كتبت: أسماء ياسر قررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزى خفض سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع 100 نقطة أساس إلى 20.00% و21.00% و20.50%، على الترتيب، كما قررت خفض سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس «1٪» ليصل إلى 20.50%، ويأتى هذا القرار انعكاسًا لتقييم اللجنة لآخر تطورات التضخم وتوقعاته منذ اجتماعها السابق. ويقول د. أحمد معطى خبير أسواق المال أن القرار يعد خطوة مدروسة جاءت فى إطار التراجع الملحوظ فى معدل التضخم السنوى، والذى انخفض بالفعل ليسجل 12.3% خلال شهر نوفمبر الماضى، موضحًا أن هذا التراجع أحد الأسباب الرئيسية التى دفعت البنك المركزى لاتخاذ قرار خفض الفائدة فى التوقيت الحالى، لافتًا إلى أن البنك المركزى أشار بوضوح إلى أن انخفاض معدل التضخم جاء نتيجة تراجع التضخم فى السلع الغذائية بنسبة تقارب 0.7%، وهو تراجع كبير عوض الارتفاع الذى شهدته أسعار الوقود خلال الفترة الماضية، الأمر الذى ساهم فى الحد من الضغوط التضخمية، وعدم ارتفاع معدل التضخم العام بصورة كبيرة ليستقر عند مستوى 12.3%، وهو ما يعكس نجاح السياسات المتبعة فى احتواء الضغوط السعرية. اقرأ أيضًا| بعد قرار المركزي.. الأسعار الجديدة للفائدة على الإيداع والإقراض في مصر | انفوجراف وأضاف معطى أنه من المتوقغ خلال الفترة المقبلة وتحديدًا بحلول الربع الرابع من عام 2026 الوصول إلى مستهدفات البنك المركزى الخاصة بمعدل التضخم عند مستوى 7% ±2%، مؤكدًا أن هذه التوقعات الإيجابية تمهد الطريق لمزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة خلال العام المقبل، وهو ما أشار إليه البنك المركزى صراحة، باعتبار أن قرار الخفض الحالى يأتى فى إطار توجيه رسالة واضحة بشأن الحفاظ على سياسة نقدية تميل إلى التيسير خلال المرحلة المقبلة، مع استخدام أدوات السياسة النقدية لدعم النمو الاقتصادى، مشيرًا إلى أن البنك المركزى لا يتحرك بمعزل عن التطورات العالمية، بل يضع فى اعتباره مسار النمو الاقتصادي والتضخم على مستوى الاقتصاد العالمى، لافتًا إلى أن البنك المركزى أوضح أن الاقتصاد العالمى يشهد نموًا نسبيًا إلا أن وتيرة التعافى لا تزال بطيئة فى ظل استمرار حالة عدم اليقين المرتبطة بالسياسات التجارية العالمية والتوترات الجيوسياسية، وهو ما يستدعي قدرًا كبيرًا من الحذر فى اتخاذ القرارات النقدية، موضحًا أن هذا السياق العالمى يفرض على البنك المركزى اتباع سياسة تيسيرية ولكن بحذر، بما يتوافق مع التوقعات الاقتصادية وتحركات الأسواق العالمية، مؤكدًا أن خفض الفائدة سيتم بصورة تدريجية، وعلى الأرجح بمعدلات محدودة كل مرة، مثل خفض بنسبة 1%، دون اللجوء إلى تخفيضات حادة قد تحمل مخاطر على الاستقرار النقدى. وأضاف أن البنك المركزى أشار أيضًا إلى توقعاته بشأن النمو الاقتصادى، إذ رجح أن يسجل معدل النمو نحو 5% بدلًا من 5.3%، موضحًا أن هذا المعدل يظل جيدًا للغاية، ويسهم بشكل مباشر فى زيادة المعروض من السلع والمنتجات بالأسواق، وهو ما يدعم بدوره تراجع معدلات