يؤكد علماء الوراثة أن تصاعد متوسط العمر يتجه إلي تسجيل معدلات سوف تقود لزيادة عدد المسنين في العالم، وإذا كان طول العمر يمثل حلما للكثيرين، فإن اصابة العالم بالشيخوخة كابوس يزعج شبحه العديد من الدوائر السياسية والاقتصادية والاجتماعية سواء علي المستوي الوطني أو علي الصعيد الدولي! عام وراء عام تقود الاكتشافات الحديثة في علوم الوراثة والتغذية إلي صياغة »روشتات« لاطالة العمر، وبالتوازي فإن التجارب التي تجري علي النماذج الحيوانية- في المعامل- لارجاء مظاهر الشيخوخة والموت تعطي نتائج ايجابية، لكن وعلي حد قول المشاركين من العلماء فإنه من السابق لآوانه التكهن بامكانية ارجاء الشيخوخة والموت بالنسبة للإنسان، غير أن المتفائلين من العلماء المعنيين يؤكدون أن ثمة اختراقات وتحولات هائلة ، سوف تشهدها البشرية قبل ان ينتهي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. بل ان هؤلاء يذهبون إلي بعيد بقولهم ان 021 عاما كمتوسط للاعمار تقدير يتسق مع قراءة حقب من التاريخ، تلتقي مع ما يتجه إليه العلم الآن وغدا، ويستشهدون بالمناطق التي تشتهر بوجود المعمرين دون الحاجة إلي تدخل طبي، أو جهود غير اعتيادية للمحافظة علي الصحة، كما هو الحال مثلا في اليابان، واستراليا، وسويسرا. وعبر متابعة الذين يصنفون في خانة اصحاب الاعمار الطويلة في الدول العشر الأكثر احتضانا للمعمرين في العالم، فانهم يعتمدون في اسلوب معيشتهم علي الحبوب وقليل من اللحوم وكثير من الفاكهة والخضراوات، ومزيج من العادات الشرقية والغربية، إلي جانب ممارسة النشاط البدني والانسجام التام مع البيئة والقوي العقلية والروحية. ويراهن العلماء علي ان نقطة الانطلاق نحو تحقيق غايتهم بعمر أطول للإنسان، تتمثل في العناية بالقدرات الخاصة بإعادة تجديد الانسجة، والاعضاء التي اصابها ضرر وتوقفت عن العمل، ثم عملية التطويل والامتداد للانسجة التي تعتبر »عداد« الحياة للخلايا، أو بكلمات أخري تلك المسئولة عن الملامح الخارجية للانسجة الخاصة بالابداعات التي تٌستهلك مع العمر، ويؤكد احد كبار علماء الجينات البشرية انه لم يبق إلا معرفة المصدر الحقيقي لاعادة تجديد الأنسجة إلي مستوي مرحلة الشباب! وتذهب التقديرات الخاصة بعام 0302 لوصول متوسط العمر بالنسبة للسيدات إلي 39 سنة وبالنسبة للرجال إلي 98 سنة، لكن تحقق هذه التقديرات عمليا يعني زيادة عدد المسنين في العالم، وبحلول منتصف القرن الحالي سيصبح نحو 08٪ من المسنين في العالم من سكان الدول النامية، مع ما يشكله ذلك من مسئوليات واعباء ربما لا تكون الدول مؤهلة لمواجهتها! وبالمقابل فان بعض الدول التي تعاني من الآن من تدني معدل المواليد، وعدم الاقبال علي الزواج وتكوين أسرة، بدأت حكوماتها في النظر إلي المستقبل بتوجس، خاصة في ظل عدم الاستجابة للمحفزات التي تقدمها من أجل إثارة الحماس للعودة إلي الزواج والانجاب، قبل ان تشيخ المجتمعات والدول ذاتها! هكذا، فإن حلم العمر الطويل للاشخاص قد يمثل مأزقا علي الصعيد الوطني في دول عديدة، وفي النطاق الأوسع فان التحولات الديموجرافية في بعض المجتمعات ستقود بالضرورة إلي إعادة تشكيل الجغرافيا الاقتصادية علي الصعيد الدولي، لتعكس التشوهات الي تصيب الهرم السكاني حين تصبح قاعدته في موضع قمته، الأمر الذي يتطلب اعتماد خطط وبرامج زمنية ومكانية شاملة تغطي المعمورة، دون أنانية تميز البعض، ففي المحصلة النهائية، فإن الجميع سوف يدفعون ثمنا باهظا حتي أولئك الذين تحقق حلمهم بالعمر الطويل!