مقاطعة الغلاء تنتصر.. غرفة بورسعيد التجارية: أسعار الأسماك انخفضت من 50 إلى 70%    هالة السعيد: خطة التنمية الجديدة تحقق مستهدفات رؤية مصر 2030 المُحدّثة    الخميس ولا الجمعة؟.. الموعد المحدد لضبط التوقيت الصيفي على هاتفك    المندوب الفلسطيني لدى الجامعة العربية: إسرائيل ماضية بحربها وإبادتها رغم القرارات الدولية والمظاهرات العالمية    إدخال 215 شاحنة مساعدات من خلال معبري رفح البري وكرم أبو سالم لقطاع غزة    بدء أعمال الدورة غير العادية لمجلس الجامعة العربية بشأن غزة على مستوى المندوبين الدائمين    الإسماعيلي يحل أزمة فخر الدين بن يوسف وينجح في إعادة فتح باب القيد للاعبين    لويس إنريكي: هدفنا الفوز بجميع البطولات الممكنة    بمناسبة العيد القومي لسيناء.. وزير الرياضة يشارك مع فتيات العريش مهرجان 100 بنت ألف حلم    السيطرة على حريق حظيرتي مواشي ببني سويف    مديريات تعليمية تعلن ضوابط تأمين امتحانات نهاية العام    وزير العدل يختتم مؤتمر الذكاء الاصطناعي التوليدي وأثره على حقوق الملكية الفكرية    غدا.. أمسية فلكية في متحف الطفل    الجمعة.. قصور الثقافة تقيم احتفالية فنية لأغاني عبد الحليم حافظ بمسرح السامر    رئيس شعبة المصورين بنقابة الصحفيين: منع التصوير داخل المقابر.. وإذن مسبق لتصوير العزاء    مصرف قطر المركزي يصدر تعليمات شركات التأمين الرقمي    روسيا تبحث إنشاء موانئ في مصر والجزائر ودول إفريقية أخرى    لاشين: الدولة دحرت الإرهاب من سيناء بفضل تضحيات رجال الجيش والشرطة    ضمن احتفالات العيد القومي...محافظ شمال سيناء يفتتح معرض منتجات مدارس التعليم الفني بالعريش(صور)    عضو بالشيوخ: مصر قدمت ملحمة وطنية كبيرة في سبيل استقلال الوطن    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل طبيب التجمع الخامس لسرقته    بكين ترفض الاتهامات الأمريكية بشأن تبادلاتها التجارية مع موسكو    الصين تعلن انضمام شركاء جدد لبناء وتشغيل محطة أبحاث القمر الدولية    تفاصيل مؤتمر بصيرة حول الأعراف الاجتماعية المؤثرة على التمكين الاقتصادي للمرأة (صور)    هنا الزاهد تروج لفيلم "فاصل من اللحظات اللذيذة" بردود أفعال الجمهور    نصيحة الفلك لمواليد 24 إبريل 2024 من برج الثور    الكشف على 117 مريضا ضمن قافلة مجانية في المنوفية    «الصحة»: فحص 1.4 مليون طالب ضمن مبادرة الكشف المبكر عن فيروس سي    «الأطفال والحوامل وكبار السن الأكثر عرضة».. 3 نصائح لتجنب الإصابة بضربة شمس    «الرعاية الصحية في الإسماعيلية»: تدريب أطقم التمريض على مكافحة العدوى والطوارئ    المرصد الأورومتوسطي: اكتشاف مقابر جماعية داخل مستشفيين بغزة إحدى جرائم الحرب الإسرائيلية    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم العراقي مهدي عباس    5 كلمات.. دار الإفتاء: أكثروا من هذا الدعاء اليوم تدخل الجنة    حقيقة حديث "الجنة تحت أقدام الأمهات" في الإسلام    خبراء استراتيجيون: الدولة وضعت خططا استراتيجية لتنطلق بسيناء من التطهير إلى التعمير    11 يومًا مدفوعة الأجر.. مفاجأة سارة للموظفين والطلاب بشأن الإجازات في مايو    نقيب «أسنان القاهرة» : تقديم خدمات نوعية لأعضاء النقابة تيسيرا لهم    أيمن الشريعى: لم أحدد مبلغ بيع "اوفا".. وفريق أنبى بطل دورى 2003    جديد من الحكومة عن أسعار السلع.. تنخفض للنصف تقريبا    رئيس "التخطيط الاستراتيجي": الهيدروجين الأخضر عامل مسرع رئيسي للتحول بمجال الطاقة السنوات المقبلة    المستشار أحمد خليل: مصر تحرص على تعزيز التعاون الدولي لمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب    هل يجوز أداء صلاة الحاجة لقضاء أكثر من مصلحة؟ تعرف على الدعاء الصحيح    أسوشيتيد برس: احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين تستهدف وقف العلاقات المالية للكليات الأمريكية مع إسرائيل    دماء على «فرشة خضار».. طعنة في القلب تطيح بعشرة السنين في شبين القناطر    بعد أن وزّع دعوات فرحه.. وفاة شاب قبل زفافه بأيام في قنا    قبطان سفينة عملاقة يبلغ عن إنفجار بالقرب من موقعه في جنوب جيبوتي    فوز الدكتور محمد حساني بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الأفريقية    برشلونة يعيد التفكير في بيع دي يونج، اعرف الأسباب    القبض على 5 عصابات سرقة في القاهرة    عمرو الحلواني: مانويل جوزيه أكثر مدرب مؤثر في حياتي    اسكواش - فرج: اسألوا كريم درويش عن سر التأهل ل 10 نهائيات.. ومواجهة الشوربجي كابوس    ضبط 16965 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    الحج في الإسلام: شروطه وحكمه ومقاصده    «خيال الظل» يواجه تغيرات «الهوية»    أبومسلم: وسام أبو علي الأفضل لقيادة هجوم الأهلي أمام مازيمبي    دعاء العواصف والرياح.. الأزهر الشريف ينشر الكلمات المستحبة    مصطفى الفقي: مصر ضلع مباشر قي القضية الفلسطينية    أجمل مسجات تهنئة شم النسيم 2024 للاصدقاء والعائلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"فهم في أمر مريج"
كاتب سوري
نشر في عقيدتي يوم 28 - 12 - 2010

يقول الله تعالي في محكم تنزيله: "بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم في أمر مريج" 5 سورة ق.
أمر مريج أي: مختلط ومضطرب.
والمرج في معاجم اللغة وقواميسها: الخلط.
يقول المفسرون: لقد كذبوا بنبوة سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم فتارة يقولون عنه ساحر وتارة يقولون إنه شاعر. ومرة يقولون كاهن وتارة يصفونه بالجنون فأقوالهم مختلفة ومتناقضة.
يقال: مرجت عهودهم إذا فسدت واختلطت واضطربت.
روي الإمام ابن ماجة في سننه عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: كيف بكم بزمان يوشك أن يأتي يغربل فيه الناس غربلة ويبقي حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم واختلفوا وكانوا هكذا وشبك بين أصابعه صلي الله عليه وسلم ثم قال تأخذون ما تعرفون وتدعون ما تنكرون وتقبلون علي أمر خاصتكم أي: من أهلكم وذويكم وتذرون أمر عامتكم.
أي: تتركون أمور عامة الناس لأتباعهم أهواءهم المختلفة وآراءهم الفاسدة.
وروي الإمام الترمذي في سننه قال صلي الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: كيف أنت إذا بقيت في حثالة الناس. مرجت عهودهم وأماناتهم وشبك بين أصابعه صلي الله عليه وسلم.
قال عبدالله: فبم تأمرني يا رسول الله؟
قال صلي الله عليه وسلم: عليك بما تعرف ودع ما تنكر وعليك بخاصة نفسك وإياك وعوامهم.
