هناك ما يقطع بأن العالم مدرك لمرامى المشروع الصهيونى المعلنة وهى اغتصاب فلسطين، ولذلك فإن انخراطه فى مسرحية السلام حتى يغطى على تقدم المشروع هو محاولة للتلبيس على الجانب العربى أو هو بالاتفاق مع الجانب العربى، المهم أن الجميع أجانب وعربا يجمع على فهم اللعبة وأن فلسطين هى الضحية وأن المنطقة العربية رهن المشيئة الغربية من خلال حكامها. ولهذا السبب فإن الثورة العربية سوف تغير هذه المعادلة . أما الجانب الأخطر فهو أن جائزة نوبل للسلام قد ساهمت فى اغتصاب فلسطين. فإذا كان الجميع يعلم بهذه المؤامرة فإن منح جائزة نوبل للسلام رغم هذا يعد مكافأة لكل الذين أسهموا فى اغتصاب فلسطين، ولم يشذ عن هذه القاعدة أحد، كما أن جائزة نوبل للسلام ارتبطت بشبهات كثيرة منحت في النادر من الأحوال إلى من يستحقها ولكنها منحت فى الأغلب الأعم لمن ترضى عنهم الدوائر الصهيونية. وقد بدأ هذا التقليد منذ بدايات المأساة فى فلسطين حيث منح المبعوث الدولى الأمريكى رالف بانش جائزة نوبل للسلام، مما رسم معنى السلام الذى يكافأ من يسعى إليه فى مفهوم هذه الجائزة. ذلك أن رالف بانش خلف الكونت برنادوت الذى اغتالته العصابات الصهيونية فى فندق الملك داود فى القدس لأنه صاحب تقرير منصف، فسار رالف بانش فى الخط المطلوب دولياً وصهيونياً، فاستحق هذه الجائزة فى هذا الوقت المبكر. ثم توالت جائزة نوبل للسلام وانهمرت على كل الذين أبلوا بلاء حسناً أو انتووا ذلك مثل الجائزة التى منحت للرئيس أوباما لأنه كان ينوى إحياء عملية السلام فى فلسطين بمعنى المساعدة على تمدد المشروع الصهيونى. منحت الجائزة أيضاً لعرفات ورابين بسبب جهودهما فى توقيع اتفاق أوسلو وهو واحدة من أهم محطات المشروع والذي أدى تماما إلى ما خططت له إسرائيل، وهو إما تطويع عرفات لكى يعزف اللحن الصهيونى أو التراجع صوب الوطن الفلسطينى فاختار المناورة لكسب الوقت دون أن يفرط في المقاومة فوجب تصفيته وإيجاد البديل الجاهز المخطط له دور ينتهى بنهايته. فقد اغتيل عرفات ورابين، لأن الأول لم يحدد خياره الصهيونى، واغتيل الثانى لأن عمله لم يقدر تقديراً صحيحاً عند قاتليه وسوف يكتب التاريخ أن قتل رابين كان تعبيراً عن سوء الفهم وفساد التقدير. كذلك منح السادات وبيجن جائزة نوبل للسلام بسبب اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل. ولما كان هذا الاتفاق الجائزة الكبرى التى حصلت عليها إسرائيل من مصر بإخراجها تماماً من دائرة الصراع وانفرادها بالساحة بل والسماح لإسرائيل بالقضاء على مصر وضرب مصالحها بحيث أصبح العمل لصالح إسرائيل هو الأمن القومى المصرى وهو مفهوم انتحارى وسرطانى بالقطع، فإن السادات قد اغتيل فى مصر ويعلم الله أسرار اغتياله مما سيوسع التاريخ بعد الثورة المصرية الصفحات للتفسير،بينما تم تكريم بيجين على هذا الإنجاز التاريخى، وكذلك منح كارتر نفس الجائزة لأنه عراب المعاهدة رغم ما قيل من أنه كان يريد سلاماً حقاً وعادلا لجميع الشعوب فى المنطقة وأن أخلاقه المسيحية غير الصهيونية تأبى أن يشارك فى الخديعة الكبرى بكل هذا الحماس،ويبدو من مواقفه اللاحقة أنه صدم من التطورات .وكان كيسنجر أحق الأطراف بالجائزة لأنه هو الذى رسم طريق السلام الإسرائيلى لكل المنطقة منذ حرب أكتوبر وحتى استقرت الثمار فى حديقة إسرائيل بعد أن خطف ثمار النصر وأجهض نتائجه. يمكن أن نضيف جائزة نوبل للسلام التى منحت للوكالة الدولية للطاقة الذرية ومديرها العام على أساس أنها إسهام ثمين للمشروع الصهيونى. فهدف الجائزة هو مكافأة الوكالة ومديرها العام فى منع الانتشار النووى فى الدول التى لا ترضى عنها إسرائيل والولايات المتحدة، ولذلك ناهضت الوكالة إيران وسوريا بل وخلقت ملفاً خاصاً لمصر، بينما أبدت واشنطن والوكالة كرما ملحوظاً مع الهند وباكستان وهما ليسا طرفين فى معاهدة منع الانتشار النووى. فالوكالة ومديرها كانا جزءاً من سياسة منع الانتشار النووى وفقاً للسياسة الأمريكية مما جعل منح جائزة نوبل للسلام لهما مكافأة لهما على محاولة تفرد إسرائيل ومحاربة غيرها فى مجال حيازة السلاح النووى أو حتى حيازة الطاقة النووية السلمية. وقد لاحقت هذه الشبهة أيضاً نجيب محفوظ فى الأدب إذ اتهم بأنه ساند اتفاقية السلام مع إسرائيل فكانت مكافأته منحه هذه الجائزة. ولم يفلت من هذه التهمة إلا قليلا سوى أحمد زويل حامل الجنسية الأمريكية والحاصل عليها فى مجال أبحاث علوم الطبيعة. فكيف نبرئ جائزة نوبل للسلام من هذا العار الذى لحق بها خاصة فى مجال الصراع العربى الإسرائيلى.؟