بالاجماع اختارته الدول العربية امينا عاما لجامعتها، وقد تسلم فعلا مهمته القومية، »كسابع أمين عام لجامعة الدول العربية«، ويعلم القاصي والداني ان الدكتور نبيل العربي سبقته الي موقعه الجديد مواقفه وتصريحاته الواضحة خاصة عندما تولي وزارة الخارجية في حكومة الثورة جسدت مواقفه وتصريحاته تلك رؤيته القومية، وترجيحه للمصلحة العربية في مواجهة اية حسابات او ضغوط تطل منها اصابع اجنبية لم تعد مجهولة لاحد، وقد اكتسبت هذه الرؤي عمقها واهميتها بما حققه الرجل من انجازات دبلوماسية وقانونية عبر تاريخه الحافل، الي جانب توازن شخصيته، وما يتمتع به من قبول لدي كل من تعامل معه، بل لدي كل من تابع مواقفه، كذلك كان من الطبيعي ان يشعر كل عربي بقدر ملحوظ من التفاؤل بما يمكن ان يحققه الامين العام الجديد في امكانية ان تقوم الجامعة بدورها المأمول والمنشود، خاصة وقد اهتزت كثيرا وتراجعت كثيرا في السنوات الاخيرة، وليس معني ذلك ان الامين العام السابق »عمرو موسي« هو المسئول عما اصابها من وهن وضعف اذ ان السبب الحقيقي يكمن في حالة التفسخ والتشرذم التي انتابت الامة العربية فتمزقت بين دول معتدلة ودول ممانعة، ونجحت الضغوط والاملاءات الخارجية في تنفيذ المخططات اياها »مثلما حدث في العراق وفلسطين والسودان والصومال بل كادت تنجح في اغتيال الجامعة ذاتها واستبدالها بجامعة البحر الابيض المتوسط التي تتربع اسرائيل علي قمتها!!« ولقد كانت هذه المرحلة المتردية امتدادا صارخا لما اتسم به اداء الجامعة منذ انشائها في عام 5491 فرغم اننا سبقنا الاخرين في هذا التوجه القومي الضروري الا اننا- للاسف- لم نحوله الي واقع تتحقق من خلاله آمال وطموحات المواطن العربي في »موقف وعمل موحد« يعيد للامة مكانها ومكانتها الجديرة بها في الوقت الذي نجح فيه الاخرون في تجاوز خلافاتهم وصراعاتهم وتداعيات حروبهم مع بعضهم البعض، وانشأوا كيانات وتجمعات »مثل الاتحاد الاوروبي« الذي صار قوة كبري اضافت لدول الكثير اقتصاديا وثقافيا وسياسيا، بينما عجزنا نحن في استثمار ما لدينا من مقومات الوحدة كاللغة والدين والعادات والتقاليد المشتركة، فتخلفنا عن تحقيق ما حققه الاخرون الذين سبقناهم بصيغة الفكر والعمل الموحد متمثلا في الجامعة العربية، والان وقد حان الوقت لكي نستوعب الدرس التاريخي، علينا ان ننطلق في اجراء اصلاحات جذرية تقود الي ان تصبح جامعة الدول العربية »جامعة الشعوب« وليس »جامعة الحكومات« خاصة وقد فتح ربيع الثورات العربية كل الابواب لمرحلة جديدة سوف تفرض نفسها شاء البعض ام لم يشاءوا، والمؤكد ان الجامعة مع امينها الجديد القدير يمكن ان تلعب دورها الفاعل في استعادة امتنا لوحدة الصف والموقف، هذا الحلم الجميل الذي انتعش وازدهر وانطلقت معه الآمال الكبار في الحقبة الناصرية التي اطلقتها »ثورة يوليو 2591« لولا تصدي بعض الانظمة والحكومات بتحريض وتضليل اجنبي، وها هو ذا الامل يعود مع ثورة 52 يناير 1102 وقبلها ثورة تونس، استهلالا مؤكدا لربيع الثورات العربية التي يمكن ان يعود معها »الحلم الضائع« حلم الصف الواحد، والموقف الواحد، حلم »الوحدة« بمعناها الحقيقي الذي ترتقي من خلاله امتنا الي مصاف الكيانات الكبيرة في هذا العصر الذي لا مجال ولا مكان فيه للكيانات الصغيرة المتشرذمة! ليس دفاعا عن »الشيخ حسن«!! لا يحتاج المراقب للاحداث الي اي جهد خاص ليدرك ان لبنان الجميل الان في عين العاصفة وانها فوق بركان خطير قد تنفجر فيه الي شظايا لا قدر الله، والسبب هو »القرار الاتهامي« الذي اعلنته المحكمة الدولية في توقيت مريب وراءه ما وراءه من اهداف لا تخفي علي احد، وقد سارع قائد المقاومة »الشيخ حسن نصر الله« الي شرح وتوضيح اسرار وخفايا القرار وكشف بالوثائق والتسجيلات الحية كيف ان المحكمة الدولية التي تشكلت بأوامر امريكية للتحقيق في اغتيال »الزعيم رفيق الحريري« كان ومازال وسيظل هدفها ضرب المقاومة اللبنانية التي نجحت في مواجهة اسرائيل ولقنتها درسا قاسيا ويمتد الهدف طبعا الي اخراج لبنان من الصف العربي الرافض للاحتلال الاسرائيلي والانصياع للتعليمات الاجنبية، ومن بين الحقائق الدامغة التي كشفها »الشيخ حسن نصر الله« والتي تفضح اهداف ونوايا اصحاب القرار الاتهامي اياه ان رئيس المحكمة السيد »انطونيو كاسيزي« من اكبر اصدقاء اسرائيل »كما قدمه السفير الامريكي في تل ابيب خلال احدي الندوات« كذلك فالمعروف عنه انه من »اشرس اعداء المقاومة العربية« وكثيرا ما نصح اسرائيل بالتحرك ضد »الارهابيين« الذين يقاومونها!! والمثير للحزن والاسي ان بعض اقطاب المعارضة في لبنان لم يهتموا باستيعاب ما ذكره الشيخ حسن من معلومات وحقائق موثقة، وتباروا في مساندة القرار الاتهامي المريب، وهددوا حكومة الاغلبية بضرورة تسليم من وجه لهم القرار اتهاماته الباطلة، بالرغم من انف المقاومة، ومعني ذلك- يا سادة- ان لبنان تتعرض الان لمحنة وازمة خانقة لن تخرج منها الا اذا اجتمع كل قادتها وزعمائها علي كلمة سواء وتنبه من لهم اطماع او حسابات حزبية او طائفية الي ان الخطر الداهم سيلحق بالجميع وان التاريخ لن يرحم، وسيكشف الصفحات السوداء لمن تعاونوا مع الاعداء وتجاهلوا مصلحة بلدهم وشعبهم وامتهم. انني لا اسجل ما اسجله الان دفاعا عن المقاومة وشيخها »حسن نصر الله« فانا ادافع عن لبنان الجميلة وكفاها ما عانته منذ سنوات خلال »الحرب الاهلية المشئومة« التي سقط خلالها الاف القتلي والجرحي، واهتز استقرارها، وتعرض اقتصادها لضربات قاتلة.