هل سبق أن مررت بلحظة شعرت فيها أنك تقع في نفس الخطأ مرارًا وتكرارًا؟ توبة وعزم على التغيير، ثم تجد نفسك تُكرر نفس الغلط مرة أخرى، فتندم وتبكي، وتشكك في صدق توبتك؟ أسئلة مثل هذه تدور في ذهن الكثيرين ممن يتصارعون مع ذنوبهم، فلا يعني التكرار بالضرورة التلاعب أو التقاعس عن التوبة، بل قد يكون دليلًا على الصدق في الرجوع والتوبة، رغم تكرار السقوط. الدكتور أحمد رجب مدير مكتب مفتي الجمهورية يقدم إجابة تزيل الشكوك وتريح القلوب في كلمات صادقة، تُحارب إحساس اليأس وتُشعل شعلة الأمل: "كل مرة أوعد نفسي إني مش هارجع... وأرجع." "أندم، وأتوب، وأبكي... وبعد شوية ألاقي نفسي في نفس الغلط." "هو أنا كده بتلاعب؟ هو أنا فعلاً تبت؟ ولا كده ببسّط لنفسي الغلط؟" هذه الأسئلة ليست غريبة على كثير من الناس، وهم لا يفكرون فيها لأنهم لا يحبون الله، بل لأنهم في صراع داخلي يخشون أن يكونوا غير صادقين في توبتهم. كيف يتعاملون مع هذا الصراع؟ كيف يواجهون ضعفهم البشري وتكرارهم للأخطاء؟ الدكتور أحمد رجب: "رجوعك بعد كل ذنب دليل إنك لسه فيك خير" يُؤكد الدكتور أحمد رجب أن رجوع الإنسان إلى الله بعد كل خطأ هو علامة حياة، وليست دليلًا على الضعف أو النفاق. ويقول: "رجوعك بعد كل ذنب دليل إنك لسه فيك خير. اللي قلبه مات، ما بيزعلش بعد الغلط، لكن إنت بتتوجع، وبتأنّب نفسك، وبتدور على حل. وده في حد ذاته علامة حياة." يُضيف الدكتور رجب أن التكرار ليس دائمًا معناه كذب التوبة، مشيرًا إلى الحديث النبوي الذي يُثبت أن التوبة الصادقة مقبولة عند الله مهما تكررت الأخطاء: "أذنب عبدٌ ذنبًا، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي... قال الله: علم عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب... فليعمل ما شاء، فقد غفرت له." ومع هذه الطمأنينة، لا يخلو الأمر من الحذر من إغواء الشيطان، الذي يهدف إلى أن تجعل التوبة أمرًا صعبًا، ويُحبطك بالتفكير بأنك لن تنجح أبدًا في التغيير. ماذا نفعل في مواجهة هذا الصراع؟ يقدم الدكتور أحمد رجب إجابة عملية للتعامل مع هذا الصراع والتوبة المستمرة: كل مرة تقع... ارجع. حتى لو مية مرة. "لأن ربنا بيفرح برجوعك، حتى لو وقعت قبلها." خد بالأسباب: ابتعد عن الأماكن أو الأشخاص الذين يُسهمون في ارتكاب الأخطاء، وغيّر روتينك اليومي. "ابحث عن صحبة صالحة، التي تُعينك على التقوى." ادعي ربنا بالثبات: التوبة وحدها غير كافية؛ نحن بحاجة لدعاء مستمر للثبات على الطريق. "اللهم يا مقلب القلوب، ثبّت قلبي على دينك." واختتم الدكتور أحمد رجب نصائحة علي صفحته الرسمة علي موقع التواصل الإجتماعي الفيس بوك بقوله: التكرار ليس نهاية الطريق، بل فرصة جديدة للرجوع إلى الله، وكل مرة تلتزم فيها بالتوبة تُمثل خطوة أقرب إلى ما يرضي الله، حتى وإن كانت تلك الخطوات تتبعها أخطاء. المشكلة ليست في الوقوع، بل في التوقف عن المحاولة. في النهاية، التوبة الواقعية والصادقة هي مفتاح الرحمة، والتكرار لا يُضعف من قوتك، بل يزيدك قوة في تحدي الشيطان والنفس الأمارة بالسوء. لن تنطفئ نار الرجوع ما دمت تبت وتحاول مرة تلو الأخرى.