يقول الشيخ الإمام عبدالله سراح الدين: ومن هذا ما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أبوداود في سننه والإمام الترمذي في سننه عن أبي أمية الشعباني قال: أتيت أبا ثعلبة فقلت له: كيف تصنع بهذه الآية؟ فقال: أي آية؟ قلت: قوله تعالي: "يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم.." "105 سورة المائدة".
قال: أما والله لقد سألت عنها خبيرا سألت عنها رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتي إذا رأيت شحا مطاعا وهوي متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بنفسك ودع عنك أمر العامة فإن من ورائكم أياما الصبر فيهن مثل القبض علي الجمر وللعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم وأبوثعلبة هو: أبو ثعلبة الخشني صحابي جليل شهد بيعة الرضوان وشارك رسول الله صلي الله عليه وسلم في غزواته. وكان ممن نزل الشام في "داريا" غربي دمشق فبينما هو ليلة يصلي من الليل إذ قبضت روحه وهو ساجد ورأت ابنته في المنام كأن أباها قد مات فانتبهت مذعورة فقالت لأمها أين أبي؟ قالت: هو في مصلاه فنادته فلم يجبها فجاءته فحركته فسقط لجنبه فإذا هو ميت رضي الله عنه قال أبوعبيدة ومحمد بن سعد وخليفة وغير واحد: كانت وفاته سنة خمس وسبعين للهجرة والله أعلم.
والشح لغة: من قولهم: شح يشح شحا. وشحا والضم أعلي وهو مأخوذ من مادة "ش ح ح" التي تدل علي المنع قال ابن فارس: الأصل فيه المنع ثم يكون منعا مع حرص يقال: تشاح الرجلان علي الأمر إذا أراد كل واحد منهما الفوز به ومنعه من صاحبه وقال الرراغب الشح: بخل مع حرص.
وفي الأحاديث الشريفة التي تقدمت تحذير للمسلم أن يقع في هذه المهلكات التي يقع فيها الناس في آخر الزمان وهي الشح المطاع واتباع الهوي وحب الدنيا وإيثارها علي الدين والإعجاب بالرأي حتي أنه ليحتال علي أحكام الشريعة لينفذ مأربه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: شح مطاع وهو متبع- فجعل هذا مطاعا وذاك متبعا وهذا- والله أعلم- لأن الهوي هوي النفس وهو محبتها للشيء وشهوتها له فصاحب الهوي يأمره هواه ويدعوه فيتبعه كما تتبع حركات الجوارح إرادة القلب ولهذا قال الله تعالي: "ولا تتبعوا أهواء قوم ضد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل" 77 سورة المائدة.
أما الشح المطاع فمفسدته عائدة إل يمنع الخير وليس كل مطاع متبعا وإن كان كل متبع مطاعا وتحقيق معني الشح أنه شدة المنع التي تقوم في النفس كما يقال شحيح بدينه وضئين بدينه فهو خلق في النفس والبخل من فروعه فقد ورد في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: "إياكم والشح فإن الشيخ أهلك من كان قبلكم أمرهم بالبخل فبخلوا وأمرهم بالظلم فظلموا وأمرهم بالقطيعة فقطعوا".
وقد كان عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه يقول في طوافه حول الكعبة: رب قني شح نفسي.
فقيل له: ما أكثر ما تستعيذ من ذلك فقال: إذا وقيت شح نفسي وقيت الظلم والبخل والقطيعة.
وقد أورد الإمام النسائي في سننه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: لا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد أبدا.
والشح والحسد من جنس واحد في قوله جل شأنه: "ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أتوا ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون" "9 سورة الحشر" لقد أخبر عنهم المولي سبحانه وضد الأول البخل وضد الثاني الحسد.
وإذا كان البخل والحسد من نوع واحد فإن الحاسد يكره عطاء غيره والبخيل لا يحب عطاء نفسه وقوله سبحانه: "ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون" فإن الشح أصل للبخل وأصل للحسد وهو ضيق النفس وعدم إرادتها وكراهتها للخير علي الغير فيتولد عن ذلك امتناعه من النفع وهو البخل وإضرار المنعم عليه وهو الظلم وإذا كان في الأقارب كان قطيعة.
