* يسأل فتحي . ل من الإسكندرية: تحدثني نفسي بارتكاب ذنب معين ولكن عندما أفكر في عاقبة هذا الذنب انصرف عنه. فهل يعاقبني الله علي ذلك؟ ** يجيب الدكتور عثمان عبدالرحمن مستشار العلوم الشرعية بالأزهر: يقول الله تعالي: " وإن تبدوا مافي أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء " "البقرة 284" وبعيداً عما قال المفسرون في الآية من إحكام أو نسخ بما جاء بعدها من أن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها. في الحديث الشريف: "إن الله سبحاته تجاوز لأمتي عما حدَّثت به نفسها ما لم تتكلم أو تعمل" "رواه البخاري ومسلم". فللنفس حركات وأحوال. منها الهاجس والخاطر وحدث النفس والهم والعزم. وكل إنسان معرض لها بحكم طبيعته التي خلقه الله عليها. ولو حاسبنا عليها وآخذنا بها لكان ذلك تكليفاً بما لا يطاق. وهو سبحانه حكم عدل رءوف رحيم. ولذلك لا يحاسب إلا علي نتيجة هذه الحركات النفسية من القول أو العمل. أما مادامت في المرحلة الداخلية. فلا يكلفنا إلا بأقواها وأقربها إلي التنفيذ. وذلك يكون عند الهم والعزم. وقد جاء فيما حدث به الرسول صلي الله عليه وسلم عن رب العزة. كما رواه البخاري ومسلم: "إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك في كتابه فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة. فإن عملها كتبها عنده عشر حسنات إلي سبعمائة ضعف إلي أضعاف كثيرة. ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة. وإن عملها كتبها الله عليه سيئة واحدة". وذلك هو حكم الهم بالسيئة دون عملها. لا عقاب عليها بل نص هذا الحديث علي أنه يثاب بحسنة. أما العزم وهو درجة أقوي من الهم ففيه المؤاخذة. لحديث البخاري ومسلم: "إذا التقي المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار" قيل يا رسول الله هذا القاتل. يعني عرفنا حكمه. لأنه قتل. فما بال المقتول يدخل النار ولم يقتل؟ قال: "انه كان حريصاً علي قتل صاحبه" والحرص هو العزم المصمم. وهو كالفعل في المؤاخذة عليه. ثم إن الفقهاء قالوا: العدول عن فعل المعصية التي هم بها له سببان. الأول عجز عن التنفيذ أو خوف من رقيب دنيوي. وهذا لا مؤاخذة فيه. فلا تكتب سيئة. بل ولا يعطي حسنة. وكفي أنه لا عقاب عليه. والسبب الثاني في العدول عن فعل المعصية هو الخوف من الله سبحانه. وهنا لا يكتفي بعدم العقاب. بل يكافأ بثواب حسنة. فالخوف من الله عمل خير. لا يضيع أجره عند الله. ويوضح هذا ما جاء في روايات أخري للحديث. منها ما رواه الشيخان أيضاً "يقول الله عز وجل إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتي يعملها. فإن عملها فاكتبوها بمثلها. وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة" وفي رواية لمسلم "وإذا تحدث عبدي بأن يعمل سيئة فأنا أغفرها له ما لم يعملها. فإن عملها فأنا أكتبها له بمثلها. وإن تركها فاكتبوها له حسنة. إنما تركها من جراي" أي من أجلي. وبمجموعة هذه الروايات نقول للسائل: لا عقاب عليك في حديث النفس بارتكاب المعصية حتي لو وصل ذلك إلي درجة الهم علي فعلها. ومادمت تركتها خوفاً من الله فلك حسنة علي تركها إن شاء الله. * يسأل جابر . ف من الغربية : دخل رجل لا نعرفه فرفع صوته في المسجد بحجة أنه في بيت الله وأنه يجوز له دعوة الناس للخير. فما رأي الدين في ذلك؟ ** يجيب: لا يجوز للشخص رفع الصوت في المسجد بحجة أنه في بيت الله وأنه يجوز له دعوة الناس للخير. لأن الدعوة تكون بشروط وضوابط معلومة من أهمها أنه لا يجوز ذلك إلا لأهل الذكر والقائمين علي الدعوة فحسب. وإلا صارت المساجد ساحة مباحة لكل من "هب ودب". وهذا ما نبه الله تعالي إليه بقوله: " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " "النحل 43. الأنبياء 7". وأن للعمل الدعوي قواعد منظمة له لايجوز مخالفتها.