التضخم، مؤكدًا أن أى تراجع فى أسعار الفائدة يُعد إيجابيًا للاقتصاد المصرى، لما له من آثار مباشرة على تقليل مديونية الدولة، وزيادة الاتجاه نحو الاستثمار، حيث يشجع الشركات والأفراد على الاقتراض والتوسع فى الأنشطة الإنتاجية، وهو ما ينعكس على نمو الاقتصاد بشكل عام، كما يسهم فى تعزيز أداء سوق المال ويدعم ارتفاعات البورصة المصرية، موضحًا أن انخفاض الفائدة يدفع المستثمرين والأفراد إلى البحث عن بدائل استثمارية أكثر تنوعًا، إذ تبدأ بعض الشهادات الادخارية فى التراجع، ما يدفع المدخرين إلى التفكير فى توجيه أموالهم نحو مشروعات جديدة، أو الاستثمار فى صناديق الاستثمار، أو الذهب، أو البورصة، وهو ما يخلق حركة نشطة داخل الأسواق، ويحفز الطلب ويعزز الدورة الاقتصادية بشكل عام. وأوضح د. أشرف غراب نائب رئيس الاتحاد العربى للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربى بجامعة الدول العربية لشؤون التنمية الاقتصادية أن قرار خفض الفائدة يعكس بوضوح عودة البنك المركزى إلى دورة التيسير النقدى، فى إطار توجه يستهدف تحفيز النمو الاقتصادى خلال المرحلة المقبلة، لافتًا إلى أن هذا القرار جاء بالتزامن مع تراجع حدة التوترات الجيوسياسية عالميًا، وانخفاض أسعار النفط نتيجة تجاوز المعروض العالمى مستويات الطلب، فضلًا عن سعى البنك المركزى لتحقيق مستهدفاته المتعلقة بمعدل التضخم عند مستوى 7% بزيادة أو نقصان 2% بحلول الربع الرابع من عام 2026، وهو ما يعكس ثقة متزايدة فى استقرار الأوضاع الاقتصادية خلال الفترة المقبلة. وأشار غراب إلى أن أبرز العوامل التى دفعت البنك المركزى لاتخاذ قرار خفض سعر الفائدة تباطؤ معدل التضخم العام للحضر الذى سجل 12.3% فى نوفمبر 2025 مقابل 12.5% فى أكتوبر الماضي، وذلك رغم الزيادة الأخيرة فى أسعار الوقود، إلى جانب اتجاه البنك الفيدرالى الأمريكى إلى خفض أسعار الفائدة خلال اجتماعه الأخير فى ديسمبر الجارى، وهو ما أتاح مساحة أكبر أمام السياسة النقدية المصرية للتحرك فى الاتجاه نفسه، مضيفًا أن التوقعات تشير إلى استمرار تباطؤ معدلات التضخم خلال الشهور المقبلة من عام 2026 مدفوعة بعدة عوامل، من بينها استقرار سعر الصرف، ودخول سيولة دولارية كبيرة إلى البلاد، وزيادة إيرادات الدولة من مصادر متعددة تشمل تحويلات المصريين العاملين بالخارج، وقطاع السياحة، والصادرات، وإيرادات قناة السويس، فضلًا عن تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، إلى جانب إعلان الحكومة عدم رفع أسعار الكهرباء أو المحروقات خلال الفترة المقبلة، وهو ما يدعم استقرار الأسعار وتراجع الضغوط التضخمية. وأكد غراب أن توقيت خفض أسعار الفائدة يتماشى مع إعلان الحكومة عن طرح حزمة استثمارية جديدة موجهة للقطاع الخاص، تستهدف تحفيز الاستثمارات وتعميق التصنيع المحلى وتعظيم الصناعة الوطنية وزيادة الإنتاج والتشغيل، موضحًا أن خفض الفائدة يسهم فى تقليل تكلفة الاقتراض، ويشجع الشركات والأفراد على التوسع فى الاستثمار والإنفاق، بما يدعم دفع عجلة النمو الاقتصادى، وزيادة الإنتاج، وتخفيف الأعباء