ومجلس الوزراء، وأضيف أنه لا مجال لاخطاء وتجاوزات أخري لاننا نندفع نحو الهاوية لا قدر الله ولن يغفر التاريخ لمن يتقاعس أو يتجاهل او يندفع في طريق مزيد من الاخطاء. انني لم أحدد هوية كل طرف يحيط الذنب بعنقه لأن الشعب يعرف كل شيء! »يا تري كلامي واضح؟!«