لقد بين رسول الله صلي الله عليه وسلم أن فتنة هذه الأمة في المال فقد روي الإمام الترمذي في سننه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: لكل أمة فتنة وإن فتنة أمتي المال.
وآثار حب الدنيا وإيثارها علي الآخرة كثيرة منها ما هو ظاهر ومنها ما هو خفي من ذلك إقدام المرء أو إحجامه عن أي عمل من الأعمال يكون رهينا بمقدار ما يجلبه ذلك عليه من مصالح ومقاصد دنيوية وفي ذلك من الضرر ما الله ما به عليم.
ومعلوم من دين الله ضرورة أن الحذر والخوف والحرص من الصفات المذمومة وأن الإقدام لا يباعد من رزق ولا يقرب من أجل.
واتباع الهوي هو طلب المنزلة في قلوب الخلق لنيل الجاه والحشمة وبسببه هلك أكثر الناس لقد حذرنا ربنا وخالقنا من اتباع الهوي وطاعة ما تهواه النفس وبين أن هذا من الأمراض التي ليس لها دواء فقال سبحانه "أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا" 43 سورة الفرقان.
قال الإمام ابن رجب الحنبلي في كتابه: جامع العلوم والحكم: الهوي عندما يطلق يراد به الميل إلي خلاف الحق ويدل علي ذلك قوله تعالي: ".. ولا تتبع الهوي فيضلك عن سبيل الله.." "26 سورة ص".
ويدل عليه أيضا قوله جل شأنه: "وأما من خاف مقام ربه ونهي النفس عن الهوي فإن الجنة هي المأوي" "40 سورة النازعات".
وأورد الإمام الطبراني والإمام البيهقي والحافظ ابن عساكر والحافظ أبونعيم أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: لا يؤمن أحدكم حتي يكون هواه تبعا لما جئت به.
وحسن الحديث الإمام النووي وقال الإمام ابن رجب الحنبلي: جميع المعاصي تنشأ من تقديم هوي النفوس علي محبة الله ورسوله.
وكذلك البدع إنما تنشأ من تقديم الهوي علي الشرع ولهذا يسمي أهلها أهل أهواء.
وكثير من أسباب الخلاف والتفوق مردها إلي اتباع الهوي وما يزينه الشيطان في النفوس حتي يخيله إلي صاحبه بمظهر الحق الأبلج.
ومن أظهر مظاهر اتباع الهوي الحرص علي الزعامة والتصدر وعدم الرجوع إلي الحق والمانع من ذلك كله الكبر والعجب الدافع لرد الحق واحتقار الناس وازدرائهم.
وإعجاب المرء بنفسه من المهلكات المحققة.
قال الإمام المناوي: أما العجب فهو الداء العضال وهو نظر العبد إلي نفسه بعين العز والاستعظام ونظره لغيره بعين الاحتقار.
وثمرته أن يقول: أنا وأنا كما قال إبليس ونتيجته في المجالس التقدم والترفع وطلب التصدر وفي المحاورة الاستنكاف من أن يرد كلامه وذلك مهلك للنفس في الدنيا والآخرة.
قال الإمام الزمخشري: الإعجاب هو فتنة العلماء وأعظم بها من فتنة.
وقال الإمام القرطبي: إعجاب المرء بنفسه هو ملاحظة لها بعين الكمال مع النسيان لنعمة الله.
وقال الإمام أبوحامد الغزالي: ومن آفات العجب أنه يحجب عن التوفيق والتأييد من الله تعالي.
إن استفحال هذه المهلكات التي حذر منها رسول الله صلي الله عليه وسلم واستحكامها في أمة يجعلها في مؤخرة الأمم ويودي بها إلي الهلاك.
وما علينا إلا الالتزام بالمنجيات التي رغب فيهن رسول الله صلي الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه الإمام الطبراني في الكبير والأوسط عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال.. وأما المنجيات فالعدل في الغضب والرضي والقصد في الفقر والغني وخشية الله في السر والعلانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.