قوانين الاستثمار المعدلة كارثية.. ورجال أعمال مبارك الفائزون سياسيون: مأساة مؤتمر مبارك 96 تلقى بظلالها على مؤتمر السيسى
اقتصاديون: 3 سيناريوهات تهدد مكاسب المؤتمر.. حقوقيون: خيب آمال معظم فئات الشعب
هل تحول المؤتمر الاقتصادى من الانتصار للنكسة؟.. سؤال يطرح نفسه على الساحتين السياسية والاقتصادية, فظهور عدد من رجال أعمال نظام مبارك فى المؤتمر الاقتصادى مثل محمد أبو العينين ونجيب ساويرس وأسامة الشريف وأحمد أبو هشيمة وتصدرهم للمشهد فى المؤتمر بل واتخاذهم الصفوف الأمامية أثار إحباط المصريين مؤكدين أن "الكروش الواسعة"تعرف طريقها تماما هذا بجانب أن الشركات الراعية للمؤتمر سامكريت، والفطيم، وجنرال إلكتريك، وبنوك مصر، والأهلي، والتجارى الدولى وجميعها لكبار رجال أعمال مبارك. فبعد انتهاء المؤتمر والذى وصفه البعض بأنه "مزاد علنى " لصاحب أكبر رقم استثمارى, قام عدد من الخبراء بتحليله, ليؤكدوا لنا أن ثماره لن تكون من نصيب المواطن المصرى وإنما النصيب الأكبر منها سيكون لرجال الأعمال, خاصة أن رؤى الحكومة باتت غير واضحة جدا خلال المؤتمر . هذا بجانب أن تجربة مبارك وغيرها من التجارب اللاحقة عليه، تقول بوضوح، إن مصر فى وضعها الحالي, لن يجدى معها أموال العالم مجتمعة, فمبارك تلقى 100 مليار دولار من دول الخليج بعد حرب ما يعرف ب"تحرير الكويت" وتلقت مصر من الأمريكيين, بحسب مركز أبحاث الكونجرس خلال الفترة من 1979 إلى عام 2013، ما يقرب من 72 مليار دولار, وتلقت مؤخرا، من دول الخليج الداعمة للرئيس عبد الفتاح السيسى نحو200 مليار دولار حسب ما أشيع, ومع ذلك تدهورت كل الأوضاع فى مصر، بشكل سريع ومفزع، فيما يزداد الأغنياء غنى، وتتسع رقعة الفقر والمرض والبطالة وانهيار الأمن والخدمات وارتفاع وتيرة العنف والإرهاب.
سياسيون: فائدة المؤتمر الاقتصادى ستصب فى جيوب المستثمرين الأجانب والعرب قال عبد الله السناوى الخبير السياسى، إن المؤتمر الاقتصادى فى عهد السيسى لم يختلف كثيرًا عن عهد مبارك وظهر ذلك عندما تصدر رجال أعمال مبارك المشهد الرئيسى والصفوف الأولى بالمؤتمر والذى كان بمثابة سد نفس للجميع على حد قوله . وأضاف السناوي، أن المؤتمر صدر إحساسًا لقطاع كبير من الشعب المصرى بالفخر والاطمئنان، ولكن بعض الظواهر فى المؤتمر تعطى إحساسًا بالقلق، خاصة أن الحكومة ظهر أنها لا تملك روية واضحة أو أفكارًا مدروسة لعرضها فى المؤتمر، مدللاً على ذلك بعدم وجود مشروع إنتاجى واضح بالمؤتمر، فيما غلب الطابع الاستهلاكى والعقارى على المشروعات المطروحة، وعلق قائلاً: «أولويات الحكومة غير مقنعة أو واضحة». وشدد على ضرورة فتح باب الاستثمار تحت بند الشفافية والحكمة والعدل، ووفقًا للوضع الاقتصادى والسوق العالمي، على أن يضمن توزيع عادل للثروة الوطنية حتى لا تتكرر مأساة الماضى، مشددًا على أن فتح الباب للاستثمار لا يعنى بأى شكل غلق باب محاسبة الفاسدين أو التصالح مع رجال أعمال رجال مبارك. وأشار إلى أن قضية العدالة الاجتماعية تعتبر أهم القضايا المطروحة أمام الحكومة حاليًا، مشيرًا إلى