يرى الكثيرون أن تلك الجائزة تحمل اتجاهات سياسية أكثر من كونها تقييمًا حقيقيًّا لمن تمنح لهم، وهي نفس الجائزة التي منحت للسادات عندما وقع على اتفاقية للسلام مع الكيان الغاصب، وشاركه فيها السفاح الصهيوني مناحيم بيجن، ثم منحها ياسر عرفات مناصفة مع رابين. كما منحت للروائي نجيب محفوظ مكافأة له على روايته "أولاد حارتنا" التي ثار حولها جدل شديد، ولماذا هذه الرواية بالذات وليس غيرها من أعمال نجيب محفوظ التي يصعب حصرها؟!؟ تمامًا كما نالها صاحب الآيات الشيطانية سليمان رشدي. كما فضلت الجائزة الفرنسي ألبير كامي على مواطنه الأشهر سارتر؛ لأنه كان ينادي المستوطنين الفرنسيين بفرنسة الجزائر- وهو المولود والمتعلم والعامل بالجزائر- ولعل ذلك التفضيل لكامي كان من أسباب رفض سارتر للجائزة عام 1964م معلنًا أنه: "يرفض صكوك الغفران الجديدة التي تمنحها جائزة نوبل". كما حصل عليها كارلوس فيليبي بيلو أسقف مدينة يدلي في جزيرة تيمور الشرقية- والتي كانت حتى عام 1996م جزءًا من إندونسيا- بعد أن قام بدوره في فصل تيمور الشرقية عن الدولة الأم إندونيسيا. وحصل عليها الرئيس الأمريكي باراك أوباما بعد مرور تسعة أشهر فقط على توليه منصب رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية بعدما أعلن انحيازه التام لليهود في القضية الفلسطينية؛ مما دعا كثير من المتابعين إلى طرح السؤال التالي: ما هي إذن معايير الفوز؟؟ واليوم.. يلح علينا نفس السؤال ما هو المعيار للترشيح لتلك الجائزة؟. لقد أحزنني أن أرى كثيرًا ممن كانوا يدينون تلك الجائزة، ويصفونها بالمشبوهة ويعتبرونها وصمة عار في عالم السياسيين، قد باتوا يهللون اليوم ويكبرون؛ لأن من حصلت عليها سيدة عربية تنتمي لبلد ثائر.. وفجأة تحولت الجائزة المشبوهة إلى شرف كبير، ووسام على صدر من حصل عليها!!. إن المواقف والمبادئ لا يجب أن تتبدل بتغير من فاز بتلك الجائزة، وربما كان من الأولى رفض الجائزة تمسكًا منا بعدم الموافقة على معايير الاختيار.. يجب أن يترسخ لدينا أننا نحن أصحاب الحق، وأن تلك الجائزة لا تضيف لنا أي قيمة أدبية أو تاريخية. ربما كان الأجدر بنا أن نوجه لأرباب تلك الجائزة رسالة واضحة وقوية مفادها: "أن نفوسنا تأبى أن تمنحونا جائزة منحتموها من قبل لسفاحين تلوثت أيديهم بدماء الأطفال والنساء أمثال بيجين ورابين".. وهو ما فعله البعض- وهم ليسوا عربًا أو مسلمين- فقد رفضها من قبل الأديب العالمي برناردشو، والأديب الكولومبي جابريل جارسيا، الذي رفضها لأنها منحت من قبل إلى مناحم بيجن، والأديب الفرنسي سارتر، ورئيس الحكومة الفيتنامية لودوك تو؛ لأنها كانت ستمنح له مناصفة مع وزير خارجية أميركا اليهودي: كيسنجر. إن أشد ما نحتاج إليه الآن أن نعتز بهويتنا وثقافتنا الإسلامية والعربية، وأن نسترد الثقة بأنفسنا، وأن ندرك أن تلك الجوائز والحوافز الغربية لها ما وراءها، وأننا جديرون بالتكريم الحقيقي الذي يأتي من شعوبنا، وذلك هو دليل على القبول عند الله عز وجل.