المالية، وتحقيق توازن مستدام بين معدلات التضخم والنمو. ويرى رامى فتح الله رئيس لجنة الضرائب والمالية بالجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال أن قرار خفض أسعار الفائدة يحمل دلالات اقتصادية مهمة، ويعكس تحسنًا ملحوظًا فى قراءة السياسة النقدية لمؤشرات الاقتصاد الكلى، وعلى رأسها معدلات التضخم واتجاهات النمو، كما يمثل إشارة ثقة فى مسار الاقتصاد المصرى، وقدرته على تحقيق توازن بين السيطرة على التضخم ودعم النشاط الاقتصادى، مشيرًا إلى أن خفض الفائدة يأتى فى توقيت بالغ الأهمية لدعم القطاع الخاص وتحفيز الاستثمار الإنتاجى. وأضاف أن تراجع تكلفة الاقتراض سيسهم فى تخفيف الأعباء التمويلية على الشركات، خاصة الصناعية والزراعية، بما يساعدها على التوسع وزيادة الطاقات الإنتاجية، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على معدلات التشغيل والنمو الحقيقى داخل الاقتصاد. وأكد فتح الله أن خفض أسعار الفائدة لا ينعكس فقط على بيئة الأعمال، بل يحمل أثرًا إيجابيًا غير مباشر على الحصيلة الضريبية للدولة، موضحًا أن تحسن أداء الشركات وزيادة حجم النشاط الاقتصادى يؤديان إلى نمو مستدام فى الإيرادات الضريبية، سواء من الضرائب المباشرة أو غير المباشرة، مشيرا إلى أن القرار يعكس توجهًا واضحًا من البنك المركزى لدعم النمو دون الإخلال باستقرار الأسعار، فى ظل تحسن المؤشرات المرتبطة بالتضخم واستقرار سوق النقد، وهو ما يعزز ثقة المستثمرين المحليين والأجانب فى الاقتصاد المصرى. ويؤكد المحاسب القانونى د. أشرف حجر رئيس لجنة الضرائب والمالية بالجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال أن قرار خفض أسعار الفائدة يُعد خطوة مهمة تعكس تحولًا إيجابيًا فى السياسة النقدية، وتؤكد وجود رؤية أكثر توازنًا بين السيطرة على التضخم ودعم النمو الاقتصادى. وأوضح حجر أن خفض الفائدة يسهم بشكل مباشر فى تقليل التكلفة على الشركات والمصانع، وهو ما يمنح القطاع الخاص فرصة حقيقية للتوسع وزيادة الإنتاج، خاصة فى القطاعات الصناعية والتجارية التى تمثل عصب الاقتصاد الوطنى، مضيفا أن القرار يحمل رسالة طمأنة واضحة للمستثمرين، مفادها أن الدولة تتجه نحو تهيئة مناخ أكثر جذبًا للاستثمار، وتحفيز النشاط الاقتصادى القائم على الإنتاج والتشغيل، وليس الاكتفاء بالسياسات الانكماشية، مشيرا إلى أن تخفيض أسعار الفائدة ينعكس أيضًا بشكل إيجابى على الأداء المالى للشركات، بما يساعد على تحسين معدلات الربحية والاستدامة، وهو ما يؤدى فى النهاية إلى زيادة الحصيلة الضريبية للدولة بصورة طبيعية ومستدامة نتيجة نمو النشاط الاقتصادى. وأكد أن نجاح هذا القرار يتطلب تكاملًا بين السياستين النقدية والمالية، إلى جانب استمرار تقديم حوافز حقيقية للإنتاج والتصدير، لضمان تعظيم أثر خفض الفائدة وتحويله إلى نمو اقتصادى فعلي يشعر به المواطنن وقال أن المرحلة المقبلة تمثل فرصة مهمة لإعادة تنشيط الاقتصاد، شريطة توجيه السيولة المتاحة إلى القطاعات الإنتاجية، وتحقيق أقصى استفادة ممكنة من مناخ التيسير النقدي الحالى.