أن الحكومة قررت رفع الدعم عن الطبقات الأدنى فى المجتمع دون رؤية مستقبلية مدروسة لتلك الخطوة، والتى قد تؤدى لمشهد متوحش بالشارع على حد وصفه. ومن جانبه قال زياد عقل الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية, أن المؤتمر الاقتصادى الذى أقامه الرئيس عبد الفتاح السيسى نجح مبدئياً وظهر ذلك من خلال عدد الاتفاقيات التى تمت إقامتها مع المستثمرين الأجانب والعرب, مؤكداً أن الفائدة الحقيقية التى ستصل للطبقات البسيطة ستظهر خلال سنوات وليس الآن وستكون فى شكل خدمات وفرص عمل . وأضاف عقل، فى تصريحات خاصة ل"المصريون ", أن الفائدة الاقتصادية التى ستربحها الدولة من الاستثمارات ستمر على عدد من المؤسسات التى يوجد بها فساد وحتى تصل إلى المواطنين ستكون أرباحًا زهيدة, وذلك لسوء إدارة الاستثمارات فى مصر وعدم وجود آليات تحكمها أو شفافية فى التعاملات, لذلك تحتاج هذه الاستثمارات تشريعات وقوانين حاسمة تتم الرقابة عليها من قبل جهات مختصة. وطالب الخبير السياسي, بأن يتم تغيير الآليات سريعاً ووضع الفئات البسيطة فى حسابات القائمين بالمؤتمر الاقتصادي, واتباع خطوات محددة من قبل مختصين لوصول الفائدة إلى المستحقين من الطبقات البسيطة. وحذر عقل, من وصول الفائدة كاملة إلى حسابات المستثمرين الأجانب ورجال الأعمال والشخصيات العامة فى الدولة, كما حدث فى المؤتمر الاقتصادى للرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك فى عام 1996, لأن ذلك سيؤدى إلى شحن المواطنين وشعورهم أنهم مهمشون, لافتاً أن المؤتمر الاقتصادى ليس هدفه جمع الأموال فقط ولكنه يهدف فى الأساس إلى إعادة الثقة فى الاقتصاد المصري، وتبليغ رسالة بأن مصر بلد مفتوح وآمن للاستثمار.
اقتصاديون: قوانين الاستثمار مهزلة والمؤتمر جاء لخدمة الخليج وليس المصريين قال الدكتور محمد النجار، الخبير الاقتصادي، إن تملّك الشركات الأجنبية الأراضى لتحفيز المستثمرين الذى تم الإعلان قبيل المؤتمر الاقتصادى مهزلة بكل ما تحمل الكلمة من معنى؛ فكبرى دول العالم فى الاستثمار لا تعطى حق تملك الأراضى للمستثمر الأجنبي، مؤكدًا أن إعفاء البضائع من الضرائب والرسوم جريمة كبرى فى حق الاقتصاد؛ لأن هذا يسمى التحفيز الزائد. وأضاف النجار، فى تصريحات خاصة ل"المصريون" أن الدولة لا تعفى المواطن المصرى من الضرائب، فكيف لها أن تعفى المستثمر الأجنبى من الضرائب والرسوم؟ موضحًا أن المستثمر لديه خطة لتحقيق مكاسب مالية تعود على بلده الأم فى المقام الأول، فكان لابد من ضمان حقوق مصر فى الاستثمار، موضحًا أنه يجب القضاء على البيروقراطية. وأشار إلى أن المؤتمر بهذه الطريقة جاء إرضاء لرجال الأعمال؛ للحصول على استثمارات أجنبية على حساب الشعب المصري، موضحًا أن إعطاء حق انتفاع الأراضى للمستثمرين بالأمر المباشر فتح بابًا واسعًا للفساد فى الاستثمار. ومن جانبه أكد محمود الدمرداش الخبير الاقتصادى, أن المؤتمر الاقتصادى الذى أقامه مبارك عام 1996, حقق معدل نهوض اقتصادى كبير، حيث أصبح معدل التنمية 7%, وعلى الرغم من ذلك لم تصل هذه التنمية