عمرو جمال عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:( يقول الله: إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتي يعملها فإن عملها فاكتبوها بمثلها, وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة, وإذا أراد أن يعمل حسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة, فإن عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها إلي سبعمائة ضعف) وفي رواية ابن عباس( إلي أضعاف كثيرة).هذا الحديث يبعث الأمل في نفس المؤمن, ويدفعها للعمل الصالح وكسب الأجر والثواب, وقد تضمن الحديث طريقة كتابة الحسنات والسيئات وهي علي أربعة أنواع: النوع الأول هو الهم بالحسنة: والهم هو العزم المصمم الذي يوجد معه الحرص علي العمل, وليس مجرد الخاطر العابر, والهم بالحسنة هو نية الخير التي ينبغي علي العبد أن يستصحبها في كل عمل, ليكتب له أجر العمل وثوابه ولو لم يعمله, فإذا هم العبد بعمل الحسنة ولم يعملها كتبها الله له حسنة كاملة من دون مضاعفة لها. النوع الثاني وهو عمل الحسنات: فإذا عمل العبد الحسنة ضاعفها الله له إلي عشر أمثالها, وهذه المضاعفة ملازمة لكل حسنة يعملها العبد, وأما زيادة المضاعفة علي العشر فهي لمن شاء الله أن يضاعف له, فقد تضاعف إلي سبعمائة ضعف إلي أضعاف كثيرة, وهناك أعمال لايعلم مضاعفة أجرها إلا الله سبحانه كالصوم. النوع الثالث وهو الهم بالسيئات من غير عمل لها, فإذا هم العبد بفعل سيئة ثم تركها من أجل الله فإنها تكتب له حسنة كاملة, بشرط أن يقدر عليها ثم يتركها خوفا من الله, أما إن هم بالسيئة ثم تركها مراءاة للمخلوقين أو خوفا منهم, أو عجزا عنها, فإنه لايستحق أن تكتب له حسنة كاملة, بل تكتب عليه سيئة, أما إن سعي إلي المعصية ما أمكن ثم حال بينه وبينها القدر فقد ذكر جماعة من أهل العلم أنه يعاقب عليها حينئذ عقاب من فعلها, بدليل قوله صلي الله عليه وسلم كما في الصحيحين:( إذا التقي المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار, قلت يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟! قال: انه كان حريصا علي قتل صاحبه). النوع الرابع هو عمل السيئات, فإذا عمل العبد سيئة فإنها تكتب عليه من غير مضاعفة, كما قال سبحانه:( ومن جاء بالسيئة فلا يجزي إلا مثلها وهم لايظلمون)[ الأنعام160] لكن عقوبة السيئة قد تعظم لأسباب عدة منها: شرف الزمان والمكان, فالسيئة أعظم تحريما في الأشهر الحرم وفي البلد الحرام قال سبحانه:( ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم). وقد تضاعف السيئات لشرف فاعلها ومكانته عند الله, قال تعالي:( يانساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك علي الله يسيرا)[ الأحزاب30]