أخيراً.. انتهت المعركة الانتخابية، التي شغلتنا طوال الأسابيع العديدة الماضية، لتبدأ تداعيات إعلان النتائج النهائية لمجلس الشعب القادم. وهي تداعيات معتادة، في كل المعارك السابقة، وأبرزها الاتهامات التي يوجهها الذين لم يفوزوا في الانتخابات للذين نجحوا فيها. اتهامات »التزوير«، و»شراء الأصوات«، و»استخدام البلطجة لإرهاب المنافسين«، و»منع الناخبين من الوصول إلي الصناديق«، و»التسويد الجماعي للبطاقات«.. وغيرها، سبق ترديدها بألسنة غير الفائزين كما قلت أثناء، وبعد، كل الانتخابات السابقة. ربما الجديد، والمختلف في اتهامات المعركة الأخيرة سمعناه وقرأناه منسوباً إلي دكتورة، طبية، وأستاذة جامعية مؤمنة كامل سبّاً وقذفاً في شخص قاض فاضل المستشار وليد الشافعي وهو ما نستنكر قبوله من شخص عادي، أمي، منفلت، فما بالنا أن يصدر عن أستاذة جامعية، تملك وتدير إلي جانب عملها الأكاديمي سلسلة من معامل التحاليل الطبية! كنت أنوي أن أبدي رأيي تعليقاً علي ما نسب إلي د. مؤمنة كامل، لولا أن صاحبته أصبحت الآن بين أيدي القضاء، بعد أن أمر النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود إحالتها إلي محكمة الجنايات. وأعود إلي التداعيات التقليدية للمعركة الانتخابية فأشير إلي أن الحرب الكلامية المتبادلة بين الخاسرين والفائزين بدأت ساخنة، وستزداد سخونة مع الأيام. فالخاسر لم يتوقف عن اتهام الفائز بسيل الاتهامات المعتادة، والفائز سيستمر في الدفاع عن فوزه، من جهة، و اتهام خصمه بالفشل في كسب أصوات الناخبين. ولا فائدة من البحث عن الحقيقة في أقوال هؤلاء و ردود أولئك. فكل جانب يتمسك برأيه، ويجهر بالوثائق والأدلة تحت يده. فمن يصدق؟ الإجابة قرأتها أمس بلسان محايد، يرأس وحدة مراقبة الانتخابات بالمجلس القومي لحقوق الإنسان: الزميل، الأستاذ مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين الذي أدلي بحديث للزميلة »الوطني اليوم« أجاب فيه بوضوح وشفافية علي ماقيل ويقال عن المعركة الانتخابية الأخيرة. فمثلاً.. عن التجاوزات التي صاحبت الانتخابات، قال مكرم محمد أحمد:[معظم الشكاوي التي تلقيناها تتعلق بمنع المراقبين من دخول لجان التصويت رغم أن جولة الإعادة تدور في غالبيتها بين مرشحين عن الحزب الوطني. كما كان هناك غياب في بعض اللجان لاستخدام الحبر الفسفوري، والتدخل الأمني في بعض اللجان التي حدث بها شغب، بالإضافة لما تردد عن تدخل الوطني لدعم مرشح للتجمع علي حساب مرشحه، ويبدو أن الوطني أراد أن يجامل حزب التجمع لتحقيق توازن داخل المجلس القادم]. وعن تقييمه لتلك التجاوزات والانتهاكات، أجاب نقيب الصحفيين ورئيس وحدة مراقبة الانتخابات بالمجلس القومي لحقوق الإنسان قائلاً: [الصورة ليست قاتمة بشكل كامل، كما أنها ليست شفافة ونزيهة بشكل كامل أيضاً. فمن يردد أن الانتخابات تم تزويرها بشكل منهجي لم يصب كبد الحقيقة. كما أنه غير صحيح أن الانتخابات تمت بشكل نزيه ودون تجاوزات. وأعتقد أنها الانتخابات كانت شفافة في المناطق التي لم يكن فيها صدام بين المرشحين، في حين تمت التجاوزات في الدوائر التي بها مرشحون أقوياء، أو مرشحون عن تنظيم الإخوان غير القانوني في الجولة الأولي. وفي المجمل: أنا غير سعيد بالانتخابات وما انتهت إليه]. وأضاف الزميل مكرم محمد أحمد، مرجعاً عدم سعادته بالانتخابات إلي انسحاب حزب الوفد من الجولة الثانية مما يطرح سؤالاً مهماً: [لماذا ذهب الوفد وهو حزب مدني ليبرالي لوضع نفسه في خانة واحدة مع تنظيم الإخوان؟ هل هي »مغازلة« من الوفد لهذا التنظيم، أم هي أخطاء من الحزب الوطني؟]. ويري المسئول عن مراقبة العملية الانتخابية أن [تشكيلة البرلمان ستكون بأغلبية ساحقة للحزب الوطني بمعني سيكون مجلساً يعزف نوتة واحدة، وهذا أمر غير طيب في الظروف الحالية]. وعن رأيه في انسحاب »الإخوان« من الجولة الثانية، قال مكرم محمد أحمد: [ هذا التنظيم ارتكب أخطاءً كثيرة جداً، لأنهم في الوقت الذي كان لديهم 88 مقعداً في البرلمان السابق لم يستفيدوا من ذلك. لم يناقشوا قضية واحدة يمكن من خلالها القول إنهم قاموا بواجبهم البرلماني.. لكن انسحبوا نحو قضايا وأمور صغيرة وفرعية لا تصب في صالح المواطن البسيط ، كما أنهم أخذوا موقفاً عدائياً من كل القضايا التي عرضت في البرلمان.. وهذا أمر غير صحي ولا يصب في الصالح العام]. شكراً للزميل مكرم محمد أحمد علي صراحته، و شفافية انطباعاته عما سمع، و رأي، وتابع. إبراهيم سعده [email protected]