محافظة الدقهلية من المحافظات ذات الكثافة السكانية العالية وقد وصل التضخم السكاني إلي حدود تكاد تتجاوز كل منطق أو معقول فقد وصل سعر الارض في بعض قري المحافظة إلي أربعة آلاف جنيه. هذه المشكلة التي قاربت حد الانفجار السكاني بما يتبعه من مشاكل عويصة مثل التلوث وتهاوي الخدمات والأمراض العضوية والنفسية كل هذه الامور حولت عروس الدلتا الي عجوز شمطاء.. المحافظ سمير سلام وهو قيادة محلية رائعة انجز في سنوات عمله القليلة ما لم ينجزه من سبقوه في سنوات طوال.. هذا المحافظ المبتكر كان وراء حل للمشكلة هو الاتجاه إلي الظهير الصحراوي للمحافظة وهو منطقة جمصة وبدأ العمل في وضع مخطط جديد لمدينة مليونية باسم المنصورةالجديدة علي منطقة يمين البحر المتوسط والطريق الدولي الجديد.. المخطط أكثر من رائع وهو يختلف عن أي مشروع مماثل في أي محافظة أخري لسببين الاول هو أنه برعاية محافظ حريص علي أن يجد حلا للمشكلة وهو يبذل في سبيل ذلك اقصي ما توفره الطاقة يبحث ويناقش ويسأل ويحسب ويحاول أن يوفر اقصي ما يمكن توفيره من عناصر النجاح والسبب الثاني أن شعب الدقهلية يختلف عن شعب أي محافظة فقد امتاز ابناؤها وطوال التاريخ بالعطاء المتميز ومما يبشر بأنه بمجرد انطلاق المشروع فسوف يشهد اقبالا وعملا دؤوبا لانهائه في وقت مثالي. المشكلة إذن عرفت والحل ايضا ولكن هناك امرا ما لا اعتقد أنه غاب عن ذهن المحافظ وإذا كنت أذكره هنا فليس ذلك الا من باب الاطمئنان او التذكرة.. نسمع ومنذ وقت طويل عن التغيرات المناخية وقد تكرم الدكتور فاروق الباز العالم البارز وأحد ابناء الدقهلية فنشر في الصحف خريطة الاقمار الصناعية مبينا عليها المناطق التي سوف يغرقها ارتفاع ماء البحر في السواحل المصرية وقد ظهر في الخريطة مناطق كثيرة في محافظة الدقهلية الخرائط اظهرت ان مياه البحر سوف تصل إلي مناطق في اعماق المحافظة قد تصل مع مرور الوقت إلي حدود المنصورة القديمة نفسها والسؤال الآن هو ما وضع المنصورةالجديدة المأمولة والتي يجري التخطيط لها من هذه المشكلة القادمة لا محالة.. وإذا كانت المدينة المقترحة سوف تكون بمأمن فما هو وضع المواصلات منها وإليها في حالة غرق المناطق المحيطة، كل هذه أمور أتمني أن تجد الرعاية ممن يخططون للمشروع الجديد حتي لا نبدأ مثل هذا المشروع العملاق ثم نتركه بعد ذلك لتغرقه الامواج لقد التقيت بعدد من أبناء الدقهلية من المهتمين.. بعضهم اصابني كلامهم بالفزع وبعضهم منحني كلامهم الشعور بالأمل.. البعض قال ان المنطقة سوف تغرق لا محالة سواء في 0302 أو في 0502 وأن أي جهد يبذل سوف يضيع ادراج الرياح والبعض قال ان هذه المشكلة لن تكون صعبة كما يشاع ويكفي حائط مانع علي طول الساحل لحماية أي منشآت داخله.. وسواء صح هذا أو ذاك فإن الامر يحتاج الي أن يوضع في الاعتبار لان مليارات الجنيهات سوف تكون علي المحك وليس عيبا ان نستعين بعلمائنا المصريين وهم كثيرون ولا عيب ايضا أن نستعين بالخبرة الاجنبية وهم مهتمون كثيراً بهذا الامر.. بعض من التقيت بهم طرح فكرة أضعها بين ايدي المحافظ هي بحيرة المنزلة.. فقد انكمشت بحيرة المنزلة الي ربع مساحتها وقام لصوص الاراضي بالاستيلاء علي ثلاثة ارباعها ولو أن المحافظ وهو رجل شفاف للغاية وشجاع للغاية قام بحملة لاسترجاع الارض المنهوبة فإن ذلك يجعل من البحيرة صمام أمان يمتص أي مياه زائدة سوف يضخها ارتفاع البحر وسوف تجذب أي مياه أخري تنطلق لداخل المحافظة من مناطق أخري، هذا المشروع نفسه لا يقل في نظري عن أهمية المنصورة. فهو إعادة لحق ضاع استولي عليه البعض مسلحين بالحصانة واستولي عليه البعض الاخر مسلحين بالرشاشات ولن تكون البحيرة بهذه الطريقة صمام أمان فقط وانما ستعود كما كانت مخزنا ضخما للثروة السمكية التي تتضاءل يوما بعد يوم إن العمل المطروح كبير ولكنه لن يكون كبيراً بالنسبة لمحافظ في حجم سمير سلام خاصة إذا دعمته أجهزة أخري لا تدرك حتي الآن ان الدقهلية ثالث محافظة في التعداد بعد القاهرة والاسكندرية وقد كانت ثاني محافظة بعد القاهرة وهي تمون الدولة بمعظم انتاج القمح والأرز وهي محافظة يكاد الانفجار السكاني أن يخنقها بعد أن تركت سنين طويلة مهملة كل الاهمال خاصة في الفترة بعد ثورة 2591. ولله الأمر.