لفئات الشعب البسيطة, وذلك لعدم وجود فلسفة توزيع الأرباح الجيد, فقد كان التوزيع قاصرًا ولم يدرك البعد الاجتماعى للتنمية وقد زادت التنمية على حساب الفئات البسيطة , أما النظام الحالى أدرك البعد الاجتماعى للتنمية ووضع الفئات البسيطة فى حسبانه, فقد تغير الفكر الاقتصادى كثيراً عن عصر المخلوع مبارك . وأضاف الدمرادش، فى تصريحات خاصة ل"المصريون", "أن النظام الحالى قام بمؤتمر اقتصادى ناجح وحقق أكثر من 130 مليار دولار وظهر ذلك من خلال الإقبال غير المسبوق من قبل المستثمرين ورجال الأعمال وعدد الاتفاقيات التى تم عقدها خلاله, لافتاً أن الرئيس وضع فى حسبانه العدالة الاجتماعية, حيث يهدف إلى إفادة المواطن البسيط من عوائد عمليه التنمية, وقد نجح المؤتمر أيضاً فى إقناع العالم بأن للدولة رئيس يؤيده شعبه وأن مصر قادرة على إجراء تحول اقتصادى وأن عوائد الاستثمار فى مصر مرتفع فى ظل استقرار سياسي. وتابع الخبير الاقتصادى قائلاً, "إن الاستثمار فى مصر له مزايا كبيرة وذلك لوجود موقع متميز جغرافياً يربط بين البحرين ومداخل المحيط الهندى والأطلسى وعمالة شابة مدربة رخيصة وتوافر المواد الخام, ووجود قيادة سياسية داعمة للاستثمار الذى سنجنى ثماره خلال 15 عاما, مشيراً أن الهدف من الاستثمار خلق مليون فرصة عمل للشباب وتحقيق العدالة الضريبية والجمركية على المستثمرين وهى المسئولة عن تمويل خطط الدولة فى كل النواحى التعليمية والخدمية والصحية وسيؤدى ذلك لتحسين مستوى المعيشة للأفراد, لافتاً أن الدولة فى معركة مع الفاسدين والمتهربين من الضرائب.
حقوقيون: الحكومة سوقت لرجال الأعمال داخل المؤتمر قال هيثم محمدين عضو حركة الاشتراكيين الثوريين، إن المؤتمر الاقتصادى نُظم خصيصًا لخدمة مصالح رجال أعمال مصريين وعرب وأجانب، وهم من سيجنى ثمار المؤتمر بشكل مباشر، مشيرًا إلى أن موقف الحكومة من الشعب وخاصة العمال داخل المؤتمر الاقتصادى مكتوب داخل مسودة قانون العمل التى تعدها الوزارة، لافتًا إلى أن هذه المسودة لا توفر ضمان للعمال ضد الفصل، ولا يضمن لهم التأمينات الاجتماعية والتأمين الصحي، ولا السلامة والصحة المهنية، ولكن يضمن كل هذا لرجال الأعمال. وأضاف محمدين، ما رأيته فى المؤتمر، أن الحكومة تسوق لرجال الأعمال داخل المؤتمر الاقتصادى لأنها تمتلك عمالة رخيصة، لا يمتلكون نقابات ولا تأمين صحى ولا تأمين اجتماعى ولا تتحصل على أجور على حد قوله. فى السياق ذاته، قال محمد عابدين الناشط الحقوقي، إن الوضع السياسى الحالى لن يتيح فرص نجاح للمؤتمر، لافتًا إلى أنه رغم تأييده لإقامة المؤتمر، محذرًا من أن تأتى فرص الاستثمار على حقوق العمال، متسائلاً "هل المستثمرين جاءوا للحصول على الإعفاءات الضريبية والأراضي؟" كما حدث فى قانون 8 لسنة 97، والذى رسخوا فيه قانون الاستثمار الجديد، والذى يهدر حقوق العمال. وأضاف عابدين، أن مجموع الاستثمارات التى تم الاتفاق عليها، ستكون عبارة عن مشاريع ومصانع على قناة السويس وجميعها ستذهب إلى الخليج، بالإضافة إلى مجموعة مشاريع سيتم إسنادها إلى جهات سيادية.